الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
القضية الفلسطينية بين قضايا الداخل والخارج...أحمد سمير القدرة
القضية الفلسطينية بين قضايا الداخل والخارج...أحمد سمير القدرة

 

 تعتبر القضية الفلسطينية القضية المركزية وأحد أهم القضايا في منطقة الشرق الأوسط, لارتباطها بالكثير من المتغيرات والتطورات الإقليمية والدولية, إذ أن أي حل للقضية سيكون مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنتائج ما يدور في المنطقة, علاوة على تأثرها – القضية -  بما هو جاري في المحيط العربي والإقليمي والدولي سواء بشكل إيجابي أو سلبي, فمنذ أن قامت (إسرائيل) باحتلال فلسطين سنة 1948, في ظل تأييد دولي وصمت إقليمي وعربي, تعرضت القضية الفلسطينية طوال تلك السنوات حتى يومنا هذا إلى العديد من المنعطفات التاريخية والمتغيرات والتطورات الدراماتيكية التي كان أثرها دائما سلبياً على القضية وشعبها, بدءً بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية, والعدوان الثلاثي على مصر, وحرب أكتوبر, والحرب العراقية – الإيرانية, وحرب الخليج الأولى والثانية, وأحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي على إثرها تم احتلال أفغانستان وغزو العراق, وصولاً إلى ما أجيز تسميته بـ (ثورات الربيع العربي) والتي أسفرت إلى تغيير المنطقة بأسرها, وتفشي ظاهرة الإرهاب المتمثلة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش), وتزايد التمدد والخطر الإيراني في المنطقة, وبروز قوى وفاعلين إقليميين ودوليين جدد في الساحة وتنافس القوى الكبرى في منطقة الشرق الأوسط, حفاظاً على مصالحها وتحقيق مكاسب جديدة.

 

شهدت المنطقة طوال تلك السنوات حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمن القومي, فلا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط دون التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية, نظراً لما تشكله فلسطين من مركز للصراع العربي – الإسرائيلي منذ أن تم احتلالها. وعلى الرغم من حالة الزخم السياسي والتحرك الدبلوماسي والمؤتمرات التي تعقد والاتفاقات التي عُقدت والمبادرات التي تطرح من قبل المستوى العربي والإقليمي والدولي, في مسعى للتوصل لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي, وإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بدفع عملية السلام خطوة إلى الأمام, إلا أن كافة تلك الجهود والمساعي لم ولن تسفر عن أي اتفاق أو رؤية استراتيجية حقيقية وملزمة للجانب الإسرائيلي على وجه الخصوص, طالما أنها لا تحقق الحد الأدنى من المتطلبات الأمنية الإسرائيلية, وذلك لعدة اعتبارات بدءً من استمرارية التعنت والرفض الإسرائيلي لكافة الحقوق الفلسطينية, واستمرار الولايات المتحدة الأمريكية في تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة سياسياً وعسكرياً وعدم التخلي عن حماية أمن واستقرار (إسرائيل) ورفضها لأي مشروع ومبادرة تطرح للتصويت في مجلس الأمن يتعلق بالقضية الفلسطينية أو أي مشروع يدين إسرائيل, إضافة إلى ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات وصراعات متفاقمة, وتنافس إقليمي ودولي للسيطرة على المنطقة خدمة لمصالحها ومشاريعها, واحتلال قضايا أخرى لسلم أولويات وأجندات واهتمامات المجتمع الدولي على حساب القضية الفلسطينية, متمثلة بالبرنامج النووي الإيراني, وحالة الفوضى السياسية والأمنية أو ما سُمي (بالربيع العربي), والذي نجم عنه تغيرات دراماتيكية متسارعة وخطيرة في دول محور الاعتدال العربي, أدت إلى تبدل في مراكز القوى وتبدل في شكل الأنظمة السياسية, وبدء ظهور الملامح الفعلية لتقسيم الدولة الواحدة إلى دويلات ذات صبغة طائفية وعرقية وقومية وفق مخطط برناند لويس لتفتيت منطقة الشرق الأوسط, وبروز وتنامي نفوذ التيارات الإسلامية المتطرفة والجماعات الإرهابية, وتشكيل تحالف دولي لمحاربة والقضاء على تنظيم (داعش) في كل من سورية وليبيا والعراق, إلى جانب الحروب المستمرة في المنطقة كالحرب الدائرة في سورية والتدخلات الإقليمية والدولية والتداعيات الاستراتيجية والجيوسياسية الخطيرة للصراع الدائر في سورية على منطقة الشرق الأوسط, وتنافس تلك القوى فيما بينها للسيطرة على المنطقة بالقوة, بالإضافة إلى ما تشهده الجمهورية اليمنية من حرب بين الحوثين وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية للتصدي للخطر الإيراني بذراعه الحوثي, هذه القضايا ووفقاً للعقيدة والاستراتيجية الأمريكية تشكل مصدر تهديد لأمن واستقرار (إسرائيل) وبالتالي لأمن ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط, وهو الأمر الذي لن تسمح به أمريكا.

