الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مؤرخ بريطاني: الملك سليمان كان صعيدياً والروايات التوراتية عنه 'خرافة'
مؤرخ بريطاني: الملك سليمان كان صعيدياً والروايات التوراتية عنه 'خرافة'

نفى مؤرخ بريطاني، في كتاب جديد، صحة الروايات التوراتية عن الملك سليمان بن داود، مؤكداً أنه لم يكن إسرائيلياً عبرياً كما يقولون؛ بل كان فرعوناً مصرياً صعيدياً، كما أن ثروته لم تكن بالحجم الذي قدروها به، وعاصمته لم تكن يوماً في فلسطين؛ بل بمصر.

ومُلك النبي سليمان، هو إحدى القصص الواردة في الكتب السماوية (التوراة والإنجيل والقرآن) مع اختلافات كبيرة في التفاصيل، ولكن يجمع بينها الحديث عن ثروة كبيرة وملك واسع.

تقرير صحيفة dailymail البريطانية ذكر أن المؤرخ البريطاني رالف إليس سعى إلى تتبع الرواية التوراتية عن الملك سليمان والتي تذكر أنه امتلك مناجم أسطورية ساعدته على تجميع ثروة من الذهب تبلغ 500 طن، تعادل قيمتها الآن 3 تريليونات دولار، وقال إن تلك الرواية هي في الحقيقة "خرافية بالكامل".

ويؤمن بعض المتفائلين بأن ذلك الكنز الذهبي ما زال موجوداً، وأن عاصمة مُلك سليمان في فلسطين/إسرائيل ممتلئة بالمعادن الثمينة.

لكن الآن، يرى الخبير البريطاني في كتابه "Solomon, Pharaoh of Egypt-سليمان: فرعون مصر"، أنَّ المصدر الأسطوري وراء ثروة الملك سليمان لم يكن له وجودٌ قط. ويطرح أيضاً أنَّ سليمان لم يكن يوماً ملكاً لإسرائيل؛ بل إنَّه كان فرعوناً مصرياً صعيدياً "حُرِّفت قصته".

وفق تقرير صحيفة dailymail البريطانية يعتقد المؤلف والمؤرخ البريطاني رالف إليس أنَّ الملك سليمان كان في الحقيقة فرعوناً حكم مصر وفلسطين/إسرائيل أواخر القرن العاشر قبل الميلاد ويُدعى شيشنق.

وقال إليس إنَّ اكتشاف مناجم سليمان المفقودة "أمرٌ مُرجَّحٌ حدوثه بقدر احتمال أن تسبح في ينبوع الشباب"، وهو نبعٌ خرافي يعيد للشارب منه شبابه. وانخرط إليس في بحثٍ استمر 20 عاماً حول قصة سليمان، التي يرد ذكرها في العهد القديم بكتب أسفار الملوك، في محاولةٍ لإيجاد موقع المناجم الأسطورية.

لكنه قال إنَّ حكايات الثروات المهولة المدفونة تحت سطح الأرض هيَ على الأرجح "تحريفٌ فادح" للنصوص التاريخية. وقال إليس إنَّه ما زال هناك "شيءٌ من الحقيقة التاريخية" في قصة ثراء سليمان الفاحش، لكن على نحوٍ أقل عظمة. وتشير دراسته التي بدأت عام 1997 إلى أنَّ سليمان لم يكن مَلكاً ثرياً من ملوك إسرائيل؛ بل كان فرعوناً مصرياً قوياً ومثيراً للرهبة.

ويعتقد إليس أنَّ حكام الممالك المجاورة قد نهبوا المقابر الملكية الواقعة بوادي الملوك في مصر، وقدَّموا ما نهبوه لسليمان كـ"جزيةٍ"؛ لمنع تعرُّضهم للغزو. وقال المؤرخ، البالغ من العمر 54 عاماً، متحدثاً عن كتابه: "وفقاً لما ورد في الإنجيل، فإنَّ الملك سليمان كان فاحش الثراء".

وأضاف إليس: "لكنَّ الأجيال المتعاقبة من علماء اللاهوت والآثار قد مشَّطوا الأرض المقدسة بحثاً عن عاصمة الملك سليمان، وقلعته، وهيكله، وثروته، بلا أي نتيجة. ومن هنا نصل إلى هذه النقطة، حيث يجب علينا إما القبول بكون الرواية الإنجيلية خيالية تماماً، وإما أنَّنا قد نكون نبحث في الموقع الخطأ وعن الأغراض الخاطئة".

وقال أيضاً: "يطرح بحثي أنَّ هناك أساساً من الحقيقة وراء قصة سليمان وثرواته، لكنَّها خضعت لتعديلاتٍ مكثَّفة وعتَّمتها النصوص الإنجيلية. فقد وُجِدَت بالفعل سلالةٌ حاكمة إسرائيلية، لكنّ ملوكها لم يكونوا إسرائيليين ولم تكن عاصمتهم القدس".

وأضاف: "ليس هذا هو الاستنتاج الذي يريد العديد من علماء الآثار الإسرائيليين سماعه، لأسبابٍ سياسية وثقافية، لكن بخلاف التفسيرات التقليدية للقصة الإنجيلية، فإنَّ تلك الرواية منطقيةٌ في سياق الروايات الإنجيلية المُربِكة".

ويؤمن إليس بأنَّ حكايات الفراعنة كانت تُعتَبر "مرفوضة وغير مستحبَّة" من قِبل كَتَبة التوراة ممّن أتوا لاحقاً، وعليه عدَّلوا تاريخهم في سبيل خلق بطل "إسرائيلي نقي".

ويطرح إليس فكرة أنَّه في حال صواب نظريته، فإنَّ ثروات سليمان يمكن إيجادها بسهولة في المتحف المصري بالقاهرة، حيث يمكن رؤية العديد من الآثار العائدة لتلك الحقبة.

ووفقاً للعهد القديم، فقد حكم الملك سليمان مملكتي إسرائيل ويهوذا المتحدتين بين عامي 970 و931 قبل الميلاد، وجمع خلال تلك الفترة 500 طنٍ من الذهب الخالص. وقيل إن أكثر الذهب المذكور قد أتى من منطقة تُدعى "أوفير"، لكن الإنجيل لا يُعطي أي تفاصيل أكثر عنها ويظل موقعها المُحدَّد لغزاً حتى اللحظة.

وقد ألهمت رواية "مناجم الملك سليمان" لرايدر هاغارد، والمنشورة عام 1885، عدداً لا يُحصى من الحملات الاستكشافية في إفريقيا، والجزيرة العربية، وآسيا، لكن لم يُكتَشف حتى الآن أي دليلٍ مقبولٍ عالمياً على وجود أوفير.

واقترح إليس أنَّ الملك سليمان وأبوه داود كانا في الحقيقة الفرعونين بسوسنس الثاني آخر فراعنة الأسرة
الحادية والعشرين، وخليفته شيشنق الأول مؤسِّس الأسرة الثانية والعشرين. وقال: "توجد عدة خطوط متوازية تربط بين حياتي داود وسليمان من جهة، وبسوسنس وشيشنق من جهة أخرى. وحتى أسلاف وأفراد عائلة هاتين (الأسرتين الحاكمتين) يبدون متطابقين".

وقال أخيراً: "عندما نتقبَّل حقيقة أنَّ هؤلاء الملوك الإسرائيليين كانوا في الحقيقة فراعنة من صعيد مصر، يمكن عندئذٍ تفسير جميع الثغرات الموجودة بالروايات التوراتية بسهولة شديدة"