الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هل نُعيد البوصلة للقانون؟.... بقلم: فراس ياغي
هل نُعيد البوصلة للقانون؟.... بقلم: فراس ياغي

تتفاعل قضية الإنتخابات المحليه بشكل دراماتيكي يتجاوز أحيانا القانون بل ويتجاوز نطاق حتى الدور المنوط بكل هيئة من الهيئات المشرفه على إجراء الإنتخابات، ويحاول البعض البحث عن تسويات قد تكون بعيده عن القانون من أجل الإستمرار في العملية الإنتخابيه وكأن إجراءها هو الأهم وأن القانون تحصي حاصل، ويأتي ذلك بإسم الديمقراطيه وتوحيد شطري الوطن رغم أن أساس كل شيء هو القانون ولا شيء غيره.

وفقا للقانون فإن لجنة الإنتخابات المركزيه هيئة مستقله ومحايده وتلتزم بالقانون المحدد والواضح في بنوده، وهي قررت إجراء الإنتخابات المحليه بناءً على قرار صدر عن مجلس الوزراء الفلسطيني، وهنا فإن العملية الإنتخابيه من ألفها إلى ياءها تشرف عليها لجنة الإنتخابات المركزيه وبعيدا عن التجاذبات السياسيه القائمه، وهي كجهة إشراف وتنفيذ وحيده وأساسها قانوني، فقد تجاوبت فورا وأكدت الإلتزام بقرارات المحاكم، من محكمة العدل العليا ومن محاكم بدايه، رغم أن جزءا من محاكم البدايه خاصة الموجودة في قطاع غزة لها وضع غير قانوني، لذلك وفقا للقانون الفلسطيني فقراراتها غير شرعيه، وهي مفروضه بالأمر الواقع على قطاع غزة، وهذا لا يعني انها جزء من العملية القانونية والقضائية الفلسطينيه وهي ستكون كذلك لو أعلن مجلس القضاء الفلسطيني شرعية قضاة محكمة البدايات في غزة وصادق على وجودهم وعلى قراراتها السابقه وهذا لم يتم، لذلك كان أحد أهم بنود إجراء الإنتخابات ومنذ البداية محل شك قانوني وكان من الطبيعي أن يتم الطعن في قرارات تلك المحاكم لأنها لا تحمل أي صفة قانونية (غير صفة الأمر الواقع).

حركة حماس وافقت على إجراء الإنتخابات في قطاع غزة لأنها وجدت في ذلك نوع من أنواع الصفه الشرعيه التي ستحصل عليها من حيث العاملين والأمن والقضاء، وبعد أن تأكدت من لجنة الإنتخابات المركزيه بأنها لن تعترض على ذلك وبعد أن قدّرت أن الحكومة الفلسطينيه أيضا لن تعترض، وافقت على إجراء الإنتخابات في قطاع غزة، وفي حقيقة الأمر ليس للجنة الإنتخابات المركزيه مسئوليه الموافقه او الرفض في مواضيع خلافيه وسياسيه، فاللجنه تُنفذ القانون وتُشرف على إجراء إنتخابات حره ونزيهه وشفافه تتوافق مع القانون التي تعمل به، لكن على ما يبدو فات على لجنة الإنتخابات المركزيه أن تسأل مجلس القضاء الأعلى حول قانونية قضاة محاكم البدايه في غزة والتي ستكون جزء اساس في عملية إجراء الإنتخابات في التي ستستقبل الطعون في مختلف مراحل العملية الإجرائيه للإنتخابات من التسجيل والترشيح وحتى الفرز وإعلان النتائج، وهذا جاء بحسن نية إجراء الإنتخابات في الوطن الفلسطيني المفترض، اما فيما يتعلق بمدينة القدس فالقضية سياسيه أكثر من كونها قانونيه وقد جرت إنتخابات سابقه بدون إجراء انتخابات بلديه فيها وتم الإستعاضه عنها بتعيين أمانة عامه للعاصمه وفقا لقانون يترتب ذلك، في حين في الشق السياسي جرت إنتخابات في العاصمه حين تعلّق الأمر بالسياده السياسيه (إنتخابات المجلس التشريعي والمشاركه في إنتخابات الرئاسه).

إن قرار محكمة العدل العليا بوقف إجراء الإنتخابات بشكل مؤقت قانوني بحت وهو يُعيد الإعتبار للقانون الفلسطيني ويؤكد أن الإنقلاب وتداعياته ومنها القضائيه غير شرعيه ويجب معالجته أولا، لذلك فإن قرارات (مجازر) محاكم بداية غزة ضد قوائم حركة فتح ليست بذي قيمه قانونيه ولا يُعتد بها ويجب التعامل معها وكأنها غير موجوده وعلى لجنة الإنتخابات المركزية أن تسال مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص، فالموضوع قانوني وليس سياسي، وأي محاولات في إيجاد تسويات مع هذا الفصيل أو ذاك هو في الحقيقه ضد القانون وضد الشرعيه القضائيه وتدخل في سلطة القضاء، ولجنة الإنتخابات المركزيه من حقها أن تلتقي الفصائل وقيادتها للبحث في تطبيق القانون أو سماع الشكوى أو ما إلى ذلك ووفقاً للقانون، ولكن ليس لديها الحق في مناقشة قيادات الفصائل للبحث عن مخارج قانونيه، فالقانون لا يتجزأ، والسلطه القضائيه ومحكمة العدل العليا أعلى هيئة قضائيه هي الوحيده المخوله في ذلك.

يجب ان نُعيد البوصله القانونيه ونتعامل مع الواقع القانوني كأساس وليس الواقع السياسي الذي جاء كأمر واقع، ولحين حل الخلاف السياسي وإعادة اللحمه للوطن الواحد لا بدّ للسيادة أن تكون للقانون، ويبدو ان إجراء الإنتخابات التشريعيه والرئاسيه هي المقدمه لتوحيد الوطن وهي السابقه على أي إنتخابات أخرى، إننا بذلك نُعيد توحيد شطري الوطن على أساس وحدة قانونية واحده وسلطه قضائية وتنفيذيه وتشريعيه واحده، أما التعامل وفقا للأمر الواقع فإننا بذلك نُعطي اسبقيه قانونية خطيره ونُشَرّع الإنقلاب الذي حصل، فهل نعيد البوصله للقانون ونحترمه بعيدا عن المناكفات المتعدده؟