الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
كيف يمكن تجاوز عقبات إجراء الانتخابات التشريعية القادمة.؟..جهاد حرب
كيف يمكن تجاوز عقبات إجراء الانتخابات التشريعية القادمة.؟..جهاد حرب

إن موافقة حركة حماس في لقائها مع د. حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية، بتاريخ 28 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، على إجراء الانتخابات بشكل تتابعي، تشريعية ومن ثم رئاسية، أزاحت احدى العقبات الرئيسية لإجراء الانتخابات التشريعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما منحت اعتبار الانتخابات كمسار جديد لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة زخما واسعا بعد فشل الحوارات الفصائلية والاتفاقيات التي وقعتها في عواصم مختلفة، وعدم قدرة حكومة الوفاق الوطني على تنفيذ هذه الاتفاقيات في السنوات الخمس الماضية.

في المقابل أعادت رسالة الرئيس محمود عباس الموجهة لرئيس لجنة الانتخابات المركزية د. حنا ناصر بتاريخ 4/11/2019 النقاش في قضايا جوهرية للعملية الانتخابية تتعلق بتحديد أي قانون انتخابي سيطبق في الانتخابات القادمة وتشكيل محكمة قضايا الانتخابات، وأفراد الشرطة الذين سيقومون بحماية مراكز الاقتراع وشروط الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع اجراؤها.

بات المواطنون يريدون رؤية خارطة مستقبل تجيب على القضايا التفصيلية للعملية الانتخابية من خلال نقاش جدي للقضايا المتعلقة بالعملية الانتخابية في ظل ظروف معقدة ومركبة داخلية متعلقة بالانقسام وخارجية تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي؛ إذ ما زالت تجربة فشل إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة عام 2017 ماثلة ويحتمل تكرارها في الانتخابات التشريعية القادمة مما قد يأزم الاوضاع الداخلية أكثر وينهي فرصة المسار الجديد (اعتبار الانتخابات مدخلا لاستعادة الوحدة الفلسطينية).

تهدف هذه الورقة الى استعراض أهم التحديات والعقبات التي قد تعترض العملية الانتخابية. كما تهدف الورقة لتقديم توصيات للسلطة الفلسطينية والقوى السياسية لوضع حلول سياسية وتقنية قادرة على تجاوز العقبات من أجل استثمار فرصة الانتخابات في إطار استعادة الوحدة الفلسطينية وإعادة المشروعية للنظام السياسي الفلسطيني.

 

الانتخابات الضرورة ... ومشروعية النظام السياسي

مما لا شك فيه أن إجراء الانتخابات الفلسطينية حاجة أساسية لبناء نظام ديمقراطي يحظى بالمشروعية، خاصة بعد انقضاء تسعة سنوات على انتهاء مدة ولاية رئيس السلطة الوطنية والمجلس التشريعي في كانون ثاني/ يناير 2010، وفقدان النظام السياسي القدرة على الانتقال الديمقراطي في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية. كما باتت ضرورة لتجاوز أزمة استعصاء استعادة الوحدة الفلسطينية، وللحفاظ على مشروعية النظام السياسي الفلسطيني. ناهيك عن أنها باتت التزاما دوليا بعد اعلان الرئيس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الماضي مما قد يفسر على أنه استجابة لضغط دولي وبخاصة دول الاتحاد الأوروبي الممول الأكبر للسلطة الفلسطينية.  

إن حق المواطنين في اختيار ممثليهم في الحكم، بالإضافة إلى كونه حقاً دستورياً، فإنه يأتي كحل لمأزق سياسي بتآكل الشرعية لمؤسسات النظام السياسي الفلسطيني؛ بحيث لم يعد بالإمكان التشدق بنتائج الانتخابات التي جرت منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، وكحل لمأزق دستوري يتعلق بمدة ولاية المجلس التشريعي. كما أن إجراء الانتخابات التشريعية فرصة لإحداث توازن في النظام السياسي، وللحد من سطوة السلطة التنفيذية، ولخضوع المؤسسات السياسية للمساءلة، ولحماية الجهاز القضائي من التدخلات، وللتوسع في ضمانات الحريات العامة وحقوق الانسان، ولتعزيز استقلالية المجتمع المدني وتعدديته.

