الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
صابر حجازي يحاورالكاتب والمترجم والاكاديمي المصري د. جمال الجزيري
 صابر حجازي يحاورالكاتب والمترجم والاكاديمي المصري د. جمال الجزيري

 في إطار سلسلة اللقاءات التي أقوم بها  بقصد اتاحة الفرصة امام المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام والذين قد يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافيةعبر انحاء الوطن العربي الكبير،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم من اجل اتاحة الفرص امامهم للتعبيرعن ذواتهم ومشوارهم الشخصي في مجال الابداع والكتابة ويتيح للجميع التعرف عليهم من قرب والتواصل معهم مستقبلا  

ويأتي هذا اللقاء رقم ( 66 )  ضمن نفس المسار
وفي ما يلي نص الحوار

س1 :- كيف تقدم نفسك للقارئ ؟
أنا جمال محمد عبد الرؤوف محمد الجزيري، من جهينة بمحافظة سوهاج، وأقيم بشكل دائم في الجيزة، وحاليا مقيم خارج مصر. أديب وناقد ومترجم ودكتور جامعي في تخصص الأدب الإنجليزي، وناشر إلكتروني. أحاول أن أقدِّم شيئا ذا قيمة وجدَّة وديمومة للقارئ العربي ولثقافتنا العربية

س2 :- إنتاجك الادبي : نبذة عنه؟
أكتب القصة بجميع أنواعها (القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والومضة القصصية) والشعر والرواية والنقد الأدبي وأحيانا المسرحية

س 3\ كيف كانت البداية؟ ومن وقف بجانبك مشجعا؟ وما تأثير ذلك على حياتك الأدبية؟
كانت بداياتي في مطلع التسعينات من القرن الماضي في بداية التحاقي بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، جامعة سوهاج (جامعة أسيوط ثم جامعة جنوب الوادي آنذاك)، فلقد كان الجو العام في الجامعة آنذاك مشجِّعًا على الكتابة، ليس من خلال الدراسة الرسمية، ولكن من خلال نادي الأدب بالجامعة في سوهاج، فلقد كان ناديا يديره الطلاب الموهوبون، وكان لطلاب قسم اللغة الإنجليزية آنذاك نصيب فيه، من خلال طلاب يكتبون القصة والشعر والمسرح آنذاك مثلي ومثل نجاح عبد النور وإيهاب عباس دردير، ومن أقسام أخرى مثل قسم الصحافة من قبيل أحمد عبد الحكم وسراج وصفي. وكنا نلتقي أسبوعيا في النادي لمناقشة أعمالنا وإبداء أية ملاحظات عليها، كما كنا نلتقي بشكل شبه يومي على مقاهي سوهاج لنتناقش بالتفصيل في أعمالنا وفي القضايا الأدبية. كما كانت الجامعة تقيم مسابقات أدبية للطلاب بشكل منتظم سنويا. وبالطبع كان لذلك تأثير كبير عليّ وعلى غيري، فكانت تجمعنا علاقة ود وصداقة تسمح لكل منا بأن يناقش النصوص الأدبية لغيره بحرية واستفاضة دون حرج أو مجاملات، لأن كل منا كان يدرك أن النقد الموجه لنصوصه يصب في صالحه، وربما كان ذلك سببا في تميز كل منا عن الآخر في الأسلوب والرؤية. ونشرنا أول كتاب جماعي لنا بعنوان "نصوص عشرينية" في الجامعة آنذاك، كما كنا ننشر نصوصنا في الصحف التي كان قسم الصحافة في كلية الآداب يصدرها. ومن منظور استرجاعي الآن، يمكنني أن أقول إنني نشرت أول ومضات قصصية لي في هذه الصحف آنذاك، في عام 1993 أو 1994 تقريبا، ونشرت أول قصة قصيرة لي في كتاب "نصوص عشرينية" في عام 1995. وكنا نشجع بعضنا البعض بعيدا عن أي تشجيع رسمي. 

س4:- أنت عضو في العديد من المنتديات الثقافية والأدبية ولك موقع خاص باسمك- فهل استطاعت الشبكة العنكبوتية تقديم الانتشار والتواصل المستهدف  وصنع علاقة بين الاديب والمتلقي؟
لا أستطيع أن أنكر فضل المجموعات والمنتديات وصفحتي الشخصية على الفيسبوك، ومن قبل الفيسبوك المنتديات الأدبية العامة، في تحقيق قدر من الانتشار والرواج لأعمالي وأعمال غيري من الكتّاب، بالرغم من العيوب الكثيرة والضجة المُرْهِقَةِ والمشوِّشَة التي يخلقها الفيسبوك. وبالرغم من أنني بدأت في نشر كتب ورقية كاملة لي منذ عام 2001 بمجموعتي فتافيت الصورة التي تحتوي على قصص قصيرة جدا وومضات قصصية، وتتالت كتبي الورقية حتى الآن، لم يحدث انتشار فعلي إلا بعد أن رفعتُ كتبي الورقية على مواقع التحميل المختلفة وإتاحة روابط تحميلها بالمجان لرواد المواقع والصفحات والمجموعات والمنتديات، ففي فضاء الشبكة العنكبوتية أنت متحرر من قيود الزمان والمكان، بمعنى أنك عندما تنشر كتابا ورقيا ستصل إلى عدد محدود من القراء لأن توزيع الكتاب محكوم بقيود معينة، كالقيود الجغرافية التي تحد من انتشار الكتاب خارج البلد التي نشر فيها، وقيود استغلال شركات ودور التوزيع للناشر ذاته. أما في نطاق الشبكة العنكبوتية فيمكنك الوصول لأي قاري في أي مكان، كما يمكنك إقامة علاقات مع الكثيرين من القراء في مختلف البلدان، ويمكن لأي أحد أن يراسلك ليطلب منك كتبك، فترسل له روابط تحميلها. 
وبعيدًا عن الكتب الكاملة، هناك المجموعات الفيسبوكية المتخصصة في أنواع محددة من الأدب كالومضة القصصية والقصة القصيرة جدا وقصيدة الهايكو والومضة الشعرية. وأركز هنا على أنواع النصوص القصيرة الحجم، لأن المجموعات والمنتديات الثقافية ترتبط بعصرنا الحالي الذي يتميز بالسرعة الهائلة وبالتالي يميل إلى تفضيل أنواع محددة من النصوص تناسب سرعته. وفي هذه المجموعات حدثت الاستفادة والإفادة على مستويين: مستوى عرض نصوصي على شرائح مختلفة من القراء في هذه المجموعات والمنتديات والاطلاع أيضا على ما يكتبه أعضاء هذه المجموعات والمنتديات، والاطلاع هنا مفيد جدا لأنه يجعلك تدرك موقفك وموقعك بين الكتّاب وما إذا كنتَ تسبق أحدًا بخطوة أم تحتاج إلى أن تخطو خطوة ما لتواكب المستجدات. كما أنني ساهمت بدوري كناقد في بلورة وتأكيد بعض المفاهيم الأساسية الخاصة بالومضة القصصية وقصيدة الهايكو على سبيل المثال، فكتبتُ مقالات كثيرة حول هذين النوعين، في محاولة مني للتأصيل لهما والتأكيد على بعض المبادئ التي لا يمكن إغفالها عند الدخول في مضمار هذين النوعين، ولا أتحدث هنا عن قواعد أو قوانين، ففي الأدب لا توجد قواعد ولا قوانين، وإنما توجد أعراف أدبية متغيرة بتغير العصر وتغير الذائقة وتغير الجمهور والمستجدات التي تحدث على جميع المستويات في حياتنا اليومية قبل حياتنا الأدبية. 
وهناك نوع آخر من الانتشار الذي تحقق عن طريق الشبكة العنكبوتية، ألا وهو الانتشار لدى الباحثين الشباب، سواء أكان في شكل أبحاث أم كتب مستقلة أم في شكل رسائل علمية أكاديمية، فنظرا لتوفر كتبي على سبيل المثال على الشبكة العنكبوتية ونظرا للعدد الكبير من أصدقائي وصديقاتي على الفيسبوك الذين أعتز بهم وبهن كثيرا، صار من السهل على الباحث أن يعثر على المصادر التي يقوم بدراستها، وصار من السهل على الباحث أن يتواصل مع الكاتب مباشرة ليتناقش معه في الكثير من جوانب كتاباته، فعلى سبيل المثال قام الباحث المغربي الأستاذ الدكتور عبد الجليل غزاله بكتابة كتاب كامل عني نشر في دار كتابات جديدة بعنوان العتبات الأدبية والتقنيات السردية عند جمال الجزيري"، وكتبت الباحثة الجزائرية إيمان مليكي دراسة عني بعنوان "توظيف التقنيات السينمائية في القصة القصيرة جدا: مجموعة (فتافيت الصورة) لـ "جمال الجزيري"، وكتب الباحث الإيراني حميد قرباني دراسة ماجستير عني بعنوان "خصائص القصة القصيرة جدا في مجموعة اشتعال الأسئلة الخضراء لجمال الجزيري"، وهناك دراسات أخرى عني قيد الإعداد لباحثين من الهند (الومضة القصصية) ومن العراق والجزائر (قصيدة الهايكو) ومن تركيا (القصة القصيرة جدا). وهناك دراسات كتبت عني على الانترنت والمجلات الإلكترونية بأقلام الكثيرين من الكتاب مثل مجمود الرجبي وعبد الجواد خفاجي وبهاء مزيد ونجيب طلال وهيفاء حماد وهيفاء حمودة وبسّام جميدة وإيهاب عباس ويوسف الكميتي وعلاء الجابري، وقبل ذلك دراسات نشرت عني في كتب مؤتمرات وفي بعض كتبي المنشورة ورقيا بأقلام بهاء مزيد ومدحت صفوت محفوظ ومحمود الضبع وعبد الجواد خفاجي وعلاء جانب وأحمد إبراهيم الشريف، وأتمنى ألا أكون قد نسيتُ أحدًا وأتوجه لهم ولهن جميعا بالشكر والتقدير. 
وهناك جانب آخر أو ميزة أخرى للإنترنت، وتتمثل في وجود حوار مثل حواري معك الآن بشكل دائم ويكون متاحا للقارئ أو الباحث في أي وقت، ومن خلاله يمكن أن يتحمس القارئ أو الباحث لقراءة أعمال الكاتب الذي يتم إجراء الحوار معه. وهنا قد يلعب المحاوِر دورا يعوّض غياب دور الناقد أحيانا.
وللتواصل :-
https://www.facebook.com/gamal.elgezeery?lst=100002514288705%3A100001272199628%3A1520618688
و
https://www.facebook.com/groups/Ketabat.Jadidah.Ebook.Publishers/
و
https://hemartakalarja.blogspot.com.eg/


