الأربعاء 8/10/1445 هـ الموافق 17/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
اللعبة إنتهت ... قصة قصيرة ...ناديه شكري
اللعبة إنتهت ... قصة قصيرة ...ناديه شكري

جلس المحامي المشهور كامل العشري البالغ من العمر أربعون عاما ً على مقعده فى شرفة البلكونة يوم الأجازة الإسبوعية كالعادة ليشرب قهوة الصباح وهو مرتدي نظارته و يتصفح جرائد اليوم ليطالع الأخبار والأحداث بكل شغف وما هى إلا دقائق معدودة حتى رن جرس المحمول... أنه عم رجب بواب العمارة التى يسكن بها ذلك الرجل الذي يبلغ من العمر سبعون عاماً فهو يجلس على مقعد متحرك بعد وفاة زوجته وليس لديه أبناء
المحامي : أهلاً عم رجب .. ماذا تريد ؟
عم رجب : أهلاً بك ... أريد أن ألعب معك
ضحك المحامي قائلاً : و ما هي اللعبة التى تريد أن تلعبها فى هذا العمر
عم رجب : أترى الشجرة الكبيرة الموجودة بجوار العمارة وفروعها ملاصقة لشرفة بلكونتك ..
المحامي : نعم أراها
عم رجب : ترى الحمام الواقف عليها..
المحامي : نعم
عم رجب . أريد أن أعرف كم عدد الحمام على الشجرة ؟
نظر المحامي للشجرة وقام بعد الحمام الموجود ثم قال : عددهم 32 حمامة
عم رجب : عظيم ... أريد منك أن تصطاد لي حمامتين من على الشجرة لأكلهما على الغذاء اليوم ..
رد المحامي وهو مندهشا ً ليس معي بندقية للصيد... ومع ذلك سأتصل بإحدى المطعام القريبة من المنزل ليحضروا لك طلبك والحساب معى ..
عم رجب : لا... أنا أريد منك أن تصطاد الحمام من على الشجرة فأنت محامي مشهور ولا تستعصى عليك قضية فكيف لا تعرف الصيد ... هذه هي اللعبة.. سأمهلك فرصة وسأتصل بك بعد نصف ساعة ..
جلس المحامي فى البلكونة يتأمل فى صمت منظر الحمام المتجمع على الشجرة ويفكر كيف يصطاد هذا الحمام ... ؟ ثم تذكر قصة كان قد قرأها منذ زمن بعيد عن الكلب الذكي الذي كان يحرس منزل فلاح به مخزن قمح وعندما كان يجوع يلجأ لحيلة طريفة وهى أن يأخذ بفمه قمح من الشوال وينثره على الأرض ثم يختبأ خلف باب المخزن وعندما يأتي الحمام ليأكل القمح ينقض عليه ويأكله ... وفي الحال ذهب المحامي إلى المطبخ وأحضر قمح ونثره على المائدة الموجودة فى البلكونة ثم إختبأ وعندما أتي الحمام ليأكل القمح تقدم بسرعة وأمسك حمامتين ونجحت الفكرة ثم طلب من زوجته أن تقوم بطهيها
ومرت النصف ساعة ... وإتصل عم رجب بالمحامي مرة أخرى
عم رجب : ماذا فعلت ... هل نفذت ما طلبته منك ؟
المحامي : نعم بالطبع .. وزوجتى الآن تقوم بطهي الحمام وبعد دقائق سأقدمه لك ثم شرح له الطريقة التى إصطاد بها الحمام...
ثم أخذ المحامي من زوجته صينية الحمام الساخن المحشوبالفريك ليقدمه لعم رجب البواب الذي فرح كثيراً بهذه الوجبة اللذيذة
فقال له المحامي : لقد نجحت محاولتي ... والآن اللعبة إنتهت .
