السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ماريا شارابوفا تودع كرة المضرب وتتطلع لـ'تسلق جبال الحياة'
ماريا شارابوفا تودع كرة المضرب وتتطلع لـ'تسلق جبال الحياة'

قالت الروسية ماريا شارابوفا "وداعاً" لرياضة كرة المضرب التي زاولتها على مدى 28 عاماً من سنين عمرها الـ32، وحققت فيها مسيرة شملت صدارة تصنيف المحترفات وخمسة ألقاب في بطولات الغراند سلام، قبل التراجع جراء الإصابات والإيقاف بسبب المنشطات.

وسطع نجم الروسية عالمياً منذ أن توجت بأول لقب كبير في ويمبلدون الإنجليزية عن عمر 17 عاماً، وتحولت مع مرور الزمن إلى أحد أكثر الأسماء شهرة في عالم الكرة الصفراء، بمهاراتها على أرض الملعب وقامتها الممشوقة ووجهها ذي الابتسامة المحببة.

واختارت شارابوفا التي دخلت عالم الأعمال في الأعوام الماضية، أن تعلن اعتزالها بمقال طويل نشر في مجلتي "فوغ" و"فانيتي فير" الأميركيتين.

وكتبت: "كيف تتركين خلفك الحياة التي لم تعرفي غيرها؟ كيف تبتعدين عن الملاعب التي تدربت عليها مذ كنتِ طفلة، اللعبة التي تحبينها، التي تسببت لك بدموع وأفراح لا توصف، رياضة عثرتي فيها على عائلة ومشجعين وقفوا خلفك لأكثر من 28 عاماً؟".

وتابعت: "هذا جديد بالنسبة إلي، لذا أعذروني. يا كرة المضرب، وداعاً".

وأحرزت شارابوفا خمسة ألقاب غراند سلام، بدءاً من تتويجها الأول في ويمبلدون عام 2004، لتضيف بعدها فلاشينغ ميدوز الأميركية (2006)، وأستراليا المفتوحة (2008)، ورولان غاروس الفرنسية مرتين في 2012 و2014.

وأمضت الروسية التي بدأت مسيرتها الاحترافية في العام 2001، 21 أسبوعاً في قمة التصنيف العالمي التي اعتلتها للمرة الأولى عام 2005 وهي في الثامنة عشرة.

وجمعت شارابوفا 39 لقباً بينها 36 في الفردي، وفضية أولمبياد لندن 2012.

لكنّ مسيرتها تلقت ضربة مفاجئة في العام 2016، بعد فحص منشطات إيجابي على هامش بطولة أستراليا، ما أدى إلى إيقافها 15 شهراً.

وبعد عودتها إلى الملاعب، لم تستعد شارابوفا مستواها المعهود، وتراجعت حالياً إلى المركز 373 في تصنيف اللاعبات المحترفات.

وغابت الروسية لفترات طويلة عن موسم الكرة الصفراء العام الماضي بسبب آلام مزمنة في الكتف. وانعكس ذلك سلباً على نتائجها، حيث خرجت من الدور الأول في آخر ثلاث بطولات كبرى، وهي ويمبلدون وفلاشينغ ميدوز 2019، وأستراليا المفتوحة في يناير.

"وهبت حياتي لكرة المضرب"

وكتبت شارابوفا في رسالتها الوداعية: "وهبت حياتي لكرة المضرب، وكرة المضرب وهبتني حياة. سأفتقدها كل يوم. سأشتاق للتمرين وجدولي اليومي: الاستيقاظ عند الفجر، ربط شريط حذائي الأيسر قبل الأيمن، وإقفال بوابة الملعب قبل أن أضرب الكرة الأولى في اليوم. سأشتاق إلى فريقي، إلى مدربيَّ... المصافحات بعد الفوز أو الخسارة، وكل الرياضيين، سواء عرفتهم أم لا، الذين دفعوني لتقديم أفضل ما لدي".

بدأت شارابوفا المولودة في سيبيريا في 19 أبريل 1987، مزاولة كرة المضرب في الرابعة من العمر في مدينة سوتشي على البحر الأسود.

لفتت نظر الأسطورة السابقة للعبة الأميركية التشيكوسلوفاكية الأصل مارتينا نافراتيلوفا التي شجعت عائلتها على الانتقال إلى الولايات المتحدة، حيث التحقت بأكاديمية بوليتييري في ولاية فلوريدا، التي تخرجت منها أسماء مثل الأميركيين آندريه أغاسي ومونيكا سيليش.

وصلت ماريا برفقة والدها يوري إلى الولايات المتحدة عام 1994، وفي حوزتهما 700 دولار أميركي فقط، ما اضطر الوالد للعمل في وظائف متواضعة مثل غسل الأطباق لتمويل أحلام ابنته.

أثمرت هذه التضحية في ويمبلدون 2004، مع بروز سريع على الساحة العالمية بعد الفوز على الأميركية سيرينا وليامز في المباراة النهائية.

بعد ذلك بعام، أصبحت أول لاعبة من بلادها تتصدر تصنيف المحترفات.

فرضت شارابوفا نفسها على أرض الملعب، وأصبحت في 2012 عاشر محترفة على مر التاريخ تفوز بألقاب البطولات الكبرى الأربعة. لكنّ الروسية كانت قد بدأت منذ العام 2007، تعاني مع مشكلات الكتف.

جاءت النكسة الأكبر بفحص المنشطات الإيجابي في 2016، والذي أدت نتيجته إلى إيقافها لعامين من الاتحاد الدولي لكرة المضرب، قبل أن تخفض العقوبة إلى 15 شهراً بعد استئناف أمام محكمة التحكيم الرياضي.

وعلى رغم أنّ شارابوفا شددت على أنها لم تكن تعلم أنّ مادة "ميلدونيوم" التي تسببت بإيقافها، قد أضيفت إلى لائحة المواد المحظورة، أثارت عودتها بعد إيقاف وجيز نسبياً، ردود فعل متفاوتة بين اللاعبين واللاعبات.

وكتبت اللاعبة في رسالتها أنّ "كرة المضرب كانت جبلاً بالنسبة إلي. على طريقي واجهت الوديان والانعطافات، لكنّ المشاهد من القمة كانت مذهلة. بعد 28 عاماً وخمسة ألقاب في الغراند سلام، أنا مستعدة لتسلق جبل آخر، للمنافسة على أرضية مختلفة".

"الأرضية الأخرى" تبدو مجهزة. فشارابوفا التي بقيت على مدى 11 عاماً أكثر الرياضيات دخلاً في العالم بحسب مجلة "فوربس"، جمعت خلال مسيرتها جوائز مالية إجمالية وصلت إلى 38,8 مليون دولار.

وبحسب المجلة الأميركية، جمعت الروسية خلال مسيرتها ما يصل إلى 300 مليون دولار من الجوائز المالية والعقود الرعائية وأعمالها الخاصة، علماً أنها أطلقت علامة تجارية خاصة بالحلوى تحت إسم "شوغربوفا".

وشددت الروسية في إعلان اعتزالها على أنه "مهما كان ينتظرني، سأركز بالطريقة ذاتها، أطبق أخلاقيات العمل ذاتها، وكل الدروس التي تعلمتها".