الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
التاريخ يكتبه الأقوى ..! .....عبد الهادي شلا
التاريخ يكتبه الأقوى ..! .....عبد الهادي شلا

 

 التاريخ .. بتعريف مختصر هو صفحات النشاط البشري وحافظ أمين للأحداث الهامة بكل صورها إن تمت كتابته بحيادية دون تدخل بشري قوي وجبار بغرض خلط أحداثه وتفصيلها بما يناسبه و يملي هذا التغيير.

هو الصندوق الذي تفتحه الشعوب في فترات الإنحطاط والإنحراف بحثا عن القيم  تحاول أن تبعث فيها الروح وهي تتعرف على أمجاد الأوائل .

يكون هذا الموروث الذي حفظه التاريخ في وثائق وجداريات وألواح وشواهد حافزا لبعض الأمم ،ومنها من يبقى مخدرا بوهم العظمة يمجده  وينام على ذكره دون أن يبعث فيه فعلا مؤثرا في حاضره متقاعسا في إتكال على ما تَمـُن به عليه الأمم الأخرى من إبداع ، متقوقع لا يرى سوى سراب مجد ساد ثم باد في حالة يصعب إصلاحها ومن حوله حياة حاضر متسارعة يكتبها للتاريخ من هو أصلح وأقوى تأثيرا فيها.

أمة تستحق الشفقة والرثاء هي التي تُكثر التباهي بموروثها دون أن تضيف إليه وتجدد عطائها بمواكبة زمانها ،ولا يمكن أن تقوم لها قائمة إن لم تأت بفعل وعمل تزاحم به الأمم االعظيمة في صفحات التاريخ التي يستقبل فيها ما يستحق أن يضيف للبشرية ما يسعدها ويحقق لها السلام والمنفعة ليكون إرثا تضيفه لأمجادها الإنسانية.

من الأرض العربية إنبعثت أولى الحضارات الإنسانية التي سجلها التاريخ في أنصع صفحاته لسنين طويلة حتى إمتلأت صفحاته بما يجعلنا فخورين بهذا الإرث العظيم الذي مازالت آثارة قائمة للعيان.

الذي يبعث على التساؤل هنا..هو أن بعض الشعوب تُغالي في التباهي بتاريخها وهذا حقها لكنها لا تبذل الجهد المطلوب كي تعيد له المجد فتخبطت لسنوات طويلة لا تقيم وزنا للزمن المتسارع بكل إبداعاته التقنية والإنسانية والإستعداد لمواجهة القادم رغم وجود الإمكانيات البشرية والمادية الضخمة.

فترة من تاريخنا تم فيه إقصاء الإبداع الخلاق وحجب بعضه في مجالات الحياة الأمر الذي نتج عنه عجز في التواصل مع مجريات الحياة التي إستفاد منها الأخرون في بقاع الأرض و مازالوا يفعلون بل ويؤكدون أنهم أسسوا حضاراتهم و بنوا على ما وصلهم من حضارتنا في وقت كانوا يعيشون في ظلمة جهل تخلصوا منه حين وضعوا أيديهم على سـُبل التوافق بين الحياة ومتطلباتها في التنمية والتقدم بحرية كاملة لا تعرف الحواجز.

العقبات كثيرة ومتراكمة يصعب حصرها لأننا ورثنا كما هائلا من الجفاء والتباعد في الرؤية السليمة التي تقاسمها بعض من إحتكرها وأعاد إملائها بشكل أصاب جوهر الحياة والإنسان العربي في الصميم فخرجت علينا ظواهرغريبة منافية لطبيعة هذه الأرض التي ترعرت عليها أعظم الحضارت والرسالات السماوية وأكثرها رسوخا في ضمير الإنسانية بتعدد نماذخا وفترات إزدهارها.

رغم هذا،لم يتوقف أصحاب الهمم العالية من أبناء الأمة عن التنبيه إلى حالة الشطط والتشرذم التي أصابت الجميع و لم تستثني أحدا.

يؤكدون ومازالوا على ضرورة أن يكون لنا موضع قدم ويد طولى في فهم القيم السامية وما يحيط بالوطن من مناكفات ومكائد لم تعد خافية على أحد وسط ضجيج وصخب ولغط قائم.

إذا كان البعض يظن أننا واكبنا العصر بما مـَنَ علينا به الأخرون من مستحدثات العلم ومشتقاته فلا شك أنه غافل.

كتابة تاريخ ناصع تتباهى به الأجيال القادمة يحتاج أن يكون طعامنا من زرع أيدينا ،ولباسنا من غزلنا وأن يكون إنتاجنا يكفي ويفيض عنا.

هذا ما قامت عليها الحضارات القديمة التي يذكرها لنا التاريخ في طيات صفحاته الناصعة ويمجدها أصحابها.