بالرغم من أن الكتابات والتحليلات والمواقف الرسمية والشعبية، فلسطينياً وعربياً ودولياً، المًندِدة بصفقة ترامب -نتنياهو لم تتوقف وخصوصاً بعد الإعلان عن الصفقة رسمياً يوم الثامن والعشرين من يناير الماضي، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات عملية لمواجهة الصفقة وسياسة الضم، كما لم يتم اختراق حالة الجمود في المواقف ، حتى تشكيل حكومة وحدة يهودية يمينية ومنح الكنيست الثقة لها برئاسة نتنياهو يوم السابع عشر من مايو الجاري وتعهد نتنياهو في خطابه الأول بضم الأراضي لم يغير في المواقف التي استمرت مقتصرة على التنديد والشجب وتهديد السلطة بوقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل.
حالة العجز عن مواجهة الصفقة والضم حالة عامة فلسطينياً وعربياً ودولياً وهي حالة تعود لأسباب متعددة سبق الكتابة عنها ولا داع لتكرار سردها. ولكن ولأن القضية الفلسطينية أصبحت تقريباً شأناً خاصاً بالفلسطينيين بعد تفكيك وتراجع أبعادها العربية والإسلامية وحتى الدولية، فإن الأنظار تتجه لقيادة منظمة التحرير في انتظار ما سيصدر عنها من قرارات وخطوات عملية غير خطاب الرفض والتنديد وغير سياسة الانتظار. وإن كنا نركز على منظمة التحرير فلأن حركة حماس حسمت أمرها مبكراً بقطع صلتها بالسلطة الوطنية وبالمشروع الوطني وما يعنيها ويُشغلها الآن هو قطاع غزة وترسيخ سلطتها فيه.
وبما أن القيادة الفلسطينية في حالة اجتماع مفتوح، نتمنى على المجتمعين الخروج من مربع الانتظار والرفض اللفظي والاقتصار والتهديد بتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي إلى التفكير برؤية استراتيجية ووضع التساؤلات التالية محل النقاش:
لا نروم من هذه التساؤلات كسر المجاديف أو التخويف من تنفيذ قرارات المجلسين بل التحذير من اتخاذ قرارات كردة فعل انفعالية ومتعجلة وبدون رؤية استراتيجية للقرارات ولردود الأفعال المترتبة عليها.
نتمنى أن تكون هذه التساؤلات محل نقاش معمق في الاجتماع القادم للقيادة، لأن كل يوم يمر دون خطوات عملية تشمل إجراء مراجعة استراتيجية وإعادة بناء النظام السياسي سيسرع من عملية الضم وتنفيذ ما تبقى من صفقة ترامب-نتناهو، بل أيضاً سيجعل الطبقة السياسية متواطئة ومشاركة في تنفيذ الصفقة.
إن اقتصر الأمر على الرفض مع بقاء الأمور على ما هي عليه الآن: استمرار الاستيطان، استمرار الانقسام وتكريس كيان في غزة، تآكل السلطة، مواصلة التطبيع العربي مع إسرائيل الخ، وهو وضع لا يقل خطورة عن الصفقة والضم، فإن إسرائيل ستكون الفائزة سواء تم الضم أم لا.
كما أن تهديد القيادة الفلسطينية بتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي وخصوصاً وقف الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، في ظل استمرار المشهد السياسي والوضع الداخلي الراهن سيكون مجرد زوبعة في فنجان.