عم رجب : لا بل .... لقد بدأت اللعبة
فمن شروط اللعبة أن لا تسخر مني وأن تهتم بتنفيذ طلبي وقد فعلت ذلك بجدارة... لهذا أنت المستحق الوحيد أن تأخذ كل صندوق الكنز الذى يحتوي على ثروتي من ذهب وأموال جمعتها طوال فترة عملى فأنا ليس لي وريث.
نظر له المحامي مندهشاً : أنت لديك كنز ... كيف ... و أين هذا الصندوق ؟
رد عم رجب قائلاً : أنت تعرف أن لي منزل قديم موجود فى حارة العسيلي بالدرب الأحمر أمام مقام الجابري .. هناك فى حوش المنزل بجوار الزير قمت بدفن كل ثروتي فى صندوق تحت الأرض .. خذ المفتاح وإحضر الصندوق ... لا تضيع الوقت ..
تردد المحامي قليلاً .. ثم أخذ المفتاح من عم رجب

ولكن ... عم رجب أخرج من جيبه ورقة بردي قديمة وقال للمحامي ... إحتفظ بها لأنه بدون هذه الورقة لن تعثر على الكنز
تعجب المحامي قائلا : ما هذه الورقة ؟
عم رجب : تعويذة .. فقد طلبت من ساحر سوداني أن يعملها لي حتى لا يصل أحد للكنز ... قم بقرائتها وستنفتح الأرض بدون أن تحفرها وخذ الصندوق فهو ملك لك ..
أخذ المحامي التعويذة ومفتاح المنزل ثم ركب سيارته متجهاً إلى الدرب الأحمر وهناك ترك السيارة فى إحدى الشوارع الجانبية وتمشى وسط الأزقة حتى وصل لحارة العسيلي وأقترب من المنزل القديم وأخرج المفتاح ليفتح الباب بكل سهولة وهو ينظر بكل تمعن فى حوش المنزل الكبير ليجد الزير موجود تماماً كما وصف له عم رجب ويقف أمامه ويقرأ التعويذة بكلماتها الغريبة والغير مفهومة ليجد فجأة الأرض تنفتح ويظهر الصندوق المصنوع من الحديد وهو غير مصدق ما يشاهده وكأنه بطل فى رواية ألف ليلة وليلة وما لبث أن أخذ الصندوق حتى إنغلقت الأرض في الحال ... خرج المحامي من المنزل وهو يحمل الصندوق علي يديه وظل يمشي حتى وصل لسيارته ووضعه بها ثم رجع إلى عم رجب ...
نظر عم رجب مندهشاً للصندوق وهو يلتقط أنفاسه قائلاً : أنه هو .. لقد صدأ قليلاً .. ثم نظر للمحامى ... مبروك عليك الصندوق.. قم بفتحه الآن ستجد كل أموالى وذهب أمي وزوجتي به ...
ولكن المحامي سأل عم رجب : أين مفتاح الصندوق ؟
قال عم رجب : فى ورقة التعويذة ... فبدونها لا يمكن أن تفتح الصندوق ولن يظهر الكنز وسيظل الصندوق فارغ ... إقرأها مرة أخرى وسيفتح الصندوق وستجد الخير كله ... ثم سأله ... أين التعويذة ؟
المحامي : وهو فى شدة القلق والإرتباك يقوم بتفتيش جيوبه ليخرج التعويذة ... لكن لم يجدها فذهب إلى السيارة وقام بالتفتيش عنها لكن لم يجد شئ ...
ظل المحامي يردد : أين التعويذة ... أين التعويذة .. !
وأخيراً ... لقد تذكر المحامي أنه من شدة سعادته بعد أن إنفتحت الأرض وعثر على الكنز أنه ألقى بورقة التعويذة فى الأرض وأهتم بأخذ صندوق الكنز وبمجرد أن أخذه أغلقت الأرض على ورقة التعويذة .... وخسر المحامي الكنز .. وإنتهت اللعبة ... تمت.