الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
اجندات متعددة... و حقيقة سورية واحدة ...د.باسم عثمان
اجندات متعددة... و حقيقة سورية واحدة ...د.باسم عثمان

(هواجسها ومخاوفها من تداعيات تحرير إدلب, دفعها لاستعجال تأزيم الأوضاع ولقبولها بما كانت ترفضه,ولاستعجال استنساخ الكيان الإسرائيلي شمالا ًوشرقا ًبالنكهة التركية والانفصالية… ودَعَتها منطقة اّمنة رغم التكريد و التتريك على غرارالتهويد … ورأت في انفصالييها وأردوغانها عكاز بقائها اللاشرعي على الأراضي السورية, والذي رأى نفسه ضامنا ً للحلم العصملي, وراّه السوريون عدوا ًوقحا ًضامنا للإرهاب والاحتلال البائد لا محالة .. واعتبروها فرصة لاستلاب السيادة ولإبراز العضلات بالوكالة, لكنهم بَدوا تائهين وربما سيتحولون إلى نادمين... فهذه سورياليست أرضا ًمشاعا ًلعربدتكم وأوهامكم.)

 لقد بدأت فصول القصة الفعلية في 17\2\2016 عندما أُطلق في مدينة (رميلان) وبزعامة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ما يسمى "وثيقة النظام الاتحادي الديمقراطي الفيدرالي في روج آفا" – شمال سوريا,لإقامة “إدارة حكمٍ ذاتي” في الرقة وعين العرب وعفرين والجزيرة, وكافة الأراضي التي سيطرت عليها ميليشيات “قسد” بدعمٍ مطلق من قوات الاحتلال الأمريكي والفرنسي, وبالتنسيق الكامل مع كافة التنظيمات والمجاميع الإرهابية المتواجدة هناك وعلى رأسها تنظيم“ داعش”الإرهابي.

 الكاوبوي الأمريكي:

ففي البداية لم يكن السوريون يعرفون الكثيرعن مّا سُمى “قوات سورية الديمقراطية” ولا عن أهدافها, لكن الأيام كشفت نوايا مطلقي هذا المشروع المشبوه… و يقوم على الطاعة العمياء للسيد الأمريكي, وبادعاءات محاربة الإرهاب, فقد رأى العالم كله مرور وعبور الإرهابيين وإمداداتهم عبر مناطق سيطرة ميليشيات “قسد”, وكان لهم “شرف” حضور حفلات نقل الدواعش عبر الحوامات الأمريكية إلى غير جبهات,… لكن الرئيس ترامب تراجع عن إعلان القضاء عليه في اللحظات الأخيرة, ليعود ويعلن عن إمكانية عودة التنظيم, ومؤخرا ً ليعلن رسميا ًعن عودته, لكن الأهم أنه حافظ على ذريعة وجود وتسليح ميليشيات “قسد”, والتي احتفظت بدورها عبر مخاوفها من العدو التركي, و"حقها بالدفاع عن نفسها" ومناطق “احتلالها”.

وفي السياق ذاته يمكن تلخيص الدّور التركيّ "الاردوغاني" في سوريّا،في عدّة نقاط:

1– استغلّت تركيّا علاقاتها مع العالم الغربيّ (أمريكا والاتّحاد الأوروبيّ ولاحقاً روسيّا)، في محاولتها الأخذ بزمام المبادرة في "الأزمة السّوريّة"، واعتبار نفسها لاعباً قويّاً، يُحسب لها حسابها في كافّة معادلات الحلّ النهائيّ، من خلال استغلالها للجوار الجغرافيّ.

2– طرح نفسها كدولة إقليميّة مؤثّرة وذات أهميّة استراتيجية بالنسبة لمصالح الدّول الغربيّة.

3– استخدام ذريعة “متطلّبات الأمن القوميّ التركيّ” للجم أيّ تحرّك دوليّ أو إقليميّ يقف في طريق اطماعها السياسية, مستغلة الورقة الكردية ( كمسمار جحا) في حسابات اجندتها الإقليمية.

4– التسهيل للعناصر المتطرّفة القادمة من كافّة أصقاع العالم، باستخدام أراضيها ممرّاً لهم للوصول إلى سوريّا، ودعمها بكافّة أسباب القوّة والانتشار. 

5– استنزاف الاقتصاد السّوريّ، بفتحها المجال أمام المجموعات المسلّحة بسرقة ونهب المصانع والمنشآت الصناعيّة السّوريّة، ونقلها وبيعها في تركيّا.