 

تريد أغلبية واسعة (72%) من الجمهور الفلسطيني إجراء الانتخابات العامة، وفقا لنتائج استطلاع الرأي (71) الذي اجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر آذار/مارس 2019، وترتفع نسبة التأييد لإجراء الانتخابات هذه في قطاع غزة (83%) مقارنة بالضفة الغربية (65%). كما ترغب أغلبية كبيرة (59%) من الجمهور الفلسطيني من حركة حماس المشاركة في الانتخابات التشريعية والسماح بإجرائها في قطاع غزة. مما لاشك فيه أن موافقة حركة حماس على المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة ستعزز التنافسية في الانتخابات التشريعية، وستتيح المجال لنقاش أوفر في المجلس التشريعي المنتخب ولتوطين الحوار الفلسطيني ومأسسته تحت قبة البرلمان. وهي فرصة متاحة لتوحيد الجهود الفلسطينية في مواجهة مشاريع التصفية والإجراءات الامريكية والإسرائيلية المتسارعة. وفي نفس الوقت، فإن الانتخابات التشريعية ستعيد الحق للفلسطينيين في اختيار مستقبلهم واتجاهاته من خلال تصويتهم للبرامج السياسية والاجتماعية عبر الاقتراع الحر، الامر الذي يتطلب تهيئة بيئة حاضنة لإجراء الانتخابات تضمن نزاهة الانتخابات وحريتها، وتضمن احترام القوى السياسية لنتائج هذه الانتخابات والتسليم بها.

 

التحديات والعقبات التي تواجه الانتخابات التشريعية القادمة

من المؤكد أن إنجاح الانتخابات التشريعية القادمة يتطلب انخراط القوى السياسية الفلسطينية في حوار جاد للاتفاق على الجوانب القانونية والفنية المختلفة للعملية الانتخابية. إن الانتقال من الحديث والمشاورات التي تجريها لجنة الانتخابات إلى اجراء الانتخابات فعليا يتطلب إيجاد حلول لتحديات وعقبات تعترض العملية الانتخابية من قبل الأطراف الفلسطينية المختلفة، وتقديم الإجابة على التحديات الأساسية الثمانية التالية:

يتمثل التحدي الأول بتحديد قانون الانتخابات الذي سيصدر على أساسه المرسوم الرئاسي الخاص بموعد الاقتراع للانتخابات التشريعية والرئاسيةـ أهو القرار بقانون الانتخابات رقم (1) لسنة 2007 أم قانون رقم 9 لسنة 2005 بشأن الانتخابات. أشار البند الثالث في رسالة الرئيس محمود عباس الى رئيس لجنة الانتخابات المركزية على " تجرى الانتخابات على أساس قانون النسبية الكاملة" هذا يعني تحديد النظام الانتخابي دون تحديد القانون الذي سيتم اعتماده لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. ينص القرار بقانون رقم 1 لسنة 2007 على هذا النظام "النظام النسبي واعتبر الوطن دائرة واحدة" لكنه في نفس الوقت يحمل عدد من التحديات تتعلق بمحكمة قضايا الانتخابات التي ستعالج الطعون الانتخابية، وجهاز الشرطة الذي سيقوم بحماية مراكز الاقتراع والنظام الانتخابي ذاته (سيصار لمعالجتها لاحقا في هذه الورقة) وهي جميعا تحتاج إلى اتفاق مسبق على العملية الانتخابية أو تهيئة البيئة المناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

ترفض حركة فتح الذهاب لحوار وطني قبل اصدار المرسوم حيث قال حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح "إنه بعد صدور المرسوم يبدأ الحوار الوطني الشامل بين كل اطياف العمل السياسي الفلسطيني لإنجاح الانتخابات ورسم معالم الشراكة الوطنية، والدعوة لإجراء الحوار الفصائلي قبل المرسوم الرئاسي تعني عودتنا إلى المربع الأول في حوارات طرشان لا تفضي إلى أي نتيجة." في المقابل تشدد حركة حماس وفصائل فلسطينية وازنة، وفقا لما جاء في بيان اجتماع الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية مع لجنة الانتخابات المركزية بتاريخ 28/10/2019، على أن يسبق المرسوم الرئاسي "لقاء وطني شامل للبحث في سبل النهوض بالمشروع الوطني ومواجهة التحديات والاخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية وللبحث في كافة الإجراءات والتفاصيل المتعلقة بالانتخابات وسبل نجاحها وتحصينها واحترام نتائجها وضمانات اجرائها بشكل شفاف ونزيه".

