الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إنهم يسرقون الجــَمال !! - عبد الهادي شلا
إنهم يسرقون الجــَمال !! - عبد الهادي شلا

  لم تحظ لوحة في عالم الفن  بالنقد والكتابة عنها بالتحليل و البحث مثلما حظيت لوحة "الموناليزا" أو كما يطلق عليها البعض إسم"الجوكندا"، التي رسمها العبقري الإيطالي الفنان "ليوناردو دافنشي" بين عامي 1503-1510 م،والتي تبلغ قياساتها 53x77 سم ، الذي لم يكن فنانا فقط بل كان مهندسا وعالم نبات وخرائط وجيولوجيا وموسيقيا ونحاتا ومعماريا وعالما إيطاليا مشهورا.

 

 يعتقد الأكثرية بأن المرأة في هذه اللوحة هي " ليزا جيرارديني" Lisa Gherardini,، من مواليد عام 1479، وزوجة فرانشيسكو بارتولوميو ديل موناليزا Francesco Bartolomeo del Giocondo  ،ومن هنا جاء اسم "الموناليزا".

ما أهمية هذه اللوحة فنيا؟ يرى البعض أن إبتسامتها تعبر عن حزن شديد،ويرى أخرون أن هذه الإيتسامة هي إبتسامة والدة دفنشي نفسه وأنه أحضر مُهـَرِّجـًا يقوم بأعمال بهلوانية أمامها حتى تحافظ على هذه الإبتسامة..وأقاويل كثيرة لم يتأكد الكثير منها.

لما نكتب عنها بإيجاز رغم شهرتها التي فاق كل حديث عن أي لوحة منذ عصرها؟

تستقر اللوحة،الآن في متحف "اللوفر" الفرنسي بعد عدة محاولات لسرقتها كان أخرها عام 1911 وبيعت في إيطاليا ثم إستردتها فرنسا بعد محاولا مضنية كادت تودي بقطع العلاقات بين البلدين.وليس هي اللوحة الوحيدة التي تم سرقتها من متحف بل هناك الكثير من اللوحات لفنانين عظام بعضها تم استعادته وبعضها لم يتم حتى الآن.

نكتب عنها  وعن غيرها كمثال عما يجري بعيدا عن سمع وأعين الغير متابعين ولهم إهتمامات بسيطة بالفنون التشكيلية ولكنه هام جدا عند الفنانين أصحاب الشأن وللذائقة أيضا.

نسمع عن كثير من التجاوزات بحق الفن التشكيلي الرفيع من كثير من أدعياء الفن الذين وجدوا مساحات متعددة الأشكال كي يفردوا أجنحتهم لتسويق أعمال هابطة تحت مسميات عدة،أقلها مسمى التجديد،الفقير في جديته مما يفسد جمال الفن والذائقة الفنية لدى المتلقي.

 

ولأننا نسمع عن كثير من سرقة أفكار الفنانين الكبار ونقل لوحاتهم وتسويقها بإسم "السارق"،إذا لربما كانت تشكل ظاهرة يشتكي منها عدد غير قليل من الفنانين التشكيليين.

لا يمكننا تصور النتائج الناجمة حين يجد فنانا وقد عرضت إحدى لوحاته المُقـَلـَّدة بدقة في معرض تحت إسم فنان أخر.

إنه أمر يفتح الباب على قضية أخلاقية قد لا يتحمل ذلك الفنان دون أن يتخذ فعلا عكس كل التوقعات إن لم يتماسك نفسه ويرفع الأمر للقضاء.

 

الأعمال الفنية التي تحمل مقومات البقاء في عالم الخلود هي تلك  التي يسهر عليها الفنان ويرعى تطورها مع كل لمسة فرشاة ولون وبهدف فني وفلسفة تقود إلى سمو الذائقة وتسجيل مواصفات مرحلة زمنية لتبقى إرثا خالدا يرجع له كل من أراد البحث والتَعـَلُّم، وليست الأعمال المُقــَلـَّدة أو المنسوبة لغير صاحبها.

لذلك يطالب الفنانون بقوانين لحماية الخصوصية الإبداعية كما يطالب معهم كل المبدعين خاصة أن العالم وقد أصبح قرية صغيرة بات من السهل السطو على كل ما يمكن الوصول إليه عبر إستخدام التقنيات الحديثة ووسائلها المتعددة التي يمكن إختراقها من قبل المتخصصين والعارفين بأسرارها ولديهم برامج تقنية عالية في تحقيق غرضهم.