الثلاثاء 7/10/1445 هـ الموافق 16/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الهجين....بدوي الدقادوسي
الهجين....بدوي الدقادوسي

لفظني الباص في ظلام مقبض وصمت موحش؛ الساعة لم تتجاوز العاشرة حتى يلف القرية هذا الصمت!

منذ أن تركني والدي للدراسة بالقاهرة وسافر واخوتي لمحل عمله بالخليج وانا أقوم بهذه الرحلة أول كل شهر نهارا، لا اعلم ماسر إصرار والدي هذه المرة أن أعطي جدتي وعماتي تلك الأمانة الليلة رافضا انتظار الصباح!

أصوات الكلاب وإحاطتها بي والطريق الخالي تماما إلا من رجل يجلس فوق ظهر خمار يسحب خلفه بقرتين؛ لايكاد يبين قدم تتدلى وطاقية فوق رأس صغيرة وكوفية حول رقبة أراها بصعوبة.

الشلة في وسط البلد زمنهم لسه بيظبطوا القعدة،، الدور على نورة الليلة هي اللي هتتولى التموين، أكيد هتزود الطلبية بمناسبة وصول الحوالة، الرجل الجالس فوق الحمار يبدو من بصيص النور الذي ينعكس عليه كل فترة أنه غفى، ماذا لوسحبت البقرتين من يده المرتخية وخرجت بهما من الطريق الترابي للقرية؟

لقد سرت فيه من قبل واعرف الطبيب البيطري الذي يشتري النطيحة والمتردية، ما كدت اسحب البقرتين حتى هب واقفا ممسكا برقبتي وماهي إلا دقائق وقد تحول الظلام لنور والصمت لضجيج، وأنا أصرخ بكل رعب وفزع :أنا ابن الأستاذ فلان؛ وكل ما فعلته هو اني كنت احتمي به من الكلاب.

جاءت جدتي سحبتني من يدي وهي تصيح :إنه ابن الغالي، كل واحد ياخد مراته وولاده ويدخل بيته، وحصل خير. ما إن دخلت دار جدتي أخرجت الأمانة، مددت يدي بها، قالت : ضعها تحت مخدتي ثم انصرفت وهي تقول :سأعد لك لقمة تأكلها، تذكرت الشلة التي بدأت السهرة، نهضت واقفا وانا ألح على الانصراف، مددت يدي بسرعة البرق "هبشت "مبلغا مما تحت الوسادة، كورته بجيبي، قالت جدتي : انت مصر تمشي دلوقت ياضنايا؟

قبلت يدها وانا أعتذر فلولا امتحان "الميد تيرم"لبيت معك، قبلتني مودعة، قبيل موقف السيارات استوقفتني مجموعة من الشباب، حاولت الهرب من بينهم، لم أشعر بنفسي إلا وانا على فراش أبي في بيت جدي وجيوبي خالية من الفلوس والجوال.