 

التوصية: على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الدعوة لحوار فصائلي ضمن سقف زمني محدود، برعاية لجنة الانتخابات المركزية، بغرض الاتفاق على قانون الانتخابات الذي سيصار على أساسه اصدار المرسوم الرئاسي القاضي بدعوة الناخبين للاقتراع في الانتخابات التشريعية والرئاسية. 

 

  

 

أما التحدي الثاني فيتعلق بالإرادة السياسية للأطراف الفلسطينية على مستويين الأول: اجراء الانتخابات بحد ذاتها. والثاني: يتعلق بضمان التتابع في اجراء الانتخابات العامة؛ التشريعية ومن ثم الرئاسية في أجل زمني قصير. تشير نتائج استطلاع رقم (71) الرأي العام الذي اجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية المسحية أن نسبة من 49% من الجمهور لا يعتقدون بأن الانتخابات ستجري قريبا في الأراضي المحتلة فيما تعتقد ذلك نسبة لا تتجاوز 38%. عدم اليقين هذا نابع من عدم ثقة المواطنين بأطراف الانقسام، وغياب الإرادة السياسية لديهم في القيام بخطوات جدية لاستعادة الوحدة.

ففيما يتعلق بإجراء الانتخابات التشريعية، من الواضح أن الطرفين الفاعلين (حركتي فتح وحماس) يرهنان اجراء الانتخابات بموافقة الحكومة الإسرائيلية في مدينة القدس و/أو التوافق الوطني وفي كلا الشرطين رهن للعملية الانتخابية، وفي الشرط الثاني توسع في مسألة التوافق لما هو أبعد من الاتفاق على تذليل العقبات أمام اجراء الانتخابات الى رؤية وطنية سياسية بحيث يمكن تعطيل العملية برمتها وعدم اجرائها.

يقول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح د. جمال محيسن إن اصدار " المرسوم الرئاسي من قبل الرئيس عباس، لا بد أن يكون مرتبطاً بنتائج الاتصالات التي تتم على الساحة الدولية الخاصة بعملية إجرائها في القدس، وأيضاً الحوارات التي تتم حول القضايا الإجرائية مع حركة حماس، حتى لا يصدر مرسوم، ويكون هناك قضايا إجرائية تعيق تنفيذ هذا المرسوم". ويرى عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن "حركته تريد تهيئة الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات الشاملة، وأن مشاركة القدس في الانتخابات مطلب وطني شامل، وحماس ستكون إيجابية ولن تكوى معطلة للرؤية الوطنية المتفق عليها" كما "يجب أن نذهب إلى الانتخابات بتوافق وطني ونريد ضمانات لاحترام نتائجها".

وفيما يتعلق بضمان التتابع في الانتخابات، أي اجراء الانتخابات الرئاسية بعد إجراء الانتخابات التشريعية، فإن التخوفات بعدم اجراء الانتخابات قائمة، فقد يتراجع الرئيس عن اجراء انتخابات رئاسية إما لفوز حماس في الانتخابات التشريعية أو لعدم رغبته في التنافس خوفا من الهزيمة، خاصة أن نتائج استطلاعات الرأي العام التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في السنوات الثلاث الأخيرة تشير الى تنافس حاد بين الرئيس محمود عباس وإسماعيل هنية في حال ترشهما في الانتخابات الرئاسية القادمة وان فوز الرئيس محمود عباس غير مضمون.   

 

التوصية: على الرئيس الفلسطيني محمود عباس اصدار المرسوم الرئاسي لدعوة الناخبين للاقتراع وتحديد يوم الاقتراع للانتخابات التشريعية، والاعلان عن موعد يوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية، بحيث تكون دعوة الناخبين للاقتراع للانتخابات التشريعية والرئاسية في مرسوم واحد بموعدين مختلفين لإعطاء المصداقية للعملية التتابعية.