في المقابل إذا ما أردنا أن نلقي نظرة سريعة وموجزة على واقع القوى العربية والإقليمية وحالها في الوقت الراهن, سنجد أنها ليست في أفضل أحوالها, فالدول العربية الإقليمية باتت ضعيفة وتراجع مكانتها وقوتها ومركزها وموقعها في سباق التنافس والتأثير بين القوى الإقليمية الكبرى, وذلك على حساب تأمين الجبهة الداخلية من الناحية الأمنية ضد أي مؤثر داخلي وخارجي قد يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار الداخلي في ظل ما شهدته وتشهده المنطقة من تطورات متلاحقة ومتسارعة, بالإضافة إلى تجاهلها للعديد من القضايا الخارجية, بعدم وضع خطط استراتيجية فاعلة وعدم تفعيل السياسة الخارجية لها, لإيجاد توازن بين القضايا الداخلية والخارجية والتي بشكل طبيعي تنعكس على البيئتين الداخلية والخارجية للدولة من حيث القوة والمكانة, وعلى الرغم من الغياب الطويل لتلك الدول عن الساحة العربية والإقليمية وقضاياها تحديداً القضية الفلسطينية, بدأت في الوقت الراهن تسعى للعودة مجدداً لصدارة المشهد الإقليمي والتنافس فيما بينها وبين القوى الأخرى, فقد أدى تراجع دور ومكانة كل من السعودية ومصر على وجه التحديد, إلى تقدم كل من قطر وإيران وتركيا على حسابهما, وتأثيرهما في الكثير من القضايا والملفات ذات الأهمية والتي بطبيعة الأمر تخدم مصالحهم وتعزز من مكانتهم وموقعهم وقوتهم في منطقة الشرق الأوسط إقليمياً ودولياً, وهو الأمر الذي لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال. فنجد أن المملكة العربية السعودية تحاول من خلال حربها التي تقودها في اليمن ضد الحوثيين, ودعمها للمعارضة السورية, من تحقيق انتصار استراتيجي يعزز من مكانتها ومركزها في المنطقة, في محاولة السيطرة على القرار العربي والتأثير في قضايا منطقة الشرق الأوسط, في ظل التنافس والصراع السعودي – الإيراني في المنطقة, كما أن جمهورية مصر العربية, المدعومة سياسياً واقتصادياً من قبل دول الخليج تسعى جاهدة في المقام الأول إلى تأمين جبهتها الداخلية والقضاء على الإرهاب في منطقة شمال سيناء, والوصول إلى حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني الذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى استعادة قوتها ومكانتها العربية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط والتأثير في القرار العربي, وتسعى للاستفادة من تواجدها في مجلس الأمن غير دائم لدعم المشاريع والقضايا المصرية أولاً ومن ثم العربية. كما أن قطر وتركيا وإيران في حالة استمرار دائم للحفاظ على مكانتهم ودورهم المتقدم في المنطقة دون التخلي عن أي انجاز سياسي واقتصادي واستراتيجي وجيوسياسي قد تم تحقيقه طوال السنوات الماضية وفق الخطط والاستراتيجيات التي تم رسمها لتحقيق أهدافها, والتأثير في معادلة التطورات والمتغيرات الجارية في المنطقة خدمة لمصالحهم والتي تعزز من تواجدهم ونفوذهم في منطقة الشرق الأوسط وقضاياها حصد ثمار سياستها عند أي استحقاق سيتم تطبيقه. من جهة أخرى تسعى كل من تركيا و(إسرائيل) إلى إعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية فيما بينهم من خلال المفاوضات الدائرة فيما بينهما والتي قطعت شوطاً كبيراً ومتقدماً والوصول إلى الكثير من التفاهمات والنقاط الإيجابية التي وبدون أي شك تدعم مصالح الدولتين.

