الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حكومة الخلاص الوطني ....رامي الغف
حكومة الخلاص الوطني ....رامي الغف

  يحتاج الوطن اليوم إلى حكومة خلاص وطني، تُنهي آلام وهموم المواطن الذي سأم الشعارات المُستهلكة المبنية على أساس المصالح الضيقة الخاصة، وإن بقت هذه الشعارات، ستقضي على ما تبقى من الشعب الفلسطيني. الحكومة الجديدة أمامها تحديات كبيرة وكثيرة ستحتاج لارادة فولاذية وسواعد قوية وعقول نيرة، والبدء أولاً بإخماد نار الفتن والتشرذمات وتطمين المواطن وإعادة جسور الثقة بين المواطن والحكومة، وهذا يتطلب مزيداً من الجهد والوقت والعمل، ونبذ الحزبية المقيتة، فلقد أصبح الوطن الفلسطيني اليوم مُستهلِكاً بعد أن كان مُنتج ومَصْدر للكثير من المُنتَجات الإستهلاكية والمعمرة، والتي كانت تكفي لتلبية حاجة المواطن الفلسطيني، وبالتأكيد لن تجد الحكومة الجديدة سوى أرض قاحلة جرداء وشعب متذمر، حيث سيكون على عاتقها، وضع حلول وخطط كفيلة بتحويل الأرض القاحلة إلى أرض مِعطاء مُنتجة. إن اختيار وزراء مهنيين ليس بالأمر المستحيل لخدمه الجماهير، وإن المشاكل المستعصية في الوطن تقتضي إنهاء كل أنواع المحاصصات والمشاركات المبنية على الإصطفافات والمساومات غير المسئولة، وعلى هذا الأساس فإن اختيار أشخاص كفوءة وأمينة وحريصة بات ضرورياً للحكم والمسؤولية في فلسطين في المرحلة القادمة، فاختيار وزراء يجب أن تتم بمعزل عن التدخلات الحزبية، وعلى الأحزاب أن لا تتدخل في عملية التعيين، لأن ذلك يعتبر من الظواهر السلبية التي يمكن أن تؤثر بوضوح على سير العملية الوطنية، ومن الضروري أن يخضع طريق الاختيار إلى المواصفات الإدارية والمهنية، وأن تتشكل لأجل ذلك لجان من الخبراء والمستشارين الإداريين والمهنيين تساعد على اختيار هياكل متقدمة لإدارة الوزرات، وكلما كان الاختيار جيداً وصائباً كان أفضل. إن إختيار وزراء مهنيين ونزيهين وصادقين بعيداً عن حركات الالتفاف كفيل بإنجاح كل مفاصل الدولة وإدارة شؤونها، وكفيل بالقضاء على كافة التوجهات الخاطئة، فوطننا قادر على رفد العملية السياسية برجال أكفاء يتمكنون من إدارة الدولة من دون حاجة إلى خيارات حزبية، وقادرين على تحقيق النجاح وفق مبدأ العدالة واحترام حقوق الإنسان. وفي تقديرنا إن الخطوة الأولى نحو العلاج الحاسم والجذري يكمن بتجسيد برنامج وإستراتيجية واضحة لمثل هذه الحكومة يمكن إجمالها في الخطوط الأساسية التالية:. انتهاج سياسة اقتصادية تتمشى مع مقتضيات هذه المرحلة الصعبة. مد جسور التواصل بصورة أكبر بين الحكومة والجماهير. إنشاء مجالس للشكوى في كل محافظة من محافظات الوطن مهمتها دراسة حالات الفساد الإداري والشكاوي التي يتقدم بها المواطنون ضد مؤسسات الدولة المختلفة. ترسيخ دولة المؤسسات وبناء دولة القانون وإتباع الأصول الإدارية والمؤسساتية وفق مبدأ المواطنة ورفض التفرد والقرارات الارتجالية. بناء المجتمع والدولة واحترام حقوقه المرأة في كافة المجالات المختلفة. توفير بيئة صالحة ومناسبة لتنمية طاقات وقدرات الشباب والطليعة. رعاية وإعمار المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية رعاية الجامعات العلمية ودعم استقلالها، وإعادة النظر في المناهج التعليمية في كل المراحل بما يجعلها مواكبة للتطورات العلمية وبما يعزز الوحدة الوطنية. ضمان استقلالية شبكات الإعلام الفلسطينية والهيئات والمؤسسات الإعلامية العامة ووكالات ومنابر الأنباء الفلسطينية ومنع التدخل الحكومي في شؤونهما والالتزام بالقوانين المنظمة لعملها. وضع خطة تنمية شاملة للبناء والأعمار مع الأخذ بعين الاعتبار وإعطاء الأولوية للمناطق المحرومة والمتضررة والمهمشة. الإسراع في تأهيل قطاع الطاقة المياه الصالحة للشرب. تشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية بما يساهم في التنمية والأعمار وبما يحفظ الوحدة الوطنية. الاهتمام الفائق بالقطاعين الزراعي والصناعي وتقديم الدعم لإنمائها. تطوير نظام للتكافل والضمان الاجتماعي لمعالجة الفقر والبطالة والتخلف. تطوير مؤسسات التعليم والبحث العلمي ورعاية الكفاءات العلمية وتوفير الأجواء بما يحول دون هجرتها. دعم ومساندة طلاب الجامعات والمعاهد العليا، وإيجاد فرص عمل للخريجين والخريجات. بناء أجهزة الدولة عامة على أساس الكفاءة والنزاهة والإخلاص والمهنية. بذل كل العناية والاهتمام برجال الأمن والشرطة، وتوفير كل الإمكانيات المادية والمعنوية في سبيل رفع كفاءتها الفنية والمهنية. آخر الكلام: لقد آن الأوان ولا مفر، فلقد وصلت الأمور إلى نهاياتها وبلغت النهايات إلى غاياتها، فلم يعد الشعب صبوراُ، ولا في الوقت متسع ولا في المكان حيز، ولم يبق في الفضاءات من أفق، فلقد آن أوان العمل والتغيير والخلاص من الألم والهموم والمعاناه، آن أوان التعمير والبناء، وعلى الحكومة الجديدة أن تتحرك بجميع الإتجاهات طالبه السند والدعم الشعبي والجماهيري، متسلحه بالإيمان والحزم.

إعلامي وباحث سياسي