 

ويتعلق التحدي الثالث بالحصول على الموافقة الإسرائيلية لإجراء الانتخابات في مدينة القدس الشرقية لضمان مشاركة المواطنين الفلسطينيين "المقدسيين" في المدينة بفتح مراكز الاقتراع فيها. يبدو من المتعذر الحصول على هذه الموافقة أو تقديم الطلب بذلك قبل معرفة مصير الحكومة الإسرائيلية وانتهاء مشاورات تشكيل الحكومة من قبل الأحزاب الاسرائيلية خاصة ان نتائج انتخابات الكنيست التي جرت في أيلول/ سبتمبر أبقت على صعوبة تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة مما يُبقي الامر مفتوحا على إمكانية إجراء انتخابات ثالثة في الأشهر القادمة.

التوصية: 1. على القيادة الفلسطينية الاستمرار في جهودها الدولية لضمان إجراء الانتخابات في مدينة القدس بالضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لفتح مراكز الاقتراع في مدينة القدس وفقا لنص بروتوكول الانتخابات. 2. إن تثبيت حق المقدسيين في المشاركة بالانتخابات الفلسطينية جزء من النضال الوطني والمواجهة المستمرة مع الاحتلال، ويمكن جعل الانتخابات عنوان جديد للمقاومة الشعبية داخل مدينة القدس، في حال رفضت الحكومة الإسرائيلية السماح بذلك، وفرض الإرادة الشعبية في هذه المدينة. 3.فتح إمكانية التصويت لسكان القدس في أي مركز اقتراع في محافظة القدس وغيرها من المحافظات بشرط التسجيل في هذا المكان مسبقاً.

أما التحدي الرابع فيتمثل بالاتفاق بين حركتي فتح وحماس على طبيعة النظام الانتخابي الذي ستجري على أساسه الانتخابات القادمة. من الواضح أن حركة حماس ما زالت تصر على النظام المختلط كما تم الاتفاق علية في اتفاق المصالحة عام 2011 (75% قوائم و25% دوائر) ظنا من قيادتها انها ستحافظ على مقاعدها في الدوائر الانتخابية. في المقابل فإن القرار بقانون رقم 1 لسنة 2007 ينص على النظام الانتخابي النسبي "القوائم" باعتباره النظام الأنسب. كشف د. صبري صيدم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سلم د. حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات ورقة تتضمن مطالبة الفصائل الفلسطينية "بالالتزام بقانون 2007 للانتخابات وبالنظام الانتخابي النسبي واعتبار الوطن دائرة واحدة.

 

التوصية: إن اختيار نظام انتخابي يسمح بتمثيل كافة القوى السياسية الرئيسية حسب وزنها في المجتمع في المجلس التشريعي، ويخلق الشراكة ويمنع الهيمنة في النظام السياسي سيؤدي إلى الاتفاق على النظام الانتخابي النسبي "القوائم" لجميع مقاعد المجلس التشريعي "البرلمان" سواء على مستوى الوطن أو على مستوى الدوائر، أو اعتماد نظام انتخابي نسبي مختلط بحيث يتم انتخاب نصف مقاعد المجلس التشريعي "البرلمان" عبر قوائم على مستوى الوطن، والنصف الثاني عبر قوائم على مستوى الدوائر (أو 75% من المقاعد على مستوى الوطن و25% على الدوائر كما جاء في اتفاق المصالحة "القاهرة" 2011).

 

يتعلق التحدي الخامس بشروط الترشح التي تضمنها القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بحيث ينص البند 6 من المادة 45 منه على المرشح للانتخابات التشريعية "أن يلتزم بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبوثيقة إعلان الاستقلال وبأحكام القانون الأساسي". وبعض هذه البنود هي مسألة خلافية مع حركة حماس والتنظيمات التي لم تنضوي في منظمة التحرير حتى الان مثل بند اعلان الاستقلال الذي يعطي الموافقة على قرار التقسيم. وان كان هذا الشرط محاولة لتجاوز اشكالية الانتخابات التي جرت عام 2006 عندما رفضت حركة حماس الالتزام ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية إثر فوزها بأغلبية المقاعد في المجلس التشريعي، الا أن هذا الشرط يضعُ عراقيل أمام مشاركة المختلفين مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ويحدُ من المنافسة في الانتخابات التشريعية. هذا الامر لا يقلل من أهمية منظمة التحرير الفلسطينية وتمثيلها للشعب الفلسطيني وهو شرط فيه تزيّد حيث أن أعضاء المجلس التشريعي هم أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني ما يعني أن ما يصدر عن المجلس الوطني هم ملزمون به بغض النظر عن مواقفهم الشخصية والتوجهات الحزبية والسياسية واختلافهم مع الفصائل والتنظيمات السياسية الأخرى. كما أن اتفاق "القاهرة"، الذي وافقت عليه جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتي فتح وحماس، اعتمد قانون الانتخابات لعام 2005 عند حديثة عن المادة 133 بخصوص الرقابة على الانتخابات، ولم يتم ذكر مثل هكذا شروط للترشح للانتخابات العامة.

