السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مسرحية تعيش للمخرجة ' ميرنا سخلة' انتلجنسيا فنية وثقافية واعدة....يوسف شرقاوي
مسرحية تعيش للمخرجة ' ميرنا سخلة' انتلجنسيا فنية وثقافية واعدة....يوسف شرقاوي

من وحي مناسبة انبلاج حراك شبابي مجتمعي واعد، تحت عنوان "بيكفي" لمقاومة العنف الأسري والمجتمعي، ولمقاومة قتل النساء على خلفية ما يسمى جرائم "الشرف"، بادر مسرح الحارة مشكورا بعرض مسرحية، أستطيع أن اصفها بمسرحية مكان بامتياز.

المسرحية تسلط الضوء على آفة مجتمعية هي أخطر آفات ما قبل المجتمعات الإنسانية، وجاءت بعد مقتل الشابة "اسراء غريب" من بيت ساحور،بعد أن تعرضت لضرب مبرح من ذويها،على خلفية ما يسمى "شرف العائلة". المسرحية من إنتاج مسرح المسرحية القديرة "مارينا برهم" واخراج كاتبة السيناريو المسرحية الجسورة "ميرنا سخلة" وأداء ثلة مبدعة وواعدة، اتقنت الأداء باقتدار.

عبقرية أداء الفنانين: جيهان رزق الله إدارة خشبة المسرح، حنين طرابيه، نقولا زرينة، ياسمين شلالدة، وضعوا الحضور خلال مايقارب 35 دقيقة بمشاهد تحاكي مجتمع ضربه إعصار من التخلف، والذكورية المفرطة، نتيجة قحط وتصحر وعقم سياسي وثقافي، واجتماعي وفكري، واخلاقي، مجتمع جميع زواياه وأركانه مظلمة بفضل غياب القانون. بعد مشاهدتي لهذا العرض المسرحي الجريء بامتياز، لا أستطيع القول إلا أن واجب مسرح الحارة، ولإيصال رسالة هدف هذا العمل التوعوي المكثف، لا بد من عرض المسرحية "تعيش" في جميع ساحات المدن والقرى الفلسطينية وفي الهواء الطلق، علها توقظ الضمائر المتبلدة في مجتمعنا المهدد بالمزيد من التخلف والانحلال واستضعاف واضعاف وازدراء "حارسة بقائنا ونارنا المتقدة".

عودة على بدء، ولتسليط الضوء على هذا العمل الفني المميز، أستطيع القول أن "ميرنا سخلة" قد كتبت نصا جسورا وجريئا، ومتسلسلا، ومتينا، وأبدعت أيضا بإخراج هذا النص إلى النور بعمل مسرحي قوي ورائع وملتزم. كذلك ما أضاف قوة أكثر إلى هذا العمل المسرحي الذي يحاكي مشاهد من العنف الأسري والمجتمعي، المسرحية القديرة ابنة سخنين "حنين طرابيه،التي كانت تضعنا في هول مشاهد الضحية المغدورة،بصوتها الغاضب على صمتنا المريب من ثلاجة الموتى في المستشفى. اما من استطاع أن يواكب قوة تركيز وتكثيف السيناريو بخطى ثابتة الفنان المخضرم "نقولا زرينة" وأثبت، بهذا الأداء اللافت والمميز، جدية رسالة مسرح الحارة. أما الفنانة الشابة "ياسمين شلالدة"، فقد مثلت دور الضحية التي لم يحالفها الحظ في هذه الحياة، نتيجة الاضطهاد الداخلي للفتاة الفلسطينية داخل الأسرة، مما يساعد على انتاج آفة سفاح ذوي القربى الذي ينتهي بالقتل نتيجة لاستسهال إزهاق النفس البشرية، وحصر ما يسمى "شرف العائلة" بالنساء فقط.

وأخيرا وليس آخرا، لا يسعني إلا أن أشكر القيمين على الحراك الشبابي والمجتمعي "بيكفي". وكذلك الشكر موصول لمسرح الحارة على هذا العمل التوعوي الهادف والتعبوي بإمتياز.