إن كافة تلك التطورات والأحداث والمتغيرات, إلى جانب شبكة التحالفات الجديدة التي بدأت بالبروز في المنطقة والتي (إسرائيل) جزء رئيسي فيها, انعكست بشكل سلبي على القضية الفلسطينية وأدت إلى تراجع مكانتها وتهميشها بشكل فعلي, ولم تعد القضية المركزية من بين قضايا المنطقة ولم تعد على سلم أولويات الأجندة العربية والإقليمية والدولية, نظراً للانشغال بقضايا أكثر حساسية تؤثر على مصالح القوى الإقليمية والدولية الكبرى وتؤثر على أمن واستقرار (إسرائيل), ومحاولة كافة القوى تأمين ذاتها بالانضمام إلى المعسكر الأقوى والذي يضم (إسرائيل), حيث نجد أن الكثير من الدول العربية بدأت بالتقارب مع (إسرائيل) والدول العربية الأخرى التي تقيم علاقات معها سابقاً تعمل على تعزز علاقتها معها بشكل أكبر وأكثر فعالية.

من جهة أخرى, تشهد الساحة الداخلية الفلسطينية حالة من التشرذم السياسي وحالة من الضبابية وعدم الاستقرار الداخلي, والتي أدت إلى انعدام وفقدان الثقة بين المكونات السياسية والاجتماعية, والتي بدورها أدت إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وزادت من معاناة الشعب الفلسطيني. لن نعود بالتاريخ إلى الوراء كثيراً فخلال العشر سنوات الماضية وتحديداً منذ الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والتي جرت في الخامس والعشرين من شهر يناير لسنة 2006, ظهرت الخلاف والصراع بشكل جلي بين حركتي فتح وحماس على السلطة, والذي انتهى بالصدام العسكري وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة, وسيطرة حركة فتح على الضفة الغربية, فعلى الرغم من المساعي والجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية لنزعل فتيل الأزمة بين فتح وحماس, برعايتها للعديد من الحوارات والتفاهمات واتفاقيات وقف اطلاق النار, إلى جانب دور المملكة العربية السعودية التي رعت اتفاق مكة, وتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية, إلا أن الصراعات كانت أقوى من جميع الاتفاقات, فحدث الانقسام الفلسطيني ودخلت الساحة الفلسطينية في منعطف خطير, والذي انعكس بشكل كبير وسلبي على القضية الفلسطينية, واستمرار الانقسام حتى الوقت الراهن, على الرغم من اتفاق حركتي فتح وحماس على إنهاء الانقسام وفق ما جاء في الورقة المصرية للمصالحة والمعروفة باتفاق القاهرة 2011 وتفاهمات الدوحة 2012 المكملة لاتفاق القاهرة والتي توجت في شهر يونيو 2014 باتفاق الشاطئ, والذي على أثره تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني فقط, من مجمل ما تم الاتفاق عليه في القاهرة, واستمرار جولات الحوار الفلسطيني بين الحين والآخر, والتي كان آخرها في منتصف هذا الشهر – يونيو -  في الدوحة, والتي لم تحقق أي تقدم يذكر وعودة الأمور إلى مربع الصفر من جديد, نظراً لأن القضايا العالقة لم يتوصل طرفي الانقسام إلى حلول وسطية تنهي تلك الملفات بشكل كلي وفعلي, فأبرز تلك الملفات والذي يشكل حجر العثرة في طريق المصالحة ويكون حاضرة وبقوة في أي جولة من جولات الحوار الفلسطيني ملف موظفي قطاع غزة الذين تم تعيينهم من قبل حركة حماس إبان الانقسام الفلسطيني, على الرغم من وجود بند صريح وواضح في المبادرة المصرية لإنهاء الانقسام بخضوع كافة الموظفين الذين تم تعيينهم في قطاع غزة إلى اللجنة القانونية والإدارية.

