الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
وصدقت 'نيويورك تايمز'....أحمد طه الغندور
وصدقت 'نيويورك تايمز'....أحمد طه الغندور

   نعم؛ لقد صدقت صحيفة "نيويورك تايمز" في مقالها الذي نشرته بداية الأسبوع الماضي تحت عنوان؛ " ترامب بحاجة إلى "دروس خصوصية" لفهم المعاهدات الدولية وإيران تقترب من القنبلة النووي"، وفيه ناقشت الصحيفة الفهم الخاطئ لدى إدارة "ترامب" فيما يتعلق بالاتفاقية النووية مع إيران، والذي زعمت فيه "الإدارة" أنها لا تزال جزءًا من الاتفاقية التي خرجت منها في العام 2018، لذلك فإن الصحيفة ترى؛ أن هذا الفهم الخاطئ يبين مدى حاجة "ترامب" إلى "دروس خصوصية" كي يفهم طريقة عمل المعاهدات الدولية!

لا شك بأن هذه المقاربة التي توصلت إليها الصحيفة صحيحة بشكل كبير، فقد أثبتت ممارسات الإدارة الأمريكية الحالية خروج صارخ عن قواعد القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية؛ يدخل في إطار الانتهاكات الجسيمة والمخالفات الخطيرة للقانون تستوجب المسائلة عليها!

ولا شك أن "المعاهدات" أو "القانون الاتفاقي" يُمثل الجزء الأهم من قواعد القانون الدولي بالإضافة إلى الأعراف التي استقرت "الدول المتحضرة" في علاقاتها، لذلك كنت آتمنى لو أعطت "الصحيفة" بالاً لاتفاقيات السلام التي عُقدت مؤخراً في "البيت الأبيض" تحت مُسمى "اتفاق أبراهام"، لعل وعسى أن تعطينا "الصحيفة" انطباعاً أولياً عن رأيها ـ وفق القانون الدولي ـ حول هذا الاتفاق!

وهنا سأحاول قد المستطاع؛ وبلغة بسيطة وسهلة، بعيدة عن عمق التحليل القانوني الذي تلجأ إليه المحاكم الدولية، أو لجان التحكيم في سبر أغوار بنود اتفاقية دولية، تم سطرها في برهة من الزمن، لذلك لن يتسع المقام لقراءة "الاتفاق" بالمجمل قراءة قانونية تحليلية، بل يكفينا النظر إلى شذرات منه للحكم عليه حكماً جيداً!

فلو بدأنا بالتسمية الخاصة بالاتفاقية؛ "اتفاق أبراهام"، المقصود هنا نبي الله إبراهيم "عليه الصلاة والسلام"، تحاول الاتفاقية استغلال " اسمه المبارك " لصبغ الاتفاق بصيغة توراتية تسعى إلى حذف الرواية العربية الفلسطينية في الصراع مع المحتل!

وكأن من يوقع الاتفاق، يقر من حيث المبدأ بأن " فلسطين " هي أرض لليهود بموجب منحة إلهية منذ " إبراهيم " ـ عليه الصلاة والسلام ـ، وهذا ما لا تقره مبادئ القانون الدولي كسبب للسيادة على الأرض!

فكيف قبل "حكام الإمارات والبحرين" أن يتهموا " نبي الله إبراهيم " باليهودية التي نفاها الله ـ سبحانه وتعالى ـ عنه، ومن ثَم يقروا بأن فلسطين ـ بالأمر الإلهي ـ أرض لليهود، مخالفين الدين، ثم القانون الدولي؟!

هذا إن لم نخوض في الإجابة على السؤال، ما العلاقة بين "الصهاينة" ـ مسيحيين ويهود ـ بنسل " إبراهيم " عليه السلام، هل لديكم إجابة؟!

ثانياً، لا أدري لماذا يُصر الاتفاق على وصف "الكيان الاحتلالي" وحده ودون غيره، بـ "الدولة"، لم يذكرها مع "الولايات المتحدة" ولا مع "الإمارات"، ويكررها في أكثر من موقع، هل الظن منهم أن الاعتراف بهذا اللقب لهم من بعض الدول العربية "المطبعة" يمنحهم الحق بالحدود وفقاً لما رسمه "ترامب" خلافاً للقانون الدولي؟!

ثالثا، قبول الإشارة في النص إلى لفظ "الشعب اليهودي"، أين أذهب الاتفاق حقوق العرب الفلسطينيين الصامدين على أرضهم في " الداخل المحتل "، هل هذا اعتراف من المطبعين "بقانون القومية اليهودي" وتنكراً لحقوق أصحاب الأرض الأصليين؟!

رابعاً: ماذا عن الارتهان لرغبة "ترامب" للسلام بعد أن رفضت جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والخروج عن المبادئ التي قامت عليها المنظمة الدولية، والقرارات المتعددة الصادرة عنها، بعد كل هذه المخالفات التي أحدثت تناقض داخلي في نصوص الاتفاقية خاصة في البند الثامن منها؟! فما العمل لو توفى "ترامب" الذي أصابته الكورونا؟ أو أنه فشل في الانتخابات، أو على أسوأ سيناريو خرج من الحكم بعد أربع سنوات، فما هو مصير الاتفاق؟!

هل هكذا تصيغ الدول اتفاقاتها؟!

يبدو أن الأمير "عبد الله " كان محقاً في البحث عن مكان التوقيع على اتفاق ذل مليء بالثغرات القانونية والتناقضات، أكتفي بما ذكرت منها، متجاهلاً ما سُمي بـ "كذبة إيقاف الضم" أو "بيع الطائرات" للإمارات!

السؤال الأهم، لماذا تصر "الإمارات" وتضغط لجر دول عربية أخرى لمستنقع الخيانة؟!