الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
صابرحجازي يحاور الشاعرة الجزائرية فريدة بوقنة
 صابرحجازي يحاور الشاعرة الجزائرية فريدة بوقنة

  في إطار سلسلة اللقاءات التي أقوم بها  بقصد اتاحة الفرصة امام المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام والذين قد يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافيةعبر انحاء الوطن العربي الكبير،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم يتيح للجميع التعرف عليهم من قرب والتواصل معهم مستقبلا  

ويأتي هذا اللقاء رقم ( 123 )  ضمن نفس المسار
وفي ما يلي نص الحوار


كيف تقدمين نفسك للقرّاء؟
- فريدة بوقنة ... جزائرية المَقـــام ، و المُقـــام ، و الجنسية. نبْضٌ لمشروعِ شاعرةٍ ، ككلّ المشاريع المؤجّلة في عنق المعرفة ، نطفة تسبح بشغف في بحر الأدب ، و قلم يسفّ حروفه ،من محبرة الطموح و الإرادة.
داعبتُ جلّ الفنون، الأدبية كالقصة ، و السرد ، و الخاطرة، و قصيدة النثر، و غزلتُ و غازلتُ الحكمة أيضا. ولو سألتَ الكتـــابة عنّي ، لقالت أننّي ذاتها الحالمة.


نبذة عن إنتاجك الأدبي ؟
صدر لي مؤخرا ديوان شعري بعنـــوان" قطوف فريدة" ، عن دار الهدى الجزائرية ، وهو باكورة أعمالي الأدبية ، زاوجتُ فيه بين القصيدة العمودية و قصيدة التفعيلة ،و كان وشاح الباكورة، نسْجٌ من الومضات الشعرية ،و النثرية ،رصَّعْتُه ببعض الحِكم .


حدّثينا عن مضمون قصائدكِ ؟
قصائدي في مجملها وليدة اللحظة ، تنهمر من حسّ الأنا ، و تتدحرج أيضا من حسّ باقي الضمائر .أتأثّر بكلّ ما يلّف وجودي ، و لو أننّي متحيّزة – كثيرا – لتاء التأنيث.
كتاباتي ذات طابع عاطفي ، متلّون المضامين و الرؤى، أسوق القارئ لمكامن الجمال الروحي الأنثوي ، أنتقي من الكبرياء كلّ ما هو شفاف ومن الرقيّ ما يغرق القصد.


كيف كانت بدايتك مع الشعر ؟ وما هي أهم المؤثرات التي أثرت في تكوين اتجاهاتك الأدبية ؟
الشعر ليس له بداية ،و لا نهاية .الشعر وحمة الإبداع ، تظهر ملامحها مع تشكّل الأنا النفساني و يتضّح وشمها في فصل الميول فتُسمّى موهبة.
و أنا طفلة كنتُ مولعة بالقراءة ، أمشّط كل ما يقع عليه فضولي من كتب، و حينما لا أجد ما أقرأ، أحرث صفحات القاموس.
و مع الوقت بدأت جيناتي الشعرية ، ترتسم على كراسة المراهقة ، و بدأ الشعر ينحت تفاصيله ، على جسد اهتماماتي . و غرّدتُ أولى محاولاتي على أغصانٍ نزاريةٍ ،ومنها تدلّتْ قصائدي الناضجة.


ماهي القصائد التي تعتبرينها محطات هامّة في انتاجك الشعرى مع ذكرها ؟
سؤال صعب....و كأنّك تخيّرني بين أطفالي ، لكن أولّ قصيدة سلّطت الضوء على قلّمي ، و لفتَتْ ذائقة القرّاء، كانت

 " إلى ريح في مهبّ رجل" .
-------------------------

تفضّلْ ...
و لملمْ بقاياكَ منّي
و مزّقْ قصاصاتَ عشْقٍ هزيلْ
و ضعْ فوق قبري زهورَ هواني
و ذوّبْ شموعي لقاعِ الفتيلْ
أيا منْ أناشدك الهجر
عجّلْ فراقي وغادرْ سمائي
و داوِ غيابي بظلّ بديلْ
أتعلم؟ أتعلم أنّ دواوين شعري
التي خطّها شوق حبْري
أضاعتْ سطورا
أضاعتْ بحورا
نسجْتُ عماها بحرْف عليلْ
أتعلم؟ أتعلم أن صناديق صبري
التي خبأتْ وجعي
غرقتْ في بحار انتظارٍ طويلْ
تناسَ...تناسَ احتمالي
تناسَ دموع نضالي
و أنت تُجَرِّحُ خيْط وصالٍ نحيلْ
تذكّرْ....تذكّرْ تفتّت قهري
اختناقة صدري
و أنت تقول بصمتِ
" أنا حيثما الريح مالت أميـلْ"
فأنت سرابٌ جميلٌ هوى
و أنا لا أزال (فريدةَ) كل النساء
و ختمي دليـلْ .

