الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
لمحات رمضانية بين الجانب الديني والجانب الحضاري....بقلم: د. روزلاند كريم دعيم
لمحات رمضانية بين الجانب الديني والجانب الحضاري....بقلم: د. روزلاند كريم دعيم

 "سمعتو يا أولاد هالخبر؟/ الليلة طلع القمر/ شفناه إحنا بعينينا/ كان ضاوي علينا/ في السما فوق الجبال/ قمر صغير اسمه هلال"

شهر رمضان المبارك هو الشهر التاسع من الأشهر القمرية، وهو شهر الصوم لدى المسلمين.

اعتاد الرسول محمد (ص) التنسك والتحَنُّث في غار حِراء في جبل قريب من مكة. كان يأخذ معه طعامه وشرابه ويبقى في الغار أيامًا طويلة. وفي أحد أيام شهر رمضان وبينما كان الرسول (ص) ظهر له الملاك جبريل (ع) وقال له: "اقرأ" فقال الرسول (ص): "ما أنا بقارئ"، وكرّرها عليه جبريل ثلاث مرّات، وكان الرسول يقول في كل مرّة: "ما أنا بقارئ". وفي المرّة الأخيرة قال الملك جبريل عليه السلام: ["اقرأ باسم ربك..." العلق 1- 4]. وكان ذلك في إحدى الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان سنة 610 م، وسمّيت هذه اللّيلة بليلة القدر ["شهر رمضان الذي... فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، البقرة 185]. ومع نزول الوحي بدأت الدعوة الإسلامية سرا، وفرض الصوم بعدها.

كانت هذه الحادثة، على الأغلب، في العشر الأواخر من رمضان وهي ليلة القدر. يحتفل المسلمون بليلة القدر لأن الله فضلها وجعلها خيرًا من ألف شهر [سورة القدر]، ويكون ذلك في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك. ويتوخى المسلمون أن يستجاب دعاؤهم في ليلة القدر.

ويحتفل المسلمون بعيد الفطر المبارك مع انتهاء شهر الصوم مع ثبوت رؤية هلال شوال.

واكتسب شهر رمضان المبارك بمرور الزمن صبغة حضارية تراكمية، تعكس عادات ومعتقدات الشعوب والحضارات والثقافات، بالإضافة إلى تعزيز القيم الأسرية والاجتماعية والدينية.

رمضان في الجاهلية

كان العرب في مكة يتبعون التقويم القمري، ورمضان هو الشهر التاسع منه. سُمّي بذلك لرموض الحر وشدة وقع الشمس فيه وقت تسميته، حيث كانت الفترة التي سمي فيها شديدة الحر.  ويقال: رمضت الحجارة، إذا سخنت بتأثير الشمس.  وكانت العرب ترمض أسلحتها في رمضان أي تدقها بين الحجارة استعدادًا للحرب في شهر شوّال قبل حلول الأشهر الحرام.  وفي ارتباط رمضان مع الصوم في الإسلام تعددت تداعيات الاسم، واكتسب معاني روحية، مثل رمض الصائم إذا حرّ جوفه من شدَّة العطش.

استعمل الصوم في الديانات المختلفة لتعذيب الجسم، وتطهير الروح أي التوبة والتكفير عن الأخطاء. ونجد أن الصوم يشغل منصبًا مرموقًا عند الشعوب البدائية، فهو وسيلة تضمن الحماية من الأخطار ساعة موت قريب، أو لحماية الطفل الوليد القادم إلى العالم. كذلك يستعمله السحرة والمشعوذون لمساعدتهم في دخول حالة من التسامي، أو في إبطال أخطار عن طريق تحضير الأرواح وفي إبطال سحر قائم. يصوم الكهنة ورجال الدين والشيوخ قبل البدء بأعمالهم الدينيّة في الاحتفالات، ويقوي الصوم الإرادة لدى المحاربين، كما ويصوم أفراد القبيلة من شيوخ ونساء لمساعدة الواقعين في الأخطار – في الحرب والنزاع. أما في الديانات السماوية، فيتخذ الصوم معاني روحانية خاصة ومرموقة. ومما لا شك فيه اتفاق الطب الحديث على صحة الصوم للأبدان.

