الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الكورونا ترقص في اعراسنا...ليلى حجة
الكورونا ترقص في اعراسنا...ليلى حجة

لقد كثرت الاعراس في هذا الصيف، لا ادري لماذا، فقد امتازت احياؤنا في الصيف بكثرة الاعراس، لكنها كانت تتفرق ما بين الحي والقاعة والنساخات الكبيرة. لكن بهذا الصيف، وبعد انتشار فيروس الكورونا في المجتمع كما الهشيم في النار، قررت السطات تقييد الاعراس، وجعلها قي محيط البيت فقط.

في هذه الصيف رفضت الكثير من الدعوات لكنني لم ارفض دعوة قريبتي القريبة، وكيف يكون لي ذلك، فهي الأخت والصديقة.  وهكذا لبست ذلك الفستان الأبيض، المزين بالتطريز الفلسطيني الجميل، كيف لا البسه وهذه ليلة الحناء، فيها ترقص الصبايا والنساء احتفالا بالعريس وامه. وكل واحدة تحاول أن تقوم بدورها لتزرع الفرح بقلب ام العريس خاصة ان هذه اول فرحة لها.

وبينما أقوم بواجبي من اجل صديقتي، وارقص بفستاني الأبيض، والمزركش، وقعت عيناي عليها، كانت هناك جالسة على كرسيها، بوجه شاحب والذبول باد عليها. نظرت اليها يتفحص، وتساءلت ما بها، وماذا حصل لها، واذا كانت مريضة جدا كما هو باد عليها.. فماذا احضرها الى هذا الاحتفال، الا تعرف ان هنالك فيروس يتجول بين الناس؟

فهو فيروس شائع من فصيلة سارز وميرز (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) (والتي هي في الواقع أنواع أخرى من فيروس كورونا).  هذا الفيروس شائع جداً، يصاب به كل إنسان تقريباً مرة في حياته على الأقل، وله قدرة عالية على تطوير الطفرات. وقد طور بالفعل مؤخراً طفرة حولته إلى فيروس خطير تتناقل أخباره جميع قنوات الإعلام. كيف لم نسمع عنه، وهو يتجول بيننا وينتق من يد ليد، ومن ملامسة وملامسة.

نظرت الى هذه السيدة من بعيد، تبسمت لها، وسألتها: " ماذا بك؟"

اجابت والالم باد على وجهها: " الم في الظهر.. الم غريب.."

الم تتعالجي؟
لقد تعالجت كثيرا.. لكنني لم استفد ابدا.
شفاك الله عزيزتي

تركتها بحالها، وتابعت رقصتي بين الجمهور، متعمدة ان لا أسلم على أحد ولا اقترب من احد، وذلك بحكم عملي، لأنني اعمل مع جمهور واسع، لهذا احترست كثيرا من الاقتراب من احد. وبينما انا هكذا ... نظرت حولي، وإذا بتلك السيدة قامت من مجلسها واخذت ترقص مع صديقتها التي جلست بجانبها وكم كانت ضعيفة وشاحبة، لكنها تبسمت لي بشفتين شاحبتين. عندما شاهدتها بهذا الضعف والمرض، تساءلت: " ماذا احضرها اليوم؟"

وفجأة رأيت فيروسا يضحك لي، كأنه يسخر مني، ويقول: " انا هنا.. انا هنا"

تساءلت: " من انت.. من تكون؟؟"

انا .. انا.. 

وراح يلتصق بالفستان الاحمر، ويتراقص مع صاحبه، ثم الفستان الزهري، فالأزرق والاخضر والأسود، ما هذا، انه يتراقص بفرح، ويضحك بصوت عال، ويقول: كم احب الافراح.. ياي.. كم احب التصاق الناس ببعض.. ما أجمل هذه الاعراس.. انا اتجول بها بسهوله، لا احد يمنعني.. ولا حتى الكمامة الواقية.. انا قوي

انا أحب الرقص بالأعراس الجميلة.. كم هي جميلة هذه الاعراس.. انا احبها كثيرا!؟

نظرت حولي باحثة عن تلك السيدة المريضة، ربما تكون قد جلبت هذا الفيروس معها... يا الهي لم اجدها.. سألت عنها.. فقالوا انها مريضة جدا.. ارتفعت حرارتها.. فغادرت.

قلت لهم: سلامتها ... ألف سلامه.. 

نعم هي غادرت المكان.. لكنه لم يغادرنا.. التصق بفساتين الصبايا.. واخذ يرقص سعيدا فرحا، وكان ينظر الي، ويقول انا هنا.. تعالي كي التصق بفستانك الأبيض الجميل ...لكنني ابتعدت عن الفتيات.. وبعد فليل غادرت الى البيت...وحدثت نفسي، قائلة: " يا إلهي.. معقول ان هذا الفيروس اللعين يرقص مع السيدات، ويلتصق بأثوابهن؟!

وفي البيت خلعت الثوب الجميل.. وضعته في الغسالة... ودخلت الى الحمام.. محدثة نفسي بقلق ، قائله: " معقول ان فيروس الكورونا كان في عرس ابن صديقتي.. يا الهي هل التصق بي هذا الفيروس.. ماذا اعمل؟ " لا ادري .. لا اعرف.. ربما كانت هذه الفتاة مريضة ربما لم تكن؟!

تناسيت الامر.. تابعت حياتي.. لكن قلقي كان يقلقني بالليل، ويوقظني من نومي. لقد أجريت الفحص، والحمد لله كانت النتيجة سلبية.. لكنن لقي زاد عندما سغمت ان الفيروس الراقص بالعرس قد تعلق بالأثواب الجميلة وهاجم الجسم بقوته الخفية...!    لم ينته الاسبوع وإذ بي اسمع ان تلك الفتاة قد اخذت للمستقى الخاص بالكورونا، وقد تركت ورائها العديد من الإصابات والمرضى...!