سألوا رأسمالياً عربياً عن مؤهلاته و سر تحوله إلى رجل "رأسمالي"
قال لهم و ببساطة: أنا رجلٌ "رأسْ ما لي"
إنّ الرجل هنا ليس فقط بلا حكمة و لا عقل
بل هو ـ أصلاً ـ بلا رأس ليعقل به؛ و لا حكمة لِيَحكُمَ بها!
هكذا هو حال الأمة الآن و ساستها ؛ لا يتوفرون لا على الحكمة و لا على أدواتها؛
لا على العقل كعملية لازمة لسياسة و حكم الشعوب، و لا على العقل كأداة من أدوات الحُكم و السياسة!
لقد أمسى ساسة و حكام و حكماء الأمة اليوم ـ و في أفضل أحوالهم ـ لا يتوفرون على شيء إلا و معه نقيضه، كتلك التي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا!
أو كالذي يُمَغْنِط قضيب الحديد في اتجاهين متعاكسين؛ لتكون النتيجة و دائماً؛ طَحْناً و لا طِحْنا، مَخْضاً ولا زُبدا!
و لو أخذنا أمثلة من واقع أمتنا و ساستها و نخبتها اليوم؛ لا شك سنتوقف طويلاً و كثيراً كي نفهم؛ هل نحن ـ حقاً- مع مبدأ الشرعية أم ضده؟
و هل الشرعية ـ حقاً و فعلاً ـ للشعوب أم لمصالح و فائدة الحكام و السلاطين؟!
هل نحن مع تحرير الأرض و الإنسان مهما كانت التضحيات؛ أم نحن مع التحرير الذي أبدلنا عنوانه من الخضوع و التسليم؟!
هل نحن – مثلاً - مع دعم و تقوية جهادات غزة و كسر الحصار الخبيث عليها أرضاً و شعباً و سماءً، كجزء من تحرير كامل تراب فلسطين؛ أم أننا مع منهاضتهم و كسر شوكتهم إزاء أكبر طغيان و جبروت في العصر الحديث؟!
هل نحن ملتصقون حقاً بثابتة تحرير الأرض كل الأرض؛ أم نحن مع صفقة القرن و السير وراء كل ذي ذَنَبً و قَرن؟!
هل نحن مع تَغْلِيب الحكمةِ؛ أم مع غَلَبِهِا؟!
مع حتمية إعلاء صوت الكلمة ؛ أم لَجمها و وَئْدِها؟!
مع تحرير و تعظيم الإنسان العربي و كشف إمكانياته، و تنمية قدراته على الفعل و رَدّ الفعل؛ أم مع أَسْرِهِ و تقييده و تصفيته و تجريده من كل فائدةٍ و نَفْع؟!
هل نحن ملتزمون حقاً برسالتنا في الحياة على هذه الأرض كخير أمةٍ أُخْرِجَتْ للناس؛ نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر ونُقيم العدل قَدْر الوُسْعِ على كل أنحاء و جَنَبات الأرض؛ أم نحن محض شعبٍ؛ أيّ شعبٍ حريصٍ على حياةِ أيّ حياة؟!
هل نحن أُمة أرضٍ و شعب و حياة حقيقية طبيعية على و فق و نهج ناموسها الذي ارتضاه لها الإلهُ جلّ في عُلاه؛ أم نحن أمة شعب جاء إلى هذي الأرضِ ليحقق غرور و طموحات الحكام و الملوك و السلاطين،
و يحافظ على تيجانهم و عروشهم و يسير مع سياسات تبديل و تغيير كل الثوابت و المباديء و الدساتير من أجل تثبيت البروتوكولات و الأوامر و المراسيم؟!
خلاصة القول وعلى كل الأحوال..
نحن كأمة صاحبة رسالة حقيقية على هذه الأرض من الإله الواحد الحق؛
إنْ مَلَكْنا ـ من أمر الأُولى ـ خيار الإفراط و التفريط من أمرنا على مساحة المكان في فترة ما من فترات الزمان..
فنحن ولا شك لا نملك ـ من أمر الآخرة ـ من شيء؛ أيّ شيء
و إنْ نحن إلا مُبْتلون جميعاً بما نحن فيه
و أنّ الله وحتماً ـ شئنا أم أبينا ـ بالغ أمره
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.
***