الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إكديم إزيك الثورة التي أسرت...دولت بيروكي
إكديم إزيك الثورة التي أسرت...دولت بيروكي

  حينما بدأت ثورات الربيع العربي كانت المصطلحات الحديثة تتكئ على مسميات سياسية ،تجرد الواقع من التاريخ،كالديمقراطية وفصل السلطات والإنتخابات،فتاريخ الفكر القديم لم يتعامل مع المشهد المعاصر في الكشف عن المناهج المتبعة فيه، لهذا فخطر الإسقاط الفكري شبيه بخطر الإرهاب الفكري،أي إقتلاع الفكرة من مفهومها ومحاولة إدراجها ضمن مفاهيم تخدم العدو.

ومن منطلق الثورة على الواقع قام إكديم إزيك،قامت فكرة الثورة على مبدأ فكري وتاريخي،فالشعارات المرفوعة أتاحت لهذه الثورة مكانتها،تغير كل شئ داخل الوطن المحتل،أرض شاسعة مليئة بالخيام ،خالية من المستوطنين،أشبه بفسحة حرية،في داخل الجغرافيا المحررة دولة منظمة،تقف على إقتصاد ذاتي،تتكون من مؤسسة تنظيمية،يقودها الشباب،فنجد فيها إنسجاما وتفاعلا بين أسس وركائز الدولة الكبرى.

أفرز هذا التنظيم اللاعشوائي للصحراويبن،رغبة ملحة في الإستقلال ذلك الوقت،وأظهر المجتمع المدني الصحراوي،بإعتباره قوة مركزية في إحداث التغيير الفكري والثقافي للقضية الوطنية،وتنشيط الإيديولوجية التحررية بين طبقات المجتمع وإن كان لفترة محددة. ربما الثورة الفكرية هي عمق الثورات،وهي معارضة الوجود ومحاولة سبر أعماقه ،لمعرفة المجهول،والسعي نحو قراءة الهوية والثقافة بناءا على الذات المعرفية للواقع وتحت سياق تاريخي،لذلك من هنا تبلورت دولة الفكرة.

فالدولة التي أسرت في إكديم إزيك،هي فكرة الثورة على الواقع إنطلاقا من الوعي التاريخي،وإدراكا للمعرفة الجلية بالوضع السياسي،نحو التحرر من القيود التي تكبل الإنسان الصحراوي ،فمن الحرية بإتجاه المعرفة،عملت الدولة في المخيم على فتح ٱفاق جديدة وتطلعات واسعة للشعب ،بل إستطاعت كذلك صرف القراءة التحررية للعقل الإنساني عن الإرتباط بالمكان أو الزمان ،لأنها حريته ستكون نسبية،تتقلص كلما إبتعد عن مسببتها،وتزداد كلما إنفتح على معارفها وطرائقها.

ولقد إستطاعت الأفكار اليائسة بعد المخيم،والمتبعثرة والمنساقة نحو تأويلات شخصية إلى خلق جمود وركود في المجتمع،لايهدف لإجراء تغيير وتحقيق الأهداف الموضوعة على عاتق كل فرد فينا واقعيا،بل ساهمت في قتلها وتحويل مسارها إلى أفكار دخيلة بغية إنتزاع العقل والوعي المدرك نحو الهدف الأمثل الذي من أجله قامت الدولة الصحراوية،وبالتالي فإن أكبر التحديات التي تواجه عقلاء وحاملي الأقلام في هذه المرحلة،هي قدرتهم على بناء فكر جديد على أنقاض الإيديولوجية الإنتهازية واللامعرفية التي عصفت بالقضية الوطنية في إتجاهات ذاتية،حتى نستطيع العودة إلى إعادة المعنى للهوية والتاريخ والثقافة الصحراوية الإنسانية في العالم.