الصوم في رمضان

الصوم ركن من أركان الإسلام الخمسة: الشهادتان، الصلاة، الصوم، الزكاة والحج.

هو الامتناع عن تناول الطعام والشراب من طلوع الشمس وحتى غروبها ["وكلوا واشربوا..." البقرة 187]. يبدأ شهر رمضان وينتهي برؤية الهلال ["فمن شهد منكم الشهر فليصمه..." البقرة 185]. وبناءً عليه تختلف مدة الصَّوم فتتراوح أيّام رمضان من 29 – 30 يوما: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمّ عليكم، فأتمّوا عدّة شعبان ثلاثين" (حديث نبوي شريف).

ويشمل الصوم كذلك الامتناع عن تناول الأدوية أو إدخالها بأي شكل من الأشكال، وهو في الإسلام أيضًا امتناع عن معصية الله. ومن القيم المضافة للصوم أنه يعلّم الصبر على العطش والجوع وتحمل المصاعب، وينمي عند الصائم الانضباط ومحاسبة الذات.

أبيح الإفطار للمسافر والمريض والمرأة الحامل وكبار السن ومن هو دون العاشرة،  بشرط أن تعوَّض هذه الأيّام لمن يستطيع خلال سنة وحتى رمضان القادم، بينما من لم يستطع صيام الشهر (المريض المزمن، كبير السن...) فيدفع فدية. أمّا من أفطر عمدًا فيمكنه التّعويض بتحرير عبد، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستّين مسكينًا، (وجبتان لكلّ واحد). ولا بد لنا الإشارة هنا إلى أن مفاهيم السفر تختلف باختلاف الزمان والمكان، وكذلك الأمر مع مفاهيم تحرير العبيد، رغم أن العبودية لم تنته من العالم.

لم يفرض الصيام في شهر رمضان منذ قيام الدعوة الإسلامية، بل كان الرسول (ص) يصوم في كل شهر ثلاثة أيام، ثم فرض صيام شهر رمضان كله في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة للمدينة، على كل مسلم عاقل قادر بلغ السابعة من العمر. وتوفي الرسول الكريم (ص) وقد صامه تسع مرات.  

ممارسات رمضانية بين الدين والمجتمع

تتأثر الممارسات الحياتية في شهر رمضان المبارك من التطورات الاقتصادية والاجتماعية والحضارية وحتى السياسية، إلا أنها لا تحيد عن الأسس الدينية الركيزة الأساس. والعديد من الممارسات الجميلة في رمضان في سورية الكبرى تمتد جذورها إلى مصر الفاطمية.

الصلاة:

بالرغم من كون الصلاة ركنا من أركان الإسلام الخمسة التي فرضت على كل مسلم ومسلمة خمس مرات في اليوم في أوقات معلومة،  إلا أن صلوات شهر رمضان الخاصة تضفي صبغة اجتماعية إنسانية للشهر الفضيل. وهي:

صلاة التراويح: التي يؤدّيها المسلم في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الوتر. يمكن أن تُصلّى في البيت أو في المسجد جماعة. سمّيت صلاة التراويح بهذا الاسم لأنّ المصلّي يستريح فيها بعد كلّ أربع ركعات وتدعى أيضًا "قيام رمضان".

المدائح والتوحيشات: حيث يجتمع المصلون في اللّيالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك في المسجد بعد أداء صلاة العشاء، ويقرؤون المدائح والتوحيشات لتوديع شهر رمضان. والتوحيشات أناشيد في مدح شهر رمضان، والتّعبير عن الأسف لانقضاء أجزاء منه. وفي العادات الشعبية تُرافق الشباب والصبية المسحر في عمله خلال هذه الفتر،ة ويسمونها على لسان العامة "توحيشة رمضان".

