الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
تفادى خيار الحرب على غزه الخيار الإستراتيجى....د.ناجي صادق شراب
تفادى خيار الحرب على غزه الخيار الإستراتيجى....د.ناجي صادق شراب

إنتهت جولة التصعيد ألأخيره على غزه، والتي كانت ألأكثر ضراوة وشده عن سبع جولات سابقه،لسبيين  رئيسيين، الأول عدم رغبة إسرائيل وحماس بالدخول في حرب شامله، والثانى بفضل الدور المصرى الضاغط هذهالمره بقوه، لكن هذا التوقف والذى سيلحقه إتفاق تهدئه لا يعنى أن الحرب باتت بعيده، بل إن المواجهة الأخيره خلقت دافعا قويا ومقلقا أن الجولهالقادمه ستكون الحرب مباشره ، ولن يمهد لها بجولة تصعيد جديده ، بمعنى أن تكتيك التصعيد لم يعد قائما وخصوصا من جانب إسرائيل. وهنا الخطوره . والسؤال المهم الذى ينبغي أن تسعى له كل الأطراف المباشره والدول ذات الصله كيف يمكن تجنب الحرب؟ هذا السؤال مطروح الآن على أجندتى حماس وإسرائيل والدول الإقليميهوالدوليهالمعنيه.والسؤال بصيغة أخرى أي من الخيارات يمكن أن يجنبنا خيار الحرب؟

الإجابة على السؤال تعنى تحولا دراماتيكيا في علاقة إسرائيل بحماس، فأساس العلاقة ومنذ سيطرة حماس على غزه تحكمها الحرب بدليل ثلاث حروب في ست سنوات في حاله غي رمسبوقه، من 2008 إلى ،2014 وكانت الحربالرابعه على أبواب التصعيد ألأخير، ويبدو أن الهدف والقاسم المشترك لهذه الحروب واضح، إسرائيل تريد أمنا وهدؤ في غزه بإعتبارها منطقة أمن أولى لا يمكن أن تسقط من حساباتها الأمنيه،فاى تطور فى قدرات المقاومه يشكل تهديدا ،وهذا دافعا قويا للحرب، وحماس تريد رفع الحصار والعقوبات، وبدونها خيار الحرب هو ألأقرب، لأن بالحرب يمكن لحماس ان تبقى قويه من الإستمرار في الحصار الذى قد يفقدها شعبيتها ،وإحتمال مواجهات وإحتجاجاتداخليه،فالمفاضله هنا واضحه، هناك مصلحة لإسرائيل في بقاء حماس قويه بدون تهديد امنى ، ومصلحة لحماس في تهدئه تحفظ لها بقائها وقوتها. إشكالية إسرائيل الكبرى في العلاقه مع حماس ان البديل لحماس حماس أيضا، البديل الاخر الفوضى وإنتشار الجماعات المتشدده، وبالتالى وضع إسرائيل امام خيارات الإحتلال الكامل والعوده لإدارة غزه، وهذا مستبعد تماما، ويتعارض مع أولوياتها الإستراتيجيه العليا. وحماس لجأت لكل الخيارات لرفع الحصار،خيار الحرب، وخيار اللجوء لتشكيل حكومة توافق تتحمل مسؤولية مباشره لمشاكل غزه دون المساس بهيكلية وبنية حماس، وأخيرا وهو الخيار الأكثر فعالة مسيرات العوده بما صاحبها من مواجهات وسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى ، لكن ينبغي الوقوف عند نقطه مهمه على الرغم من أهمية خيار المسيرات إلا أنها لم ترفع الحصار بل تحولت لآداة قويه للتصعيد والتمهيد لخيار الحرب من جديد، وهنا الإشكاليه الكبرى لحماس إستمرار المسيرات مع إحتمال التصعيد والحرب اوالقدرة على الحفاظ على إستراتيجية حافة الهاويه. وضرورة البحث عن مخرج مشرف ، ويواكب حجم الشهداء والجرحى والتدمير،كل هذا له دلالة سياسيه أن كل الخيارات السابقه لم تمنع خيار الحرب، ومن هنا ضرورة التفكير الجدى من قبل كل الأطراف والدول الإقليميهوالدوليه وخصوصا مصر والأمم المتحده وأوروبا وحتى الولايات المتحده بالبحث عن إجابات في كيفية تجنب غزه الحرب،لأن الحرب القادمه ستكون مدمره ، وكارثيه على مستوى كل من إسرائيل وغزه بل المنطقه كلها وإن كانت لغزه بالتأكيد ستكون كبيره جدا.وما ينبغي أن تدركه إسرائيل أن خيار رمى غزه في البحر لم يعد قائما، وان تدرك حماس أنها لن تحقق إنتصارا عسكريا على إسرائيل في الحرب،. والتساؤل من جديد اى من الخيارات يمكن ان يحقق تفادى غزه الحرب؟

