الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
'يوم الأرض'... عبد الهادي شلا
'يوم الأرض'...  عبد الهادي شلا

 

 يحتفل العالم في  الثاني والعشرين من شهر أبريل في كل عام بما يسمى" يوم الآرض العالمي" الذي يعتبر يوما قوميا للآرض بعد حادثة صغيرة تركت أثرا بليغا في نفس السيناتور الأمريكي" غايلورد تيلسون" الذي كان بصحبة مساعدة "دنيس هايس"في زيارة لولاية"سانتا باربارا" في العام 1969 الذي صدمه كميات النفط الضخمة التي تلوث مياه المحيط الهادي، الأمر الذي يشكل تهديدا حقيقيا لحياة الأسماك والثروة البحرية وللبيئة بشكل عام،فاستصدر قانونا خصص بموجبه يوم الثاني والعشرين من أبريل من كل عام يوما قوميا لكوكب الأرض الذي أصبح يحتفل به العالم في  175 دولة بعضها خصص أسبوعا كاملا لهذا الاحتفال.

إلا أن هذا العيد لم يكن هو العيد الوحيد للإعتراف بقيمة الأرض وبشكل مختلف تماما تعدى الإهتمام بما يجري من تدمير للبيئة بسبب مخلفات الصناعة و الحروب, وآثارها القاتلة لحياة الكثير من أنواع المخلوقات التي تتغذى على ما في الأرض و تعيش عليه.

قالت العرب: الأرض كالعـِرض نموت دونها.. وما توقف البذل من أجلها عبر التاريخ الذي امتلأت صفحاته ببطولات دفاعا عنها.

فلسطين لها يوم أرض مختلف يميزه عن "اليوم العالمي" أنه ذكرى يحييونها مع أنصار القضية الفلسطينية في يوم الثلاثين من شهر مارس/آذار من كل عام،وذلك في ذكرى مصادرة قوات الاحتلال الإسرائيلية في مثل هذا اليوم من العام 1976 آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة في مناطق سكانيّة فلسطينيّة، حيث عم يومها اضراب ومسيرات إحتجاج من الجليل في أقصى شمال فلسطين إلى النقب في أقصى الجنوب، وأندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات ،وهي المرة الأولى التي يُنظم فيها العرب في فلسطين منذ عام 1948 احتجاجات رداً على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية .

و من قصيدة "الأرض" لمحمود درويش التي أطلقها في ذكرى هذا اليوم عبر عن معنى الإنتماء إليها : أسمّي التراب امتدادا لروحي ..أسمّي يديّ رصيف الجروح..أسمّي الحصى أجنحة..أسمّي العصافير لوزا وتين..أسمّي ضلوعي شجر..وأستلّ من تينة الصدر غصنا..وأقذفة كالحجر..وأنسف دبّابة الفاتحين.

ليس هذا هواليوم الوحيد الذي يعبر فيه الفلسطينيون عن حقهم في العودة إلى أراضهم التي أنتزعت منهم منذ ما قبل العام 1948 حتى الآن بما يجري من استقطاع للأرض وإقامة المستوطنات عليها وإنتزاع المزيد من المساحات والتهديد بتهجير مئات المواطنين من منازلهم في كثير من المدن وخاصة القدس الشرقية التي يجرى فيها عملية تطهير شبه منظمة لتفريغها من أبنائها .

 

في مثل هذا اليوم يحيي الفلسطينيون ذكرى يوم تعظيما للشهداء الذين سقطوا فيه بتجديد العهد وبمزيد من الصمود والتحدي لغطرسة المحتل متمسكين بما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية الكثيرة والإتفاقيات التي كان منها انبثاق سلطة وطنية فلسطينية عملت على تثبيت حق الشعب الفلسطيني في دولة تقام على أرضه "دولة فلسطين" وحصلت على إعتراف الكثير من دول العام.

 

سيبقى احياء هذه ذكرى "يوم الآرض" منقوصا مادامت الحالة الفلسطينية المضطربة والمنقسمة على نفسها تمثل عامل ضعف يستغله المحتل في مزيد من التعنت بينما العالم يمر بأحداث كبيرة لم تعد القضية الفلسطينية ضمن أولوياته وحلت مكانة أولويات أخرى ليس أقلها ما يجري في المنطقة العربية من حروب .

 

نتمنى أن يكون هذا اليوم يوما فيه عبرة ودرس لا مجرد ذكرى تمر كما يمر غيرها من الأيام..