6– بعد حشر تركيّا أهدافها ودورها في سوريّا بمحاربة "الكرد"، غدت أداةً طيّعة بيد القوى الفاعلة, تبتزّها في العديد من القضايا،والتي تعاملت معها بمبدأ “الصفقات”.

7– غياب أيّ توجّه استراتيجي تركيّ يذهب باتّجاه استقرار المنطقة وإزالة أسباب التوتّر، على العكس تماماً، تميّز الدّور التركيّ بتصعيد العنف، وخلق صراعات هامشيّة، خاصّة الشيعيّ – السنّيّ، بما تطيل من عمر"الأزمة في سوريا".

8– غياب الثبات في المواقف التركيّة، وتذبذبها بين الانحياز الكامل للجهويّة الإخوانيّة، وبين رعاية مصالح الدّول الكبرى.

9– الانقسام بين الولاء لروسيّا والولايات المتّحدة الأمريكيّة، واستعدادها للتضحية بعلاقاتها الاستراتيجية، مقابل الحصول على مكاسب آنيّة.

10-عدم إيفائها بتعهّداتها مع القوى الكبرى، لعدم قدرتها على التزاوج بين طموحاتها الإقليميّة، وبين الشروط التي فرضتها عليها القوى الكبرى، وارتداد ذلك سلباً عليها.

11– الإصرارغيرالمجدي في فرض رؤيتها على المجتمع الدّوليّ، وانكشاف حجم النفاق الذي تمارسه، من خلال دعوتها إلى حلول مجتزأة، لا ترقى إلى مستوى إنهاء "الأزمة السورية" بالطرق السلميّة.

12– خيبة الأمل الأمريكيّة، في توظيف الدّور التركيّ في كبح محاولات تمدّد قوى اقليمية في المنطقة، وانقلاب تركيّا على التّحالف الدّوليّ في محاربة تنظيم “داعش”، والالتفاف إلى محاربة "الكرد"، وهندسة القوى الحليفة لها وفق هذه الذّهنيّة والتوجّه.

13– تبدّل أدوارها، تبعاً لسياساتها المستندة بالأساس إلى تقوية نفوذ الإخوان المسلمين، ومحاولاتها الحثيثة في فرضها على المجتمع الدّوليّ، كطرف وحيد لحلّ الأزمة السّوريّة.

14– نفوذ أجهزتها الاستخباراتيّة في التغلغل داخل هياكل حلفائها، السياسيّة والعسكريّة، والتحكّم بها، وفق مقتضيات المصالح التركيّة، الفتوى التي أصدرها  "مجلسها الإسلامي" إبّان عملية “غصن الزيتون” لاحتلال عفرين، وكذلك بيان الإخوان المسلمين حيال إنشاء المنطقة الآمنة في شمال سوريّا.

تركيا تؤكد أهدافها الاحتلالية:

 

 -تشكيل مؤسسة عسكرية متكاملة شمالي حلب:

اندماج جميعالفصائل المسلحة بضغوطتركية،إعلامياً فقط، تحت راية واحدة، ولكن ما تزال الفصائلية موجودة في صفوف المسلحين فكل مجموعة مرتبطة بقيادتها الفصائلية، ولا يزال الاقتتال في الأحياء المدنية، والمظاهر المسلحة داخل المدن وانتشار المقرات العسكرية في أحياء سكنية مستمراً.

شركات تركية تقتحم المنطقة:

تفرض شركات تركية خاصة واقعاً استثمارياً جديداً في تلك المنطقة، بعدما أقحمت نفسها ووضعت موطئ القدم بمشاريع كبيرة.

الرواتب بالليرة التركية:

الملف الأكثر ارتباطًا بتركيا على صعيد المواطنين ومعاملاتهم اليومية هو رواتب العاملين في المشاريع الجديدة والموظفين في المجالس المحلية والمدرسين والمؤسسات العسكرية، والتي حولتها أنقرة جميعها إلى الليرة التركية.

 -إشراف تركيا على التعليم:

ظهرت البصمة التركية بصورة جلية من الناحية التربوية، فتركيا أدخلت لغتها في المناهج واصبحت اللغة التركية لغة رسمية إلى جانب العربية في تلك المدارس، إضافة إلى ذلك، تسمّى العديد من المدارس بأسماء تركية.