 

التوصية: في إطار انخراط الأطراف الفلسطينية في حوار جاد للاتفاق على الجوانب القانونية والفنية المختلفة للعملية الانتخابية ينبغي إعادة النظر في شروط الترشح بحيث تتيح لجميع القوى السياسية بالترشح للانتخابات دون وجود عقبات أمام القوى السياسية المختلفة حيث ان الانتخابات التشريعية القادمة تتعلق بالبرامج السياسية لمنظمة التحرير أو الاتفاقيات التي وقعتها ورؤية الناس لمستقبلهم.

 

ويتمثل التحدي السادس بالاتفاق على تشكيل محكمة قضايا الانتخابات، حيث نصت المادة 20 من القرار بقانون رقم 1 لسنة 2007 بشأن قانون الانتخابات على تشكل محكمة قضايا الانتخابات بمرسوم رئاسي من "ثمانية قضاة بناءً على تنسيب من مجلس القضاء الأعلى"، في ظل انقسام الجهاز القضائي في الضفة الغربية، الذي يتم تعيينه من قبل السلطة الفلسطيينة في رام الله، وقطاع غزة، الذي يتم تعيينه من قبل حركة حماس، حيث لا يعترف مجلس القضاء الأعلى في رام الله بالجهاز القضائي وتشكيلاته الذي عينته حكومة حماس ما بعد العام 2007 في قطاع غزة، مما يتطلب الاتفاق على آلية واضحة لاختيار أعضاء المحكمة المنوي تشكيلها. وقد أشار اتفاق المصالحة لعام 2011 إلى تشكيل محكمة قضايا الانتخابات: حيث نص على "وفقاً لأحكام القانون تشكل محكمة قضايا الانتخابات من رئيس وثمانية قضاة، بتنسيب من مجلس القضاء الأعلى، ويعلن عنها بمرسوم رئاسي بعد استكمال الإجراءات لتشكيله (مجلس القضاء الأعلى) بالتشاور والتوافق الوطني، وفق القانون، وبما لا يمس استقلالية السلطة القضائية". هذا النص لم يعد قائما لتجاوز الاحداث الشطر الأول بسبب عدم تنفيذ "اتفاق القاهرة" حتى بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني في عام 2014 وبالتالي لم يتم تشكيل مجلس القضاء الأعلى المتفق عليه.

 

التوصية: ضرورة ترجمة اتفاق آلية اختيار أعضاء محكمة قضايا الانتخابات في قانون خاص لضمان تحصين المحكمة من إمكانية رفع قضايا أمام المحكمة الإدارية "محكمة العدل العليا"، وضمان احترامها من قبل الأطراف المختلفة. يمكن للخيارات التالية أن تساهم في الوصول لمثل هكذا اتفاق: (1) منح مجلس القضاء الأعلى الانتقالي برئاسة القاضي عيسى أبو شرار صلاحية تعيين أعضاء المحكمة من الجهاز القضائي القائم في الضفة الغربية خاصة ان هناك قضاة موجودون أصلا في قطاع غزة. يضمن هذا الخيار المشروعية للمحكمة والحفاظ على الجهاز القضائي "الرسمي" ويحظى بمصداقية أمام المجتمع الدولي. لكن في المقابل فإن هذا الخيار يَحْجُرْ على الجهاز القضائي القائم في قطاع غزة الذي رعته حكومة حماس طوال السنوات الثلاثة عشر الماضية وقد يقدم مؤشر "سابقة" على عدم إمكانية دمج أعضاء الجهاز القاضي في قطاع غزة مستقبلا في الجهاز القضائي الموحد مما يؤدي الى رفض حركة حماس لهذا الخيار.

