الخميس 10/6/1446 هـ الموافق 12/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الموت واقفا /بدوي الدقادوسي
الموت واقفا /بدوي الدقادوسي

  حين تطغى عليك الحياة وتمسك بتلابيب كبدك تعتصره اعتصارا وحين يجتمع حولك ملتوون ملونون كحرباء ، وتبحث عمن يشبهك فلا تجد فترى أن الحكمة ألا تكون منافراً مجافيًا، وتُبقي على جودك وكرمك وأصالتك ولونك وإن حجبت ألوانهم لمعان ونضرة وندرة معدنك. وتساير هذا وتجامل هؤلاء لعلك تغير وتبدل وتعدل اعوجاجهم، وتسعى لتكون بشوشاً ودوداً تغمرهم بلطفك وحسن منطقك لكن تيارهم جارف وأصبحوا كثر وإن حصرتهم، وريحهم عاتية، يرونك تسير ضد تيارهم وإن حملتك رياح مثمرة، وتغرد خارج سرب نغماتهم، فأنت نشاز لا تطرب ولا تشنف آذانهم وإن كان صوتك حسن فيه حلاوة وطلاوة، وتحسن الاستماع والإصغاء لتجادلهم بحكمة وموعظة، لكنهم اعتادوا الاستماع لأنكر الأصوات فتمايلوا وتثاقلوا وطالت آذانهم، وقصرت أبصارهم، ويمكرون بك ويحيكون كل دسيسة خسيسة..ومازلت تحلم بكل قويم وفاضل وبمدائن أفلاطون والفارابي، فقد اخترت أن تموت واقفا وهم أحياء نائمون