وتكثر زيارة المساجد والأماكن المقدسة في هذا الشهر، وخاصة في أيام الجمعة وليلة القدر والجمعة اليتيمة، أي الجمعة الأخيرة من الشهر الفضيل.  

المؤذن

أول مؤذن في الإسلام كان الصحابي بلال بن رباح الذي اشتهر بجمال صوته وحسن أدائه.

يقوم المؤذن بإلإعلان عن أوقات الصلاة، وفي رمضان عن موعد الإفطار أو موعد آذان الفجر وبدء يوم الصوم (انتهاء فترة السحور). يقوم بالآذان من مكان مرتفع، من على المنارة أو من على سطح المسجد، أما اليوم فهو يؤذن من خلال مكبرات الصوت – أو من خلال تسجيلات صوتية.

مدفع الإفطار: ظهر في أماكن عديدة من العالم كمحاولة لابتكار وسائل مختلفة للآذان، خاصة مع ازدياد الرقعة المكانية لانتشار الإسلام، وما زال معمولا به في المناطق العربية والإسلامية.

يستعمل المسلمون المسبحة لتسبيح الله، ويعود أصل المسبحة إلى النبي نوح عليه السلام، فقد كان يربط عقدة كل يوم لمعرفة عدد الأيام التي مرت عليه خلال الطوفان. أما مسبحة المسلم فعدد حباتها تسع وتسعون (بعدد أسماء الله الحسنى)، مع شاهد بعد كل ثلاث وثلاثين حبة، أو تتكون من ثلاث وثلاثين حبة، مع شاهد بعد كل إحدى عشرة حبة.  ونشير إلى أن الهدف الأساسي من استعمالها دينيًّا، رغم أن البعض قد يستخدمها لأهداف أخرى – للتسلية أو لأهداف شعوذة تتنافى مع طبيعة وروحانية وقدسية الديانات السماوية.

فطرة رمضان وزكاة المال

من أجل تعزيز التكافل الاجتماعي يتم توزيع "فطرة رمضان" أو زكاة الفطر، وهي زكاة تطهير لصوم الصائم ومن أخطاء قد يكون ارتكبها في رمضان. وهي تجب على كل نفس مرة في السنة، الغاية منها مساعدة الغير، نقاء النفس، تقدم من أول يوم في رمضان حتى صلاة عيد الفطر. يدفعها كل بالغ عاقل عن كل شخص تلزم نفقته (أفراد الأسرة، أب، أم...)، ومقدارها صاع من قمح أو ما شابه ذلك من قوت أهل البلد، وتتراوح في بلادنا بين 10 – 15 شاقلًا،  عن كل فرد، وللاحتياط يُدفع عن الجنين أيضًا. تُقدم مساعدة للفقراء والمساكين لمساندتهم في شراء حاجيات الشهر الفضيل ومتطلبات العيد.

وتُدفع أيضًا زكاة المال وتجب على أملاك الشخص التي تزيد عن الاحتياجات الأساسية، ونسبتها 2.5 بالمائة من قيمة الأموال المتوفرة. شروط زكاة المال مركبة، ولكن من حيث المصارف لأموال زكاة الفطر وزكاة المال فهي نفس المصارف والقوانين.

الطعام:

تلتزم الأسرة بمواعيد السحور والإفطار المحددة. تكثر الزيارات والسهرات، وتتعزز العلاقات الاجتماعية التي قد تكون مرافقة للإفطار أو بعده، عدا عن عزائم الأسرة والأصدقاء قد تقام موائد إفطار جماعية في أماكن العمل أو مؤسسات اجتماعية، لتعزيز أواصر المحبة بين الناس ويشارك فيها- أو ينظمها من الأساس- المسيحيون والدروز تكريمًا لأصدقائهم المسلمين، وتأكيدًا على التلاحم الاجتماعي بين أبناء الشعب الواحد.

وجبة السحور؛ يتناولها المسلمون قبل صلام الفجر، وتكون وجبة خفيفة من الألبان والحلاوة والتمر لتزود الصائم بالطاقة المناسبة، وهي ليست واجبًا بل فريضة مستحبة، كقوله (ص) "تسحروا فإن في السحور بركة".