أولا خيار التهدئه : وعلى أهمية التهدئه من منظور إنسانى ، ولا يمكن تصور أكثر من مليونيين نسمه يعيشون في أصغر وأكثر مناطق العالم كثافة أن يعيشوا بلا أمل ، وتحت حصار وعقوبات . ولكن السؤال هنا هل يمكن للتهدئه أن تبعد خيار الحرب؟ هذا يتوقف على ماهية التهدئه، ومدتها وتفاصيلها،إشكالية خيار التهدئه انها لا تمنع خيار الحرب ، وهذا ما أثبتته التجارب السابقه، وثانيا أن التهدئه التي تريدها إسرائيل غير التي تريدها حماس.وثالثاانها تهدئه غير مكتوبه ، وهذا عامل آخر انها قابله للإنهيار تحت اى حدث بسيط. تبقى التهدئه خيارا مؤقتا , ويحتاج لمرحلة ما بعد التهدئه.من حل ملف الأسرى ، ومدة التهدئه وعناصرها، والبعد السياسى ، فلا يوجد إتفاق حتى تهدئه بدون ثمن سياسى.

الخيار الثانى الذى يجنب غزه الحرب بالكامل وهو إمتداد للخيار السابق ولكنه مثالى ومستبعد، وهو تصور إتفاق شامل بين حماس وسرائيلبموجيه تعترف حماس بالإعتبارات ألأمنيه لإسرائيل، وتتحول المقاومه لسلاح وظيفى بحماية الحدود، ويتضمن إعترافا ضمنيا، مقابلأن تقوم إسرائيل برفع كل الحصار والسماح بممر بحرى وجوى ، ولكن إشكالية هذا الخيار الإعتراف بحماس يستوجب إعترافا مقابلا من حماس.وهذا سيفقدها كم مقومات مرجعيتها ، ولا أعتقد حماس وصلت لهذه المرحلة من المراجعة .

والخيار الثالث وهو خيار الحرب ، وهذا الخيار أيضا مستبعد كخيار دائم، ويحمل في طياته مزيد من الخسائر للطرفين،وكما أشرت لا يعمل هذا الخيار لصالح حماس، لأنه سيفقدها قوتها التفاوضيه ، وقوتها كفاعل فلسطيني وإقليمى له حضوره، هذا الخيار يضع حماس امام مسؤوليتها المباشره، وهذا قد يتعارض مع أولويات وخيارات حماس كحركة لها مرجعيتهاالدينيهوألأخوانيهالسياسيه، وهناك مصلحة في الحفاظ على بقاء حماس قويه.

اما الخيار الأخير وهو ألأكثر واقعيه،ويشكل الخيار المكسب لحماس ولجميع ألأطراف خيار المصالحهالفلسطينيه المصحوب بخيار التسويه.وفى سياق هذا الخيار تقوم الأطراف المعنيه بدور مباشر وضاغط في إتجاه إتمام المصالحه بمعنى التمكين السياسى الشامل، وتفر ضعلى إسرائيل تقديم الإستجابه لرفع الحصار، وتقوم الحكومهالفلسطينيهالشرعيه والمعترف بها بحلول لكل مشاكل غزه الوظيفيهوالخدماتيه وإعمار البنية التحتيهوبالتالى لا يكون لحماس مبرر للمسيرات ، والذهاب للخيار العسكرى ، ومقابل التعهد وألإلتزام من قبل الحكومهالفلسطينيه بالهدوء المتبادل، وبالتالى لا يكون لإسرائيل أي مبرر لفر ضحصارها، ومن هذا الخيار يتم العمل على مستويين الأول إجراء الانتخابات وإعادة صياغة النظام السياسىالديموقراطىالتعددىالتشاورى، والذى يفرز مؤسسات شرعيه لها حق بلورة مشروع وطنى فلسطيني ملزم للجميع، ويتواكب هذا الخيار مع خيار التسويهالشامله التي هي الضمانهالنهائيه لخيار الحرب وتفاديها ليس على مستوى غزه بل على مستوى المنطقه، من خلال هذا الخيار يتم الإعتراف بحماس فاعلا شرعيا كأى فاعل فلسطيني آخر,هذا الخيار هو الخيار ألأكثر فعاليه وموضوعيه، والقابل للتنفيذ.بدون ذلك خيار الحرب يلوح في ألأفق القريب.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]