الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
سياسية التغذية القسرية وآثارها على الأسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي...وسيم وني
سياسية التغذية القسرية وآثارها على الأسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي...وسيم وني

 

من إعداد  الأستاذ وسيم وني " اتحاد الصحافة العربية" :

 

مفهوم التغذية القسرية

وهي ارغام الاسير المضرب عن الطعام على تناول الطعام والسوائل، حيث يتم ربطه بكرسي في بعض الأحيان ، أو يمسك به بالقوة قوات الاحتلال الاسرائيلي ، أو ممرضون إذا كان الاسير قد تم وضعه  في المستشفى، ويتم تثبيت رأسه لمنعه من التحرك، ثم يقوم شخص آخر بإدخال أنبوب بلاستيك "بربيش" عن طريق الأنف حتى يصل إلى المعدة، ثم يضخ سائل لزج إلى المعدة مما يشكل خطورة حقيقة على حياة الأسير المضرب عن الطعام  .  

بداية تبلورهذا  القانون

قانون التغذية القسرية  المقترح  وهو عبارة عن تعديل لقانون "مرسوم السجون" وقد بادرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي   إلى هذا التعديل في أعقاب إضراب الأسرى الجماعي في سجون الاحتلال ، في نيسان من العام 2012،  وذلك لإنهاء سياسة العزل الانفرادي والذى شارك فيه ما يزيد عن 1600 أسير فلسطيني واستمر 28 يوما متتالية، وألزم في نهايته سلطة السجون الإسرائيلية بالتفاوض مع الأسرى الفلسطينيين الرضوخ لمطالبهم  ، وبعد انتهاء الاضراب بدأت  السلطات الاسرائيلية بإجراء التعديل باسم  " مرسوم السجون "  وقد شارك في صياغة التعديل وزارة العدل والصحة ويسمح هذا القانون بالسماح أو الإلزام بتقديم " العلاج الطبي " للأسير المضرب عن الطعام دون الاكتراث لمعارضة الأسير لذلك الإجراء وبالرغم من خطورة هذا الإجراء على حياة الأسير وكعادتها اسرائيل من خلال لجنة داخلية تابعة لها في الكنيست وفي عملية تضليل للرأي العام قامت بشطب كلمة " عنوة" من أجل تمكين سلطات الاحتلال من مواجهة التماسات  التي من الممكن أن تقدم إلى المحكمة العليا ضد هذا القانون  وأمام تصاعد ظاهرة الإضرابات الفردية من عام 2013 وصمود الأسرى لعشرات الأيام وتعداها لمئات الايام من الاضراب مما أحرج سلطات الاحتلال في كثير من الحالات وأجبرهم في نهاية المطاف على تلبية مطالب الأسرى ووقف التجديد الإداري لهم .

محاولة العمل بهذا القانون :

وينص القانون  ( بأنه في حال وجود خطر على حياة الأسير يتم تغذيته قسرا من خلال قرار قضائي، على ان يعتني طبيب بالأسير وتقديم الطعام له بعد موافقته المسبقة على ذلك ) .

وفى 28/1/2014 اعطى المستشار القضائي في حكومة  الاحتلال الضوء الاخضر للجهات الامنية لتقديم مشروع قانون بشكل رسمي  يتيح التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام الى المستوى السياسي الإسرائيلي، كي يتم طرحه على اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريعات.

في 6/3/2014  هددت ادارة السجون 3 اسرى مضربين عن الطعام وهم:

  • الأسير "معمر اسحق بنات"
  • والأسير "وحيد حمدي أبو ماريا "
  • والأسير " أكرم يوسف الفسيسي"

وهنا تم استخدام أسلوب التغذية القسرية لكسر إضرابهم عن الطعام رغم عنهم الذي بدأو به في تاريخ 9/1/2014 وهنا بدأت حالتهم تسوء حيث يقبعون في  مستشفيات الاحتلال لمتابعة وضعهم الصحي

وفي أثنائها شكلت سلطات الاحتلال في حينه لجنة  عرفت بلجنة (أخلاقيات) مكونة من 3 أطباء والمستشار القانوني للمستشفى، وهي التي تقرر فرض التغذية الإجبارية لكسر إضراب الأسرى، وقد قررت تلك اللجنة فى مستشفى 'كابلان' الإسرائيلي كخطوة أولى إعطاء الأسيرين المضربين "الفسيسي وبنات"، كمية من المعادن والفيتامينات رغما عنهم ، حيث رفض الأسرى تناولها ، ولم ينفذ هذا القرار ، بعد تصاعد الاعتراضات عليه .

