الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بسام الشكعة ... حيث تكون الوطنية....عدنان الصباح
بسام الشكعة ... حيث تكون الوطنية....عدنان الصباح

 آخر زيارة كانت لي للراحل الكبير المناضل القومي الصلب بسام الشكعة الى بيته بعد مرضه كانت برفقة عائلتي وكان هدفها الاطمئنان على صحته حين كان يعاني المرض ومنذ ذلك التاريخ لم اعد الى البيت الذي ظل قبلة للوطنية والوطنيين في فلسطين لعقود وعقود.

كان الاعتراف برمزية ابا نضال قائما على دوره الكفاحي والوطني وعلى صموده المتواصل والتزامه القومي اللا محدود ولم يكن لذلك أي علاقة بانتمائه السياسي فلقد عاش ورحل وهو الاكبر من كل حزب او فصيل او جهة ولم تنحني هامته يوما ولا انكسرت ارادته رغم انهم قطعوا ساقيه الا ان هامته ظلت تناطح السحاب.

عديدة هي اللقاءات التي عقدناها بقيادة ابا نضال بهدف القيام بدور ما في مواجهة ما يجري للقضية وطنا وشعب وكان دائما حاضرا ومستعدا بلا تردد لأي فعل نسعى اليه ما دام الهدف منه مصلحة الوطن والشعب ولم يقدم ابدا مصلحة جهة او حزب او بلد على مصلحة فلسطين قضية وشعب الا بإيمانه الذي لم ينقطع بان قضية فلسطين هي قضية كل العرب وكل احرار العالم

بعد ظهور اعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية او ما يسمى زورا باتفاقية اوسلو فهو لم يرقى ابدا الى مستوى الاتفاقية كان لا بد من تحرك ما ضد هذا المشروع الذي كان سيؤدي الى ما ادى اليه بعد اكثر من ربع قرن من تطبيقه وقد شكل الاعلان في حينها صدمة لكل الشعب الفلسطيني وحلفاءه ومناصريه في كل العالم ولم يجري على الارض أي تحرك حقيقي للرد على ذلك الاعلان الذي يتحدث صراحة عن حكم ذاتي من العنوان نفسه وقد وجدنا في الراحل بسام الشكعة نقطة التقاء للجميع واذكر من بين الاسماء التي تنادت للقاء الدكتور عبد الستار قاسم والناشط سعادة ارشيد والمرحوم المحامي صالح ابو عيدة واخرين والتقينا في منزل ابو نضال في نابلس لنبحث عن فعل ما او رد ما وتوالت اللقاءات وكان علينا ان نعقد احد اللقاءات في جنين ولم نجد مكانا يستقبلنا ما دام القصد مناهضة اوسلو فاجتمعنا في بيتي وبحضور ابا نضال والذي لفت انتباه الجميع الى ان ما جمعنا آنذاك كان الوطن القاسم المشترك الوحيد بيننا فلم تكن تربطنا اية روابط فصائلية او حزبية وكل همنا كان الوطن وبذا لم نختلف كما فعل ويفعل الاخرين وببساطة كان الاجتماع ناجحا وكان التوافق سهلا واحد منا لم ينازع ابا نضال على القيادة فلقد ظل وسيبقى رمزا وطنيا لكل شعبنا بل وللعرب ايضا في كل مكان.

بعد ذلك عقدت العديد من الاجتماعات واللقاءات الصغيرة والمغلقة والجماهيرية ولن انسى ما قدمته به يوما ليلقي كلمته بكلمات لن تغادر روحي

الق عكازتيك ما أنت أعرج ...................... انما نحن جوقة العرجان

الق عكازتيك كي نتملى  ......................... كيف تمشي قوائم الشجعان

كل محاولاتنا للفعل لم تصل حد النجاح او القدرة على احداث تغيير حقيقي ما فلقد ظللنا طوال الوقت افراد بنوايا طيبة وكان لا بد من ان  نستعين بالجميع وان نتواصل مع غيرنا ولذا وافقنا على حضور المؤتمر الوطني في دمشق والذي وصل اليه ابا نضال وكان على منصة الرئاسة وحين عاد والتقيناه لم يكن يشعر بالرضا ابدا وقد عبر عن احساسه بان ما يجري ليس على قاعدة الوطن والشعب والامة بل على قاعدة المصالح وقد قال ذلك للمؤتمرين هناك ولمن التقاهم وقد كانت تلك اخر زيارة له للخارج.

بعد حالة الانقسام التي لا زلنا نعيش دعانا ابا نضال لاجتماع في بيته وقمنا بصياغة نداء للوحدة وحاولنا ان نجمع عليه اكبر قدر من الموقعين واذكر ان ابا نضال كان حريصا على ان يوقع اولا شيخ المناضلين المرحوم بهجت ابو غربية وقد حملت البيان الى عمان والتقيت ابو غربية الذي رفض التوقيع على البيان موضحا انه يرفض موقف اللا موقف في البيان الذي يساوي بين الطرفين وانه لا بد من ان نحدد موقفا واضحا لا نقف محايدين في قضية الوطن والشعب وحين عدت الى زملائي ونقلت لهم راي الراحل ابو غربية كان رد ابا نضال بسرعة وبلا تردد " بهجت على حق ".

حين كان بسام الشكعة واحمد شوقي موسى ووحيد الحمد الله وخالد العوض " رئيس بلدية قباطية الاسبق أمد الله في عمره " وابو هشام العارضة وكريم خلف رؤساء بلديات المدن الفلسطينية الفاعلة وكانت لجان التوجيه الوطني كان الوطن وكانت الوطنية فعلا حاضرا لا يغيب وكان الانتماء لفلسطين قبل أي انتماء على الاطلاق ولذا استطاع اسم بسام الشكعة ان يجمع اليساري والقومي والعلماني والمتدين معا في سبيل فلسطين واليوم وابا نضال يغادرنا ونحن غياب يكاد السؤال الذي لا يغيب هل اصبحت او هل بات من الممكن ان تصبح حكاية الوطن والوطنية من الخرافات أم ان وطنا انجب بسام الشكعة لا يمكن ان يكون عاقر وان جفت الينابيع مؤقتا أو رغما عنها.

لم أعد الى بيت ابا نضال بعد زيارة الاطمئنان العائلية تلك فلم اكن اريد ان اراه مريضا وكنت اود الاحتفاظ به حيا كما اعرف ولم اشارك بجنازته ولم اذهب للعزاء به فمثله لا يوارى التراب ومثله لا يعزى الافراد به أيا كانت صلتهم به بل كل الشعب وانا واحد من شعبه اتلقى التعزية كما كل وطني وقومي وحر على وجه الارض فسلام لرفيق الكفاح الجامع للوطن ... سلام لرجل ظل حاضر الوفاء وسيظل وفاءه حاضرا ابدا.