الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حصول الأستاذ محمّد هيبي على شهادة الدّكتوراه
حصول الأستاذ محمّد هيبي على شهادة الدّكتوراه

من الموقد الثقافي- حصل مؤخّرًا الأستاذ النّاقد محمّد هيبي على اللقب الثالث، شهادة الدّكتوراه Ph.d، من جامعة تل أبيب. وقد قامت الرّسالة التي قدمّها للجّامعة على دراسة بعنوان "الحريّة والإبداع:الرّقابة على الأدب وتداعياتها على الأعمال الرّوائيّة السوريّة بعد الاستقلال (1946)".

الدّراسة: لمحة عامّة

وفي حديث لنا مع الدّكتور محمّد هيبي، أفادنا أنّ الدّراسة قامت على الافتراض أنّ الرّقابة تؤثّر بشكل كبير على الأدب بشكل عام وعلى الأعمال الرّوائيّة بشكل خاص، لأنّها ترصد تطوّرات المجتمع وتحوّلاته بشكل يُخيف السّلطة. ومن هذا المنطلق قام بدراسة عدد كبير من الرّوايات السوريّة اعتمد منها للبحث الاثنتي عشرة رواية المذكورة أدناه، وهي لروائيّين سوريّين معروفين وجُدُد، صدرت بعد الاستقلال، وغطّت الفترة الممتدّة من الاستقلال عام 1949 وحتى العام 2010.

هاني الراهب. المهزومون، دار الآداب، 1961. حنا مينة. الثلج يأتي من النافذة، بيروت: دار الآداب، 1969. حنا مينة. الثلج يأتي من النافذة، بيروت: دار الآداب، 1969. نبيل سليمان. السّجن. بيروت: دار الفارابي، 1972. حيدر حيدر. وليمة لأعشاب البحر، قبرص: حيدر، حيدر،1984. حيدر حيدر. وليمة لأعشاب البحر، قبرص: حيدر، حيدر،1984. ممدوح عزام. قصر المطر، ‫ دمشق: منشورات وزارة الثقافة، 1998. نهاد سيريس. الصمت والصخب، بيروت: دار الآداب، 2004. نهاد سيريس. الصمت والصخب، بيروت: دار الآداب، 2004. سمر يزبك. صلصال، القاهرة: دار شرقيات للنشر والتوزيع، 2005. هيفاء بيطار. امرأة من طابقين، بيروت: الدار العربية للعلوم، 2006. خالد خليفة. مديح الكراهيّة، بيروت: دار أميسا، 2006. مصطفى خليفة. "القوقعة" (يوميّات متلصص)، بيروت: دار الآداب، 2008. مصطفى خليفة. "القوقعة" (يوميّات متلصص)، بيروت: دار الآداب، 2008. فواز حداد. المترجم الخائن، بيروت: دار الريس للكتب والنشر، 2008. روزا ياسين حسن. حراس الهواء، بيروت: رياض الريس، 2009.

مقدّمة الدّراسة

وممّا جاء في مقدّمة الدّراسة: "في مرحلة ما بعد الاستقلال والتخلّص من الاستعمار الأجنبي، التي يُفترض أن تتحقّق فيها حريّة الإنسان العربيّ، عانى أهل الفكر والإبداع، العرب بشكل عام، والسوريّون بشكل خاص، من السّلطة وأتباعها ومن أجهزة الرّقابة على اختلاف أنواعها. وقد شكّلت الرّقابة في العالم العربيّ خطرًا دائمًا على المفكّرين وعلى الإبداع والمبدعين، ولذلك يفترض هذا البحث أنّه كانت للرّقابة تداعياتها الكثيرة والخطيرة التي تركت أثرها في أفكارهم وإبداعاتهم. فقد لاقى المفكّرون والمبدعون، بسبب الرّقابة، الشيء الكثير من وسائل القمع الجّسديّ وغير الجسديّ. فمن السّجن والتّعذيب اللاإنسانيّ، إلى المنفىّ الاختياريّ أو القسريّ، إلى الإهانة الشخصيّة وفقدان مكان العمل، إلى الحرمان الاجتماعيّ والدّينيّ وغير ذلك الكثير. وكذلك واجهت أعمالهم الإبداعيّة شتّى وسائل القمع. وفي حال كون العمل الإبداعيّ كتابا، فقد اصطدمت الكتب بالإحراق أو منع النّشر أو الحذف والتّغيير والتّشويه في النّصوص، أو المصادرة ومنع التّوزيع بعد النّشر.