س 5 \ لقد حصلت على عدد من الجوائز حدثنا عنها؟ وما رأيك بحقيقة الجوائز الأدبية في العالم العربي؟
بداية مشواري مع الجوائز كانت في النصف الأول من تسعينات القرن العشرين حيث حصلتُ على بعض الجوائز في مجال القصة من جامعة سوهاج حاليا، وحصلتُ على جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر مرتين: مرة في مجال القصة القصيرة عام 1997 ومرة في مجال النقد الأدبي عام 2000. كما نوهت لجنة تحكيم جائزة دبي الثقافية في دورتها السادسة عام 2009 بمجموعة قصصية لي، وحصلت على جائزة عبد الغفار مكاوي للقصة القصيرة ضمن جوائز اتحاد الكتاب (مصر) 2010، عن المجموعة القصصية غلق المعابر. وكذلك على وسام التميُّز من الدرجة الأولى في القصة القصيرة في العالم العربي لعام 2010 عن المجلس العالمي للصحافة عن قصة بعنوان "الرئيس الجديد". وحصلتُ على جائزة الدكتور زكريا الملكاوي في الشعر عن قصيدة بعنوان "امتلاء"، أبريل 2011. وحصلتُ على جائزة منف للرواية العربية الإلكترونية عن رواية بعنوان "بعد الطوفان"، 2017. 
أما بالنسبة لحقيقة أو واقع الجوائز العربية في العالم العربي، فكل جائزة لها ملابساتها وتوجهاتها الخاصة، شأنها شأن أي شيء في عالمنا العربي، فلا يوجد الفكر المؤسسي المحايد أو المنفتح على التجديد، فقد تجد جائزة ما تحركها دوافع سياسية أو إقليمية، وقد تجد جائزة متخلفة عن حالة الإبداع والنقد في عالمنا العربي بعشرات السنوات، وقد تجد جائزة تحاول أن تكون موضوعية وقد تنجح في ذلك، وجائزة تحاول أن تكون موضوعية ولكن العدد الكبير من الأعمال المقدمة لها يمنعها من ذلك. لكن بوجه عام، الوضع محبط، وخاصةً للكتّاب الذين يسعون للتجديد أو لديهم رؤية فنية وأدبية خاصة قد تسبق عصرهم، فنادرا ما يجدون التقدير. 
ويمكننا أن نصنف الجوائز إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى تهتم فقط بتقييم الأفكار الواردة في النص الأدبي بغض النظر عن الأسلوب أو القيمة الأدبية، وكأن هذه الأفكار يمكن فصلها أو اقتطاعها من نسيج العمل الأدبي! وهي فئة تكون ذات طابع أخلاقي في الغالب. أما الفئة الثانية، فهي تهتم بالأسماء الكبيرة بصرف النظر عن قيمة أو إسهام أعمال هؤلاء "الكبار". أما الفئة الثالثة، فتهتم بالبلاغة، وفهمها للبلاغة فهم كلاسيكي لم يعد مناسبا لعصرنا الحالي، فكلّما تقعَّر الكاتب وعاش في ثوب أسلافه صار عظيما ويستحق الجائزة. ذات مرة قادني حظي العاثر إلى قراءة رواية يهلل لها النقاد والكتّاب "الكبار"، وعندما بدأتُ في قراءة الرواية وجدت أنها تُصنَّف على أنها "رواية أصوات"؛ فاستبشرتُ كثيرا لأنني أحب هذا النوع من الروايات الذي يقدم الواقع المتخيَّل من منظور نسبي. ولكنني وجدتُ أن الكاتب لا يستطيع الفصل بين الراوي وبين شخصيته هو ككاتب، بمعنى أنه بدلا من أن يترك كل شخصية تتحدث بلسانها وتقدم التجربة الروائية من وجهة نظرها الخاصة، كما هي عادة روايات الأصوات مثل رواية "يوم قتل الزعيم" لنجيب محفوظ، يقوم الكاتب بفرض صوته على كل شخصية ويمارس استبدادًا كاملا على جميع الشخصيات، فهذه الشخصيات تتكلم بلسانها الخاص اسميًّا فقط، لكن اللغة التي تستخدمها لا تناسبها بأي شكل من الأشكال، ومن هنا تحولت الأصوات المتعددة إلى صوت وحيد مستبد هو صوت المؤلف ذاته، مع أن المؤلف في مثل هذه الروايات وفي الروايات عموما ليس له صوت إلا في إطار الإخراج السردي أو الفني للرواية، وفي إطار الرؤية الإجمالية التي تفوق مجموع الأجزاء. ومع ذلك أكملتُ الرواية حتى نهايتها كي لا أظلم ذلك الكاتب، وكي أستفيد لاحقا من الرواية في كتابة دراسة عن رواية الأصوات. وهذا الاستبداد يسري على اللجنة التي تقوم بتصعيد مثل هذه الروايات في قائمة الجائزة. 
هناك مشكلة كبرى في معظم الجوائز الأدبية، ألا وهي أن معظمها تطلب المشاركة بكتاب مطبوع، وليس مخطوطًا، وهو الأمر الذي قد يدفع الكاتب لأن يتورَّط مع ناشر يجعله يتحمّل كل تكاليف الطباعة وقد ينصّ في العقد – هذا إن وقَّع عقدًا مع الكاتب – على أن يتقاسم الجائزة معه في حال فوزه. لماذا لا تقوم المؤسسات المانحة للجوائز بقبول مخطوطات الكتّاب وعند الفوز تقوم بنشر الأعمال المتميزة التي فازت، وبالتالي تساهم في إنشاء مكتبة عربية متميزة وتحمي الكتّاب من استغلال الناشرين لهم؟ ومن هذا المنظور، يبدو أن الدور الرئيسي للمؤسسات المانحة للجوائز لا يتمثل في تشجيع الكتّاب أو إحداث حركة أدبية نشطة، وإنما في تلميع الناشرين!!!!!
أذكرُ ذات مرة أنني أردت التقديم في إحدى الجوائز المصرية، وكانت عن القصة القصيرة جدا في حدود سطرين أو ما يعرف باسم الومضة القصصية، وكنتُ أجهّز مجموعتي القصصية للنشر الورقي تمهيدا للتقدم للجائزة، وفوجئتُ بأحد الذين أثق فيهم يقول لي إن القائمين عن الجائزة ينوون منحها في ذلك العام للكاتب الفلاني!!! هل هناك فساد أكثر من ذلك؟! ومثل هذه التربيطات منتشرة في الكثير من الجوائز...

