الثلاثاء 7/10/1445 هـ الموافق 16/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هل عاد وقت الثقافة الجادة؟...عبد الهادي شلا
هل عاد  وقت الثقافة الجادة؟...عبد الهادي شلا

هل عاد  وقت الثقافة الجادة؟

عبد الهادي شلا

تقوم الثقافة الواعية على مبادئ سامية وعالية ترتقي بوعي الفرد وترفع من قيمة الكلمة التي بات يحيط بها أسوار استحدثت عبر التقنيات محاولة عزل المتلقي الجيد عن متابعتها على صفحات الكتب وتريده أسير المقعد أمام شاشات الحاسوب كما تلاحقه في كل خطواته عبر رسائل مكثفة من هاتفه المحمول.

 

الذين أخلصوا للثقافة الجادة والفن الرفيع ينادون بضرورة الإنتباه للموجات الجديدة التي تهب مقتحمة عالم الثقافة تحاول أن تخترق الوعي لتفرض شكلا ثقافيا مغايرا لما يحتاجه عالمها .

 

ما يخشاه هؤلاء يستحق الوقوف عنده والعمل على أن يكون الجهد الثقافي العام متماسكا في وجه الأفكار التي تريد اختراق تحصينات الوعي بقيمة الكلمة ومضمونها الثري دون التخلي عن متابعة كل رؤية جديدة تبحث عن منفذ لها فيكون هناك حضن دافئ لإستقبال كل ما يرتقي بوعي القارئ المتلقي بفكر مستنير متجدد يواكب احتياجات الزمن المكتظ بكل مستحدث وترسم خطط تعين على حسن الإختيار فيما يتم طرحه من ثقافة وفن.

 

نأمل أن يكون الخبر الذي تم تناقله عن رئيس إتحاد الكتاب العرب "نضال الصالح" بإطلاق جائزة "دمشق للرواية العربية" التي تسعى إلى تقدير الروائيين العرب، وتحرير الجوائز الأدبية العربية من الاعتبارات غير الإبداعية، وإعادة الهويّة إلى الثقافة العربية، ومواجهة الإرادات التي تتقنّع بالثقافيّ طريقا جديدا محدد المعالم لنهضة ثقافية تقف حاجزا أمام المحاولات الكثيرة التي تتعرض فيها الثقافة العربية لجيوش الكتاب المتطفلين على عالم الفكر والثقافة العربية،وأن تكون هذه الجائزة حافزا لأصحاب القلم الراقي ليساهموا في هذا التصدي وأن يعتبروها فرصة أولى لإعادة المفهوم الصحيح للعطاء الفكري الذي يحتاجه المجتمع العربي في هذا الوقت بالذات التي تنتشر فيها أفكار أصبحنا نعاني منها قولا وفعلا.

سيكون هناك من يعبث في الثقافة،ولن تتوقف محاولات الخبثاء عن تلوث البيئة الثقافية النظيفة بأفكار تؤجج لفتن فكرية وعقائدية يحققون منها منافع ذاتيه وهم يهدمون القيم الرفيعه بحجة التنوير والتجديد وتغيير المفاهيم السلوكية والعقائدية،وسيجدون بعض المؤيدين الذين يرون في العبث بالفكر والقيم الثقافية ما يحقق لهم مكاسب وقتية .

ودائما سيكون هناك من يتصدى لما يفسد الذوق العام ويعبث في أفكار المجتمع ومعتقداته الأصيلة ويتحمل موجات ضغط متعددة في مظاهرها النبيلة بينما دمار في أعماقها،وهؤلاء هم المخلصون للقيم الرفيعة الذين نعول على مواقفهم.

هل سيرى أصحاب الهمم العالية من المثقفين ضرورة أن يشجعوا على مثل ما أقدم عليه إتحاد الكتاب العرب بأفكار تحفظ للكاتب وللفرد المتلقي كرامته الفكرية وتحترم عقله ووعيه ،لا أن تبقى أقلامهم تندب الوقت الذي ظفر فيه أدعياء الكلمة والثقافة بالساحة ليلقوا فيها سموم ثقافتهم لزمن طويل؟!

دعونا نقول: بأن الفرص الجيدة لا تتكرر كثيرا ويجب اقتناصها وسط تسارع تناقل الكلمة والصورة عبر كل وسائلها المتطورة،وأن يكون إصلاح الخلل القائم في الثقافة العربية وما إستجد عليها من أفكار يسير بنفس الوتيرة و بحكمة و وعي يلمسه المتلقي فيما سيستجد.