السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الاعلام الفلسطيني ..غياب الشكل والمضمون...بقلم: ماجد هديب
الاعلام الفلسطيني ..غياب الشكل والمضمون...بقلم: ماجد هديب

في الواقع انني كنت قد كتبت كثيرا في نقد  الاعلام الفلسطيني الرسمي ، وكثيرا ما اطلقت أيضا العديد من  التساؤلات حول ماهية الرسالة الإعلامية التي يسعى هذا الاعلام الى تقديمها للمتلقي ،سواء عبر المقالات المنشورة ،او  حتى عبر شبكات التواصل الاجتماعي ،وكثير أيضا ما كنت اسعى ،ومن خلال النقاش الجانبي مع اصدقائي العاملين في هذا الاعلام الى استفزازهم وذلك من باب دفعهم نحو تطوير رسالتهم الإعلامية شكلا ومضمونا وبشكل يتوافق مع خصوصية الحالة الفلسطينية ،الا ان كل ذلك كان يفضي في النهاية الى حقيقة لا لبس فيها او غموض ،وهي ان الاعلام الفلسطيني الرسمي لا استراتيجية له ولا حتى برامج ،وان معظم سياسات هذا الاعلام التحريرية كانت وما زالت قائمة على الاعتباطية والفوضوية رغم ما تعيشه المنطقة من ثورة في عالم التكنولوجيا والمعلومات، وما تتعرض له جبهتنا الداخلية من عزو ثقافي، دون ان ننسى هجوم الأعداء والخصوم  ،وعليه كان  لا من تسليط الضوء مجددا على هذا الاعلام ،وذلك من خلال طرح بعض الأسئلة امام القائمين عليه والمشرفين على أدائه ، ولكن ،ولان لكل مقام مقال ،وان في الأسئلة أيضا أولويات عند طرحها، فان سؤالي اليوم لن يخرج عما اذا كان شكل هذا الاعلام ومضمونه قد  يساعد فعلا في صياغة الرسالة الإعلامية او يساهم في تحديدها ،واذا ما كان شكل الاعلام بالنسبة اليهم هو الابداع فقط في  شكل استوديوهات البرامج الإخبارية والحوارية ، وفي وجه وابتسامة من يتصدرن تقديم تلك البرامج اعتقادا منهم ان في شكل هذا الاستوديو وابتسامة تلك المذيعة قد يساهم حقا في احداث نقلة نوعية بأداء الاعلام الرسمي  ؟.

 

حقيقة انني ترددت كثيرا بان اكتب في نقد الاعلام الرسمي ، حيث انني لست إعلاميا متخصصا في هذا المجال ،كما انني لست  من هؤلاء الذين تلقوا دورات في المهنية والاحترافية كما هم العاملين في هذا المجال منذ عقود ،الا ان ما بدا يظهر من رفض لما وصل اليه الاعلام الرسمي من واقع لا يتوافق مع خصوصية الحالة الفلسطينية  وخاصة ما صدر عن هذا الاعلام من اعمال بالآونة الأخيرة دفعني الى الكتابة من اجل إيصال ما ارجوه الى القائمين على هذا الاعلام على قاعدة انه  لا يمكن للثورة او السلطة الانتقال من مرحلة التحرر والبناء الى مرحلة الدولة  دون قلم كاتب ،او كاميرا صحفي وريشة فنان ، فهؤلاء هم بمثابة أداة البناء لمعالم هذه الدولة ،وحيث ادعي انني من أصحاب الاختصاص الأمني ،ومن ذوي الاهتمام المتواضع في المجال الإعلامي  ،وحيث ان العلاقة التكاملية ما بين الامن والاعلام قد تساهم في صياغة استراتيجية اعلامية ،فإنني قد عزمت الكتابة مجددا لعلني اقرع الخزان ،ليس تنبيها من خطر قادم فقط ،وانما من اجل ضرورة العمل على استغلال ما لدينا من كفاءات امنية وإعلامية عبر تشكيل لجنة إعلامية امنية يمكن من خلالها احداث نقلة إعلامية شكلا ومضمونا وفقا لاستراتيجية وطنية تساهم نفس هذه اللجنة في صياغة معالمها والاعلان عنها.