س 6 \ كتبتَ الشعر والرواية والقصة القصيرة والقصيرة جدا والومضة القصصية والبحث والنقد الأدبي والترجمة، أيا من هذه الفنون أكثر قربا منك؟ وأقرب إلى تمثيلك؟ ولماذا؟
كلهم أبنائي، حسب التعبير الشائع. مشكلتي أن موهبتي في الكتابة متشعِّبة بشكل مستفز ومُرهق جدا. ومن وجهة نظري، كل نوع له دوره الذي لا يمكن لنوع آخر أن يقوم به، سواء أكان ذلك على مستوى الكتابة أم على مستوى القراءة. الكتابة بالنسبة لي حائط صد ضد الجنون وضد الكفر بكل شيء في مجتمعات مثل مجتمعاتنا. أؤمن بالقيمة والأصالة والتجديد والبصمة الفردية وضرورة أن يقوم كل منا، في أي مجال من مجالات الحياة ومنها الكتابة، بالدور الذي وهبه الله إياه، أو يزعم الفرد أنه يقوم به. وعندما تنظر حولك في كل المجالات وتجد أننا "رجال جُوف" خاوون بتعبير ت. س. إليوت، حتى لو كانت رؤية إليوت الشعرية تم تجاوزها منذ زمن طويل، قد تجد في الكتابة حصن الأمان وحضنه.
النصوص القصيرة جدا بوجه عام والشعر هم الأكثر حضورا في حياتي ككاتب، بمعنى أنهم يلازمونني على الدوام في عصرنا اللاهث هذا، لأنك يمكنك من خلالهم أن تقتنص في وقت قصير لحظة فنية أو حالة إنسانية أو شذرة من شذرات الحياة المتلاطمة والمترامية. وتحضر القصة القصيرة والرواية والمسرحية في حياتي على فترات متفاوتة، لأنهم يجسّدون رؤية فنية أكبر وتحتاج إلى الاختمار والتبلور لفترة أطول بكثير. فلو كان النص القصير جدا يحتاج إلى رافد حياتي واحد أو نبضة أو دفقة واحدة، فإن النصوص الأطول تحتاج إلى عشرات وربما مئات وآلاف الروافد، فقد تبدأ في كتابة رواية ولا تكملها إلا بعد سنوات، ليس فقط لأنك ليس لديك الوقت – ومشكلة الوقت تؤرقنا جميعا، ولكنني لدي الحل للتغلب عليها – وإنما لأن الرواية هي التي تكمل نفسها بالطريقة التي تريدها هي، لا أن يريدها الكاتب، بمعنى أنك قد تبدأ في الكتابة بناء على خاطر أو لحظة نور تبرق في مخيلتك وتمسك بتلابيب هذه اللحظة، ولكنها بعد أن تقطع فيها شوطا ما تقول لك: "توقف هنا، فأنا لستُ مهيَّأة لك الآن. دعني وشأني إلى أن ألتقيك في وقت لاحق لا أعرف موعده". وهذا يسري عليّ بوجه خاص في كتابة الرواية، لأنني لا أقدّم في رواياتي حدوتة جاهزة أو حدثا تقليديا يمكنك تلخيصه في صفحة أو صفحتين، فالحدث هو الأسلوب ذاته الذي ينفذ إلى روح الحدث ويسرد من البرزخ الواقع فيما وراء كل الأوقات والأزمنة والأماكن، فيما يعرف بما وراء الوقت، أي الوقت أو الزمن الجامع لكل الأزمنة الذي لا توجد له تجليات مباشرة يمكن معاينتها بالحواس، وإنما هو زمن برزخي، فسيح وغير حاسم ومُربِك في نفس الوقت، ويحتاج إلى مجهود جبار ويستنفد طاقات الراوي النفسية والروحية وحتى البدنية، كما أنه مخيف، لأنه يكشف لك عن أشياء قد تكون محبطة برغم الإشراق الذي تتمسك به. 
أتغلب على مشكلة الوقت المتاح للكتابة بوجه عام من خلال عدم الكتابة، والكتابة هنا بالمعنى التقليدي: الكتابة على الورق أو الكتابة على ملف على الكمبيوتر. فألجأ إلى وسيط آخر غير وسيط الكتابة، ألا وهو الملفات الصوتية، فأقوم أولا بتسجيل نصوصي الأدبية على جهاز التسجيل بهاتفي الذي يلازمني على الدوام، فقد أسجّل نصًّا في الشارع أو في مكان العمل. وقد أكتبه في ملف على الهاتف أيضا عندما أكون على مقهى أو في وسيلة مواصلات كي لا ينظر لي أحد على أنني مجنون بالمعنى السيء للجنون. فعملية الإبداع في حد ذاتها نوع من الجنون الإيجابي. وفي الغالب، أقوم بالتسجيل على هاتفي قبل النوم في معظم الأحوال أو أثناء النوم (توقظني رؤية أو رؤيا في منامي وتدفعني لتسجيلها) أو عند الاستيقاظ (أحاول الإمساك بخيوط نص تشكّل في منامي). وذلك يسري على جميع أنواع النصوص، ويجعلك تنصت لروح النص ذاته بعيدا عن أي تشويش خارجي، ففي الغالب أكون مغمض العينين أثناء التسجيل. ويفيد ذلك في الرواية بوجه خاص، لأنه يجعلك تتحرر من كل قيودك الزمانية والمكانية وتتبَّع الشخصيات وفقا لمنطقها الخاص ووفقا لمقومات وجودها، وكأنك ترى بعين خيالك ما تفعله كل شخصية. وأميل بوجه عام لتقديم الحدث من منظور إحدى الشخصيات بحيث يتم نقل كل شيء من منظور هذه الشخصية وبلسانها، أي بضمير المتكلم، بحيث لا يقدّم النصُّ حقيقةً مطلقةً وإنما رؤية نسبية للواقع الموجود في فضاء العالَم المتخيَّل، وهو عالَم يكون في الغالب موازيا لواقعنا المُعاش وينقل صورة غير مباشرة له، صورة أكثر عمقا وتركيزا واستشرافًا. وأستمرُّ في التسجيل حسبما تفرض الرواية نفسها، وبعد ذلك أفرِّغُ الملفات الصوتية في ملف على الكمبيوتر عندما أجد وقتا متاحًا لي. 

س 7 \ ما هي مشاكل الكاتب العربي؟ وما هي العراقيل التي تواجهه في نشر كتاباته والتواصل مع القارئ؟ 
أحرث بحروفي في البحر
وكأن الحراثة وصول
وكأن البحر وطن!!
*
أنظرُ لكتابتي بفرحٍ وأسى
الطريق طويلٌ
والقنَّاصة بامتداده على الجانبين!!
*
ها أنا أقرأ كتابيه!
ما الذي جاء بجيبي إلى هنا؟!
كيف يكون الحصادُ دَيْنًا؟!!
*
ادفعْ بالتي هي أحسن.
ما أنا بدافع.
وما أنا بقارئ ولا ناشر.
ربما كانت هذه القصائد التي تمثِّل جزءًا من متتالية هايكو كتبتُها وأنا أتأمَّل سؤالَك إجابةً على جزء من السؤال. الكاتب العربي الأصيل الذي يحترم قلمَه وقارئه ولغته ويتطلع للمستقبل كاتبٌ ينزف على الدوام، لا لعيبٍ فيه، وإنما لمجموعة من العوامل المتشابكة. فعلى مستوى المؤسسة الأدبية، هو كاتب غير مرغوب فيه لأنه مزعِج ولأنه صاحب مبدأ ولأنه لا ينظر للأمور إلا وفقا لروحها. المؤسسة بوجه عام تدور في فلك الأضواء والبريق والمهرجانات الخاوية الخالية من الروح، والكاتب الذي وصفه أستاذنا شكري عياد رحمه الله بـ "الكاتب الخروجي" لا يمكنه أن ينسجم مع هذا الخواء. والمؤسسة التي تقوم بدور الناشر تتعامل معك على أنها تتصدَّق عليك عندما تنشر لك كتابا، هذا إذا نشرتْه، لأنك لا بد أن تكون كاتب "غِلِس" وتلحُّ على القائمين على النشر في المؤسسة على الدوام. ومن دون ذلك، قد يظل مخطوط كتابك حبيس الأدراج لسنوات طويلة وقد يُنشر وقد لا ينشر في النهاية. وحتى في حالة نشره، سيكون بعد هذا الوقت الطويل غير ممثل لك ككاتب في زمن نشره، لأنك ستكون في الغالب قد تجاوزت هذا الطور من أطوار مسيرتك الإبداعية. كما أن تاريخ النشر يؤخذ به للتأريخ لظهور الأنواع والأساليب الجديدة في الكتابة. ومع أنك قد تكون سابقا لغيرك بكثير سيقول تاريخ نشر كتابك إنك تابع لهم!!!
على مستوى النشر بوجه عام، لا ينظر إليك الناشر في الغالب إلا على أنك "زبون" أو "صَيْدَة" وعينه على جيبك، إما أن تدفع تكاليف نشر كتابك أو لا ينشر لك. وحتى بعدما تتنازل وتنشر عنده، لا تسترد جنيها واحدًا مما دفعتَه. كيف يمكن لكاتب في عصرنا الحالي بالكاد يستطيع توفير نفقاته ونفقات أسرته أن يدفع من ماله الخاص في سبيل نشر كتبه؟ وهنا قد يشعر الكاتب بالشك في جدوى الكتابة ذاتها! وسينظر أهله في الغالب إلى كتابته على أنها مضيعة للوقت ومضيعة للمال الذي تحتاجه الأسرة!!!
وعلى مستوى التلقّي والقراءة، اختلف الجمهور اختلافا كبيرا عما مضى، فلم يعد الكِتاب الورقي أو النص الأدبي المنشور على الإنترنت يحظى بنفس القدر من الاهتمام الذي كان يحظى به في الماضي. وهذا ليس وليد اليوم، وإنما بدأ منذ ظهور وسائل ووسائط تنافس الكلمة المقروءة بداية من الإذاعة ومرورا بالسينما والتليفزيون ووصولا إلى القنوات الفضائية واليوتيوب وبرامج الدردشة وشبكات التواصل الاجتماعي بوجه عام. كما أن شريحة كبيرة من جمهور القراء الذي انحسر أو قلَّ بشكل كبير صارت لا تميل إلى العمق أو طرح الأسئلة، وتحتاج فقط إلى مادة يتم استهلاكها بسرعة دون أن تعيدها إلى واقعها المرير، فأصبحت القراءة في الكثير من الأحيان هروبًا خفيفًا أو متخفِّفًا من الواقع. وحتى أقرب الناس إليك لا يفكرون في الغالب في قراءة ما تكتبه، فيكفيهم أنك كاتب وهذا فخرٌ كافٍ بالنسبة لهم، أي أنك شيء أو شخص يتباهون به دون أن يهتموا بما يكتبه، لدرجة أن الكاتب قد يًصدِر كتابا ولا يخبر أحدا بذلك. وحتى عندما ينال جائزة قد لا يخبر أحدا من المقربين منه بها، لأن أول سؤال سيسألونه له: "كم سيعطونك في هذه الجائزة؟" وهو سؤال محبِط حتى لو كانت هناك قيمة مادية معقولة للجائزة، لأنه ينم عن أن الكتابة ذاتها لا قيمة لها ما لم تتجسد في شيء مادي ومالي ملموس!!
ولكن هناك دائما نور في نهاية النفق، ويتمثل هذا النور في فضاء الإنترنت، فهو غير مقيَّد بالزمان ولا بالمكان، ويمنحك رئة إضافيَّة ومتنفَّسًا يُبعد عنك جانبا من الإحباط، فهناك قراء مهتمون وجادون بالعربية حول العالم، ويتابعون ما يُنشر على صفحات الأدباء وما يتم نشره في كتب ورقية أو إلكترونية، وخاصة عندما تكون روابط تحميل هذه الكتب متاحة بالمجان على الإنترنت، أو عندما يتواصلون مع الكاتب ويطلبون منه أن يرسل لهم كتبه. وأنا شخصيا أحتفظ بنسخة مصورة عن الأصل المطبوع ورقيا لكل كتاب من كتبي، وأتيح تحميل بعضها بالمجان عندما لا يوجد عقد مع الناشر، أو أحتفظ بها عندما يوجد عقد وأرسلها لأي أحد يطلبها...

