الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الطريقُ إلى السّعادة... نجوان عوّاد مارون
الطريقُ إلى السّعادة... نجوان عوّاد مارون

يفكّر العديد منّا بطرقٍ عديدةٍ، حول كيفيّة الحصول على السّعادة، ويتساءلون:

كيف يمكن أن نحصل على السّعادة؟

هل بالسّفر؟  بشراء بيت جديد؟

هل بهدايا مميّزة؟ بالحصول على المال؟ و إلخ ..

أسئلة كثيرة لا تنتهي، وأفكارٌ أكثر، وكلُّ شخص تراودُهُ الأفكارُ، وتُشتّتُهُ كأمواج البحر الّتي لا تهدأ، وتبني حاجزًا بينه وبين سعادته، ويظلُّ يُكرّر: يا ترى، ما الشّيء الّذي سيُشعرُني بالسّعادة؟؟

يبحث غالبيّتُنا عن السّعادة في تغيير الظروف والحظوظ، أو عند أشخاصٍ آخرين، ونُحاولُ أن نَستوردَها ونُقلّدَها، فإذا كان عند صديقنا سيّارة جديدة، فننظر إلى السيّارة ونتمنّى أن يكون لدينا مثلها، وإذا غيّر جارُنا ديكورَ بيتِهِ، فعدوى التّغيير تصل إلى الآخرين، وإذا خرج قريبُنا في فسحة أو سفر إلى مكان معين، فيحلو الأمر في عيوننا، ونفكّر في السّفر، ونريد ونريد ونريد، ولا تنتهي قائمة ما نريد، وتبقى عيوننا في بيوت جيراننا، وأيادينا غاطسة في البنوك والدّيون، وقلوبُنا مملوءةٌ بالألمِ والنّدم، وقد نسقط في هاوية!

هناك من يفطن بكلّ ما يُريد مِن مالٍ ومجدٍ وشُهرةٍ ...، وينسى أنّه سيّدَ نفسِهِ، ولديهِ كفاءاتٌ وقدُرات وأخلاقٌ طيّبةٌ حميدة، وينسى أنّ مفاتيحَ السّعادةِ بيديه لو أراد أن يفتحَ الأبوابَ، وأنّ سرّ السّعادة هي كلمة تُغنيهِ عن كلّ هذه الأمور المُقلقةِ الّتي تُشغلُهُ وتُتعبُهُ، فهي كلمةٌ من أحرفٍ قليلة، لكنّها كنزٌ مدفونٌ في داخلِهِ وقلبهِ وعقلهِ، فإذا وجدَها وأمسك بها، ينسى كلّ أنواع الغيرة والطمع والحسد والجشع الّتي تنهش عقلهُ وضميرَهُ، فتُتعبُهُ وتُرهقُهُ، وتهدمُ أقدسَ الرّوابط الأسَريّة والاجتماعيّة لديه.

القناعةُ هي سرٌّ من أسرار السّعادة، والسّعادة الحقيقيّةُ بين أيادينا وأمام عيونِنا، موجوده في كلّ بيت من بيوتنا لو ندري، تبدأ بإرضاء  الرّبّ والابتعاد عمّا يبغضُه، ويتلوها رضا الوالدين!

إنّ رؤيةَ الأمّ والأب أكبرُ نعمةٍ، فكم من شخص يتمنّى رؤية أمّه وأبيه، وويحلم ولو بساعة كحلم منام قصير.

"لا تنظرْ إلى النصفِ الفارغِ من الكأس، بل اُنظرْ إلى نصف الكأس المملوء" بالسّعادة، اُنظرْ إلى نِعَمِكَ الّتي لديكَ وبينَ يديْكَ وتنعّمْ بها؛

أنتَ لك حُرّيّتُكَ وبيتك؛ مجلؤُكَ ومأواكَ، سِترُكَ وغطاؤُك، وكم هنالك من مشرّدين وضحايا مُستعبَدين بلا مأوى!

أنت تتمتّعُ بصحّتك وعافيتِك، والصّحّةٌ إحدى أهمّ مُركّبات السّعادة، فكم هنالك من مرضى وأشخاص يحلمون بالصّحّة، ويتمنون أن يشتروها وبأغلى الأثمان، عساها تهبُهم بعضَ اطمئنان، وقليلًا من حياة!

لكَ أن تُجالسَ أصدقاءَكَ، وتجلس مع مَن تُحبُّ، وترى أبناءَكَ وأقرباءَكَ من حولك، فتحضنُهم وتُؤاكلُهم، تُحدّثهم وتُمالحُهم، تُمازحُهم وتُلاعبُهم، تشاجرُهم وتصالحُهم، فهل أسعدُ من هذه اللحظات؟

نجاحُكَ في تحقيقِ طموحِكَ، ونجاحُكَ في عِلمِكَ وعَملِكَ، هو مرحلةٌ غايةٌ في السّعادة!

أختتمُ بقولٍ أعجبني يقول" كُنْ شاكرًا على ما لديك، وسيصبح لديك المزيد، أمّا إذا ركّزت على ما ليس لديك، فلن تجدَ أبدًا ما يكفيك".