الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
جمال قصودة : ليس مشروطا ان ننجح في جميع التجارب التي نخوضها
جمال قصودة : ليس مشروطا ان ننجح في جميع التجارب التي نخوضها

برغم مرارة الفشل مشاركتي في برنامج المصدح الذهبي على إذاعة تطاوين سنة 2007 من أهم التجارب في حياتي :


في "حوازة عريف" و" الحوازة" في لغتنا العامية تعني ضيعة زياتين أما "عريف" فهي منطقة فلاحيّة بجهة جرجيس بالجنوب التونسي ، كنت في السنة الأولى من سنوات العطالة الستّ بقلب زيتونة منغمسا في الجني فرنّ هاتفي ليوقف ما كنت فيه من عمل ، رقم 75 يعني أن المتصل إداري أو من إحدى البيوت و لان لي عشيقة حينها تتصل بي في بعض الأحيان من هاتف بيتهم كان علي ان اقفز من أعلى الزيتونة فقزت احتراما للحاج والدي ، لكن المتصلة كانت من إذاعة تطاوين تعلمني بقبولي كمشارك في برنامج " المصدح الذهبي " ذاك البرنامج الذي تضمن إعلانه أملا في الشغل لمعطّل معدم و أستاذ في التنشيط الشبابي و الثقافي لكونهم اعلنوا ان الفائز في البرنامج سيتم انتدابه المهم لم أفكر البتة في خيبة الظن تجاه العشيقة التي لم تتصل و لم أفكر فيها أصلا بل ركضت بكل فرح طفولي باتجاه أمي لأزفّ إليها الخبر ، إن أكثر ما يوجع في التجربة هي تلك الفرحة التي عاشتها امي يومها ليقينها كيقني طبعا بكون استاذ في التنشيط الشبابي و الثقافي لن يفشل في إذاعة تطاوين ، المهم و لكون ملابسي متسخة بالزيتون كان عليّ أن أعود الى جزيرة جربة اولا من اجل الاستحمام و الاتجاه من هناك الى تطاوين التي لم ازرها سابقا و لكنّي فعلت و تنقّلت مدة شهر تقريبا لاشارك كلّ خميس في البرنامج و مع كل زيارة يقترب الحلم أكثر و اقنع أكثر و لكن حجر عثرة لازمني من الحصة الأولى كنت على يقين انه سيبعدني و يوقف الحلم ، توقّف الحلم في دور متقدّم نسبيّا و لكوني خارج لتوّي حينها من تجربة نقابيّة و سياسية ضمن الحركة الطلابيّة لم أفوّت الفرصة لأقول ما توجّب ان يقال و انأ على المباشر من ذلك ان المنشّط طرح على المشاركين جميعا السؤال التالي :
- لو نجحت و تم قبولك للعمل في إذاعة تطاوين هل ستلبّي أذواق المستمعين ؟
أجاب الجميع بــــ " نعم طبعا " فالتفت اليّ المذيع مبتسما و قال : 
- و أنت يا جمال 
فأجبت :
-قطعا لا ،لان الأستاذ الكبير صالح جغام حينما طرح عليه نفس السؤال تقريبا" لماذا تصرّ على أغاني فيروز و مرسال خليفة و لا تلبّي أذواق المستمعين ؟" أجابهم بالقول " من قال لكم أن دور المنشطّ هو تلبية أذواق المستعمين ؟ دور المنشّط هو الارتقاء بالذوق العام "
أما حجر العثرة الذي صادفني فخيّرت ان يكون ردّي خاتمة المشاركة ليقني اني تلك الحصّة هي الاخيرة ، ذاك الشخص وهو صديق الان لا بل اكتشفت أخيرا انه من الرفاق كان من الحصّة الأولى يرغب في حشري في زاوية التاثر بجمال الصليعي كلّما قدّمت نصّا من نصوصي في ختام الحصّة المهم كان ردّي بطرح السؤال التالي :
- هل يمكن اعتبار جمال الصليعي صاحب مدرسة شعرية في تونس ؟
قال لي نعم فاردفت :
- إذا يشرّفني كثيرا إن انتمي إلى تلك المدرسة و يشرّفني أكثر إن تحيلك نصوصي مباشرة إلى جمال الصليعي ،
و انتهت االتجربة عند ذاك القول و لكنّ الجميل فيها هو ذاك الحب و الاحترام المتبادل الذي جمعني بمعد البرنامج و معوّضه ، معوّضه رافقنا في حصّة واحدة لهذا سقط اسمه من الذاكرة للأسف أما المعدّ وهو الصديق المبدع شوقي القبطني     الذي أسعدني منذ لحظات باتصال هاتفي جمعني به بعد 11 سنة من التجربة ، لك كلّ الحب صديقي شوقي و لإذاعة  تطاوين  وافر مشاعر الاحترام و التقدير و التحية لجميع كادرها الإداري و التنشيطي و العمالي، ليس مشروطا ان ننجح في جميع التجارب التي نخوضها لان ما نتعلّمه من الفشل اكبر بكثير ، احبكم جميعا

ــــــــــــــــــــــ

جمال قصودة : شاعر تونسيّ مدير تحرير موقع أنتلجنسيا للثقافة و الفكر الحرّ