الأربعاء 15/10/1445 هـ الموافق 24/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
'الفنان' صفة من يستحقها؟! .... عبد الهادي شلا
'الفنان' صفة من يستحقها؟! .... عبد الهادي شلا

 

 هناك مسميات ومصطلحات خاطئة وألقاب يتم تداولها دون وعي من البعض أو جريا على عادة متوارثة.. ومنها أن

كل من تخرج من كلية أو معهد أو مدرسة للفنون يطلق عليه لقب"فنان" .


قد يكون هذا وصف يستخدم لهذه الفئة لكنه ليس متطابقا مع معنى"فنان" في جوهره،ذلك ان الفنان هو "المبدع".. "الخلاق" في عطائه بينما بالمعنى المتداول بين العامة فهؤلاء أصحاب صنعة مبهرة ينتمون إلى فئة أخرى وهم في كل المجتمعات لا غنى عنهم لإرضاء رغبات الأقل اهتماما بالفنون الرفيعة التي هي جوهر حديثنا هنا وأعمالهم في متناولهم.

 

بينما الأعمال الإبداعية الرفيعة دائما لها تقييم أخر وقيمة أخرى تتحقق من قبل المتخصصين وأصحاب القدرة على التقييم.


ولعل الجهل بمضمون الكلمات هو من يتسبب في هذا اللغط بالاضافة إلى عدم وعي ممن يكتبون بلا تمييز ولا معرفه حين يتاح لهم الحديث عن الفنون في وسائل الإعلام وفي المجالس العامة فيختلط الأمر على بسطاء الناس بمن فيهم بعض قليلي الخبرة ..!!!

 

هذه الحالة ليست قاصرة على الفنون الجميلة بما فيها الغناء والموسيقى بل هي عامة في عالم الثقافة والمسرح والسينما فدائما هناك لغط وعدم فهم لطبيعة كل إبداع على حدى أو مجتمعة مادام هناك من لا يبحث في جوهر الكلمة ومعناها والقصد فيها ومنها.

 

عالمنا المنفتح على مصراعية بات ملعبا لكل من هب ودب ليدلي بدلوه بوعي وبدون وعي ،وهذا في حد ذاته يصل حد المصيبة أو الكارثه إن لم يكن مقننا ومضبوطا بحسابات ووعي برسالة من يكتب أو يتحدث في تقييم الأعمال الفنية خاصة ونحن أمام قنوات فضائية ووسائل نشر لا حصر لها وبأكثر من لغة ولاشك أن هذه الوسائل لها سطوة على المتلقي وخاصة إن كانت بالصورة الحية من خلال الشاشات التي ترافق كل فرد تقريبا في أجهزة كثيرة متعددة تبدأ من التلفون ولا نهاية لها.

 

قد يتبادر إلى الذهن سؤال،وهو كيف لنا أن نـُحـِد من هذه الموجة التي تلوث أحاسيس ومشاعر المتلقي؟!

 

قد لا نـُوفق في إجابة محددة ،ولكن لابد من وضع تصور قد يجنب المتلقي الوقوع في براثن هذا الأخطبوط صاحب الأذرع الكثيرة ويتخلص من أخطاء وقعت عليها عينه أو وصلت سمعه أو قرأها في مقال،بأن نهيب بأصحاب الأقلام ومن على شاكلتهم بأن يتوخى كل حقيقة المصطلح الذي يريد من ورائه خيرا للمتلقي وان يطرحه بالشكل السليم والصحيح ولا يترك مجالا للكلمات المبهمة كي تتقاذف المتابع وتلقي به في هوة لا قرار لها فيتخبط دون وعي بما يصله ثم يكرره على أنه يقين فتتسع الفجوة بين المبدع الحقيقي وبين المتلقي الذي هو هدفه الأول والأخير من رسالته الفنية العالية الرفيعة.

 

نضع في تصورنا الحالة العامة التي تمر بها الثقافة والفنون بشكل عام من تخبط واختلاط طغى فيه "الغث" على "الثمين" وبات ظاهرة يحاربها كل حريص على أن تبقى حالة العطاء متجددة بإبتكار وتطور بعيدا عن الإسفاف وإنما بالبحث عن المستويات العليا والأخذ بيد المبدعين الذين نتوسم فيهم خيرا وإخلاصا في تقديم فن وثقافة راقية تحفظ للمسميات معناها الأصلي عندها سوف تسقط المسميات الدخيلة وتحتجب إن أحسن المبدعون في الفن والثقافة بوجه عام الأداء وتخيروا البيئة الصالحة لزرع عطائهم .