فمع استمرار الانقسام ظهرت وبشكل علني الكثير من القضايا التي تتطلب ايجاد حلولاً وتغييراً جذرياً, فيوماً بعد يوم تزداد الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي يمكن حصرها بالتالي: طبيعة النظام السياسي الفلسطيني – رئاسي/ برلماني – والذي أدى إلى تضارب الكثير من الصلاحيات, والتداخل من حيث الصلاحيات بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية وإلى أي منهما يعود القرار السياسي, ووجود مدرستين وفكرين وبرنامجين متناقضين ومتنافسين في الساحة الفلسطينية, مدرسة تؤمن بالعمل السياسي والدبلوماسي والتفاوضي ومدرسة تؤمن بالعمل العسكري لإنهاء الاحتلال, وغياب مفهوم الديمقراطية والمشاركة السياسية ومبدأ دورية الانتخابات ومبدأ التداول السلمي للسلطة, وغياب مفهوم التعددية والمشاركة السياسية وتقبل الرأي والرأي الآخر وبالتالي غياب العمل المشترك بين المكونات السياسية, وغيرها من القضايا التي لا يمكن حصرها.

لقد شكل الانقسام الفلسطيني نقطة مفصلية في تاريخ ومسيرة القضية الفلسطينية, بسبب غياب برنامج عمل وطني ورؤية واستراتيجية محددة وشراكة في العمل السياسي واتفاق جمعي على الوسائل التي يجب انتهاجها سواء دبلوماسياً أو عسكرياً, فقد تراجعت مركزية القضية الفلسطينية في كافة المحافل العربية والإقليمية والدولية في ظل كافة المتغيرات والتطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص, إلى جانب تفاقم الأزمات في قطاع غزة وتردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع مستوى البطالة والفقر, وانتشار ثقافة التشكيك وتبادل الاتهامات والتراشق السياسي والاعلامي وعدم تقبل الرأي والرأي الآخر وإنكار الآخر وتكميم الأفواه وانتهاك صارخ لكافة حقوق الإنسان من حيث حرية التعبير وحرية الرأي وحرية التظاهر والتجمع...ألخ, إضافة استغلال (إسرائيل) للانقسام لتتزايد وتيرة العدوان في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس, باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ومحاولات تقسيمه زماناً ومكاناً, واستمرار بناء جدار الفصل العنصري ومصادرة الأراضي من أجل التوسع الاستيطاني وهدم المنازل وتفريغ القرى الفلسطينية من سكانها, وارتكاب المزيد من المجازر والإبادة ضد الشعب الفلسطيني, إلى جانب انتهاك كافة الحقوق الفلسطينية, وتنفيذ سلسلة من الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني من اعتقال وقتل وتعذيب ومصادرة الممتلكات, واستمرار الحواجز التي تفصل المدن الفلسطينية عن بعضها البعض وتُقيد حرية التنقل فيما بينها, واستمرار اقتحام المدن الفلسطينية وشن حملات اعتقال في صفوف الفلسطينيين, بالإضافة لبطء عملية إعادة اعمار قطاع غزة واستمرار الحصار واغلاق معبر رفح.