س8 \ أنت صاحب ومؤسس دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني - حدثنا عن التجربة وأسباب ونشأة الفكرة واستمراريتها؟
قبل (دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني)، كانت هناك (دار حمارتك العرجا للنشر الإلكتروني)، وقمت بتأسيسها في مايو 2014 في البداية في سياق مجموعة سنا الومضة القصصية، فلقد كنا نصدر مجلة إلكترونية باسم مجلة سنا الومضة القصصية ننشر فيها دراسات عن الومضة القصصية ونماذج منها، وكنا نستعين بمصممي مجلات إلكترونية، ولكن بعد العدد التجريبي الذي صممه لنا المبدع السوداني الدكتور المصطفى اللبيح متطوّعا، وجدنا المصممين الآخرين يماطلوننا، فمنهم من يتأخر في تصميم العدد ومنهم من يطلب مالا مقابل التصميم، ومنهم من يتعمد إخراج العدد بشكل سيء، وكل جهودنا تطوعية، ففكرتُ في إنشاء حمارتك العرجا، والاسم كما هو واضح مستمد من المثل المصري "حمارتك العرجا ولا سؤال اللئيم"، إذ فضلنا الاعتماد على أنفسنا في إخراج المجلة مع تواضع إمكاناتنا في التصميم على ترك أنفسنا عرضة للاستغلال، وبدأت الدار بداية من مايو 2014 في تجميع كل النصوص المنشورة على مجموعة سنا الومضة القصصية ونشرها في كتب إلكترونية بالإضافة إلى المجلة. واستمر هذا الوضع إلى سبتمبر 2015. وفتحت الدار أبوابها لنشر كتب الكتّاب من مختلف أنحاء العالم العربي وفي مختلف أنواع الكتابة الأدبية. ولكن الكثيرين من الكتّاب كانوا يحجمون عن النشر في الدار بسبب اسمها الذي يرونه حاجزا يمنع القارئ من قراءة الكتب. وكلمني أكثر من صديق في تغيير اسم الدار، فتواصلتُ مع المبدع الأردني محمود الرجبي بشأن تأسيس دار نشر جديدة سويًّا، واتفقنا على أن يكون اسمها دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني وبدأتْ نشاطها في أكتوبر 2015، بحيث أقوم أنا بتصميم الكتب ويقوم الرجبي بتصميم الأغلفة، ومن ثمّ أرفع الكتب المنشورة على موقع الرفع الخاص بالدار ونتيح روابطها بالمجان للقارئ العربي. 
بالنسبة للاستمرارية، مازالت دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني تمارس نشاطها، ولكننا لم نعد ننشر الكتب شهريا كما كنا نفعل في الماضي، وإنما ننشر الكتب ثلاث مرات فقط في السنة في أبريل وأغسطس وديسمبر، وقبل كل شهر من هذه الشهور يتم استقبال مخطوطات الكتب لمدة ثلاثة أشهر، حتى تكون هناك فرصة للفرز والانتقاء والحرض على وجود حد أدنى من الجودة ومن السلامة اللغوية في الكتب المنشورة. 

س 9: ما نوع الدعم الذي يحتاجه المبدع؟
المبدع يحتاج إلى التواصل وإلى إيصال إبداعه إلى القارئ المستهدَف، ولكن هذا لا يحدث في الغالب، فالقائمون على الإيصال أو التوصيل – دور النشر، المؤسسات الثقافية، الهيئات الحكومية الخاصة بالنشر والثقافة، الصحفيون، الخ – انتقائيون بطبعهم، وقد تتمثل هذه الانتقائية في التحزّب أو التشيّع أو الشللية أو اللامبالاة أو التجاهل المتعمَّد أو غير المتعمَّد، فالكثيرون في عالمنا العربي وظائفهم اسميَّة فقط، أي أنهم يحظون بالمسمّى الوظيفي دون أن ينتقلوا إلى الخطوة التالية وهي الاضطلاع بالمهام والقيام بالأدوار التي تشتمل عليها هذه الوظيفة.
قد يحتاج المبدع إلى مسابقات عادلة تتيح فرصا متساوية أمام الجميع وتقوم عليها لجان محايدة دون تربيطات أو مصالح، وأقصد بالفرص العادلة أن يكون المخطوط هو وسيلة التقديم الأساسية وربما الوحيدة في هذه المسابقات كي نتجنب المشاكل أو القيود الناجمة عن دوّامة النشر الذي يسبق التقدم للمسابقات.
قد يحتاج المبدع إلى أن يجد لما يكتبه صدًى لدى مَن حوله في المقام الأول، سواء أكانوا هؤلاء الأهلَ والأقاربَ والأصدقاء كخطوة أولى أم الدائرة الأوسع التي تتوسع بالتدريج بداية من المجتمع الصغير فصاعدًا، أي أن يُقبِل هؤلاء على القراءة ويناقشوا المبدع في إبداعه، حتى لو كان هذا النقاش يقتصر في مرحلته الأولى على بيان عوائق الفهم، أي العوائق التي تعيق هذا القارئ أو ذاك من التفاعل مع إبداع المبدع.
يحتاج المبدع إلى ألا يدفع من ماله الخاص في سبيل نشر كتبه، كي لا يكون همُّه مضاعَفًا، فالكتابة في حد ذاتها همٌّ وأرقٌ وصراعٌ في أحد جوانبها. ونظرا لاستفحال الوضع الاقتصادي السيء في عالمنا العربي حاليا، قد يصاب الكثيرون من المبدعين بالإحباط وقد يتوقفون عن مواصلة مشاريعهم الإبداعية.
من جهة أخرى، يحتاج المبدع إلى أن يكون الداعم الأساسي لنفسه، أي يشجّع نفسه نفسيا ويجعلها تنظر إلى كل عوامل الإحباط على أنها تحدث لشخص آخر غيره أو أن ينظر لكل هذه العوامل على أنها صورة عبثية وهزلية ولا يمكنه أن يأخذها على محمل الجد، كي يستطيع أن يواصل إنجاز مشاريعه حتى لو كانت المحصِّلَة صفرًا في مجتمعه. ولو حدث ذلك، سيجد مَن يقدِّرُه ولو بعد موته، ولو من خارج وطنه، ولو من حيث لا يحتسب. أي أن يكتب ويطوّر رؤيته ومشاريعه الأدبية ويترك الباقي على الله وعلى العوامل المتغيرة.  

س10  \ فن كتابة الهايكو  العربي  - ما هو - وما الفرق بينة وبين الشعر - وماذا أضاف  ؟
  الهايكو نوع من الشعر في المقام الأول، شأنه شأن الأنواع الشعرية الفرعية الأخرى كقصيدة القناع والقصيدة السردية والقصيدة الغنائية والمربّعات والرباعيات، الخ. ومثل أي نوع فرعي، لا بد أن يكون شعرا في المقام الأول، ثم ينتظم وفقا لبنيته الخاصة بعد ذلك. وبنية الهايكو الخاصة بنية تقوم على المزاوجة: أي تزاوج بين حالتين أو صورتين أو موقفين أو رؤيتين ليلتقيا في منطقة وسطى أو برزخ يجمعهما:
(إنعاشٌ)
لا تقولي شيئًا؛
اخلعي نعليكِ
وأنعشي ذاكرتي.
1 نوفمبر 2017
(أسماء)
هذا النسيم حكاياتٌ؛
مَن يتخاطر معي الآن؟
من يعلّمني الأسماءَ؟
1 نوفمبر 2017
(داخلك)
أغمضْ عينيك وانكفئْ داخلك؛
هذا البراحُ مَقَصُّ اقتصادٍ
وهذه الدماءُ مخالبُ أموات.
12 مارس 2017
هذا مَخْزَنُ أسئلةٍ؛
هل أنا كتلةٌ عشوائيَّةٌ
أمْ أنَّ علي بابا اعتزل؟!!
15 مارس 2017
في هذه القصائد على سبيل المثال، تحضر عدة حالات أو مجالات تعبيرية أو شرائح من حالات ومواقف، وتمتزج ببعضها. بتعبير آخر، كل مجال تعبيري له شفرة لغوية وتعبيرية وتأويلية مميِّزَة له، قد يطلق عليها علماء اللغة اسم register أو code أو أي اسم آخر، وتحتوي قصيدة الهايكو على إحدى هذه الشفرات التي تكون حاضرة بشكل تخييلي أمام الصوت الشعري الموجود في القصيدة، وهذا الحضور يتفاعل مع مخيِّلَة هذا الصوت ويحيله إلى شفرة أخرى أو شفرات أُخر ويقوم الصوت باستحضارها في القصيدة أيضا، ويمزج بين الشفرات. وقد توجد هذه الشفرات بصيغة قابلة للتمييز بينها في القصيدة، وقد تكون موجودة في مُسَوَّدَة القصيدة فقط وأجرى عليها الشاعر تعديلات بحيث يظهر امتزاجها فقط في القصيدة أمام القارئ. ويمكننا النظر إلى قصيدة الهايكو على أنها استعارة تركيبية قبل أن تكون استعارة تصويرية، أي أن يقرأ الصوت في القصيدة – إذا كانت القصيدة بضمير المتكلم أو ضمير المخاطب الذي يتضمن المتكلّم بشكل مباشر أو غير مباشر – شيئا بشفرة أو لغة شيء آخر، أو أن ترى الشخصية الماثلة في القصيدة – إذا كانت هذه القصيدة واردة بضمير الغائب – شيئا بمنظور شيء آخر. 
وهنا لا بد أن أتوقّف عند بعض الأمور فيما يخص كتابة قصيدة الهايكو في عالمنا العربي:
الأشكال الأدبية ليست لها ديمومة أو ثبات، فلا يمكنها أن تثبت على حال واحد، وإنما هي متغيرة ومتطورة بتغير الزمن وتغير المكان وتغيُّر الإنسان (تغيُّر الكاتب بصفته إنسانا ينتمي لعصر ما ولا بد أن يكون لهذا العصر انعكاس عليه، وبتغير سماته الشخصية وحساسيته النفسية والرؤيوية اللتين تختلفان من عصر لآخر ومن كاتب لآخر في العصر الواحد؛ وتغيُّر احتياجات القارئ الجمالية، فما كان يرضي ذوق قارئ منذ عشرين سنة مثلا قد لا يرضي ذوق نفس القارئ الآن، ودعك من اختلاف القراء عن بعضهم البعض). نجد معظم كتّاب الهايكو العرب الآن أصوليين في أفضل الأحوال وداعشيين أو إرهابيين في الغالب، فتجدهم يضعون قواعد شكلية جوفاء لا حصر لها لتنميط قصيدة الهايكو، وتجدهم يصرون على الرجوع إلى نقطة الصفر أو لحظة منشأ قصيدة الهايكو في اليابان قديمًا، ولا يعرفون أن الأشكال الأدبية تتغير على مر الزمن، وأن الأشكال الأدبية تتحوَّر عند انتقالها من ثقافة لأخرى، فأي شكل أدبي به جانب غائص في تربته الثقافية التي نشأ فيها (وهذا لا شأن لنا به لأن تربتنا الثقافية العربية مختلفة عن التربة الثقافية اليابانية على سبيل المثال) وجانب قابل للاستزراع أو الاستنبات في تربة ثقافية أخرى، وهذا الجانب هو ما يهمنا لأنه يمثّل روح النوع الأدبي محل الكلام، وهذه الروح قد تطرح ثمارًا مختلفة عند انتقالها من ثقافة لأخرى وعند حلولها في جسد مخيِّلة كاتب ما.  
أكاد أسمع صوت معظم كتّاب الهايكو العرب يتقمّصون صوت الفنان أحمد السقَّا في أحد أفلامه وهو يقول: "من النهاردة مفيش حكومة؛ أنا الحكومة"، ويقولون: "منذ اليوم لا توجد يابان؛ أنا اليابان" وتناسى أو جهل بأنه عربي، وعليه أن يدع ما لليابان لليابان وما للعرب للعرب". قصيدة الهايكو اليابانية بها جانب يغوص في الثقافة اليابانية ولا يمكن تخليصه منها، وبالتالي لا يمكن استنساخه بمثل هذه الفجاجة التي نراها. 
من وجهة نظري، القصيدة اليابانية قصيدة صوفية على الطريقة البوذية أو الكنفوشية أو أية ديانة أو منظومة فلسفية أخرى، ويعتمد بناؤها في الغالب الأعم على عنصر غائب عن القصيدة ولا يحضر إلا في ذهن المتلقي الياباني، إذ تعتمد قصيدة الهايكو اليابانية على أن القارئ عنصر فاعل في كتابة القصيدة، ولا أقول مجرد تأويلها. أي أن معظم قصائد الهايكو اليابانية قصائد مكتملة من وجهة نظر كاتبها لأن القارئ الياباني يكمل ضلع مثلث القصيدة، في حين أنها بالنسبة لي كقارئ عربي قصيدة ناقصة ومبتسرة وتمثل شذرة تفتقر للسياق الذي يجعلها قابلة للتأويل وقابلة لأن أتفاعل معها بصفتي قارئا عربيا لا يلم بجوانب الخصوصية أو التربة الثقافية التي تنبت فيها تلك القصيدة.
عناصر الطبيعة والمواسم والفصول في قصيدة الهايكو اليابانية عقيدة ودين ووحدة وجود من وجهة نظر أصحاب تلك العقيدة. وأنا كقارئ وكاتب عربي لا أحتاج إلى تلك العقيدة لأن لدي عقيدتي الخاصة - عقيدة إسلامية ومسيحية تكتسب طابعا شخصيا في الغالب الأعم، أي تخضع لتأويلي بصفتي مؤمنا بهذه العقيدة أو تلك. ونظرا للتشرذم الذي نعاني منه في عالمنا العربي وما يرتبط بهذا التشرذم من تصنيف وعنصرية وتقاتل وتسابب، الخ، نحتاج إلى التأكيد على جانب وحدة الوجود الذي يمثل روح الهايكو رؤيويًّا، أي الجانب الفكري أو الوجداني الذي يناظر الاستعارة التركيبية أو امتزاج الحالات على مستوى بنية القصيدة، وذلك للتأكيد على ما يجمعنا كعرب وكبشر، وعلى أن ما قد نراه متفصلا أو حتى متضاربا ما هو في الأصل أو في الواقع إلا انعكاس لنفس الشيء، وأظن أن تحليلات الدّي إن إيه أو الدَّنَا DNA تثبتُ أن كل البشر واحد وأن جيناتنا ممتدة في كل بقاع الأرض وأن عدوّي على سبيل المثال كان في يوم من الأيام جزءًا منّي. وهذه هي الإضافة الحقيقية التي يمكن لقصيدة الهايكو أن تساهم بها في إثراء حياتنا العربية بعيدا عن التنابذ والفخر والهجاء بتجلياتهم المعاصرة.
عناصر الطبيعة والمواسم والفصول قد تكتسب عندنا دلالات مختلفة، وقد تكون مجرد موجودات في الطبيعة، فمعظم الطيور والحيوانات والنباتات عندنا مجرد طيور ونباتات وحيوانات، وإذا حضرت في القصيدة ستكون مفرّغة من الدلالة، ما لم يؤسس الشاعر أو الكاتب لدلالة خاصة لها في القصيدة، وأظن أن قصر قصيدة الهايكو لا يسمح لها في الغالب بتأسيس مثل هذه الدلالة، لأن هذا التأسيس يحتاج إلى مساحة وسياق فسيح. وهنا سنرجع إلى الدلالة الفعلية لعناصر الطبيعة مما هو متعارف عليه، كارتباط حيوان أو طير أو نبات ما بالقوة أو الشراسة أو الافتراس أو المهادنة أو العزيمة أو التحمُّل أو المقاومة، إلخ. أي أن حضور مثل هذه الكائنات في القصيدة لا بد أن يكون حضورا فاعلا بحيث يبني القارئ تأويلَه على السمات المتعارف عليها لهذا الكائن أو ذاك. 
عناصر الطبيعة مجرد مكوِّن متغيِّر من مكوِّنات قصيدة الهايكو، قد تحضر فيها وقد تغيب عنها، ولا فائدة في هذا ولا ضرر في ذلك في حد ذاته، فلا بد أن تكون القصيدة مكتملة سياقيًّا حتى لو اعتمدت على عناصر خارجية على سبيل التناص أو الأطر المرجعية الأخرى. 
يمكن لقصيدة الهايكو أن تتطرق إلى أي شيء وأي تجربة وبأي شكل تعبيري، بشرط الحفاظ على المزج أو التعدد التركيبي والحفاظ على مبدأ وحدة الوجود أو حتى تنافر الوجود عند الحاجة إلى التعبير عن ذلك. 
والنقطة المهمة الأخيرة التي أود التنويه إليها هنا تتعلق بلغة قصيدة الهايكو وتركيب الجمل اللغوية فيها. لا بد أن يحس القارئ العربي أن قصيدة الهايكو العربية مكتوبة بلغة عربية سلسة وسليمة وواضحة، وليست بمجرد حروف عربية، فالمتصفح لنماذج كثيرة من قصائد الهايكو المكتوبة بالعربية يقول لكاتبها على لسان إحدى شخصيات قصصي: "أين أنا منك؟" ما هكذا تُورَدُ القصيدة!! وما هكذا يُورَدُ التعبير الشعري في العربية!! عندنا في العربية الجملة الفعلية والجملة الاسمية، وما يرتبط بهما من استفهام وأمر وتعجُّب واستنكار، الخ. وجرى العُرف على أن تكون قصيدة الهايكو ثلاثة أسطر (وهو عُرف قابل للتغيُّر، فقد تكون قصيدة الهايكو سطرًا واحدًا)، وهنا توجد أمام الكاتب ثلاثة خيارات: إما أن تكون القصيدة كلها جملة واحدة أو جملتين أو ثلاث جمل قصيرة. ولا بد أن تكون العلاقات التركيبية والنحوية بين سطور القصيدة واضحة ومستساغة لغويا وعلى مستوى التلقي. وقد تشتمل القصيدة في السطر الأول في الغالب على مُرَكَّب اسمي، أي عبارة لا تصل إلى مرتبة الجملة الكاملة ويكون الاسم هو اللبنة الأساسية فيها: صفة وموصوف، مضاف ومضاف إليه، اسم وجار ومجرور، الخ، بحيث يكون هذا المركّب الاسمي هو الحالة الأولى التي ينطلق منها الشاعر لمزج حالة أو حالات أخرى بها، وهنا لا بد أن يكون باقي القصيدة جملة كاملة وسليمة تركيبيا أو جملتين على الأكثر. ولا بد أن تكون القصيدة مكتملة في حد ذاتها ومنفتحة على القارئ وعلى التأويل، أي ليست قصيدة باطنية أو إسرارية، فما في بطن الشاعر لا علاقة لنا به. ولا يعني ذلك أن تكون قصيدة الهايكو ذات مستوى واحد، وإنما يعني أن سطح النص أو البنية السطحية قابلة للاستيعاب المباشر، وتأتي بعد ذلك مستويات العمق الأخرى، كالسهل الممتنع أو البساطة الظاهرية. ولا بد أن تكون بلغة ورمزية قابلة للتأويل وقابلة للترجمة بحيث لا تعتمد دلالتها الأساسية على مكوِّن قابل لأن يضيع عند الترجمة على سبيل المثال بحيث لا يقع القارئ الأجنبي أو حتى القارئ العربي لقصائدنا في مأزق التأويل الذي توقعنا فيه قصائد الهايكو اليابانية الموغلة في الخصوصية الثقافية التي تغلق القصيدة في وجه شريحة كبيرة من القراء. 

 س 11 \ ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في العمل الأدبي، كي تُقْدمَ على ترجمته الى لغة أخرى؟
أولا، لا بد أن تنوفر فيه القيمة الإنسانية التي تجعل قارئا لا ينتمي للثقافة العربية في سياقنا هذا يتفاعل مع النص ويحس بأن هذا النص يلمس جانبا من إنسانيته.
ثانيا، لا بد أن تكون للكاتب تجربته الأدبية الخاصة ومشروعه الأدبي الخاص، لأن الترجمة تعني أنني أترجم لقارئ يحتاج إلى ما لا يوجد عنده، يحتاج إلى نظرة إبداعية خاصة، يحتاج إلى كاتب متفرّد يمكنه أن يغوص في النفس البشرية أو في المجتمع ليصل إلى نقاط العمق التي يمكنها أن تكون لها أصداء في نفوس وأفراد مجتمعات أخرى، وقبل كل ذلك في نفوس وأفراد مجتمعه الأول. 
ثالثا، لا بد أن يكون الكاتب مطلعا على الأدب العالمي والمحلي وعلى كل الأشكال الأدبية وما يميزها عن بعضها البعض، بحيث يستطيع أن يدرك ما ينقصها أو يتلاعب بتقنياتها ويحوّل مسارها إلى استعمالات أدبية جديدة. لا يمكنني مثلا أن أترجم رواية بها راوٍ مستبدّ في عصرنا الحالي، فمعظم آداب العالم تجاوزت الاستبداد في السرد وانتقلت من المطلق إلى النسبي، بحيث لا يقدم لنا النص السردي أو أي نص أدبي آخر رؤية أحادية أو صوتا يمتلك اليقين المطلق، فنحتاج إلى أن نعايش الإنسان في صراعاته اليومية والنفسية والروحية التي يتأرجح فيها بين الحالات أو حتى يحاول فيها أن يتمسَّك بيقينه النسبي الذي يمكّنه من أن يواصل الحياة والإنجاز دون أن يدع عوامل الإحباط تدفنه وهو حي. 

 س12 \ هل تفكر بالقارئ أثناء كتابتك؟ وأي نوع من القراء يشغلك؟
القارئ هو الضلع الذي يكمّل العملية الإبداعية بالمعنى الإيجابي، ومن دونه يظل الإبداع مجرد احتمال على الورق الفعلي أو الافتراضي. في بداية مشواري الأدبي في النصف الأول من التسعينات من القرن الماضي لم أكن أهتم بالقارئ كثيرا، لأن جمهوري آنذاك كان مجموعة من الكتّاب زملائي نقرأ لبعضنا البعض ونصوّب لبعضنا البعض بناء على معايير جمالية وفنية خالصة، وكنا مفتونين بما كان يطلق عليه الحداثة الشعرية والمسرح التجريبي. ولا يعني ذلك أن الحداثة كلها شرٌّ، وإنما يعني – من منظوري الآن – أن الحداثة حداثات وأن حداثة ثقافة ما قد لا تناسب ثقافة أخرى، وأن الحداثة مشروع متغير ومتطور على الدوام، فكل تجديد إيجابي في الأدب في أي عصر يعتبر نوعا من الحداثة، وكل عصر في أي مجتمع له حداثته الخاصة التي تناسب ذائقته وأذواقه وطرق تأويله. 
ولذلك، تجد بعض النصوص في مرحلة البدايات هذه منفتحة على القارئ العربي وبعضها منغلق على القارئ، ولكنني لم أحتفظ في الغالب بالكثير من مثل تلك النصوص المنغلقة، وما احتفظتُ به أجريتُ عليه بعض التعديلات بحيث يفتح النص أمام القارئ وأمام التأويل. 
وأحاول منذ ذلك الحين أن تكون نصوصي منفتحة على القارئ. ولكن هذا الانفتاح انفتاح نسبي على أية حال. وهنا لا بد أن نحاول أن نتفق على مفهوم القارئ. هل يمكننا أن نعتبر من لا يهتم بالقراءة أصلا قارئا؟ هل يمكننا أن نعتبر "المتعلِّم" قارئًا؟ هل يمكننا أن نعتبر المتزمّت أو المنغلق على نفسه قارئًا؟ هل يمكننا أن نعتبر صاحب الذوق القديم الذي يعيش في عصر غير عصره قارئًا؟ هل يمكننا أن نعتبر بعض الأكاديميين الذين ينظرون إلى الأدب وفقا للقواعد والتصنيفات الضيقة والأذواق المؤسَّسيَّة المحدودة قرَّاءً؟ 
في السنوات والشهور الماضية، مررتُ بحالة تلحُّ عليّ في أن أتواصل مع القارئ في كتاباتي، وبالتالي أعدتُ النظر في أسلوب كتابتي، أو بالأحرى في أساليب كتابتي، فالقصة القصيرة والقصيدة مثلا عندي منفتحة على القارئ منذ سنوات طويلة، وكذلك قصيدة الهايكو والومضة القصصية مع أن طبيعة تكثيفهما والفجوات في بنيتهما تتطلب مجهودا أكبر من القارئ. ويمكننا أن نقول نفس الشيء عن المسرحية عندي، فالحوار بين الشخصيات والإرشادات المسرحية تساعد القارئ في التفاعل مع النص بسهولة. المشكلة الأساسية تكمن في أسلوب الرواية عندي لأن الأسئلة والرؤى تتشابك في الرواية بشكل مكثّف، وأنا لا أؤمن بالسرد الحكائي السطحي ولا بالحدوتة البسيطة، لأنني ككاتب أجد نفسي منساقا وراء الرواية وفقا لمنطقها الخاص (ونفس الشيء يحدث في الأنواع الأدبية الأخرى عندي، ولكن نظرا لصغر حجم هذه الأنواع يمكن للقارئ أن يلم بأبعاد أو حدود النص بسهولة)، وأجد هذا المنطق الخاص عميقا جدا لدرجة قد تفوق رؤيتي أنا شخصيا، بمعنى أنني أسير في المسارات التي تتيحها الرواية لي وقد يكون الموقف السردي في هذه المسارات أكبر مني ولا أستطيع أن ألم إلا بجانب منه في اللحظة الواحدة، وعندما أقرأ الرواية بعد الانتهاء من كتابتها أجدها عميقة جدا بشكل قد يخيف بعض القراء، وحدث ذلك بالفعل مع الكثيرين من الأصدقاء الذين قرأوا روايات لي، لأنها تُدخلهم في تشعبات وأسئلة كثيرة وتوقفهم أمام أنفسهم وتناوش القلق الوجودي والاجتماعي والنفسي والسياسي الكامن داخلهم ولا يريدون أن يجدوه متجسدًا أمام أعينهم بكل تجلياته فجأة وكأن الواحد منهم يتعرى تماما في وقت لاهث لا يسمح بهذا التعري. ونظرا لأنني أدركتُ ذلك، حاولتُ في روايتي الأخيرة بعنوان "جبل النور" أن تكون العلاقات بين الشخصيات وأن تكون الفلسفة التي تقوم عليها الرواية ظاهرةً وواضحةً لمن يتابع الرواية بالرغم من السياق الفنتازيي والصوفي والوجداني البرزخي الذي تدور فيه أحداث الرواية. 
وعندما نعود لمفهوم القارئ، أستطيع أن أقول الآن إن النص عندي يسعى لأن يكون مكتملا في حد ذاته ومتوفِّرًا على المقومات والأسس والدلال النصية التي تجعل القارئ يستطيع أن يتفاعل مع النص. والقارئ هنا ليس الشخص الذي يلم بمبادئ القراءة والكتابة، فلقد اتضح أن مؤسساتنا التعليمية ومن ورائها مؤسساتنا الاجتماعية والدينية والإعلامية وأساليب حياتنا وضغوطنا الاقتصادية لا تنتج قارئا يعرف كيف يفك شفرات النصوص ولا حتى يهتم بالقراءة أصلا. ولذلك نصوصي متاحة قرائيا للقارئ الذي يهتم وينصت ويحلل ويقارن ويسعى لأن تكون القراءة خطوة أساسية نحو تطوير حياته والحفاظ على إنسانيته.