 -مناطق تبدلت أسماؤها:

غالب البلدات والمدن السورية في مناطق سيطرة تركيا ومسلحيها تبدلت اسمائها لأسماء تركية، فمدينة الراعي أصبح اسمها /جوبان باي/ وباتت اسماء القرى والمدن والبلدات والاحياء والساحات العامة تكتب باللغة التركية والعربية.

الحقيقة السورية:

الدولة السورية أعلنت عن موقفها الرافض لأي مشروع تقسيمي, وتحذيرها لكل من “تسول له نفسه النيل من وحدة أرض وشعب الجمهورية العربية السورية تحت أي عنوان”, وتأكيدها مرارا ً أن “طرح موضوع الاتحاد أو الفيدرالية يشكل مساسا ًبوحدة الأراضي السورية, وأنه “يتناقض مع الدستور والمفاهيم الوطنية والقرارات الدولية” وأنه “لا قيمة ولا أثر قانوني له”.. واعتبرته عملا ًداعما ً للإرهاب وأنه يصب في خانة إضعاف سوريا، وأنها ترى في أي تواجد لا شرعي" عسكري" على أراضيها هو مجرد احتلال.

لكن هذا لم يردع الانفصاليين، واستمروا في العمل على تكريسالانفصال، وأقاموا هياكل الجسم الفيدرالي–التقسيمي, واستولوا على كافة مصادر الثروات المتنوعة على امتداد الشرق السوري, وبنوا بأيديهم القواعد الأمريكية, وحفروا الخنادق حول القواعد الفرنسية, وقاموا بتنفيذ كل ما من شأنه خدمة المشروع الأمريكي-الصهيوني. 

 ولعبت الإدارة الأمريكية على الحبلين التركي والانفصالي, ومضت في استغلالهما إلى أبعد مدى, فقد رفضت "المنطقة الاّمنة التركية" على مدى ثمان سنوات, ورفضت سحب السلاح الأمريكي من أيدي الانفصاليين, وحافظت على النقيضين, فالأتراك يتمسكون بادعاءات "امنهم القومي" وبمنع قيام أي شكل سياسي لكيان كردي لطالما دعاه الرئيس أردوغان بالإرهابي, فيما يمضي الانفصاليون تحت العباءة الأمريكية بتكرار مخاوفهم من عدوان تركي يجتاح مناطقهم .. من خلال علاقة تكافلية لم يعد بالإمكان إخفائها.

ومن الواضح أن مطالبة كلا الطرفين التركي والانفصالي بإنشاء المنطقة الاّمنة، أنهما يتفقان على اغتصاب الأرض السورية لكنهما يختلفان حول السيطرة, فأردوغان يريدها مناطق نفوذ تركي ولا يمانع بالإبقاء على مناطق الإدارة الذاتية وبهيمنة المكون الكردي من باب "الرشوة", فيما يريدها الانفصاليين منطقة اّمنة بقرار دولي أو أمريكي تمنحهم أحقية السيطرة عليها وإدارتها.

في وقتٍ تراقب فيه واشنطن الاندفاعة السورية–الروسية نحو تطبيق بنود اتفاق(سوتشي) بالقوة العسكرية، وربما إلى أبعد من ذلك فتحرير إدلب بات "قاب قوسين او أدنى".
فبعد لقاءاتٍ مكثفة تم الإعلان عن الاتفاق التركي-الأمريكي لإقامة المنطقة الاّمنة, وعلى إقامة مركز عمليات مشترك بينهما في “شانلي أورفا” أو “غازي عنتاب”, وقد يتوهم البعض بأن مبررات الرفض الأمريكي قد زالت, وزالت معها هواجس ومخاوف الأتراك والانفصاليين, مع تحوّل الإعلام للحديث عن طول وعمق المنطقة وعن ترتيبات لوجستية و إدارية, واّليات انسحاب الجماعات الإرهابية بحسب تصنيف كلٍ منهما,في حين أن الأمريكيين لم يفصحوا عن أيا ًمن تلك النقاط, وفضلوا الحفاظ على منسوب الغموض, وتركوا المجال مفتوحا ً للتوقعات والتكهنات, وربما لانتظار ردود الأفعال وقبض الثمن من كافة الأطراف.
سورية غير قابلة للقسمة.. لا رياضيا ولاحضاريا ولافكريا ولاجغرافيا!! لان التاريخ وصيرورته في الحاضريؤكد ذلك!! اقراوا التاريخ جيدا..؟!حتى لا تضعكم سوريا في مزبلتها التاريخية!!! هي الشاًم وطريق الحرير وعبق التاريخ وتراتيل السيد المسيح وحنين محمد لتجارته القديمة.