في ظل ما سبق ذكره, يمكن القول بأن القضية الفلسطينية باتت رهن كافة المتغيرات والتطورات السياسية في المنطقة وأن أي حل للقضية سيكون متأثراً بنتائج الأزمات الدائرة في المنطقة وبقرارات القوى العربية والإقليمية والدولية, والتي تحاول تلك القوى تذويب القضية الفلسطينية بشكل كلي, إلا أنه في المقابل وعلى الرغم من ذلك فعلى المستوى الرسمي الفلسطيني, تسعى القيادة الفلسطينية إلى محاولة تفعيل القضية الفلسطينية من خلال أي مبادرة ودور عربي أو دولي يهدف إلى إعادة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية من جديد, وفق الشرعية والقرارات الدولية, كما أنها تتطلع إلى حصد المزيد من الانجازات والمكاسب في المحافل الدولية التي تعزز من وجودها ومكانتها داخل أروقة المؤسسات الدولية. أما فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية الفلسطينية فهي أيضاً مرهونة بالتنافس العربي والإقليمي, وهذا بدوره عائد بالأساس إلى الأجندات والتجاذبات والتدخلات السياسية التي تؤثر على القرار الوطني الفلسطيني سواء الرسمي أو الفصائلي, حيث أن التدخلات الإقليمية وتأثيرها على طرفي الانقسام تلعب دوراً رئيسياً في اطالة أمده, فبات قرار المصالحة ليس فلسطينياً وإنما إقليمياً, فلم يحن الوقت الحقيقي لإتمام المصالحة, على الرغم من تناقض التصريحات التي تصدر من طرفي الانقسام باستعدادهما لتطبيق بنود المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية, وتعدد جولات الحوار الاستقصائية في كل من مصر وقطر على التوالي والتي في كل مرة يتوجه طرفي الانقسام للحوار يؤكدون على أهمية إنجاز المصالحة, التي انعكست على القضية الفلسطينية. وعليه في ظل كافة ما تم ذكره يمكن القول وبشكل واضح بأن المستفيد الأكبر من كل ما يجري سواء داخلياً أو خارجياً هي (إسرائيل), والذي تمثل مؤخراً بتوليها اللجنة القانونية في الأمم المتحدة, ما يعني بأن (إسرائيل) ليست إرهابية وذلك حينما نجد أن دول عربية قد صوتت لصالح (إسرائيل) لتولي هذه اللجنة, وبالتالي سيكون لها من الناحية السياسية والأمنية الدور الأكبر في رسم سياسة وملامح وخريطة منطقة الشرق الأوسط بأسرها, وستعزز العديد من الدول العربية موقفها وعلاقاتها منها في المستقبل القريب, ما يعني أن الخاسر الأكبر والوحيد هي فلسطين وقضيتها, وبالتالي فإن على كافة الأطراف السياسية الفلسطينية أن تعي جيداً أن ما يدور في المحيط ليس في صالح القضية, وأن تسعى بشكل جدي لتغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية عن أي مصلحة حزبية واتخاذ قرار فعلي وطني وتاريخي بإنهاء الانقسام قبل فوات الأوان كخطوة أولى في طريق إعادة مركزية القضية, فالمنطقة بأسرها تغيرت, بالإضافة إلى عدم التعويل على أي مبادرات يتم طرحها من قبل أي طرف من أجل دفع عملية السلام, لأن كافة تلك المبادرات ستكون في مجملها تراعي المتطلبات الإسرائيلية في المقام الأول.

أحمد سمير القدرة

باحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية