الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إثبات الرواية الإنسانية في مواجهة الاحتلال....أحمد طه الغندور
إثبات الرواية الإنسانية في مواجهة الاحتلال....أحمد طه الغندور

 

 في دراسة صادرة حديثاً خلال أكتوبر الماضي، عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى بعنوان " توجيهات لاستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي"، أعدها جنرالان سابقان في جيش الاحتلال؛ هما: غادي آيزنكوت وغابي سيبوني.

 جاء فيها ما يُثير الانتباه،  وما تم التعبير عنه بشكل دقيق في  رأي الخبراء، حول مهددات "الأمن القومي الإسرائيلي"، حيث أورد التقرير ما مغزاه؛ "أن الهجمات المباشرة التي يتعرض لها "الكيان" من "التنظيمات المتطرفة" قد لا تكون في خطورة "التهديدات" التي يمارسها "أطراف" والتي تستهدف الأمن القومي "الإسرائيلي" من خلال الوسائل الاقتصادية، وتطوير المجتمع، والتعليم، والثقافة من أجل تعزيز الصهيونية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، والتضامن من خلال الابتكار التكنولوجي، لأنها كما يرى "الخبراء" تسعى إلى "نزع السيادة" عن "الكيان" ، بل  هي ـ حسب تعبيرهما ـ "ستؤدي بيقين مطلق إلى خسارة أصوله الرئيسية، لدرجة أنها تهدّد بقاء القيادة السياسية والشخصية الخاصة به".

لذلك يمكن الاستنتاج بأن " الدفاع عن النفس " الذي تمارسه التنظيمات الفلسطينية ضد "الاحتلال الإسرائيلي" ليس على تلك الدرجة من الخطورة لأن "المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيلية" جاهزة للتعامل معها حتى بـ "إجراءات استباقية"، ولكنهما غير قادرتين على التعامل بنفس الطريقة مع "حركة مقاطعة البضائع " أو "رافضي التطبيع" ولذلك هم يلجؤون إلى طلب الدعم من "الولايات المتحدة" و "الصهيونية العالمية" دفاعاً عن أمنهم القومي!

فالدراسة تناقش القوة، وتناقش الضعف، وإمكانية الاستعانة بالداعمين في العالم!

من هنا يأتي الحديث عن " الرواية الإنسانية الفلسطينية " وأهميتها في مواجهة "جرائم الاحتلال".

ولعل خير نموذج نبتدأ به حديثنا، يتمثل في مناقشة العدوان الإسرائيلي الأخير ـ فجر أمس الأول ـ على غزة والتي بدأت شرارته باغتيال المرحوم " بهاء أبو العطا " وزوجته المرحومة " أسماء أبو العطا " أثناء نومهما في منزلهما بواسطة "طائرة حربية" بـ "قنبلة صغيرة" تبلغ زنتها (125 كيلوغراماً)، اخترقت غرفة النوم وأصابت السرير المحدد!

الادعاء الرسمي الإسرائيلي جاء يبرر هذه الجريمة بأن "بهاء" يعتبر "قنبلة موقوتة"، هذا الادعاء ناقشته "الصحافة الإسرائيلية" من جهتها على أنه "هدية مزدوجة لناتنياهو"، يتمثل أولها في تصفية "مسألة شخصية" مع "رئيس الوزراء"!

فهو "مهندس" اليوم الأسوأ الذي مر على "ناتنياهو" يوم أطلق إعلاناً مفاجئاً عن “نيته” ضم غور الأردن، في مناسبة "انتخابية" في "أسدود" حيث اضطر إلى إخلاء المكان على عجل بسبب "قذائف" أُطلقت ذلك اليوم، فكان "القرار" بالاغتيال!

ثانياً: "ناتنياهو" من خلال المؤسستين "الأمنية" و "العسكرية" أدخل "الكيان" في حالة من "الطوارئ"، بالتالي أصبح قادراً على البقاء في الحكم من خلال "حكومة تداول" يسبق فيها "غانيتس" في تولي "رئاسة الحكومة" وبالتالي لا يستطيع "المستشار القانوني" عزله في حال تقديمه للمحاكمة بتهم الفساد!

لذلك لا يمكن القبول بالرواية الرسمية "الإسرائيلية" حول وصف " المرحوم " بـ "القنبلة الموقوتة"، فالمعايير لا تنطبق على هذه الحالة، ثم ماذا عن السيدة " أسماء "، ما هو المبرر على الاغتيال؟ أم "اغتيالها" مجرد "أضرار جانبية"؟!

ما يثير الدهشة حقيقةً، هو غياب "الرواية الإنسانية" عن "ضحايا العدوان" عشرات الشهداء، وعشرات المصابين، عشرات المُشردين الذين فقدوا أعزائهم، بيوتهم وممتلكاتهم!

لماذا يعكس "الإعلام الفلسطيني" ووسائل التواصل الاجتماعي عنصر "العضوية في التنظيمات" المختلفة، والتي قد تكون مفتعلة وغير حقيقية لضحايا العدوان!

وما الفائدة في أن نضع أنفسنا في "ميزان العالم المائل" أننا نملك ما يملك الاحتلال من القوة والعتاد، وأننا يمكننا أن نفرض عليه ما نريد، مما يدفع العالم إلى تقديم مزيداً من الدعم الغير منقطع النظير له وفي كل المجالات؟!

لماذا لا نقدم للعالم "الحقيقة المجردة" أننا بشر ضعفاء مضطهدون، " نألم كما يألمون"، يترك الشهيد فينا أيتاماً ومفجوعين، وأن لا حد لحزن الأم، والزوجة والأعزاء؟!

لماذا نُظهر حزننا ونحن نطالب العالم بدعمنا، ومعاقبة الاحتلال؟!

لماذا نخلق المبرر للعالم بالتخلي عنا؛ جهلاً أو إرضاءً لغرور البعض؟!

لذلك من الضروري توضيح "معاناتنا الحقيقية" وبسطها بحذافيرها لدى العالم، كما فعلت وتفعل سائر الشعوب حتى نتمكن من التخلص من هذا "الاحتلال الجائر".

إن التعبير عن الألم ليس ضعفاً، فإن " أنبغ ما في الإنسان الألم ".