وجبة الإفطار؛ يتناولها المسلم بعد صيام النهار، ويكون وقتها بعد أذان المغرب طوال شهر رمضان أو في أي يوم من السنة للصائم. البداية يكون الإفطار على التمر أو الرطب والماء، وهو الذي يتفق عليه المسلمون في أنحاء الأرض. بعدها يكون هناك تنوع كبير بين الأقطار الإسلامية وحسب ثقافة البلاد الغذائية، وعلى الرغم من كون الصوم فرضًا للتقشّف وإراحة المعدة، إلا أنّه بمرور الوقت أصبحت لهذا الشهر وجباته الخاصة التي تحضر بأنواع مختلفة ومتعددة. كما أن هنالك أنواعًا من الأطعمة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من شهر رمضان في بلادنا ويتمتع بها الجميع، مع اختلافها حسب اختلاف المناطق السكنية. فنرى العديد من العائلات تتنافس بتنويع وجبات الإفطار، كما هو في حضارات الشعوب كافة كذلك الأمر في شهر رمضان، فبعد يوم التقشف تأتي الوفرة.

مأكولات خاصة؛ الحساء هو الوجبة الأولى على مائدة رمضان، هو طبق هامّ جدًا والسبب لذلك هو ما يقدمه للمعدة من مساعدة في تسهيل عملها بعد الصيام، وتتبعه أطعمة غنية ومتنوعة يجوز أن تختلف بين المناطق المختلفة مثل: الثريد (الثريدة)، أبو مليح (الفتوش)، الكبة النية، الفول المدمس، الحمص المتبل، حشوة الأرز مع اللَّحم، المشاوي، الدَّجاج المحشي، وغيرها...،  ويشربون الشنين (اللَّبن الرّائب المخلوط بالماء) واللَّيمون والعرق سوس والخشاف أو الجلاّب (قمر الدّين المنقوع بالماء يضاف إليه اللَّوز والزَّبيب). وتكثر في سهرات رمضان المكسَّرات والحلويات، وخاصة القطايف وهو عجين دائريٌّ يحشى بالجبن أو الجوز، ويقلى ثم يصبُّ عليه القطر، يعرفه عرب البلاد والشَّرق الأوسط، قد تسكبه ربة الأسرة بنفسها أو توصي على العجينة عند من يسكبها. بالإضافة لحلويات شرقية عديدة.

المسحر وفانوسه وطبلته

يقوم المسحر بعملية التسحير، وهي دعوة الناس لترك النوم وتناول وجبة السحور في ليالي شهر رمضان. اعتاد المسحر التجول في الحارات بين البيوت ليوقظ النائمين ويدعوهم لتناول السحور، ومن واجبه ألا يترك باب البيت حتى يتأكد من استيقاظ أهله، وهو ينشد كلمات جميلة: "اِصح يا نايم وحّد الدّايم"، "اِصح يا نعسان وحّد الرحمن"، "قوموا على سحوركم، رمضان جاي يزوركم". يرافق عادة المسحّر شخص آخر يحمل له الفانوس ليضيء له الطريق ويسليه في ظلام الليل، ولا تزال هذه العادة قائمة في كثير من البلدان الإسلاميّة، وتتكرَّر هذه العمليّة كلّ ليلة على مدى الشَّهر كلِّه، وأحيانا يتقاسم عدد من المسحّرين أحياء البلدة، وفي نهاية الشّهر وعند مناداة المسحّر صاحب البيت، يخرج هذا الأخير ويعايد عليه، ويعطيه مبلغًا رمزيًّا من المال تقديرًا له على جهوده واعترافًا بجميله. يستعين المسحر في عمله بطبلة تسمى بـ "البازة"، يُمسكها بيده اليسرى، وبيده اليمنى خشبة يُطبل بها في رمضان وقت السحور ويسمونها طبلة المسحر أو طبلية المسحر. وهي من جنس النقارات الموسيقية شكلًا وأصغر حجماً، صوتها غير موسيقي.  وقيل إنّ المسحر كان يمشي في الشوارع وحوله الأطفال يحملون الفوانيس  لينيروا له الطريق. ومن العادات التي انتشرت في بلادنا أن يتبع الأولاد من مسيحيّين ومسلمين المسحّر في التَّوحيشات (الأيّام العشرة الأخيرة من رمضان) يردِّدون معه أغنيته. ومن العادات الجميلة التي واكبها المجتمع الفلسطيني في العقدين الأخيرين عودة المسحر إلى مدننا وقرانا، والأجمل أن المسحر في بعض الأماكن مسيحي يقوم بالتسحير محبة لأهل بلده المسلمين.