أما قصيدة " ككلّ النساء "، فأعتبرها عروس إبداعاتي، و ذاتي التي لبست ثوب الكلمات.

أنا امرأةٌ ... مثل كلِّ النساءْ
وراء حروفي.. أناملُ أُنْثى
تٌلامِسُ شِعْر القَوافي
و شَعْرَ ابْنِها
و تُلامِسُ أيضا شُعورَ الجفاءْ
ككلّ النساءْ
أنا امرأةٌ ...إن تهاوى الوفاء
تُنكّسُ ألفية العشق في قِمَمِ الكبرياءْ
تُدوِّنُ فوق ضَبابِ المَرَايَا قُلُوبا
و تَقْطفُ من حُلْمِها بَتَلاتُ رَجاءْ
تَفُضّ غيوم المواجِع ِسرا
و ترقصُ جهرا لبُزوغِ الصفاءْ
ككلّ النساءْ
ككل النساء.. اُريحُ هواني بدمْعٍ
و أخفي انكساري بألفِ قناع
اُعانق حُزْني قُبيل الشروق...و بعْدَ الغروب
وأغسِل هَمّي بشايِ المساءْ
ككلّ النساءْ
أنا امرأةٌ لا تُزيحُ سِتارَ الخَفاءْ
ولا تشتري خَطَّ كفٍ بِحَقِّ القَضاءْ
تجول طويلا بروْضِ التمنّي
وتصْبر عند وُقوعِ البَلاءْ
ككلّ النساءْ
أَجَلْ مِثْلَ كلِّ النساءِ...شقيقة كلّ النساء
أغارُ و أبْكي
أحِنّ و أُخْفي
و أسْقي شَقائي
شَرابَ الدُّعاء
ككلّ النساء.. ككلّ النساء.


ماذا تمثل الكتابة بالنسبة لك ؟ وهل لك طقوس معينه في الكتابة ؟
الكتابة بالنسبة لي ، ضرورة ملحّة ،على هيئة إدمان .كل جرعة زائدة تحييني من جديد . أنا لا أنتظر الإلهام عند عتبة الكتابة، بل يكفي أن أجرّ القلم فوق سطر الفكرة ، ليلحق بي و يزخرف القصد. لكن يحدث أن تعتكف الفكرة ، و يصوم الإلهام ، فتدخل الكتابة في غيبوبة مؤقتة .عندها فقط يرتبك هودجي النفسي ، و أسقط في هوّة الضجر .أعترف بأنّ الكتابة تضمن توازني النفسي، و الاجتماعي، و العاطفي أيضا.
طقوس الكتابة ، تختلف من شخص لأخر .أنا شخصيا أغيب في زمن الكتابة، لا أعرفني، و لا أتذكّرني.


هل استطاعت الشبكة العنكبوتية توفير التواصل بين الاديب والمتلقي - خصوصا وحضرتك عضو في العديد من المنتديات الثقافية والادبية ولك صفحة باسمك علي الفيسبوك ؟
أكيد...فالشبكة العنكبوتية ،أضحت قبلة الكتّاب ،والمبدعين كونها نافدة واسعة، تطلّ على جمهور القرّاء، و المهتمّين .
النشر الالكتروني ساهم كثيرا في انتشار جلّ الأسماء الشعرية الحديثة، كما ساعد الأسماء القديمة على الاحتفاظ بمكانتها ،و ترصيعها بالجديد .
نشرتُ في عدّة صحف، و مجلاّت الكترونية ، محليّة، و عربية. كمجلة
أصوات الشمال الجزائرية ،ومجلّة النسوة النمساوية ،وصحيفة المثقف العراقية ،و مركز النور العراقي ،و غيرها. و قد نلْتُ شرف المتابعة ،و التشجيع ،و النقد، و التوجيه من طرف أسماء أدبية لامعة ،من كلّ أنحاء العالم.
كذا موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك ،الذي ساهم بشكل كبير في انتشاري ،و احتكاكي بمجموعة رائعة من الشعراء ،و الأدباء ، والقرّاء ،و المهتمّين .
و يمكن التواصل معي عبر صفحتي الشخصية على الفايسبوك
https://www.facebook.com/fafouti