س 13 \ أنت كاتب نتِّي وورقي، أيهما الأفضل لديك؟
لا ينكر الفضلَ إلا من في قلبه مرض أو في عينه حَوَل. نشرتُ 49 كتابا ورقيًّا ما بين الترجمة والنقد الأدبي ومراجعة ترجمة والرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والومضة القصصية والشعر والهايبون، ومنها ثلاثة كتب نقدية بالإنجليزية. ونشرتُ عشرات الكتب الإلكترونية في مختلف فروع الأدب بالإضافة إلى النقد الأدبي والدراسات اللغوية. ولا أنكر أن الكتاب الإلكتروني لعب دورا أكبر بكثير من الورقي في وصولي للقراء حول العالم، لأنه غير مقيَّد بالزمان ولا بالمكان. والكتاب الورقي يصل أيضا للقارئ في كل مكان ولكن من خلال استعانته بالتكنولوجيا، فهو لا يصل للقارئ في كل مكان بشكله الورقي، وإنما من خلال سحبه في ملف بصيغة بي دي إف وإتاحة رابط تحميله على الشبكة العنكبوتية أو الاحتفاظ بالرابط على الكمبيوتر وإرساله من خلال الشبكة أيضا إلى من يريده في أي مكان. وأكثر الدراسات التي أجريت عن كتاباتي اعتمدت على الكتاب الإلكتروني أو الورقي المحوَّل إلكترونيا إلى ملف قابل للتداول عبر وسائل الاتصال والتواصل المختلفة. 
أما بالنسبة لسؤال أيهما أفضل، فالكتاب الإلكتروني الخالص يحفظ حق السبق والريادة أحيانا لأنك تنشر كتاباتك الجديدة للقارئ دون أن تنتظر لشهور أو سنوات حتى ينتهي الناشر من نشر الكتاب. كما أن الكتاب الإلكتروني يساهم في إحداث حراك أدبي وتفاعل أكبر بين الأدباء، خاصة عندما يكون في نوع أدبي يوجد اهتمام مشترك بين هؤلاء الأدباء به. والكتاب الإلكتروني يساهم أكثر في انتشار الكاتب. بالنسبة للكتاب الورقي، تتمثل ميزته في أنه يحفظ حقوق الملكية بشكل أفضل لأنه مرتبط برقم إيداع وترقيم دولي، مع العلم بأن الحكومات في الآونة الأخيرة بدأت تأخذ بما هو منشور على الشبكة العنكبوتية أو في كتب ووسائط إلكترونية في المحاكمات. ومع أن ذلك نشأ لأسباب أمنية بحتة، فإن له فائدة إيجابية تتمثل في الاعتداد بتاريخ النشر على الشبكة في إثبات حقوق ملكية الكاتب لنصه. والميزة الثانية للكتاب الورقي هي ميزة مؤقتة تتمثل في أن الكثير من الأساتذة المشرفين على الدراسات الأكاديمية والكثير من المجلات الأكاديمية لا يقبلون/ تقبل الكتاب الإلكتروني كمصدر للدراسة، مع أن كتب توثيق المصادر والمراجع في الدول غير العربية اعتمدت منذ زمن طويل الكتابات الإلكترونية مصدرا من مصادر البحوث والدراسات. وهذه الميزة مؤقتة لأنها ستتغير على مر الزمن وسيسعى الكتاب الورقي لأن ينافس الكتاب الإلكتروني. 
وهناك ميزة أخرى للكتاب الإلكتروني تتمثل في أنه قد يمثّل أحيانا طبعة تجريبية من الكِتاب، أي طبعة تحفظ بها حقك المبدئي وفي الوقت ذاته تسترشد بآراء الأصدقاء والزملاء والقراء الذين قد يقرؤون الكتاب، بحيث تضع آراءهم وملاحظاتهم في حسبانك عند إعادة طبع الكتاب إلكترونيا أو ورقيا.

 س 14 \ ما طقوس الكتابة لديك؟ وهل هذه الطقوس تكون واحدة في كتابة الأنواع المتعددة التي تتقنها؟ أم أن لكل جنس أدبي طقوسه؟
لا توجد طقوس معينة للكتابة باستثناء إغماض عيني وإطفاء الأنوار عندما تتخذ الكتابة شكل تسجيل ملفات صوتية في البداية. باستثناء الترجمة والدراسات النقدية والإجابة على أسئلة حوارات مثل هذا الحوار والكتابات الخاصة بمجال التدريس وما يرتبط به، لا أظن أنني منذ نهاية تسعينات القرن العشرين جلستُ على مكتبي لأكتب إلا في حالة وجود حالة فنية طارئة كأن يندهي نصٌّ أو متتالية قصصية أو شعرية قصيرة، أو في حالة قيامي بمراجعة ما كتبتُه بالفعل تمهيدا لصياغته صياغة شبه نهائية أو تمهيدا لطباعته إلكترونيا أو ورقيًّا. فالكتابة هي التي تستدعيني ولستُ أنا الذي أستدعيها، وبالتالي لا أخطط مشروعا لرواية لي على سبيل المثال. أظن أن مخيّلة الكاتب تتشكَّل بطريقة ما إذا وجدتْ أن هذا الكاتب لديه الطموح والدافع والنية والعزيمة لإنجاز مشروع أدبي خاص به. وإذا وجدتْ المخيِّلة في الكاتب ذلك، تنفتح على لاوعيه وتقوم بمزج كل ما يتلقاه عن طريق الحواس وما يضيفه إلى معطيات الحواس من تأمل وتدبُّر ووعي وإحساس ونفاذ إلى روح الأشياء، وتبدأ المخيلة في تخمير كل ذلك في لاوعي الكاتب، وعندما يكتمل اختمار شيء تُظهِرُه له ليمسك به ويسجّله بأي شكل كان. ولذلك لا أكتب أو أسجّل شيئا إلا عندما ينبثق أو يقفز شيء من مخيِّلتي ويدعوني للإمساك به. ويبدو أن مخيّلتي تأقلمتْ معي ولا تظهر لي معظم الأشياء إلا قبل نومي. واعتدتُ أنا بدوري منذ 13 عاما تقريبا حتى الآن على أن أحتفظ بجهاز هاتف غير حديث، جهاز هاتف تقليدي بأزرار وبه كارت ذاكرة وجهاز تسجيل ويكون من النوع الذي أضغط على زر التسجيل فيبدأ التسجيل ثم أضغط عليه وأنا مغمض العينين ليتوقف التسجيل مؤقتا، ثم بعد أن أتتبع تفاصيل الحالة الإبداعية التي تفرضها عليّ مخيّلتي أضغط على زر الحفظ. وبوجه عام، أحسُّ بحالة الكتابة قبل أن تندهني أو تداهمني، كأن ينتابني الأرق أو القلق اللذان لا مبرر لهما بشكل مباشر، أو أن تتيقظ حواسي ولاوعيي بشكل حاد، أو أن أجد جملة تخرج على لساني فجأة وأجدها تسحب وراءها باقي النص...

