السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عيد الحب -عبد الهادي شلا
عيد الحب  -عبد الهادي شلا

 

 كلما كان الحديث عن الحب والمحبة حضر ما قاله نزار قباني: الحب في الأرض بعض من تخيلنا: لو لم نجده لاخترعناه !!

 

لنكتشف أن الحب غريزة في البشر والحيوان به تستقر النفس وتسكن راضية وسعيدة.

يَحتفل كثير من دول العالم "الكنيسة الشرقية"يوم الرابع عشر من شهر فبراير/شباط من كل عام بعيد" الحب"..! بينما يُحتفل به يوم السادس من يوليو/تموز  حسب "الكنيسة الغربية".

فما هي حكاية هذا اليوم الذي يسعد به البشر لما يحمل من معاني ومشاعر تلتقي على أسمى صفة يمكن للإنسان أن يتصف بها.؟!

يوم وراءه قصة ..فقد أشارت الروايات على أن الأمبراطور الروماني "كلاوديوس" قد ظن أن الرجال بالزواج يتهربون من الإلتحاق بالجيش لأن القانون كان يمنع المتزوجون من الإلتحاق به.

لكن قديسا إسمه "فالنتيونس" يعتنق المسيحة كان يزوج الشباب سرا فألقى القبض عليه ونفذ فيه حكم الإعدام. وتشير القصص بأن عددا من الشباب قد زاره في فترة حبسه قبل إعدامه يوم الرابع عشر من شهر شباط/فبراير 269 م، ومعهم رسائل قالوا فيها بأن: الحب أفضل من الحرب وهي أول رسائل الحب التي كُتبت.

وهناك رواية أخرى بأن قسيسا مسيحيا أخر إسمه" فالنتيونس" قد تم سجنه لمعاونته المسيحيين و خلال فترة توقيفه أحب إبنة السجان الذي كان قائما عليه ،وإنتهى الأمر بإعدامه ولكن البابا"يوليوس" فيما بعد أقام كاتدرائية فوق قبره واعتبر يوم الرابع عشر من فبراير/شباط 469 يوما مقدسا .

 وبعد أن تحرر الناس من قيود الكنيسة أخذ الاحتفال بعيد الحب نظرة إنسانية سرعان ما تحولت إلى فعل إقتصادي مادي فغلب عليه ظاهرة التسوق و تبادل الهداية التي يرمز لها بالقلب الأحمر الذي كان يعتقد بأنه مصدر كل العواطف ولكنه أصبح مقترنا بالحب فقط وأن اللون الأحمر يرمز إلى الأحاسيس والمشاعر الجياشة.

وفي العام 1969 خرج هذا التاريخ من التقويم الكاثوليكي وصار مناسبة إقتصادية في عالم السوق التجارية تخصص لها شركات الإعلان مساحات كبيرة عبر كل وسائل الإعلام وتدب حركة غير عادية في الأسواق وتعرض المحلات التجارية نماذج لقلوب حمراء و ورود وغيرها يقبل عليها المحتفلون.

في مجتمعاتنا العربية ،اختلفت الآراء حول الاحتفال بهذا اليوم وأنه تشبه بغير المسلمين وهذا من المحرمات استنادا إلى روايات وآيات تنهى عن الحب لغير الله ورسوله في المقام الأول وأن حب الوالدين والأهل والأصدقاء مقدم أيضا ضمن المشاعر الإنسانية الواجبة.

لكن رأيا أخر لم يجد غضاضة في الاحتفال بهذا اليوم كعادة إجتماعية بشرط عدم الخروج عن ما تطلبه الشريعة في تعامل الأفراد مع بعضهم البعض وتبادل الهدايا المحببة : ( لا مانع أبدًا فى الشرع أن الناس تتفق على أيام معينة يجعلوها خاصة لبعض المناسبات الاجتماعية طالما لا تختلف مع الشريعة، مثل يوم تكريم الأم فلا مانع منه، ولا مانع أن نتخذ يومًا من الأيام كى يظهر كل شخص للآخر عن مشاعره نحوه وأنه يحبه).

لاشك أن التقدم الحضاري و تطور الزمن بأدواته قد فتحت المجال أمام العقل و المشاعر كي تتخذ نهجا غير تقليدي في كل أمور الحياة بعد أن إستقر الإيمان في القلوب وتفتحت البصيرة على عوالم الخير وأصبح من الصعب أن يتحول الفرد إلى ما لا نفع منه، و أن عيدا مثل عيد الحب لا يمكن أن يكون إلا لتأكيد المحبة بين الناس،ومن يرى غير ذلك أو يفعل منكرا فقد شطط عن الدرب وأخرج العيد من جماله وبهجته.