لنتوقف قليلا عن الاسئلة ودعينا ننصت لقصائد مختارة من كتاباتك ؟

في "مرآة الجفاء" أقول....
----------------------------

لم تَعُدْ أنْت
و لم أعُدْ أنا
فقد خلا المكان
من نصْبِ المشاعر
حتى الزمان أطْفأ
النور و غادرْ
وحْده الغياب من
حفر بيننا المَقابرْ
أين كنتَ عندما
دقَّ العتاب باب
صمتك المُكابرْ
أين كنتَ عندما
احْتضَر شوقي فوق
أوراق الدفاتر
لا تَقُلْ ( لا.. لم و لن)
لا تقْتَطِعْ تذاكِرَ
الأعْذارِ منْ خَلِف السرائِرْ
لم يَعُدْ يحْمِلكَ
السَطْر هياماً
لم يعُدْ يلتَطِم الشِعر لِذِكْراكَ
بجُدرانِ المحابرْ
قل لِمجْدافك أنْ يهْدأ
قل للحبّ بأن الغيْظ قد سدّ المعابِرْ.
         ********       

 

و في قصيدة "وعد حبر" أقول....
--------------------------------
ذات نظْمٍ
خانني الحرف
و سافرْ
و اختفى جُلّ الكلام
منْ دواوينِ المشاعرْ
لست أدري
كيف بحّ البوح
كيف سَدّ صمتي
كل أفواه المحابرْ
هل أُداري؟
أم أُجاهرْ؟
أم أدُسّ
نْبض قلبي
في صناديق السرائرْ
لا أُكــــابرْ
كل ما في الأمْرِ أنّي
لم أعدْ أهوى المنابرْ
لم أعدْ أغرّدُ
الشعر سطورا
فوق أغصان الدفاترْ
قد أغامرْ
فالغمام خطّ لغزا
في سمائي
.."أمْهليني وعدَ حبر
لأفضّ الشوق
من جوف المسافرْ"...
هاكَ وعدي
لن أغادرْ
************

 

و في قصيدة "عتاب الربابة " قلت...
------------------------------------

تنامُ الوعودُ على كَفِّ صَبْري
على كَفِّ جُرْحي يَنامُ الأرَقْ

و غُصْنُ العِتابِ هزيلاً تَدَلّى
يُحاكي بِصَمْتٍ نُجومَ الغَسَقْ


سَرابٌ كثيفٌ كَسا صَفْوَ فِكْري
و دَمْعٌ خجولٌ طَفا وانْدَلَقْ

سنينٌ تذوبُ لـِـــقاعِ الفَتيلِ
ونَبْضٌ يَجُسُّ بقايا الرَمَقْ

سُطُورٌ خَوَتْ فوقَ لفْحَ السُكونِ
و بعضُ الكلام هوَى و احْتَرَقْ

كَسَاني الغروبُ لباسَ الظُنونِ
و فرّق ليلي رُموشِ الحَدَقْ

لِمَ رَامَ خَطْوُ الدَلالِ؟ لِمَ بَ
حَّ صَوْتُ الرَبابَةِ...ثُمَّ اخْتَنَقْ؟

فَريدة قلبك أدْري أنا
لِمِ تَسْتَبيحُ مِدادَ المَلَقْ؟

هُوَ الغَيْظ يُلْهِبُ أرْجاءَ روحي
فَــبَوْحي وَ إن عاقَ سرّي صَدَقْ
*********


و في قصيدة " انفصام" قلت....
-------------------------

أغارُ عليكَ
من امرأةٍ تَتَخفّى ورائي
وتأْسِرُني
بين زيرِ السطورْ
فَتِلْك التي
تسْتقلُّ المنابرَ
ليست أنا… بل
سرابٌ هوْى من
شرودِ الحضورْ
هيَ بعضُ بعْضي المٌغامرْ
و نِصفي المُسافرْ
وكلِّي الذي يتحَرّى
طقوسَ الغرورْ
أغارُ عليكَ
من امرأةٍ تحْتويني
كطَيْفٍ يَلُفُّ الغيابْ
يُدثِرُني بِقوافٍ
ويكتبني خِلْسة فوق
رُكْحِ الضبابْ
فَمَنْ سأكون إذن
حين تَهْدأ أقلامُها
و تنامْ
فَمَنْ سأكون
إذا قرّرتْ أنْ
تَخونَ الكلامْ
فَما الحرْفُ من دونِها
ما الحضورٌ إذن
إن توارتْ
و أخْفَتْ دليلَ
السِهامْ
أغارُ عليكَ
من امرأةٍ نَحَتَتْني
على راحَتَيْكَ
خُطوطَ نَصيبْ
و أهْدَتْكَ قلبي
معانٍ أَوَتْها
سطور اللهيبْ.