 س 15 - هل ترى أن حركة النقد مواكبة للإبداع، وما هي برأيك الأسباب، وهل يمكن أن تقدم هذه الحركة إضافة نوعية للإبداع؟
على سبيل الافتراض، النقد قرين الإبداع، وفي فترة من الفترات كان النقد مواكبا للإبداع. وكان أو مازال المقصود بالنقد هنا الدراسات الجادة التي يقوم بها نقّاد محترفون. لكن علينا أن نعترف أيضا أن الحركة الإبداعية الآن بها زخمٌ هائل ولا يمكن لعشرات ولا مئات النقاد أن يتابعوه. وعلى الجانب الآخر، ما الدافع الذي يدفع الناقد لكتابة النقد؟ ربما كان دافع خدمة الإبداع وإثراء الحركة الثقافية وتقويمها دافعا رئيسيا فيما مضى. يوجد الآن بعض النقاد الذين يعشقون الإبداع ويعشقون البحث والسعي وراء الحقيقة، وهم قلة. وهناك نقّاد لا بد أن يأخذوا ثمن كتابتهم النقدية مقدَّمًا: في بداية تأسيس مجموعة سنا الومضة القصصية وبداية إصدار أعداد مجلة سنا الومضة القصصية، طلبنا من بعض النقاد كتابة دراسات عما نكتبه لتقويم حركة كتابة الومضة القصصية بوجه عام – ولا أتحدث هنا عن القصة الومضة – فطلب بعضهم مالا مقابل الكتابة، ورفضنا ذلك بالطبع. وهناك نقاد أكاديميون يسعون لأن ينتقلوا من إطار ما درسوه إلى الكتابة عن الأنواع الأدبية الجديدة التي لم يدرسوها في الكتب النقدية والتنظيرية، وتجد بعضهم لديه القدرة على كتابة دراسات متميزة. وهناك نقاد أكاديميون لا يستطيعون التزحزح عما درسوه، أي أنهم لا بد أن يسبقهم غيرهم في الكتابة عن النصوص والأنواع الجديدة حتى يكتبوا هم عنها دراسات اشتقاقية، بمعنى دراسات تفتقر للجدة وللأصالة بغرض أكل العيش أو إثبات الوجود أو الترقية الوظيفية وما إلى ذلك من غايات نفعية لا تهتم بالنقد الأدبي في حد ذاته. 
أما بالنسبة للنوع الغالب من النقد في الفضاء الإلكتروني، فهو نقد يكتبه مبدعون عن أعمال زملائهم أو أصدقائهم أو أعضاء مجموعاتهم، وتكون له أهداف معينة، مثل أن يقوم شخص بتلميع شخص آخر، أو يكتب رجل عن امرأة أو امرأة عن رجل، أو يهاجم تيار معيّن تيّارًا آخر منافسًا له. وهذا هو الغالب ولا يهدف للنقد في حد ذاته. 
وهناك فئة أخرى لا تؤمن بوسائل التواصل الاجتماعي ولا بالأنواع الأدبية الجديدة وتكتب مقالات في الصحف الإلكترونية أو على مواقعها الشخصية في الغالب لتهاجم هذه الأنواع من خلال تسليط الضوء على بعض النماذج الرديئة منها، وتدور هذه المقالات بوجه خاص حول الهايكو والومضة القصصية والقصة الومضة. وهي أيضا لا تبتغي وجه الله ولا وجه النقد، وإنما تبتغي التسفيه، مع العلم بأن الواقع الإلكتروني يفرض نفسه وسيمد الأدب العربي بروافد ثرية قد تغير خريطته بالكامل.
وهناك قلة تحاول أن تتابع الأنواع الأدبية الجديدة للتأصيل لها وبيان روحها والحدود النوعية أو الجمالية الفاصلة بين هذا النوع وذاك. وأظن أن مجلة الهايكو العربي ومجلة سنا الومضة القصصية تحاولان أن تقوما بهذا الدور. 
وأنا على يقين من أن كل حركة أدبية ستفرز نقّادها، وأن ما نشهده من اهتمام شباب الباحثين بالأنواع الأدبية الجديدة علامة مبشِّرَة على الطريق

 س 16 \ ما جديد المبدع د. جمال الجزيري؟
نشرتُ مؤخَّرًا سبعة كتب نشرًا ورقيًّا: مجموعة ومضات قصصية (كاميرا ونظرة عين) في نهاية عام 2017 وفي بداية العام الحلي 2018 نشرتُ في دار الأدباء للنشر والتوزيع مجموعة قصص قصيرة (صورة واحدة تكفي) ومجموعة قصص قصيرة جدا (اضحكْ يا ولدي) ومجموعة ومضات قصصية (عيون جريحة) وديوان شعر هايكو (نظرات روحي) ومجموعة قصص هايبون (طواحين الكلام)، بالإضافة إلى ست روايات قصيرة نشرتُها في كتاب واحد بعنوان (شوط أول). وهناك كتاب ثامن تعاقدتُ على نشره في يناير الماضي مع دار الياسمين، وهو رواية بعد الطوفان التي فازت في جائزة منف للرواية الإلكترونية، ومن المفترض أن تصدر في موعد معرض الإسكندرية للكتاب. ولا أعرف إن كانت قد نشرتْ أم لا حتى الآن. 
كما أقوم الآن بمراجعة ما أستطيع مراجعته من كل نصوصي غير المنشورة ورقيا تمهيدًا لنشرها في كتب ورقية. ولكن عملية المراجعة مرهقة لأنك قد تضطر إلى تغيير النص ككل، وخاصة في الشعر، لأنني لا أقبل أن يكون هناك أي تكلُّسٍ في أي قصيدة، فلا بد أن تكون القصيدة سلسة تماما وتستغني عن كل الزوائد اللغوية وعن الإطناب وعن كل الصور غير المتأسِّسة داخل القصيدة ذاتها وعن أي صورة تعتمد على رمزية باطنية، بحيث يكون التعبير الشعري على قدِّ أو مقدار دفقة الإحساس ودفقة المعنى الوجداني الإيحائي المُبْتَغَى وتكون صالحة لأن يقرأها أي قارئ في أي مكان. 
ولدي مشروعات غير مكتملة، فلدي عدة روايات لم تكتمل بعد ولا أعرف متى تكتمل. كما لدي بعض الدراسات النقدية التي تحتاج إلى مراجعة بهدف تجميعها في كتب. وأقوم أيضا بإعداد كتاب نقدي جديد عن قصيدة الهايكو. هذا بالإضافة إلى الترجمة التي تلازمني على الدوام باعتبارها مصدرًا من مصادر دخلي، علاوة على الترجمة الحرة التي أقوم بها من آن لآخر لنقل بعض النصوص الأجنبية إلى اللغة العربية. 

 س 17 \ ما الكلمة التي تحب توجيهها لمن يقدم على النشر لأول مرة؟
هناك نصيحة لا يقبلها الكثيرون، ألا وهي لا بد على الكاتب أن يتمكّن من أدواته أولا وأن يتقن لغته ولا يعتمد على مصحِّح لغة، وأن يكون قد قرأ جيدًا في المجال الذي يكتب فيه وأن يلم بأسس ومبادئ العلوم الإنسانية بوجه خاص والعلوم الطبيعية بوجه عام، دون أن يظهر ذلك بشكل مباشر في كتاباته. 
وهناك نصيحة أخرى تتمثل في عدم استعجال النشر، لأن النصوص المنشورة ستكون في رقبة الكاتب على الدوام وستؤخذ عليه في حالة ضعفها أو تقليديتها، وقد تصرف عن القارئ بالمرة، فإذا ما قرأتُ كتابا دون المستوى لأي كاتب لن أفكر في أن أقرأ له مرة ثانية.
وبالنسبة للنشر ذاته، أنصحه بالنشر في أي وسيلة مادام قد اطمئن – ولو بشكل جزئي – إلى مستوى أعماله الإبداعية، ويحدث هذا الاطمئنان من خلال استشارة عدد من الأصدقاء والزملاء من مختلف التوجهات، أو حتى يعطي أعماله لأشخاص يثق فيهم ممن ليست لديهم توجهات أدبية بحيث يأخذ رأيهم بوصفهم يمثلون القارئ العادي، لأن الكثيرين من الأدباء يخلطون بين النص كما تشكّل في رؤوسهم أو مخيِّلاتهم وبين النص المتحقق على الورق، وفي أحيان كثيرة يكون النص المتحقق على الورق مختلف كثيرا عن صورته في ذهن الكاتب، ويكون ناقصا أو غامضا أو مُبْتَسَرًا في حالات أخرى، ولذلك ينبغي على الكاتب أن يتأكد من اكتمال النص على الورق. ويمكنه بعد ذلك أن ينشر كتبه إلكترونيا إلى أن يصل إلى أسلوب خاص به وساعتها قد يلجأ إلى النشر الورقي إذا لم يكن هذا النشر الورقي ضد مصلحة الكاتب المالية والمعنوية والحقوقية. في دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني، نستقبل أعمال جميع الكتّاب لنشرها بالمجان بعد فرزها بحيث لا يحتوي الكتاب على أخطاء لغوية كثيرة، ولا يحمل عنصرية من أي نوع، ويكون به الحد الأدنى من الرؤية الأدبية والأسلوب الأدبي. كما نستقبل كتب الدراسات والحوارات. ويكون النشر ثلاث مرات في العام: في أبريل وأغسطس وديسمبر، وقبل كل شهر من هذه الشهور نستقبل مخطوطات الكتب لمدة ثلاثة أشهر. 

س18: - في نهاية هذا الحوار الذي أفتخر جدا بإجرائه مع سيادتكم، ما هي كلمتكم الاخيرة في ختامه - ولمن توجهها؟
أولا، أتوجه لك بالشكر الاستاذ الاديب المصري صابر حجازي على هذا الحوار الثَّريِّ. وثانيا، أدعو الله أن يكلل جهودنا جميعا بالنجاح وأن يجعلها في موازين حسناتنا. وثالثا وبرغم كل شيء، أدعو الكتّاب إلى التمسُّك بالأمل ومواصلة الإبداع والقراءة والتأمل حتى لو لم تظهر في الأفق ثمار أي شيء، كما أدعوهم إلى التركيز على الأبعاد الإنسانية في كتاباتهم، مما يجعل هذه الأعمال ذات قيمة إنسانية وحياتية ونفسية واجتماعية وحتى فلسفية لدى مختلف أنواع القراء. وأدعو الله لي شخصيا أن يمد في عمري ويمنحني الصحة والعافية بحيث أستطيع أن أنتهي من إنجاز كل مشاريعي الأدبية والثقافية التي أسعى الآن لتحقيقها أو أتطلع لتحقيقها في المستقبل. 

————
*
الكاتب والشاعر والقاص المصري صابر حجازي
http://ar-ar.facebook.com/SaberHegazi
– ينشر إنتاجه منذ عام 1983 في العديد من الجرائد والمجلاّت والمواقع العربيّة
- اذيعت قصائدة ولقاءتة في شبكة الاذاعة المصرية 
- نشرت اعماله في معظم الدوريات الادبية في العالم العربي
– ترجمت بعض قصائده الي الانجليزية والفرنسية
– حصل علي العديد من الجوائز والاوسمه في الشعر والكتابة الادبية
–عمل العديد من اللقاءات وألاحاديث الصحفية ونشرت في الصحف والمواقع والمنتديات المتخصصة