قسوة الرّقابة لم تمنع المبدعين عن مواصلة إبداعهم

رغم قسوة تداعيات الرّقابة ومدى خطورتها، فإنّ ذلك لم يمنع المبدعين عن إبداعهم. كثيرون منهم فجّرت لديهم الرقابّة وأذرع قمعها، لما سبّبته من فقدانهم لحريتهم، طاقات كانت كامنة داخلهم، فأبدعوا بسببها الشيء الكثير، وفي مجالات الإبداع كلّها. هناك العديد من الأعمال الإبداعيّة التي تعتمد على الكتابة، ما كانت لتُكتب أو ترى النّور لولا الرّقابة وتداعياتها على المبدعين وإبداعاتهم، ولولا وعيهم بضرورة مواجهتها، وبشكل شخصيّ أحيانا. ولهذا فالبحث يفترض أيضا أنّه في مجال الإبداع الرّوائيّ، انعكس أثر الرّقابة على الأعمال الرّوائيّة، في مضامينها ولغتها وأساليبها وتقنيّات بنائها.

خصائص الرّواية السوريّة وتداخلها في السّياق العربيّ العام

يتميّز هذا البحث بأنه يحاول دراسة الرّواية العربيّة الحديثة في سياقها السوريّ الخاص، رغم صعوبة فصل الرّوايّة السوريّة عن سياقها العربيّ العام. ولذلك، يأخذ البحث بعين الاعتبار أنّ الفصل بحدّ ذاته ليس هدفا وإنما هو محاولة لفهم بعض جوانب التّجربة الروائيّة السوريّة في سياقها السوريّ فقط، وما إذا كان هذا السّياق يعطيها خصوصيّة تميّزها عن الرّواية العربيّة بشكل عام. ويذهب البحث إلى كشف مدى تأثير الرّقابة على الأعمال الروائيّة في سوريا بعد الاستقلال (1946)، وخاصّة تلك الأعمال الروائيّة التي كُتبت في ظلّ رقابة صارمة فرضها النّظام السياسيّ بشكل خاص، أو فرضها غيره من السّلَط الفاعلة في المجتمع السّوريّ، فكان لها أثرها الكبير على الرّواية كنص وككتاب، وعلى كتّابها في حياتهم الخاصّة والعامّة. وما يهمّ هذا البحث بشكل خاص، هو الإجابة عن سؤاله الذي جاء يطرحه: ما هي تداعيات الرّقابة على الرّواية والروائيّين السوريّين بعد الاستقلال، أو بكلمات أخرى: ما هو الأثر الذي تركته الرّقابة خارج العمل الرّوائيّ وداخله: خارجه، أي على الرّوائيّ والرّواية ككتاب، وداخله، أي على النّص الرّوائيّ نفسه، أي ما هو أثر الرّقابة على لغة النّص ومضامينه، وعلى أساليبه وتقنيّات بنائه، كوسائل فنيّة إبداعيّة، أو كطرق واستراتيجيّات اعتمدها الكتّاب لمواجهة سلطة الرّقيب أو للإفلات من عقابها.

خلاصة الدّراسة

جاء في خلاصة الدّراسة أنّ الرّواية السوريّة الحديثة عانت وما زالت تُعاني من قمع السّلطة وتضييق الخناق عليها من أجهزة الرّقابة المختلفة، صمدت وتطوّرت، وواكبت مسارات تطوّر المجتمع السوريّ وصوّرت واقعه بصدق، وأظهرت حضورًا مقنعًا على المستويين: السوريّ والعربيّ على الأقلّ، وطرقت بعض الأبواب العالميّة. وهي بجرأة غير مسبوقة، وبأسلوب فيه الكثير من التّغيير والتّجديد، صمدت في مواجهة السّلطة وممارساتها القمعيّة، وفي مواجهة الرّقابة بأشكالها وأجهزتها المختلفة.