أما الفانوس فيحمله حامل الفانوس – مرافق المسحر - لإنارة الطريق في ساعات الليل الأخيرة؛ وقد تم استخدام الفانوس في صدر الإسلام للإضاءة، عند الذهاب ليلًا إلى المساجد وزيارة الأهل والأصدقاء.

وارتبط الفانوس بالاحتفال بشهر رمضان، ويظل رمزًا مميزًا لهذا الشهر بالرغم من تعدد القصص التي تُروى عن أصل الفانوس، إحدى هذه القصص تقول: إنه في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي كان محرّمًا على نساء القاهرة الخروج ليلاً، فإذا جاء رمضان سُمح لهن بالخروج لأداء التراويح في المساجد، بشرط أن يتقدم السيدة أو الفتاة صبي صغير يحمل في يده فانوسًا مضاء، ليعلم المارة في الطرقات أن إحدى النساء تمر، فيفسحون لها الطريق، وبعد ذلك اعتاد الأولاد حمل هذه الفوانيس في رمضان. وفي رواية أخرى: إن الخليفة الفاطمي العاضد كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق، كل طفل يحمل فانوسه مرددين بعض الأغنيات التي تُعبّر عن سعادتهم بقدوم شهر رمضان. وبحسب رواية أخرى فقد عرف المصريون فانوس رمضان في الخامس من شهر رمضان عام 358 هـ، وقد وافق هذا اليوم دخول المُعزّ لدين الله الفاطمي القاهرة ليلاً، فاستقبله أهلها بالمشاعل والفوانيس وهتافات الترحيب.

إبان الدولة الفاطمية تحول الفانوس من وظيفته الأصلية؛ الإضاءة ليلاً، إلى وظيفة أخرى حيث راح الأطفال يطوفون الشوارع والأزقة حاملين الفوانيس، مطالبين بالهدايا من أنواع الحلوى التي ابتدعها الفاطميون، حتى أصبح الفانوس مرتبطًا بشهر رمضان وألعاب الأطفال، وأغانيهم الشهيرة فى هذا الشهر ومنها "وحوي وحوي". وتطورت عادة صناعة الفوانيس وانسجمت مع معالم العصرنة.أما بالنسبة للحياة المعاصرة فيحدث تغيير جوهري في ساعات العمل، وفي ساعات البث التكنولوجي على أنواعه. وتعد البرامج والمسلسلات الخاصة التي تحصد ريعا كبيرا، وتفتح المحلات أبوابها في ساعات غير تقليدية، خاصة المخابز وأماكن صنع الحلويات. وترتدي البيوت والمحال حلة أنيقة من الزينة والأضواء، التي تتطور هي الأخرى وفق التطورات الحضارية العالمية.

يجدر بالتنويه إلى أن شهر رمضان المبارك غني بمواده الأدبية الشعبية القصصية والغنائية، وإمكانيات توظيف المواد الأدبية والتربوية على الصعيد التربوي كبيرة، وقد صدرت قصص ومواد تربوية متنوعة يمكن الاستفادة منها.  وتطول الأحاديث عن الشهر الفضيل والعادات والممارسات المرتبطة به على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع، لتشكل معًا مادة حضارية وذاكرة جمعية تستحق الدراسة.

رمضان كريم، 2020 م- 1441 هـ

د. روزلاند كريم دعيم/ حيفا