وقد تأجل طرح القانون عدة اشهر على الكنيست لإقراره نتيجة المعارضة الشديدة له، وكان من المتوقع طرحه على الكنيست في جلسه 25/6/2014 ، الا ان رئيس وزراء الاحتلال "نتنياهو" فضل التأجيل بسبب معارضه حزب "يوجد مستقبل" لبعض بنود القرار.

(

الخوف الاسرائيلي من الإضراب عن الطعام:

بعد اعلان الاسير الشيخ "خضر عدنان موسى" من جنين الدخول في اضراب عن الطعام في 5/5/2015 ، واستمرار اضرابه لأكثر من شهر ، عاد موضوع اقرار التغذية القسرية ليظهر من جديد، حيث تقدم وزير الأمن الداخلي فى كيان الاحتلال " غلعاد إردان" بمسودة القانون مرة اخرى الى الكنيست، بتاريخ 14/6/2015 ، وقد صادق عليه بالقراءة الاولى .

واعتبر وزير الأمن الداخلي الاسرائيلى،  بقوله إن الأسرى الأمنيين معنيون بتحويل الإضراب عن الطعام لعملية انتحارية من نوع جديد يهددون فيها كيان إسرائيل و لن نسمح لأي شخص بتهديدنا ولن نسمح للأسرى بالموت في سجوننا”.

المخاطر التي ينطوي عليها هذا القانون:

إن تطبيق هذا القانون على الاسرى المضربين سيكون له أثار  خطيرة وانعكاسات سلبية على واقع الحركة الاسيرة التي تعتبر الاضراب من اهم الوسائل السلمية  في التعبير عن الرأي والاحتجاج والمطالبة بالحقوق داخل السجون .

وهذا الكلام عن هذا القانون له عواقب وخيمة وهذا الكلام ليس من من باب التهويل   انما للأسرى تجربة سيئة  ومريرة مع هذه السياسة التي تؤدى إلى الموت في بعض الحالات ، حيث قد   استشهد 3 أسرى وهم:

  1. الشهيد الأسير "علي الجعفري " من نابلس واستشهد بتاريخ 24/7/1980وذلك خلال إضراب سجن نفحة ، حيث حاول الاحتلال إدخال الطعام بالقوة الى معدته عبر بربيش الامر الذى ادى الى اختناقه
  2. الشهيد "عبد القادر ابوالفحم " في 11/5/1970 خلال الإضراب الذي خاضه الأسرى في سجن عسقلان، حيث حاول الاحتلال إدخال الطعام إلى معدته بالقوة عبر "بربيش" التغذية القسرية" في عيادة السجن، مما أدى إلى حدوث نزيف ادى الى استشهاده .
  3. الشهيد الأسير " راسم حلاوة " من جباليا شمال قطاع غزة استشهد في 20/7/1980، وذلك خلال إضراب سجن نفحة، حيث حاول الاحتلال إطعامهما بالقوة عبر إدخال الطعام إلى جوفهم عبر بربيش الامر الذى ادى الى اختناقه.

تضليل الرأي العام والعالمي :

الاحتلال حاول أن يضلل الرأي العام الدولي وأن يسوق للعالم  بأنه يطرح هذا القانون من جانب إنساني وانه حريص على حياة الأسرى المضربين من الموت، عبر الامتناع عن تناول الطعام والشراب، لذلك هو يريد ان يبقيهم على قيد الحياة  عبر اطعامهم بالقوة، ولمزيد من الترويج لهذا القانون أطلق على اللجنة التي تقوم بذلك " لجنة الأخلاقيات" بهدف إعطاءها صورة إنسانية أمام العالم والإعلام .

ولكن  الهدف الحقيقي للقانون من وراء التغذية القسرية هو كسر الأداة السياسية الفعالة الموجودة بأيدي هؤلاء الأسرى والمتمثلة بالإضراب عن الطعام،  وليس الحفاظ على أرواح الأسرى كما تروج سلطات الإحتلال بل في محاولة يائسة للتغلب على هذا النوع الجديد المقاوم للاحتلال والذي أثبت جداوه .

 

 وأخيراً هناك العديد  من التبعات الخطيرة لاستخدام التغذية القسرية ضد المعتقلين الفلسطينيين، وهو انتهاك صارخ لاتفاقية مناهضة التعذيب، وللعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وتجاوز خطير ، وكما ويعتبر نوع من  أنواع المعاملة القاسية والحاطة بالكرامة التي حظرتها اتفاقية مناهضة التعذيب، وجرمها القانون الجنائي الدولي، كما تمثل انتهاكاً لا يمكن تبريره لحرية المعتقلين الشخصية، وحقهم في سلامة جسدهم، وحقهم في الإضراب والاحتجاج.