مما لا يعلمه البعض ان معظم الدول العربية تتجه الان نحو الاعلام المتخصص وخاصة ما يسمى الإعلام الأمني الذي اصبحت جامعات تلك الدول تمنح فيه البكالوريوس ودرجتي الماجستير والدكتوراه أيضا في الوقت الذي ما زال الفلسطينيون يعتقدون فيه بان هذا النوع من الاعلام  ينحصر فقط في الأداء الإعلامي لأجهزة الأمن ,إلا انه وفي ظل تطور الإعلام وتكنولوجيا الاتصالات وظهور الجرائم المستحدثة فان الاعلام الأمني اصبح فرعا من فروع الإعلام المتخصص بالقضايا الامنية ,وهنا وبعيدا عن التعريفات وفلسفة مضمونها ,فان الإعلام الامني وباختصار هو كل ما تقوم به اجهزة الأمن او رجال الاعلام من أنشطة إعلامية ودعوية وتوعوية بهدف المحافظة على الأمن الوطني بمستوييه الداخلي والخارجي .

التكاملية ما بين الامن والاعلام

ان أهمية ووظيفة الإعلام الأمني وعناصره ايضا تتوقف بالأساس على مدى فهم وقناعة رجال الإعلام ومعرفتهم ايضا بهذا النوع المتخصص من الإعلام, وذلك من خلال القدرة على تنظيم العلاقة فيما بين رجال الامن والاعلام   وذلك من خلال ما تقدمه اجهزة الأمن من مواد ومعلومات لرجال الإعلام ليقوم هؤلاء ومن خلال الوسائل الاعلامية بإعدادها بالشكل الإعلامي المناسب لعرضها على الجمهور بما يحقق التجاوب الجماهيري مع الأفكار الأمنية المطروحة ,حيث ان تعاون الأجهزة الأمنية مع اجهزة الإعلام من حيث تقديم المادة العلمية والحقائق الأمنية إلى وسائل الإعلام امرا مهما ,ولا يمكن لنا التحدث عن اعلام امني ناجح وفعال دون أن تقدم اجهزة الأمن لوسائل الإعلام هذه المادة والحقائق الأمنية ،وهذا ما تسعى اليه الدول لتحقيق نوع من التكامل فيما بينهما وصولا لتحقيق رسالة الإعلام الأمنية ،فلماذا لا يلجا القائمون على الاعلام الفلسطيني الى الاهتمام بهذا النوع من الاعلام ,ليس من اجل المساهمة في صياغة البرامج والاستراتيجيات الأمنية وطرحها امام المسئولين وصناع القرار فقط, ولا حتى من اجل  الاكتفاء بتوعية الجمهور بما يستجد من جرائم وطرق الوقاية منها من خلال التحدث مع أصحاب الاختصاص ,وانما من اجل احداث قفزة نوعية في أسلوب الاعلام الفلسطيني ومساهمته في الحفاظ على الامن الوطني الفلسطيني ومواكبة ما تسعى الدول العربية الى تطويره بهذا الصدد بعيدا عن البرامج التقليدية التي ضاق المشاهد ذرعا منها ؟.

ان الخصوصية التي يعيشها شعبنا الفلسطيني من حيث خضوعنا لاحتلال ما زال جاثما على صدورنا, والحاجة ايضا الى حماية شعبنا ومقدراته يتطلب منا أن نكون اكثر اهتماما وتميزا بهذا النوع من الإعلام ومواكبة كل ما من شانه تطوير وتحديث اليات الرسالة الاعلامية ايضا ,وبما يحقق الأمن الفلسطيني الذي حاول البعض من دول الاقليم وما زال من العمل على عدم توطيده لتبقى الساحة الفلسطينية خالية من اية خطط دفاعية ،وخاصة ما يتعلق منها بالخطط الإعلامية أمام ما يقدمونه هؤلاء من احداث تتوافق مع اجنداتهم السياسية والأمنية, ومن هنا فان السؤال الذي يطرح نفسه ,وفي ظل تأكيدنا على هذا النوع من الإعلام وضرورة التركيز عليه من حيث اهمية التخصص فيه هو "ما هي الاشكاليات التي تحول دون تقديم نموذج اعلام امني فاعل؟", وهل يمكن البحث عن حلول لتقديم إعلام امني فلسطيني متخصص للمساهمة فيما نطمح اليه من نقلة موضوعية في الاعلام ؟.

ان الإعلام الامني الذي نسعى الى العمل به كإعلام متخصص واعتباره احد اهم فروع الاعلام "هو كافة الأنشطة الإعلامية المقصودة والمخطط لها وما يتم اعداده من رسائل إعلامية، ليس فقط بهدف إلقاء الضوء والتعريف بجميع الجهود وانجازات وزارة الداخلية في إطار استراتيجيتها الأمنية الشاملة من خلال كافة وسائل الإعلام والاتصال المختلفة  ،وانما هو من اجل المساهمة في وضع الخطط والبرامج واستحداث اليات لتنفيذ تلك البرامج والخطط من خلال ما يقترحه ذوي الاختصاص في محاكاة هموم والام الشارع ومحاربة الجريمة والعمل على ايجاد مجتمع خال من الفوضى والفلتان والجرائم المنظمة ".

اذا فان الإعلام الأمني لم يعد يقتصر على الأخبار , بل امتد إلى وظائف كثيرة اخبارية وتعليمية وتثقيفية وإرشادية وتوعوية وفق نمط الاتصالات المتبادلة بين ثلاثة قطاعات هي ما بين الأجهزة الأمنية والإعلام وعامة المواطنين على اختلاف مستوياتهم  ,ومن هنا ،ووفقا للتعريفات العديدة للإعلام الامني ,فإننا نرى بان مفهومه يرتبط أولاً بمفهوم الإعلام بشكل عام ,وبما يصدر ايضا عن الرسالة الإعلامية المتخصصة من محتوى ,بالإضافة الى ما يمكن ان يقدمه هذا الاعلام من وظائف وهو محور حديثنا من حيث تحديد هذه الوظائف وفقا للظروف الموضوعية لما يمر به شعبنا في ظل انقسام طال واحتلال ما زال, ناهيك عن ارتباطه الاساس بالجمهور الذي تستهدفه هذه الرسالة الاعلامية.

من هنا ،واستنادا الى ما سبق ,فانه يمكن لنا أن نقدم نموذجا متقدما في الاعلام الفلسطيني من خلال تحديد برامج تتوافق مع ما نجده من تعريفات للإعلام الأمني ووفقا لما يغطي احتياجاتنا كفلسطينيين ،وبما تتوافق هذه الاحتياجات مع اهدافنا بالتحرر وبناء الدولة من حيث القول بان الاعلام الامني الفلسطيني لا يختصر عما يصدر عن الناطقين باسم أجهزة الامن من اخبار ،وانما يجب ان يكون هو كل ما يصدر عن نخبة من رجال الامن والإعلام وهي بمثابة اللجنة المتخصصة في التخطيط الاعلامي لجميع الانشطة الاعلامية وبما تتوافق مع برامجنا الوطنية استنادا الى ميثاق وطني تجمع عليه كافة قوى وفصائل العمل الوطني بجانب من نص عليه الدستور وما يصدر من قوانين بهذا الشأن ايضا,وذلك من اجل ايصال هذه الانشطة لقطاعات أو قطاع معين من المواطنين ووفقا لما يخدم مشروعنا الوطني بالتحرر والبناء والاستقلال ،وتحصين المجتمع من الجريمة ،ولذلك لا بد هنا من  استحداث برامج كثيرة والعمل بها ا بعيدا عن البرامج التقليدية التي لم بعد وجودها يجدي نفعا ،ومن بين هذه البرامج التي يستوجب تفعيلها على سبيل المثال برنامج الامن والحياة وبما يتوافق تقديمه مع تعريفنا للإعلام الأمني الفلسطيني الذي يجب العمل به والانطلاق به حسب المعايير والمحددات الفلسطينية ووفقا لما جاء في القانون والدستور من ضوابط.

اذا  ،وباختصار ،فان الاعلام الامني الفلسطيني لا يجب ان يتوقف فقط على ما يصدره رجال الامن من مواد توعوية, وانما بضرورة ان تقوم  هده الأجهزة الأمنية بإمداد وسائل الإعلام بكافة الحقائق والمعلومات من أجل القيام ببرامج امنية وإرشادية اذاعية كانت او تلفزيونية، حيث ان نجاح ذلك يتمثل كما ذكرنا سابقا في مدى التعاون ما بين اجهزة الأمن والإعلام مع ما يمكن منحه للمخطط الإعلامي ايضا من صلاحيات يستطيع من خلالها ادارة التنسيق من بين اجهزة الأمن والإعلام, بل وإدارته وبما يخدم الاستراتيجية الأمنية المتفق عليها ,ولذلك فان على المخطط الإعلامي الامني او الإعلامي او اللجنة الأمنية الإعلامية المشتركة التي ندعو لإعلانها ايجاد بعض التفصيلات للرسالة الإعلامية من اجل اكتمال دورة الاتصال والإعلام ،مع مراعاة توفير كافة الوسائل والسبل التي تتدفق من خلالها ردود الأفعال الناجمة عن إطلاق رسالته الإعلامية ووفقا للمعايير المتعارف عليها ،لا في اطارها التقليدي فقط, بل وفي اطار المهنية والاحترافية ايضا , ولذلك فإننا نجد في البرامج الإعلامية التي يجب استحداثها بمثابة المخطط الأمني والإعلامي  للوصول الى صياغة استراتيجيات وبرامج من خلال استضافة المختصين الأمنيين والإعلاميين وقادة الفكر والسياسة من اجل دراسة ما يستجد من ظواهر إجرامية والعمل على محاربة الجريمة والحد منها مع ضرورة جذب المواطنين للالتفاف حول قيادتهم من اجل صيانة جبهتهم الداخلية من اية اخطار، فما هي تلك المعايير التي يجب أن يخضع لها المخطط الإعلامي الفلسطيني من أجل الوصول الى إعلام أمني فلسطيني فعال؟.

كنا قد ذكرنا سابقا انه لا يمكن الخلاص من الاحتلال دون تحصين للمجتمع الذي نعيش فيه, ولا يمكن تحرير الإنسان ايضا دون تطوير لأنشطته الاقتصادية والتكنولوجية ولا حتى استراتيجيته السياسية ,وبالتالي فانه لا تحصين ولا تحرير او تطور دون أمن ,وعليه كنا قد دعونا في مقالات عديدة جهات الإختصاص بالأجهزة الامنية بضرورة البحث عن الأساليب الملائمة لتحقيق كل ما سبق ،حيث كان الإعلام الامني الفلسطيني من أهم الأساليب التي يجب اعتمادها من اجل الوصول الى تحقيق ما نسعى اليه نظرا لما يعيش فيه مجتمعنا الفلسطيني من خصوصية الانقسام والاحتلال ,وذلك من اجل الاتصال عبر المخطط الإعلامي بكافة طبقات الشعب وفئاته المختلفة لإيجاد الأرضية المشتركة ما بين الأجهزة الامنية والمجتمع والمواطنين للوصول الى استراتيجية وطنية لتحصين المجتمع والانتقال به نحو الدولة المستقلة بعد ارساء كافة معالمها ،الا ان عدم الاتفاق والتوافق ما بين قادة الأجهزة الامنية وما بين رجال الاعلام دفعنا لاقتراح عدة برامج ومن بينها برنامج "الامن والحياة" من اجل الاتجاه نحو التكامل ما بين الامن والاعلام والمساهمة في تحقيق الاستراتيجية الوطنية  الفلسطينية الا ان اهتمامهم بالشكل لا المضمون وبالتقليد وليس التطوير حال دون الاتفاق وحتى المحاولة.

الاعلام الأمني والاستراتيجية الوطنية

مجددا نؤكد بان الابتعاد عن البرامج التقليدية التي لم تعد تجدي نفعا ،والابتعاد أيضا عن كل ما لا يتوافق مع خصوصية الحالة الفلسطينية التي تخضع لاحتلال وانقسام  يتطلب إيجاد البرامج النوعية من اجل العمل  على  تطوير الرسالة الإعلامية الفلسطينية, وبما تتوافق مع الاستراتيجية المتوخاة تحقيقها من اجل تحصين المجتمع ،ليس من الجريمة فقط , بل وحتى ومن اجل تعميق المصالحة المجتمعية ونبذ كل ما فعلته سنوات الانقسام والاقتتال من امراض اجتماعية وآلام ,،بالإضافة الى المساهمة في إيجاد الوحدة والتلاحم ما بين القيادة والشعب وتهزيز العلاقة فيما بينهما في مواجهة الاحتلال ، وهذا ايضا ما يؤكد حاجتنا الى ضبط الرسالة الإعلامية وخضوعها لمعايير لا يمكن تجاوزها او القفز عنها لتحقيق ما نصبو اليه , مع ضرورة توضيح المعايير التي يجب ان تمتاز بها الرسالة الاعلامية  .

