الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الأمة العربية بحاجة للمصالحة مع النفس!!/عبد الهادي شلا
الأمة العربية بحاجة للمصالحة مع النفس!!/عبد الهادي شلا


  لا شك اننا بحاجة للمصالحة مع النفس كأمة عربية مزقتها الرايات المتعددة الألوان والتوجهات فباتت لا تميز هل هي أمة واحدة أم "أمم" غريبة لا تعرف بعضها البعض ولم يربطها تاريخ مشترك ومصير واحد ومساحة أرض عظيمة باركتها ما نزل عليها من الرسالات السماوية وإنبعث منها الأنبياء وفيها المقدسات! أمة مزقتها الحواجز والفواصل بغرض تفكيكها ليعاد تركيبها بشكل يخدم أسياد العالم بعضها فرض عليها وبعضها فرضته هيمة داخلية لتحمي أوهامها وشعاراتها التي مازلنا ترددها رغم إنعدام صلاحياتها فزادت الأمر تعقيدا أمام شعوب الأمة العربية وإتسعت مساحات الكراهية أمام أصحاب الديانات السماوية التي تجاورت في االأرض منذ نزلوها وتعايشت في أمن وأمان تجلى مع أخر الرسالات السماوية "الإسلام" الذي ترك لك صاحب عقيدة حرية التمسك بها ويعيش في كنفه آمنا مطمئنا. يلح علينا السؤال:هل نحن أمة منحها التاريخ مالم يمنحه لأمة بقدرها؟ ، وكيف كانت هذه الأمة رائدة في كل شيء من الأخلاق الحميدة إلى الإكتشاف والعلم المنير،وأضحت على ماهي عليه الآن من "مسخ" وتمزق؟

هل الظرف المؤسف الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية سيفرض عليها إسقاط وإلغاء كل ما آمنت به وتربى عليه أجيال أبدعوا فيما قدموا للإنساية أم ستبقى على تقسيمات فــُرضت عليها لتتناحر فيما بينها ويعلو الصراخ على ثبات العقل الهادئ؟! نظرة سريعه وبلا جهد كبير نستطيع قرأة واقعنا الملتهب،ولا نقول قرأة ما استجد بعد الثورات العربية الأخيرة ،وإنما قبلها بسنوات بعيدة ولعل الستينيات من القرن المنصرم تصلح نموذجا ترتب عنه ما وصلت إليه الأمة. إذ أن إستقلال البلاد العربية في تلك الفترة كان "طاقة" أمل إنفرجت عن ظلام الإستعمار وتفاءلت الأمة بقدوم عهد جديد يعيد لها مكانتها وكرامتها التي غابت سنين طويلة نتيجة إستعمار قوي وأمة لم تأخذ نصيبها من الإعداد الموازي لقدرته فطال عهد الإستعمار وأصاب الأمة جهل عام و"خوف" طال أمده تكلل بإغتصاب "فلسطين" جهارا ..نهارا! وهو الأكثر وجعا في خاصرة الأمة العربية والإسلامية التي لم تقو مجتمعة على إعادتها إلى الحضن الكبير . ولا نتفاءل كثيرا هذه الأيام ونحن نرى هذا الكم من التناحر والإختلاف في المنهج الذي لم يكن واحدا منذ سنوات بعيدة جدا. نعم.. نحتاج أن يكون موحدا كي نعيدها ويعود لها شعبها المشتت في بقاع الأرض لم تنسه السنين أن أرضه إنتزعت منه بينما الأمة التي نتباهى بها وبتاريخها قد أصابها الوهن وباتت تنادي "اللهم نفسي"،فما تلك الأصوات التي تنادي " أنا أولا " إلا تأصيل لغة جديدة وشعار كبير رفعه البعض ممن يلعبون دور "الخادم" للسيد الكبير!

كثيرة هي الصور التي تؤكد أننا أمة " متخاصمة " مع نفسها!. ذلك ان ما نشاهده وما نسمعه من تصريحات متبادلة بين " زعماء الأمة " والذي ما عاد خافيا أن لكل منهم "وجهة" هو موليها. وقد تتوافق مع البعض ، وفي الكثير فهي تختلف مع البعض الآخر. التحالفات بين الدول العربية " قديمة - جديدة" ،لا تقوم على مبدأ أنها أمة واحدة،ولكنها تتجدد " بفعل فاعل " إستطاع أن يسبط رؤيته و " يفرضها " تحت مسميات إستنبطها من واقع حال الأمة العربية والإسلامية ذاتها.! وكانت أدواته ،وبلا غطاء تكالب على تقديمها أصحاب المصالح الآنية متجاهلين عن عمد أو بلا وعي أن التاريخ تتبدل فيه الدول فمنها من ساد زمنا،ولكنه باد في أقل مما ساد. ولعلنا نقول:أن هذه التحالفات "الصغيرة" قد أطلقت رصاصة الرحمة على كل الإتفاقيات والمعاهدات " العربية - العربية " على مدى عقود مضت،رغم إدعاء بالتمسك بها وأن هذه التحالفات "الصغيرة – الضيقة " هي من وحي "الإتفاقيات" كما يدعى أصحابها لتبرير فعلهم في تشتيت وتمزيق المنطقة برمتها. ولعلنا نضيف أيضا أن هذه الظاهرة من الخروج عن الإجماع قد بدأت بغزو دولة الكويت من قبل النظام العراقي"الصدامي" في العام 1990 كفعل قريب. و بأن ما أطلق عليه "حرب اليمن" بتواجد الجيش المصري لحماية الثورة اليمينة في ستينيات القرن الماضي وقتاله ضد قوات الإمام البدر أءنذاك بأنها أول " تفكك " جاء بعد إستقلال البلاد العربية كاملة،خلقت خصامات وعدوات بين دول ذات تأثير في العالم العربي والعالمي . ورغم ما جرى من مصالحات بعدها فقد ثبت أنها بقيت ملتهبة تحت الرماد سنوات وسنوات. وتوجت هذه الحالة من الخصام مع النفس فيما جري في فلسطين ودمار قطاع غزة منذ أشهر قليلة مضت ولأكثر من مرة ،صمت فيها العالم العربي والإسلامي أو"جبن" بما أوحي إليه من قول كلمة حق لا أكثر مما كان يطمع فيه أبناء القطاع من مناصرة فعلية تمتد لإنقاذهم من دمار عظيمـ ولا نستثني الفصائل الفلسطينية نفسها فما قدمته للوطن أقل بكثير مما يتوجب عليها. وما تتعرض له سوريا كدولة عربية بعيدا عن النظام،بمشاركة دول عربية ،وما يتعرض له العراق من تقسيم بين الطوائف والأعراق ،ولربما ليبيا واليمن أيضا، لهو أمر مخيف مما هو آت!. تخاصم الأمة العربية والإسلامية مع نفسها... خلـَّف صورة فاضحة لقلة حيلتها وعدم قدرتها على الخروج من القيد الذي ألزمت نفسها فيه بخضوعها بخوف من جبروت قادتها وإرهاقها بمزيد من التبعية والفقر والتجهيل وإهدار الحقوق الإنسانية وكبت الحريات،الأمر الذي فجر الغضب بلا تخطيط ولا قيادة واعية حكيمة،وإنما تحولت نتائجة إلى " فوضى" إستغلها العالم الأقوى "أو خطط لها" وأدار قيادتها عن بـُعد كي يصنع منها ما أسماه "فوضى خلاقة" تكون بالقياس والحجم الذي يريده ليعود الإستعمار بشكله الجديد و.. بالإجماع !.  
 17أكتوبر 2014