الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
«الصمت في حرم الجمال »قراءة في ديوان ... بقلم الاديب المصري صابر حجازي
 «الصمت في حرم الجمال »قراءة في ديوان ... بقلم الاديب المصري صابر حجازي


 ايمن ابو الدنيا شاعر شاب، وصوت عذب من الأصوات الشعرية في شعرنا  المعاصر، بدأ مسيرته الشعرية منذ فترة، إذ صدرت له أول مجموعة شعرية بالفصحي تحت عنوان
 (الصمت في حرم الجمال) 
وتوالت مجموعاته الشعرية في الصدور
 اذ  صدر لة بالعامية المصرية 
(  رحلة عمر) 
 بمقدمة للشاعر الكبير" ابراهيم رضوان" عبارة عن قصيدة يثني فيها 
علي الديوان وصاحبة
ثم الديوان الثالث
 (غدا ستغدو  راحلا ) 
بمقدمة وتحليل ادبي بقلم الاديب الكبير
 محمد رضوان" الشهير بـ    "دودو الجباس""
  وكذلك مقدمة ثانية بقلم الناقد الادبي" شكري دعبس"
ومن يتعمق في قراءة المجموعات الشعرية التي صدرت للشاعر يدرك أنه عمل على تطوير مضامينه الفكرية، وأدواته الفنية بدأبٍ وإخلاص بوصفها الوسيلة الأولى للسير على طريق الشعر الطويل.

 وستقارب هذه القراءة السريعة ديوانه الشعري الاول  
  (الصمت في حرم الجمال)
يقع الديوان في(96)صفحة من الحجم المتوسط ويضم (40 ) قصيدة تترواح بين الطول والقصر عن دار  "النخبة "  الطبعة الاولي( 2018 )في شكل انيق 
يضم هذا الديوان قصائد عديدة ومتنوعة في موضوعاتها 
 بيد أن الرؤية العامة في هذا الديوان تتألف من بعدين أساسيين هما: 
البعد الديني والبعد الانساني، وهما يمتزجان معاً امتزاجاً عضوياً بارعاً؛ الأمر الذي ضمن لهما درجة عالية من النضج والعمق والتكامل

واول قصيدة في الديوان  تحمل عنوان (احب الله 

وان كنت حقا تحب الاله
فسوف تري الخير
صوب رضاه
ومن ذا يناجيه طمعا وخوفا
وهو المجير  لمن  ناداه 
اذا كنت حقا تناجية حبا
فيا  سعد  قلبا  احب الاله

ص7

القصيدة في معمارها الفني تتلاءم مع البعد الديني الذي يصوره الشاعر،، والأنغام الموسيقية العذبة التي تتدفق من الألفاظ الرقيقة المموسقة ذات الإيقاع المنساب، يشد عناصر هذا البناء بعضه ببعض؛ لتشكل وحدة نفسية ومعنوية.

* *  *
والناظر المدقق في قصائده العاطفية يجدها تمتاز بالصدق، والطابع الرومانسي الحالم والشفافية، وتتسم بالرقة والعذوبة، زاخرة بالمعاني العميقة، والصور الشعرية المشرقة والمكثفة بأضوائها الساحرة.

الصمت في حرم الجمال جمال
يا فرحة بالقلب تحيي النبض
تجدد الامال
كيف الوصول الي هواكي؟
وذاك ضرب من خيال
عيناك لؤلؤتان ساحرتان
والخد  زهر  من الرمان
والعود    بان
والشعر منساب كموج البحر
يعانق الشطان
وانا الغريق العاشق الولهان

من قصيدة الصمت في حرم الجمال ص 21

* * *
المتأمل في تجربة الشاعر الإنسانية يدرك أنه يمزج في شعره الخاص بالعام، فينبثق من همّه الوطني همه القومي، ومن همه الذاتي الهم العام، وأن الخاص الذي ألحَّ عليه في قصائده يتعين أن يتوحد في العام في تجربته الشعرية يقول 

لا تقل موتا احل
بذمرة المسلمين
لا تقل فجرا وضاع
في غمار الحاقدين
لا   تقل   كنا  وكانوا
لا   تكن كالتافهين
لا تقل بحر الهوان
سقطنا  فيه
فما  هوي   الا   المهين
إنا  بنو  الاسلام  لا   نرضي   بذل
ولسنا  خائنين

من قصيدة فرسان خير المرسلين  ص 73
* * *

و نجد ان الشاعر يرتدي أحيانا عباءة القاضي، ويأخذ في تقديم الحكم والنصائح والتوجيهات إلى المتلقي، فيتحول من شاعر العواطف والصور الفنية والتعبير الموحي إلى الشاعر الحكيم يقول:

ياساقي الشر والكره  البغيض 
اما  اكتفيت من حقد وطغيان
هلا   رويت ولو   يسيرا
شجرة الحب والاخلاص والايمان
هلا   بعثت فينا  رحمة  ومودة
ومروءة   تحيي  الانسان 

من قصيدة  نبض  شاعر  ص  60

*  *  *
إن المتلقي في سياحته بين صفحات الديوان يلتقي لا ريب قصائد متعددة عول فيها الشاعر على استخدام أدوات شعرية متعددة؛ لتجسيد رؤيته الشعرية، ويلحظ أن أدواته قد امتزجت امتزاجاً بارعاً بأبعاد رؤيته الشعرية.
من اللغة والصورة والإيقاع 


بحبك يا مصر
يامصر إنت  أمي
ياساكنه  دمي
يا بلسم جروحي 
في  صمتي وبوحي
بحبك  يا مصر
ولادك  معاكي
قلوبهم  فداكي
ولو  يوم  تنادي
تلبي قلوبنا 
يا غالية نداكي
بحبك  يا مصر

من  قصيدة  بحبك  يا مصر  ص 19

*   *   *
إن أصالة التجربة الإبداعية لدى الشاعر أكسبت شعره طابع البساطة والرقة، فهو قادر على أن يبعث في المفردة المنتقاة نبضاً متجدداً، وجوّاً ثرياً، بالإيحاءات والدلالات الغنية.

فو الله   لولا  الله
ما نبض الفؤاد  
ولولا  فضل  الله 
ما خشعت  قلوب
ورحمة  الله  هبة
منه  تجمعنا
والله نرجو
وعفو   الله
غاية كل مطلوب

من قصيدة  الموت  ص 84

* * *

وأخيراً، لقد استطاع الشاعر أيمن احمد إبراهيم وشهرتة أيمن ابو الدنيا وهو من مواليد قرية الاخيوة محافظة الشرقية مصر عام 1973وحاصل علي بكالوريوس خدمة اجتماعية بفضل موهبته الفنية، وثقافته الواسعة ومقدرته اللغوية وبأسلوبه الأصيل والمتميز أن يصقل ويطور أدواته الشعرية الفنية، ويسمو بها نحو الإبداع والتجديد ليلائم مقتضيات التطور والحداثة في المسيرة الشعرية المعاصرة.