ما لفت انتباهي وجعلني اقترح تشكيل لجنة امنية إعلامية لتطوير الرسالة الإعلامية هو تغريد الاعلام الرسمي ،وفي كثير من الأحيان ،التغريد خارج السرب وكأننا لا نخضع لاحتلال ولا نعيش الانقسام, ،وهذا ما يمكن لنا ان نلمسه فيما تقدمه الاجهزة الاعلامية الفلسطينية, الرسمية منها والحزبية ,من حيث رؤيتنا مثلا ازدياد معدل الإبهار فيما تصدره أجهزة حماس الإعلامية من رسائل بنفس الوقت التي تصدر فيه اجهزة الإعلام الرسمية لبعض الرسائل الخالية من الشكل حيناً, ومن المضمون حيناً آخر ,وفي غالب الأحيان خلو الرسالة الإعلامية من الشكل والمضمون في ان واحد, وهنا نجد بعض الإستغباء المقصود للجمهور من طرف وسائل حماس الاعلامية في الوقت الذي نجد فيه ايضا استغباء الجمهور لوسائل الإعلام الرسمية للسلطة لما يصدر عنها في غالب الأحيان من تخبط واستهبال وعدم توافق ما تصدره مع الحالة الفلسطينية, ولو بالحد الادنى من متطلبات هذا التوافق, فهل يمكن لنا ان نتحدث عن اعلام فلسطيني رسمي عند النظر لما تقدمه هذه الوسائل من مواد؟.

 

على وسائل الاعلام الفلسطيني الرسمي تشكيل اللجنة الامنية الاعلامية المقترحة من اجل تحقيق الرسالة الاعلامية مبتغاها، حيث ان الإعلام بحكم طبيعته وخصائصه النوعية في أشد الحاجة لمثل هذه اللجنة، كما ان الاعلام الرسمي بحاجة إلى التأكد من وصول رسائله إلى الجمهور المستهدف، وبحاجة ايضا إلى التيقن من مستوى تطابق فهم هذا الجمهور للمعنى المراد توصيله، هذا فضلاً عن حاجته إلى التعرف على نوعية استجابة هذا الجمهور لرسائله الإعلامية.

يبقى القول، انه وعلى الرغم مما يمكن تحقيقه من خلال النجاح في تطبيق ما سبق من معايير للرسالة الاعلامية الأمنية، فانه لا يمكن لنا التحدث عن اعلام فلسطيني فعال دون بناء استراتيجية وطنية سياسية، فحينها فقط يمكن لنا ان نحدد ماذا نريد؟، وكيف؟ والى أين ,وإلا فان استمرار الإعلام الفلسطيني بلا استراتيجية ودون وفاق سياسي هو بمثابة اعلام هدام ,لا اعلام بناء ,وحينها يمكن القول ايضا بان الاعلام الفلسطيني هو اعلام مجرم بحق المجتمع والقضية ,لأن كافة وسائل الاعلام لن تبحث إلا على ما يحقق المشاهدة وبما يتوافق مع اهداف القناة والمعد فقط ,لا أهدافنا الوطنية ولذلك فإنني اشدد هنا على استحداث البرامج النوعية من اجل ان تجمع كل ما ذكرته اعلاه على قاعدة ان الإعلام يشكل عاملا مهما لنشر الأمن في فكر الإنسان, وليس معول هدم وأداة للانحراف الفكري ،وهذا وللأسف ما بات ينطبق في كثير من الاحيان على الإعلام الفلسطيني وذلك عندما بتنا نرى القلم ،وكذلك الصورة والكاميرا وكأنها معاول هدم لا بناء في ظل الانقسام وعدم تحصين السلطة للمواطن الفلسطيني من الغزو الإعلامي وتقصيرها في خلق إعلام مواجه تحافظ من خلاله على امن وقيم مجتمعنا الفلسطيني .

ان تلك البرامج التي ندعو الى استحداثها من اجل الارتقاء بالإعلام، وبما تتوافق مع حالتنا الفلسطينية ،وبما تساهم أيضا في تعزيز وحدتنا وتلاحمنا هي بمثابة معول بناء من اجل نشر الامن في فكر الانسان ،نرصد فيه وقائع ومشكلات امنية وسياسية واجتماعية لمناقشتها مع قادة الفكر والسياسة والاعلام وفقهاء القانون ،وذلك للخروج واياهم بأفكار نضعها امام المسئولين وصناع القرار من اجل ايجاد حلول وتوصيات لمشكلات المواطن ووضع حد لما يعانيه وصولا لاستراتيجية تساهم في بناء الدولة الفلسطينية الآمن اهلها انشاء الله من الجوع والخوف ،فهل يمكن لنا الاتجاه نحو ذلك فعلا من خلال النجاح في تحقيق الرسالة الإعلامية الوطنية المطلوبة وبما تتوافق مع اهداف شعبنا بالتحرر والاستقلال شكلا ومضمونا ؟.