الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
'فــيروز' .. قهوة الصباح وعصفور الفجــر ..!!...عبد الهادي شلا
'فــيروز' .. قهوة الصباح وعصفور الفجــر ..!!...عبد الهادي شلا

 بعد عودتي إلى كندا من الكويت التي زرتها في الشهر الماضي بعد عشر سنوات غياب عنها لأقيم معرضي الشخصي الثالث والعشرين وأنا أحمل أجمل الذكريات لأماكن وأشخاص عرفتهم لسنوات طويلة وما انقطع بيننا التواصل بفضل التقنيات الحديثة التي باتت جزء من حياتنا اليومية ولا يمكن أن تفارقنا أو نفارقها.

 

بعد عودتي من رحلة تمنيت أن تطول ،فكرت أن أعطي نفسي " إجازة مؤقته" من الكتابة وأستعد لمرحلة فنية جديدة في عالم الفن التشكيلي إلا أن هذا الأمر بدى غير ممكن ونحن نعيش حالة مضطربة طالت مجمل أشكال حياتنا وأصابت أمنياتنا الجميلة في مقتل وتركت مرارة في النفس لا يمكن إلا أن تتحول إلى علقم وسط هذا الكم من أخبار الحروب.

أفزعني خبر وأظنه أفزع الآلاف بل الملايين من العرب عشاق فن السيدة "فــيروز"..قهوة الصباح وعصفورالفجرالتي امتعتنا لسنوات طويلة بأروع الألحان والأغنيات..أقول أفزعني خبر تناقلته وسائل عدة يقول: أن مجلة الشراع اللبنانية وعلى صدر صفحتها الأولى نشرت صورة للسيدة فيروز كتب عليها الكاتب اللبناني "حسن صبرا":((مالا تعرفونه عن سفيرة لبنان إلى النجوم..عدوة الناس وعاشقة الويسكي ومتآمرة مع الأسد)) .

وتساءلت عن الحالة المزرية التي وصلت ببعض الأقلام وهي تلوث راياتنا الفنية البيضاء بمثل هذه الكلمات التي لن تمر على أقل الناس إحساس بجمال الكلمة واللحن ؟!

وكيف يتطاول البعض ،وبهذة الجرأة على سيدة ذات تاريخ فني مشرف ولها مواقف وطنية لا يمكن أن تتبدل الآن وهي في مثل هذا العمر وبهذا التاريخ النقي؟!

لابد أن ما أصاب الأمة من أذى ونزل بها من ويلات الحروب قد أفقد الكثيرين من "حملة الأقلام" رشدهم وتنازلوا عن الكلمة الشريفة ليتحولوا إلى إمعات لا تجني إلا تاريخا أسودا لأقلامها.

ليس دفاعا عن سيدة الطرب اللبناني وفنه الأصيل فقط لأن ملايين عشاق فنها سيقفون سدا منيعا أمام سهام غرضها معروف ومكشوف.

والخوف من إن مثل هذه المقالات ستشيع بين العامة ثقافة جديدة وهي النظر إلى رموزهم الفنية بعين مغايرة بعيدا عن التقدير رغم كل ما قدموه ولا يرقى الشك إلى أصالته.

إن مثل هذه العادات السيئة التي لا يجد البعص من حملة الأقلام طريقا للشهرة إلا من خلالها لهي عادة "إن" إستعذبها البعض فإنها ستكون وبالا على الفكر الراقي الذي لم تلفحه نار الفرقة والتمزق بعد ونحافظ على ما تبقى منه.

الوطن العربي يمر بأزمة حقيقية ومسؤولية حملة الأقلام والمثقفين والكتاب معروفة ولاحاجة بنا هنا كي نعيد التأكيد عليها.

لا يلزمنا ونحن في هذا الموقف المحزن لحال الأمة وهي تتمزق إربا إربا بأيدي طغمة من الأشرار أن ننشر الأخبار ولا أن نرسم الصور ونحن ننفث سمومها في خيرها وفي جمالها فلا نسمع إلا نعيقا ولا نرى إلا قـُبحا!

إن ما نحتاجه هو عقل وضمير واع ويقظ !

 وهذا موجود إلا أن طريقة الأستفادة منه غير متوفرة بالشكل السليم الذي يحفظ للأمة كرامتها وللشعوب عزتها وللأرض تماسكها وصلابتها التي فتتها الإقتتال وأدواته وشيعه المتناحرة والمتنافرة أبدا.

إن توجيه السهام إلى عمالقة الفن الذين أرسو قواعدة الراقية أمر خطير يجب أن يتوقف ولا يسمح لأي كان أن يهدم صروحا عظيمة مثل السيدة فيروز وإلا سنجد أنفسنا ذات يوم نتحسرعلى ما فات، بينما شواهد الغث في عالم الفن تحت أنظارنا وتحيط بذائقتنا من كل إتجاه!