أسبغت الوضوء ،دخلت المسجد لأصلي وجدت المجاري طفحت ، بحثت عن مكان يمكنني الصلاة به ،لم أجد ،خرجت من المسجد وقطع من الروث تلاحقني وانا أركض فزعا ،لا أذكر منذ متى وهذا الكابوس يطاردني ، بحت أخيرا لشيخ وقور في مسجد أدخله لأول مرة، نظر نحوي مشفقا : تحمل روحا طاهرة وجسدا مدنسا ولن يتطهر هذا الجسد أبدا ، أعطني عنوانك كي أطمئن عليك كلما سنحت فرصة .
خرجت أمقت نفسي غصة أنا في حلق هذا الكون ، لم أكن قد أتممت عامي السادس عشر ،لم يكن لي صديق غيره ،أذهب إليه نستذكر دروسنا ،رحل أبوه تاركا إياه وحيدا ،كنت الحل السحري لمشكلة أمه ،فعمه هددها بالحرمان من كل شيء في البيت والمصنع إن هي فكرت في الزواج ،طرقت في هذا اليوم الباب رحبت بي ، جلست أنتظره ولكنها دخلت في كامل زينتها :صاحبك ذهب مع عمه للمصنع وسيغيبا طويلا ، لابأس اجلس معي في انتظاره ،سحبتني من يدي لأجد نفسي أمام فراشها تمددت وأشارت نحوي بالقدوم ،تسمرت مكاني ،تحركت نحوي في دلال ،أمسكت بيدي ،عاودت تمددها رفعت يدي لصدرها العاري ،أشعر أني ألامس تمثالا من شمع ،سرت البرودة في جسدي الذي لم أعد أشعر به ،لم يستمر الوضع طويلا حين فكت شفرتي بسهولة ، تحسست خصري ،اشتعلت فذاب تمثال الشمع تحتي . ظلت ترتب لقاءنا ببراعة ،وطدت علاقتي بكل العائلة،لم تكن وفاة صديقي إثر حادث أليم كافية لاسدال الستار ! بل ازدادت شراهة !
سنوات وأنا لا أستطيع الفكاك حتى بعد تخرجي وتقدمي خاطبا إحدى زميلاتي ؛ قالت : لن أكون حجر عثرة في طريق سعادة ابني حبيبي ساساعدك في كل ما يلزمك لاتمام خطوبتك ،فقط عليك توقيع هذا الايصال . حين جاءني خبر وفاتها إثر نوبة قلبية تنازعتني الفرحة والحزن .
ذات لحظة راحة تنفست الصعداء بحت لزميلي بقصتي ،ما كدت انتهي حتى هاج وماج ، سأفضحك بالمدرسة ،وضعت يدي على فمه ،توسلت إليه ،سكت برهة ثم قال : سأمتعك كما لم تمتعك أم صديقك ، أنتظرك الليلة . ظلت علاقتي به سنوات لا أذكر عددها حتى جاءني عقد خليجي ، وقفت أمام المرآة لأرى نفسي لأول مرة ، وجدت رجلا مسنا قد تاه خلف وجه مذعور لشاب في مقتبل العمر ، وقع عقدا مع الدنس نقده العربون ألف عام من القذارة . حين اطلع الوكيل على كشف درجات الطلاب أصابه الهلع ، طلب مني تعديل الدرجات ، رفضت ،اتصل بصاحب المدارس الذي جاء على عجل : - هل تتصور أن تليق هذه الدرجات المتدنية بطلاب مدرسة أهلية؟ - هذا المستوى الحقيقي للطلاب. - ولماذا لم تضع برنامجا للنهوض بمستواهم ؟
- وضعت ياسيدي ولكن الاستجابة ضعيفة . - عليك تعديل الدرجات ، اكتب إجابات صحيحة بيدك اليسرى حتى لا تقع تحت مساءلة . أسير في الطريق الصحيح لأصير منبوذا من نفسي ، في مكان ما بين العتمة والنور شيء يخصني ،الخطيئة أمام الناس ليست في وضع مساحيق تخفي خلفها ملامح قذرة ، بل في الإصرار على عرض الحقيقة مجردة حتى تصل إلى أن تخلع عنك جلدك وترقص بعظامك فقط ،حينها سترى النفور و الاشمئزاز ! كيف تتصالح مع هذا العالم المتوحش ؟
تحولت الحياة الحلم للواقع النكد ،ها هو الشيخ يؤكد أني سأموت مدنسا ! ولكني لن أموت مدنسا لن أعود للمدرسة ومعي من المال ما يكفي لأعيش متفرغا للعبادة ، ها قد صرت قريبا من شقتي ، لن أخرج منها إلا للصلاة ، فتحت الباب يسبقني شعور بالاطمئنان، أظلمت الغرفة تمددت مستريحا ، يا إلهي أشعر بأنفاس تحيط بفراشي أشعلت المصباح ،فتحت عيني وأغلقتها ،خمسة رجالات تحيط بفراشي ، أشار أحدهم لي بالنهوض فوزير الثقافة في عوامته بالنيل في انتظارك ،لم أستوعب مايدور ولكني تذكرت هذا الوزير الشاذ ،لعنة الله على هذا الشيخ فهو الوحيد الذي أعطيته عنواني .