الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نميمة البلد: رواتب الوزراء.... 'جريمة الفساد' الاقبح ....جهاد حرب
نميمة البلد: رواتب الوزراء.... 'جريمة الفساد' الاقبح  ....جهاد حرب

أبدأ مقالي بطرح قناعتي التامة بأن رواتب الوزراء، وفقا لقانون قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة 2004، غير كافية ولا تنسجم مع متطلبات المنصب واحتياجاته، وبأن أي تعديل للقانون ونقاشه ينبغي أن يكون في وضح النهار وليس في الغرف المغلقة وفي جنح الليل.

إن ما جرى تداوله من وثائق وإقرار رئيس الحكومة السابق برفع رواتب الوزراء، وبغض النظر عن طريقة الترفيع بموافقة الرئيس أو علمه بناءً على طلب بعض الوزراء كما جاء في تعقيبه عبر صفحته على الفاسبوك، تشير الى "جريمة فساد" مركبة؛ الاستيلاء على المال العام بقرار سياسي "مجلس الوزراء".

فالحكومة الفارطة خالفت القانون وخرقته وهي المؤتمنة على تنفيذ القانون وحمايته، والحكومة الفارطة لم تعلن عن قرارها الذي يفترض أن يُنشر على موقع مجلس الوزراء أو في الجريدة الرسمية ما يشير الى ان الحكومة الفارطة نفذت هذه "الجريمة" مع سبق الإصرار والترصد لإخفاء "جريمتها" ومنع المواطنين من الاطلاع على أعمال الحكومة. ووقعت في محظور تضارب المصالح؛ فكيف يمكن للوزراء رفع رواتبهم لأنفسهم!، وخالفت اعلاناتها المختلفة بالتقشف وحسن تدبير المال العام. كما أن التبريرات التي جاءت على لسان رئيس الحكومة الفارطة ينطبق عليها الوصف "عذر أقبح من ذنب" أو المثل" أجا يكحلها عور عينها"

صحيح أن "جريمة الفساد" هذه ليست الأكبر أو الأعلى هدرا أو استيلاءً على المال العام لكنها هي الاقبح من بين جرائم الفساد التي شهدتها السلطة الفلسطينية على مدار السنوات الفارطة، ومفاعليها الاسوأ لناحية تعميق انعدام الثقة بالنظام السياسي وزيادة قناعة المعتقدين بوجود فساد بالسلطة؛ وهي نسبة عالية أصلا. كما أن المسؤولية عنها لا تطال فقط من اتخذ القرار ومَنْ أشار على الرئيس أو على رئيس الحكومة بذلك الترفيع بل أيضا كل موظفٍ شارك في خرق القانون وصمت عنه من أجهزة رقابية أو مالية في السلطة الفلسطينية.

وفي ظني انه لا يمكن الاكتفاء بقرار الرئيس محمود عباس القاضي بوقف تنفيذ قرار "جريمة" ترفيع الرواتب، وقرار رئيس الحكومة محمد اشتيه بتأكيد سريان القانون على أعضاء حكومته فهي إجراءات ترقيعية لا ترقى الى علاج المشكلة، وهي لن تمنع أحداً في المستقبل من القيام بذلك بما أنه لن يخضع أحد للمحاسبة في هذه القضية. وكان الاجدر برئيس الحكومة إحالة الامر إلى هيئة مكافحة الفساد وليس للرئيس.

هذه الواقعة "الجريمة" تضع رئيس الحكومة د. محمد اشتية تحت الاختبار لكيفية الفاظ على المال واسترجاع المال "المنهوب" الناجم عن قرار الحكومة الذي تضمن قرارا ماليا بأثر رجعي، وهي في الوقت نفسه فرصة لرئيس الحكومة لاتخاذ سلسلة من القرارات والاجراءات التصويبية والوقائية لمنع حصول مثل هكذا "جرائم". كما أن هذه الواقعة تلزم رئيس الحكومة الحالي بنشر قرارات مجلس الوزراء، وبشكل بارز التي لها أثر مالي، عقب كل جلسة والتحلي بشفافية عالية، وهي فرصة لإقرار قانون حق الحصول على المعلومات التي منعت الحكومة الفارطة بمماطلتها إصداره طول السنوات الست الفارطة.

كما أن هذه "الجريمة" القبيحة تضع الصديقين رئيسي هيئة مكافحة الفساد والنائب العام على المحك لفتح تحقيق في أول قضية من هذا النوع، تشغل الرأي العام، منذ شغل منصبيهما حديثا في وقت هو الادق على المستوى الداخلي والاصعب على المستوى السياسي، والامر هنا يحتاج الى السرعة والحسم في هذه القضية.