السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
على هامش إجتماع اللجنة المركزية !!!...م . زهير الشاعر
على هامش إجتماع اللجنة المركزية !!!...م . زهير الشاعر

نلاحظ في هذه الأيام تزاحماً في الحراك والتصريحات المتشابهة والمجيرة حسب مصلحة كل طرف من الأطراف المتخاصمة، فمنها ما يتعلق بالوضع الداخلي ومنها ما يتعلق بالأماني من خلال العلاقة بالخارج ، فعلى سبيل المثال عدنا من جديد لنستمع في إجتماع اللجنة المركزية للحديث مرة أخرى عن مشاريع مشبوهة تهدف إلى فصل غزة عن الوطن، حيث أن القيادة الفلسطينية  تنظر إلى أن الإتصالات بين حماس وإسرائيل بطريقة غير مباشرة من خلال تركيا ما هي إلى خطوات مشبوهة تهدف في النهاية إلى فصل القطاع لتعلن دولة غزة على حساب القدس والضفة الفلسطينية وأن أي خطوات تهدف إلى رفع الحصار عن هذا القطاع أو تحسين الحياة فيه ما هي إلا خطوات مشبوهة يجب قطع دابرها قبل أن ترى النور!، حيث تقول الأنباء أن  لدى القيادة الفلسطينية معلومات تفيد بأن الاتفاق الاسرائيلي الحمساوي سيدخل حيز التنفيذ حال توفرت الظروف لذلك، وبأن المطلوب من هذا الإتفاق هو رأس الشرعية الوطنية الفلسطينية!!!.                          

ثم يأتي موضوع أخر يتحدث عن الجهود الرامية إلى إنهاء حالة الانقسام وتحقيق الوحدة عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع بصلاحيات كاملة وتحضر لإجراء الانتخابات العامة ومتابعة هذه الجهود لتحقيقها والالتزام بها.                                                                                                                     

ثم ينتقل الحديث إلى الإشادة بالمبادرة الفرنسية القاضية بعقد مؤتمر دولي للسلام، وبهذا التجاوب الدولي مع هذه المبادرة!!!، مع التأكيد على إصرار حركة فتح والقيادة الفلسطينية على عقد هذا المؤتمر الدولي وضرورة إضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية.                                            

ومن ثم إنتقل الحديث إلى المناقشة باهتمام بالغ حول الاوضاع المتعلقة بإضراب المعلمين، وذلك بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني د. رامي الحمد الله!.                                                                           

 بالنسبة للنقطة الأولى يبدو أن قيادة حركة فتح المتمثلة في اللجنة المركزية والتي تعتبر بمثابة القيادة الفلسطينية ، لا تريد أن تتعاطى مع التحديات الموجودة ومتطلباتها إلا من خلال المنظور الرئاسي الذي يرى على سبيل المثال أن إقتراح مشروع ربط الكهرباء بين الضفة وغزة هو مشروع مشبوه يجب عدم تنفيذه وأن تنفيذ بناء ميناء في قطاع غزة نصت عليه إتفاقيات أسلو هو مشروع إستعماري يستهدف وحدة الأراضي الفلسطينية الموصولة جغرافياُ والمتمثلة في الأراضي التي أحتلت عام 1967 !، بالمقابل فإنه يبدو من هذه المفاهيم أن ترك غزة فريسة للتفسخ الإجتماعي والتخلف والبقاء ضحية الحصار هو العمل الوطني المشهود في القاموس الرئاسي الذي يضمن له البقاء والذي يحافظ على وحدة الوطن وتماسكه وبقاء ونمو مقوماته!!!.

أما بالنسبة للموضوع الثاني ففي تقديري أنه أخذ الكثير من الوقت والفرص وإن كان هناك جدية فعلاً في تنفيذ ما تطرق إليه إجتماع اللجنة المركزية  بخصوص المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية بالرغم من عدم تحديد سقف زمني لذلك مما يدل على عدم جديته من البداية!، ومع ذلك لنفرض جدلاً أن هذا الكلام جاد، فإنه يتوجب على الرئيس محمود عباس إصدار قرار بتحديد موعد لعقد الإنتخابات ملزم لجميع الأطرف  التي باتت تعبر بشكل صريح بأنها لا تمانع  أن يتم عقدها في الوقت القريب، ومن هنا تصبح أي معضلة لاحقة ما هي إلا مجرد تفاصيل تتبع الإنشغال بالتحضير لعقد هذه الإنتخابات للدخول في المنافسة عليها وبالتالي يصبح الأمر واقعاً وتتدخر جميع الأطراف طاقتها للمشاركة في مرحلة البناء التي ستلي مرحلة الإنتخابات، أما أن يبقى الحديث في دائرة الخداع ضمن لعبة القط والفأر للمحافظة على ضمان البقاء للوقت الأطول في موقع المسؤولية، فهذا عبث وأمر بات مفضوحاً لا يتناسب مع حالة الوعي التي وصل إليها الشارع الفلسطيني.     

بالنسبة للمبادرة الفرنسية لا شك بأنها مبادرة جيدة إن توفرت لها حظوظ التنفيذ، ولكن السؤال هو ما هي الضمانات لعقد هذا المؤتمر وهل الظروف الدولية والإقليمية مواتية لذلك وهل الجانب الإسرائيلي مستعد لتنفيذ ما سيتمخض عن أي مؤتمر دولي جديد من قرارات ؟!. في تقديري أن الجهود المنصبة حول هذا الموضوع لو تم توفيرها وتوجييهها للساحة الداخلية سيكون الأمر أكثر فائدة ، لأنه في النهاية ماذا سيجلب أي مؤتمر إن جاءت نتائجه متأخرة وغير مرضية بعد أن يفقد الشعب الثقة كاملة في قيادته ويصبح ترميم الفجوة بينهما شبه مستحيل إن لم يكن أصبح مستحيلا أصلاً!، فهل القيادة الفلسطينية تسعى في الأساس لتسجيل مجد في سجلاتها الفردية أم أنها من المفروض أن تسعى  من أجل تخفيف الألام والأوجاع عن شعبها وخلق الأمل من أجله؟! ، فإن كانت السنوات الماضية تشير إلى سياساتها الفاشلة بإمتياز، كيف لها الأن وفي هذه الظروف الإقليمية والدولية الحرجة أن تحول هذا الفشل إلى نجاح وهي فاقدة للحاضنة الشعبية بشكل شبه جامع لم يسبق له مثيل من قبل؟!، أليس الأجدر بها أن تفسح المجال لتجدد الأفكار من خلال ضخ دماء جديدة تفرزها إنتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة،  لربما يكون لها القدرة على محاكاة المنطق السائد في هذا العالم الجديد؟!.

أخيراً يؤسفني تعاطي د. رامي الحمدالله مع مشكلة اضراب المعلمين بهذا الوهن وهذا الضعف المهني والخضوع لمنطق المؤامرة وممارسة أسلوب الحردان بين الحين والأخر بدلاً من العمل على إحتواء هذه المشكلة من خلال إيجاد حلول خلاقة، حيث أن الإستخفاف بالمعلم ومشاكله لا يليق برجل أكاديمي ذو أخلاق عالية، فسلام لك يا سلام كم كنت رائعاً وصارماً في فرض ما تريد من حلول لتحتوي المشاكل قبل تفاقمها خاصة إن كانت الإشارات جميعها تقول أن ورائها مؤامرة خصوم حاقدين، فتصبح الكرامة فوق أي إعتبار لتقف بقوة وراء أي قرار، ولم يسجل في تاريخك لأي نائب تشريعي مصادرة رأي أو حصار !!.