السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قصائد من ديوان 'أنّاتُ وطن' للشاعرة سلمى جبران
قصائد من ديوان 'أنّاتُ وطن' للشاعرة سلمى جبران

1- صحــــــــــــــراؤنــــــــا

عبقٌ من الماضي

تضوَّعَ في حِمايَ

وراقَ لي....

وغدَوْتُ أعدو في خيالي

في رِحابِ خمائلي....

ولِلحظةٍ، سادت بِيَ الأحلامُ

أنسَتْني مصائبَنا وأحيَتْني

فعِشْتُ زمانَهُم بزمانِنا

بمحبَّةٍ وتفاؤلِ

فانزاحَ من دربي

غمامٌ شاحِبٌ

وأعادَني لعزيمتي

فطَوَيْتُ سهلًا لَفَّني

ووصلْتُ صحرائي

يُخضِّبُها سوادٌ قاتِمٌ

ووجدْتُ أشباحًا تعومُ بنَفْطِها

وتحسُّ نوحًا مُلْكَها

وتَصُدُّ أرواحًا

لتُبْعِدَ عن سفينَتِهِ قتيلًا

إذ تُلَبِّسُهُ جريمَةَ قاتِلِ!!....

2- بيـــــــــن شـــــكٍّ ويقيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن

ترنو إليَّ بصحوةٍ

وتُعيدُ لي سرَّ الحياةِ

تدسُّ فيهِ الغافلينْ

رُدّي إليَّ مواقعي

وتناسَخي فيها، توارَيْ

في ظلامٍ أشرقَتْ فيهِ قلوبٌ

عمَّرَتْها جذوةٌ لا تستكينْ

"بنتَ العروبةِ هيِّئي كفَنًا"

لمن ماتوا عطاشًا للحنينْ

قم واستفق يا موْطنًا

عبثَ الزَّمانُ بروحِهِ

وانشلَّ فيهِ الحقُّ

واندثرتْ مآثِرُهُ فضاعتْ

بينَ شكٍّ ويقينْ!

3- الفــصـــــــــــــــــــــــــل الخامـــــــــــــــــــــــــس

وطني رجُلٌ حُرٌّ

وطني إمرأةٌ حُرّه

وطني أُنشودةُ عِشقٍ

وطني روحٌ

تتخطّى كلَّ الدُّنيا

وتُخفِّفُ أحزاني

وطني صيْفٌ وخريفٌ

وشتاءٌ وربيعٌ يرقى

وطني يتعالى فوقَ فُصولِهْ

وطني في الفصْلِ الخامِسِ موقِعُهُ

وطني يحضُنُني أحضُنُهُ

وطني لا يعرِفُ حَدًّا

لا يأْبَهُ بمكاني

لا يعبأُ بزماني!!

4- أمــــــلك منفـــــــىً

لن أُرضيَ في عُمْري

حقلَ سنابلْ

لن أَقلَعَ منهُ

أشواكًا شابَتْ

لن أحملَ في قلبي

آلةَ قَطْعٍ

فأنا غابت عنّي

أسنانُ مناجِلْ

وأنا تتمخَّضُ في روحي

أُغنيةُ الفلّاحينَ

وتَعمرُ فيها غلّةُ أيّامي

منذُ الأَزَلِ

تعلِّمُني أنّي

لا أملكُ في هذا الكوْنِ العامِرِ

إلّا منفىً لا يتعدّى

قَلَمًا وأنامِلْ!!ؤ

 

5- وطنٌ تحوَّلَ راهبًا

كم حَنَا البحرُ عليّْ

ظامئًا لغفوةٍ  بينَ يديّْ

كم تعالى هرجُهُ يتلو تراتيلَ

الهوى الْضاعتْ  بماضٍ غابرٍ،

متباعدًا عن ناظريْ

ماضٍ تعثّرَ في متاهاتِ المدى

متناسيًا، متجاهلًا عبَقَ الطّفولةِ

بينَ آهاتِ الزّمانِ ورافضًا

جَدَلًا أضاعَ هِدايتي

لم يُبْقِ لي غيرَ السّؤالِ

عنِ البقايا من تُرابِ خميلةٍ

كانتْ تعانقُ حيرتي

وتُعيدُ عافيتي إليّْ

ضاعَ التُّرابُ فلم أجِدْ لي موقعًا

تأوي إليهِ مواجِعي وطفولتي...

ضاعَ التّرابُ ورحتُ أبحثُ عنهُ

في وطنٍ تحوَّلَ راهبًا

في ديْرِ حُبّي

ناسِكًا يأبى الهوى...!

فطفقْتُ أبحثُ عن مناسِكِ حُبِّهِ

في داخلي...فوَجَدْتُهُ

وبدأْتُ أحياهُ بحُلْمٍ شاعِريّْ!!

قصائد من ديوان "أنّاتُ وطن" الصادر في أيار 2018 عن دار فضاءات-عمّان