الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
تقرير : المياه المالحة تفتك بحياة سكان غزة ولا حلول في الأفق!!
تقرير : المياه المالحة تفتك بحياة سكان غزة ولا حلول في الأفق!!

ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا تداعيات الحصار البيئية على قطاع غزة منذ أكثر من 12 عامًا وذلك إثر دراسة أجراها المركز الأمريكي "راندر" للسياسة العامة في الشرق الأوسط، أشارت إلى أن 97% من مياه قطاع غزة غير صالحة للشرب بحسب المعايير الدولية، وتباعاً؛ بلغت نسبة الوفيات من الأطفال بفعل الاضطرابات المعوية الناجمة عن تلوث المياه 12%.

حول هذا الأمر يشير الخبير المائي م. رياض جنينة، مدير "مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين" (منظمة أهلية تعمل على تطوير مصادر المياه)، إلى أن 25% من الأمراض أو أحد مسبباتها بقطاع غزة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتلوث المياه.

ويؤكد جنينة على أن المياه الواصلة لبيوت المواطنين عبر الوصلات الأرضية للبلديات، لا تصلح إطلاقًا للشرب الآدمي، وإنما يقتصر تصريفها على الاستخدامات المنزلية كالجلي والشطف والاستحمام.

ولذلك يلجأ المواطنون منذ سنوات ليست بالقليلة لاقتناء مياه الشرب عبر شاحنات متجولة مقابل 10 شواكل عن كل 200 لتر تقريبًا.

ويحذر الخبير المائي المهندس بشار عاشور، من أن جزءاً كبيراً من محطات التحلية التي تتولى فلترة المياه غير مراقبة حكوميًا وفيها نسبة تلوث قد تصل إلى 25%، وذكر أن الكثير من هذه المحطات لا تعتمد على المعايير الصحية لمياه الشرب المحلية أو الدولية.

ويشدد عاشور على ضرورة قيام وزارة الصحة بدورها في متابعة هذه المحطات مخبريًا للتأكد من صلاحيتها للاستخدام الآدمي.

وبحسب الدراسة الأمريكية، فإن 33% من متوسط دخل سكان غزة يدّخر في شراء الماء، وفي العالم الغربي تصل النسبة لـ0.7%.

وتقدر معطيات غير رسمية عدد محطات التحلية في قطاع غزة بـ140 محطة خاصة، أو تابعة لمؤسسات غير حكومية.

 

غير صالحة

بدوره، أفاد جنينة أن المياه التي تأتي عن طريق البلديات لا تصلح للشرب مطلقا، وحتى استخدامها في الاستحمام له تأثير على البشرة.

لكنه نبه في الوقت ذاته إلى أن بعض البلديات خطت خطوات جيدة نحو تحسين جودة المياه إذ بدأت بضخ المياه وتحديدا (بلديات غزة ودير البلح وخان يونس) لبيوت المواطنين في أوقات معينة وهو ما يحل بعض المشاكل، وفق تقديره.

وأشار جنينة إلى مشكلة وجود الآبار المختلطة المفتوحة على بعضها منذ عشرات السنوات، لافتًا إلى أن أغلب المياه العادمة (المجاري) القادمة من بيوت المواطنين تحتك بجزء كبير منها بالمياه الجوفية، إذ لا يكاد بيت من بيوت غزة لا يحتوي على بئر صرف صحي خاص به وهو ما ينتهي بتصريفه إلى المياه الجوفية.  وأعرب عن أسفه لأننا "نعيش على مسطح من التربة الملوثة".  وتابع: "إذا استمر الوضع على ما هو عليه فنحن على مشارف كارثة مائية".

كانت الأمم المتحدة حذرّت في سبتمبر من عام 2015 بأنه بحلول سنة 2020 سيصبح قطاع غزة منطقة غير صالحة للعيش والحياة، وعليه فإن ما تبقى 3 % من المياه الصالحة للشرب ستنفذ في ذلك الوقت.

وفي مارس من عام 2017 عقد مؤتمر المانحين الدولي في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ونجح حينها في جمع 565 مليون دولار لاستكمال الدعم المالي لأضخم مشروع مائي في فلسطين لصالح برنامج المحطة المركزية لتحلية مياه البحر.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا في حينه، أن مؤتمر المانحين لبرنامج التحلية المركزية لغزة جمع 80% من التكلفة التقديرية للمشروع.

لكن وبفعل استمرار الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن المشروع ربما يجد صعوبة في البدء به في ظل حديث السلطة الفلسطينية عن عدم تمكنها من إدارة شؤون القطاع.

 

أمراض وتلوث

وذهب المختص في أمراض الباطنة والصدرية الدكتور بسام ناصر، في تقديراته للواقع المائي في غزة أكثر من سابقه، إذ أكد أن الكارثة واقعة فعلًا مستندًا إلى إحصاءات تفيد بانتشار أمراض الكلى بشكل يومي مشيرًا إلى أن 2400 شخص يخضعون حاليًا لعلاج غسيل الكلى بالقطاع.  ويصف ناصر هذا الرقم بالخيالي بالنسبة لعدد السكان البالغ عددهم مليونين.

وذكر ناصر أن أمراض الكلى والقولون والتقرحات المعوية من أكثر الأمراض المرتبطة بتلوث المياه.  وعزا انتشار الأمراض إلى شرب واستخدام المياه الملوثة، فضلًا عن المأكل والمشرب والنباتات المستهلكة والتي تنبت من أرض مشبعة بالنترات، بالإضافة للمبيدات الخطيرة التي تتغلغل في التربة. وما كان يجري من تهريب لتلك المبيدات عبر الأنفاق الأرضية مع مصر قبل عام 2013.

ونبه إلى أن تسعة من بين عشرة أشخاص لديهم مشاكل في الكلى بدرجات متفاوتة، حتى أن بعض الأسر يخضع أغلب أفرادها لجلسات غسيل الكلى ويقترب بعضهم من مرحلة الفشل الكلوي، كما يقول.

وبيّن أن أغلب الأمراض المرتبطة بتلوث البيئة والمياه تتنوع بين أمراض الدم والسرطانات والقلب.  وقال: "الإنسان كما الزرع ما يتغذى عليه ينمو عليه".

وفي الربع الثاني من عام 2018 الحالي ذكر المجلس النرويجي للاجئين أن 7% من الأطفال بقطاع غزة يعانون من توقف النمو، و35% من الأراضي الصالحة للزراعة غير متوفرة، ولا يستطيع سكان غزة الاعتماد على أكثر من 2-4 ساعات من الطاقة الكهربائية المستمرة في اليوم.

 

الحروب سبب

بدوره، أشار عاشور إلى خطورة ما تحتضنه الأراضي الزراعية من مواد سامة بفعل الحروب الاسرائيلية التي أسقطت آلاف الأطنان من المتفجرات داخلها، والتي تسمح مياه الأمطار بتغلغلها إلى باطن الأرض وصولًا إلى الخزان الجوفي.

والحلول برأي جنينة تكمن بالجوانب السياسية المتعلقة بشكل أساسي في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، وثانياً تحلية مياه البحر، وثالثاً توفير الطاقة لغزة حتى يمكن دعم محطات تحلية المياه.

ولخص عاشور سرده بأن غزة تعيش الكارثة بتطور ديناميكي مخيف جدًا، متفقًا مع من سبقه، بأن الحل الآني يكمن في تحلية المياه في ظل غياب الإمكانيات المادية والتقنية".