الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في امتحان حيفا إما يُكرم الفلسطيني أو يهان.... تميم منصور
في امتحان حيفا إما يُكرم الفلسطيني أو يهان.... تميم منصور

  قال أحد الأدباء الفرنسيين أثناء الاحتلال الالماني لباريس ، يكفي أن تُقام حفلة في باريس ويعزف فيها النشيد الوطني الالماني ، لنعرف ما معنى الاحتلال !!

وعندنا مئات الحفلات العنصرية التي اقيمت فوق تاريخنا ووجودنا ، حتى عرفنا ما معنى ضياع وطن واحتلال ليس فقط الأرض بل كرامتنا ووجودنا .

آخر مسرحية " نائب رئيسة بلدية حيفا " لم يبق صوص في اليمين ، إلا وحاول الصراخ ورفض وجود " رجا زعاترة " نائباً لها – حيفا المدينة الفلسطينية التي تحمل تراث وهواء ورائحة ونبض الصفحات التاريخية - من نتنياهو ودرعي الى العربي المتأسرل يوسف حداد – لا نريد القول – حتى أنت يا بروتوس _ لأن تاريخنا يحمل المئات من وجوه بروتس ، ولكل مرحلة تاريخية كان لها بروتستاتها. لا أريد ان اعرف من هو يوسف حداد ، الذي حشر نفسه وموقفه ورأيه في موقع " الواينت " وربما نشره في مواقع أخرى، أو في الصحف الصفراء التي نتعاطى معه ، وبالتأكيد ان الاعلام الاسرائيلي ، خاصة اليمين منه سوف يستثمر هذا الموقف لصالح القوى اليمنية داخل المجتمع الاسرائيلي . قبل ان يكمل بنيامين نتنياهو مهمته باعتباره رأس الحربة التي يشق بواسطتها اليمين الفاشي في اسرائيل ، لفرض المزيد من الحصار والقيود ضد الجماهير العربية ، سارع السيد يوسف حداد نشر كلمات تحريضية تبرر سياسة نتنياهو التضليلية في آخر معركة يخوضها من أجل البقاء . اللغة التي استعملها يوسف حداد في دعم موقف نتنياهو وسياسته من مسألة تعيين عضو عربي في بلدية حيفا نائباً للرئيس ، هي لغة الطابور الخامس المعروفة عبر التاريخ ، اللغة التي تنصر الباطل على الحق ، وتنصر الظالم على المظلوم ، وتدعم القوى على الضعيف ، لم نسمع مثل هذا اللفظ الا من قبل شخصيات امريكية أو بريطانية أو فرنسية ، وأحياناً كندية واسترالية ، عندما تعتدي اسرائيل على أية دولة عربية ، خاصة قطاع غزة أو سوريا ولبنان . عندما يتشدق هؤلاء بمقولة من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها ولسان حال يوسف حداد كما نشر في موقع " لواينت " يوم الاثنين الماضي يقول : نعم من حق بنيامين نتنياهو ان يدافع عن عنصريته ومن حقه الاستمرار بجلد المواطنين العرب ، يتلخص موقف يوسف برفضه رفضاً قاطعاً شرعية تعيين رئيس قائمة الجبهة الديمقراطية ، حزب شرعي ممثل في الكنيست ، نائباً لرئيسة البلدية ، هذا الموقف المدان والرخيص ، يذكرنا بمواقف مشابهة لامثال يوسف حداد من المواطنين العرب عندما صفحوا عن نتنياهو ، بعد تصريحاته العنصرية الدامية ضد المواطنين العرب ، فقد صفحوا له ، وصدقوا كذبة وتزيفه وهو يدافع عن موقفه بعد اصدار قانون القومية العنصري ، وصفحوا له بعد ان اتهم الشهيد ابو القيعان الذي قتل وهو يدافع عن بيته في قرية أم الحيران ، عندما أقدمت قوات الاحتلال على هدمه ، ومن أجل تبرير نتنياهو لهذه الجريمة سارع نتنياهو الى اصدار بيان برر من خلاله ادعاءات الشرطة ، وأعلن على الملأ أن ابو القيعان عضو في منظمة داعش الارهابية . ان التعابير التي نقلها موقع " الواينت " على لسان يوسف حداد تعبر عن موقف خطير للغاية ، وسابقة لم يحدث مثلها من قبل ، من أقواله مثلاً " ليس من حق العرب في حيفا ان يكون من بينهم نائباً لرئيس البلدية ، وهذا يعني انه اذا انطبق على حيفا ، فإنه ينطبق على جميع المدن المختلطة ، من الناصرة العليا ، الى تل أبيب يافا ، اللد والرملة .

لماذا استكثر السيد يوسف حداد هذا المنصب على مواطنين عرب فلسطين يعيشون في ارضهم ووطنهم وفي مدينة حيفا ، قبل السكان اليهود بمئات السنين ، ان هذا التنازل عن هذا الحق الشرعي يعتبر دونية قدمها يوسف حداد الى نتنياهو والى كل عناصر اليمين الفاشي في البلاد . الأخطر من ذلك انه دافع عن تنازله ودونيته عندما قال : بأن زعاترة ومعه قائمة الجبهة في بلدية حيفا ، تتعاطف مع منظمات ارهابية ، وقد حدد نتنياهو هذه المنظمات وهي المقاومة اللبنانية ، والمقاومة الفلسطينية .

ان – حداد - تطاول على هذين التنظيمين المقاومين واتهمهما بالإرهاب ، مع ان الجمعية العامة للأمم المتحدة ، رفضت اقتراح امريكا قبل اسبوع ، الذي طالب الجمعية المذكورة بإصدار قرار باعتبار حركة حماس حركة ارهابية ،وقد جن جنون امريكا واسرائيل من هذا الرفض ، كذلك الأمر فإن جميع المؤسسات الدولية رفضت اعتبار المقاومة اللبنانية بأنها حركة ارهابية ، لأن هذه المقاومة حركة شعبية دفاعية ، ممثلة بالبرلمان اللبناني وفي الحكومة اللبنانية ، لقد تجاوز السيد حداد كل المعايير الدولة والشرعية دعماً لموقف نتنياهو العنصري . كذلك الأمر فإن السيد حداد زاود على اتهامات نتنياهو ، وجعل من نفسه قاضياً ممثلً لجميع سكان حيفا العرب عندما قال : بان زعاترة رئيس قائمة الجبهة في البلدية ، يدعم ويشجع اقامة أطر ومنظمات تنشط وتعمل على مقاطعة اسرائيل سياسياً واقتصادياً وثقافياً ، واضاف في مزايداته قائلاً : قائمة الجبهة في بلدية حيفا بكل مركباتها، تعارض قيام المواطنين العرب بتقديم الخدمة المدنية في مؤسسات الدولة ، السؤال : هل هذا الموقف يخص قائمة الجبهة في بلدية حيفا ، الحقيقة أن هذه سياسة الجبهة قطرياً ، ولم ولن تتغير هذه السياسة فيما لو بقيت قائمة الجبهة في بلدية حيفا خارج " الائتلاف البلدي " في رأيي من يدعي بمثل هذه الافتراءات هو انسان يعزل نفسه عن حقائق وثوابت قوانا الوطنية .

هل سيصاب السيد حداد بصدمة إذا عرف بأن جميع القوى الوطنية والقومية من العرب الداخل الفلسطيني ، تدعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية لأنهما تقفان بالمرصاد ضد سياسة التوسع الاسرائيلية ، وان جميع هذه القوى ترفض ما يسمى بالخدمة الوطنية ، مهما كلف الثمن ، كما أن هذه القوى تعمل جهدها لتقوية المؤسسات والأطر التي تساهم في فرض المقاطعة على دولة الاحتلال . الشيء الذي لا يعيه السيد حداد ان معلمه نتنياهو أصبح محاصراً ، كالثعلب في المصيدة ، أنه يعرف أكثر من غيره بأنه غير قادر على الافلات من قبضة القضاء الذي يكتشف كل يوم فضيحة جديدة بحقه وحق زوجته سيدة اسرائيل الأولى ، لكن نتنياهو يحاول كل يوم توسيع مساحة هذه المصيدة بإصدار تصريحات ، واتخاذ مواقف براقة وهو داخل هذه المصيدة ، أكثر المواقف لمعاناً وحساسية ، التي يلوح بها هي مسألة الأمن ، واشعال جبهة ايران ، جميعها لهايات هدفها اشغال وزرع القلق في نفوس المواطنين ، مع أنه لا يوجد أي جهة تهدد اسرائيل ، لأنها هي التي تهدد جيرانها . حاول قبل شهر الهاء المواطنين بعملية خاطفة في قطاع غزة ، فسقط كل شيء على رأسه ، فخرج مهزوماً ، معنوياً وسياسياً ، سارع بعدها الى مجال آخر ، كي يثبت نفسه ، ويجد منفذاً له يخرج من خلاله من القفص الذي يحاصره . نتحدث عن توسيع ابواب التطبيع مع عدد من الأنظمة العربية ، بدأها في عمان ، واليوم يتحدث عن السعودية وغيرها ، لكن هذا التبجح لا يحرره مطلقاً من المصيدة التي تحيط به لأن أي تطبيع مع أنظمة عربية فاسدة ، لم يغير من حاله ومن حالة الاكتئاب التي يعيشها . بعد ذلك ، نقل نتنياهو عيون الاسرائيليين الى جبهة جديدة ، وبصورة مفاجئة وبأسلوب مسرحي ، وأطلق عليها درع الشمال ، وهي حركة استعراضية أكثر منها استراتيجية ، ان ما يغيظ اسرائيل حتى الآن ، هو التزام حزب الله الصمت اتجاه هذه الحركة الاستعراضية على الحدود اللبنانية ، والكل يعتقد أن نتنياهو الذي لم ينتصر في أية معركة حتى الآن ، وأنه يتصف بالجبن والجعجعة الفارغة كما يقول خصومه ، ولا يملك اية خلفية عسكرية قيادية ، يجرؤ على فتح جبهة الشمال واشعال فتيل الحرب مع حزب الله .

وقبل ان يحسم موقفه من جبهة لبنان ، تذكر عرب الداخل الفلسطيني ،فقرر تنظيم حملة غزو عنصرية ضدهم كعادته ، لأنه لم يكتف بالقوانين العنصرية التي صدرت ضدهم ، آخرها قانون العنصرية الذي يفوق في خطورته مرحلة الحكم العسكري ، لقد بدأ نتنياهو غزوته العنصرية ضد المواطنين العرب بإصراره وتدخله في منع مواطن عربي يتولى منصب نائب رئيس بلدية حيفا ، هذا نوع خطير ومميز من العنصرية ، واذا نجح نتنياهو في محاولته ، فإنه أولاً يشبع جزءاً من شهوته وغريزته العنصرية ، لكنها ستصبح سابقة لحرمان المواطنين العرب من وظائف خدمية كثيرة ، اليوم نائب رئيس بلدية وغداً عضو بلدية ، ومدير مدرسة وعاملاً في مصنع وغيرها . المواطنون العرب أمام امتحان مصيري ، واجبهم التصدي لمثل هذه الظاهرة العنصرية التي يقودها نتنياهو بنفسه ، ونأمل من رئيسة بلدية حيفا ان ترفض وتتصدى لمثل هذا الغزو العنصري ، انه تجربة وامتحان لجميع المواطنتين العرب والقوى الديمقراطية اليهودية ، عليهم جميعاً كسر موجة هذا الغزو العنصري .