(2) تشكيل محكمة قضايا الانتخابات مناصفة (أو بنسب متناسبة مع نسبة السكان في كلا المنطقتين) بين الجهازين القضائيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. هذا الخيار يتيح إمكانية تجاوز العقبة المتعلقة في تشكيل محكمة قضايا الانتخابات لكنه في المقابل قد يمنح شرعية للجهاز القضائي في قطاع غزة خاصة الذين تم تعيينهم بعد العام 2007.

(3) تشكيل المحكمة من قضاة متقاعدين من الضفة الغربية وقطاع غزة. هذا الخيار يتيح إمكانية تجاوز عقبة اعتبار أعضاء المحكمة محسوبين على أي طرف أو انها جزء من النظام التابع لأي منهما "حركتي فتح وحماس".

(4) إعادة تشكيل محكمة قضايا الانتخابات من نفس أعضاء المحكمة التي تم تشكيلها في الانتخابات الماضية (عام 2006)، وبغض النظر عن وجودهم في أي من الجهازين (الضفة والقطاع) أو تمت احالتهم الى التقاعد. ويمكن تجاوز النقص الحاصل نتيجة الوفاة بقضاة متقاعدين. على ان تتم مراعاة نفس التوزيع الجغرافي لأعضاء المحكمة السابقة.

 

أما التحدي السابع؛ فيتمثل بتولي جهازي الشرطة في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تنص المادة 88 من القرار بقانون رقم 1 لسنة 2007 بشأن الانتخابات على "تقوم الشرطة[الرسمية الخاضعة للسلطة الفلسطينية] بالمحافظة على أمن العملية الانتخابية وأمن المواطنين"، ما يطرح مسألة مشروعيته في قطاع غزة. كأمر واقع ستجد لجنة الانتخابات المركزية ضرورة الاعتماد على جهازي الشرطة لحماية مراكز الاقتراع الامر الذي يتطلب تجاوز إمكانية الطعن بعدم مشروعية عمل الشرطة في قطاع غزة. بالإضافة الى ذلك يطرح الانقسام مسألة حيادية جهاز الشرطة في الضفة والقطاع الامر الذي يتطلب توفير آليات لضمان حيادية الشرطة في الضفة وغزة.

 

التوصية: إن من الضروري الاتفاق بين حركتي فتح وحماس كفيصلين فاعلين على مشروعية أجهزة الشرطة من خلال تحديد قواعد عمل أفراد الشرطة في العملية الانتخابية. كما يمكن استخدام أدوات تقنية للتأكد من عمل أفراد الشرطة كتنصيب عدسات مراقبة في مراكز الاقتراع وحولها خوفا من تدخل افراد الشرطة في العملية الانتخابية أو المساعدة على تزوير النتائج كتبديل صناديق الاقتراع، والتأكد من حيادية أفراد الشرطة في الضفة الغربية وقطاع غزة. 

 

ويتعلق التحدي الثامن بتهيئة بيئة تضمن حرية ونزاهة الانتخابات التشريعية بحيث تتيح تكافؤ الفرص لجميع الأحزاب السياسية المتنافسة، والسماح للقوائم المترشحة كافة بالقيام بحملاتها الانتخابية من دون عوائق أو تهديد، والعمل بحرية للترويج إلى برامجها الانتخابية. كما ينبغي على سلطتي الضفة وغزة إيجاد بيئة تناهض خطاب الكراهية والعنف والتعرض المادي للحملة الانتخابية أو أية أعمال تفسر بأنها اعتداء مادي على الحملة الانتخابيّة لأي من القوائم، وأن تضمن هذه البيئة حيادية كافة الأجهزة والمؤسسات الأمنية وابتعادها عن القيام باعتقالات سياسية.

التوصية: إن ضمان حرية الانتخابات التشريعية ونزاهتها يتطلب وجود جسم رقابي فاعل (عربي ودولي)، بالإضافة الى لجنة الانتخابات المركزية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، يأخذ على عاتقه الرقابة الواسعة على العملية الانتخابية برمتها، ولا تقتصر على يوم الاقتراع والتجاوزات التي قد تحدث في ذاك اليوم، بحيث تشكل مرجعية إضافية لضمان حرية ونزاهة الانتخابات خاصة في ظل وجود تأثيرات الانقسام ومؤسساته. وكذلك لضمان استقلالية الجهات الحكومية وجهات "الاشراف" على الانتخابات الفلسطينية كالشرطة والعاملين في مراكز الاقتراع.

الورقة النقدية السابعة للباحث جهاد حرب التي صدرت عن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية