الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
التغييرات السياسية الإسرائيلية .. ماهي الخيارات الفلسطينية ؟... جبريل عوده
التغييرات السياسية الإسرائيلية .. ماهي الخيارات الفلسطينية ؟... جبريل عوده

 ما يحدث في "إسرائيل" من تغييرات على الهيكلية السياسية الحاكمة , يدلل لنا على جنوح كيان الإحتلال لمزيد من التطرف , وتنكره لأبسط الحقوق الفلسطينية , وتواصل عدوانه على الأرض الفلسطينية في الضفة المحتلة من خلال الإستيطان وتهويد المدن وخاصة القدس المحتلة , وإستمرار تنفيذ مخططاته الخبيثة بتقسيم المسجد الأقصى , حيث تزداد عمليات التدنيس والإقتحام اليومي للأقصى من قبل عشرات المستوطنين بحماية من جيش الإحتلال , مع إنعدام الفرصة لأي تسوية سياسية بعد تعطل عملية التسوية وإنسداد الأفق التفاوضي مع الحكومات الصهيونية المتعاقبة , تأكيد قيادات الإحتلال الرفض المطلق لمشروع الدولة الفلسطينية على أي شكل كانت , ولذا نرى عدم التعاطي الصهيوني مع أي مشاريع تفاوضية تحاول إعادة المسار التفاوضي بين الحكومة الصهيونية والسلطة الفلسطينية و أخرها المبادرة الفرنسية , وأمام هذا المشهد الممعن في الفاشية والإنغلاق السياسي لذا حكومة نتانياهو المتطرفة , هل يتطور الأداء السياسي لقيادة السلطة وقد تيقنت من وفاة مسار التسوية ؟ , وهذا يحتم عليها إتخاذ إجراءات وخطوات مهمة , في الحفاظ على الهوية والقضية الفلسطينية, وإنهاء الإنقسام والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات القادمة .

غياب وزير الحرب يعالون بعد تقديم إستقلالته وهو المثقل بهزيمته المدوية في حرب على قطاع غزة , وبروز ليبرمان كإسم يتردد لتقلد منصب وزارة الحرب الصهيونية وهو الطامح دوماً لها, يتزامن ذلك مع حالة التراجع لمشروع الإحتلال في فلسطين , وحضور السؤال الكبير في المجتمع الصهيوني حول إمكانية إستمرار الوجود الإحتلالي الصهيوني ,أمام تراجع قوة الردع للجيش الصهيوني, وخاصة بعد الفشل الذريع في الحروب الثلاثة الأخيرة على قطاع غزة , وهذا ما كشفه تقرير مراقب الدولة مؤخراً , والذي يؤكد على الهزيمة والفشل في إدارة المعركة خلال حرب صيف 2014م , وبعد قرابة العامان على تلك الحرب  برزت المقاومة في حالة التحدي والند عبر جولة الحوار بالنار على حدود الشرقية لقطاع غزة مؤخراً , ولقد أجبرت المقاومة خلال هذه الجولة قوات الإحتلال على وقف توغلاتها الجزئية على الحدود, وبعد قرابة العامان على الحرب تواصل رصد الإحتلال لعمليات تجربة الصواريخ طويلة المدى في البحر المتوسط , التي تشهد على جهوزية المقاومة وإستمرارها في تطوير أدواتها العسكرية , ويزداد تخوف الإحتلال المعلن من الكوماندز البحري التابعة للمقاومة مطلقاً عليه  مصطلح خطر الأنفاق المائية , ونشره القبة الحديدية في عرض البحر خشية من صواريخ مصدرها غزة قد تستهدف منشآته البحرية وسفنه الحربية والتجارية , كل ما ذكرناه آنفاً بمثابة إعتراف صهيوني جلي وواضح بالهزيمة والفشل في تحقيق أهداف العدوان على قطاع غزة , أضف إلى ذلك تصاعد إنتفاضة القدس والتي فشلت المنظومة الأمنية العسكرية والمخابراتية الصهيونية في قمعها , وتقف عاجزة أمام إصرار المنتفضين على إستمرارها وتطورها بجهودهم الذاتية , ولقد وصلت محاولات تطوير أدوات الإنتفاضة إلى عملية تفجير الباصات والحواجز العسكرية  كما حصل في القدس المحتلة .

قد يفتح التغيير السياسي المفاجئ في كيان الإحتلال الأوضاع على سيناريوهات متعددة , أبرزها التصعيد والعدوان الذي يستهدف شعبنا الفلسطيني , سواء كان ذلك على ساحة الضفة الغربية في محاولاته لقمع إنتفاضة القدس عبر مزيداً من القمع وعمليات القتل والإعتقال وتشديد الحصار على المدن والقرى , وإغلاق الطرق وزيادة الحواجز وتقطيع أوصال الضفة المحتلة , وهي بمعظمها إجراءات عدوانية تمارسها قوات الإحتلال حالياً , وفشلت في كسر إرادة البقاء والمقاومة في نفوس الشباب الفلسطيني , أما فيما يتعلق بساحة قطاع غزة بالرغم من صعوبة إتخاذ نتانياهو لقرار الدخول في حرب على قطاع غزة , خشية من الهزيمة وخسرانه لمستقبله السياسي إلى جانب معارضة مستويات عسكرية كبيرة لخيار الذهاب نحو حرب جديدة على قطاع غزة , إلا أن رعونة ليبرمان المرتقب تسلمه لوزارة الحرب وصراخه العالي حول قدرته على معالجة ملف أنفاق المقاومة, قد يجر نتانياهو إلى خيار الحرب , وخاصة أن جبهة قطاع غزة هشة , وقد تشهد إنفجاراً في أي وقت ولأي حادثة, وخاصة إذا علمنا بأن الأوضاع في قطاع غزة متهيئة ومتأهبة لكافة الإحتمالات , مع إستمرار الحصار الظالم الذي يخنق قطاع غزة , و يتسبب بمعاناة شديدة في يوميات الحياة لسكان قطاع غزة .

ولعل هذه التطورات  المفاجئ في كيان الإحتلال , وما تفرضه من تحديات كبيرة وخطيرة , تكشف عن نوايا سيئة ضد ما هو فلسطيني على هذه الأرض المباركة , قد تشكل دعوة عاجلة للفلسطينيين بمختلف مكوناتهم السياسية من أجل إسترداد الوحدة الفلسطينية على أعلى مستوياتها , وإنعقاد الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير , والوقف الفوري للتنسيق الأمني, وتبني خيار المقاومة ومنحها الغطاء السياسي وخاصة في الضفة المحتلة لمواجهة الإحتلال ومستوطنيه , وفي حال لم تلبي القيادة السياسية الفلسطينية الطموح العام لشعبنا الفلسطيني بالوحدة ودعم الحق في مقاومة الإحتلال , ومساندة هذا الخيار الجماهيري في مواجهة عربدة وإجرام المحتل , فلا سبيل لشباب الإنتفاضة إلا الإستمرار في ثورتهم التي تزداد رسوخاً وقوة , في مقابل التراجع الملحوظ للمشروع الإحتلال, وتلاشي قوة الردع الصهيونية أمام صلابة وإصرار الفلسطيني على المقاومة ,لإسترجاع وطنه المسلوب .

كاتب وباحث فلسطيني

21-5-2016م