هل من أسماء شعرية نسائية مؤثرة في الحركة الشعرية في الوطن العربي ؟
أكيد هنالك أسماء شعرية نسائية مؤثرة في الوطن العربي ،لكنّها لا تعبّر عن الكمّ الفعلي للشاعرات المتمكّنات ،و هذا راجع للتهميش ،و لعدم تحديث المشهد الثقافي ،في معظم البلدان العربية .حيث أنّ نفس الأسماء تطفو دوما للواجهة .يجب مراعاة التفاوت الإبداعي ،و الفنّي ،بين شاعرة و أخرى ،و هذا التفاوت يحدّده مدى تخصيب الأفكار الجديدة ،و الذكاء الإبداعي ،و القدرة على الابتكار و الاختلاف ،و كذا الكمال اللغوي والإيقاعي.
في الجزائر مثلا، هنالك أسماء شعرية، حققت الكثير من التغيير في العمق العاطفي للجملة الشعرية، و أثارت فيها تدفقاً جماليا نوعيا ،و أخذت المتلقّي إلى ساحتها الإبداعية و أسرته ،و نقشت نصوصها في ذاكرة الشعر، أذكر على سبيل المثال لا الحصر ،الشاعرة حسناء بروش، الشاعرة لطيفة حساني، الشاعرة سليمة ماضوي ،سميّة محنش ،أسماء مطر ،شيماء درويش ، و أسماء أخرى كثيرة.


لو طلبنا منك أن توجهي رسالة للشاعرات العربيات، ماذا تقولين لهن؟
أوجّه لهنّ التحية على ما يبذلنه من جهد ،لإثبات الذات الشاعرة و السموّ بها ،و تفعيلها في المشهد الأدبي. و أهمس في عزيمتهنّ ..."القصيدة أنثى ".


مشروعك المستقبلي - كيف تحلمي بة - وما هو الحلم الادبي الذى تصبو الي تحقيقة ؟
عرّفتُ نفسي ،على أنّني مشروع شاعرة .و هذا بالضبط مشروعي المستقبلي ،لا أحبّ الألقاب التي لا تتماشى و حجم أصحابها ،للشعر قوام خصّ الإتيان بما يوفيه حقّه.
لي مشاريع هامشية مؤجلة ،لحين تحقيق المبتغى الأسمى ،كإنشاء جمعية ثقافية تهتم بمختلف الفنون الأدبية و الثقافية ،و جمع كل حِكمي المبعثرة ببهو الذاكرة في مخطوط جاهز للنشر ،و لي مشاريع أخرى أجمل ستكون مفاجئة لقرّائي الأعزّاء.


واخيرا ما الكلمة التي تقوليها في ختام هذة المقابلة ؟
أولا أشكرك أستاذ الاديب المصري صابرحجازي  على الحوار الثريّ ،استمتعتُ بهذه الدردشة اللطيفة. أشكر أيضا قرّائي الأعزّاء ،على شبكة التواصل فايسبوك ،الذين أحاطوني بمحبّتهم و بوفائهم . أودّ أيضا ،أن أشكر كلّ القلوب التي حفزّتني ،و شجّعتني، أخصّ بالذكر والدتي العزيزة.
لا أنسى أن أقول لكلّ من يمرّ على حوارنا هذا "أحبّوا بعضكم...فبعض الحبّ قصيدة....و بعض القصيدة صفاء....و كلّ الصفاء تأشيرة لعالم أفضل".

 .. ————
الكاتب والشاعر والقاص المصري صابر حجازي
http://ar-ar.facebook.com/SaberHegazi
– ينشر إنتاجه منذ عام 1983 في العديد من الجرائد والمجلاّت والمواقع العربيّة
- اذيعت قصائدة ولقاءتة في شبكة الاذاعة المصرية 
- نشرت اعماله في معظم الدوريات الادبية في العالم العربي
– ترجمت بعض قصائده الي الانجليزية والفرنسية
– حصل علي العديد من الجوائز والاوسمه في الشعر والكتابة الادبية
–عمل العديد من اللقاءات وألاحاديث الصحفية ونشرت في الصحف والمواقع والمنتديات المتخصصة