الثلاثاء 7/10/1445 هـ الموافق 16/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
رُبَما فيه ما ينفع..! - عبد الهادي شلا
رُبَما فيه ما ينفع..! - عبد الهادي شلا

 ما من أحدا يحب أن يمرض أو حتى يقترب منه ولو مجرد وسواس داخلي، فالإنسان يرتعد منه ويخشاه ويعمل جاهدا أن يكون دائما سليما معافىً،ولكن هذا لا يمكن أن يكون لأن الأمراض ملازمة للحياة ،وإن كان فيها ما ينفع الناس فهو لحكمة إلهية قد لا نعرف سرها وإن طال الإجتهاد فإنها تبقى ضرورية لما تحققه من توازن على الأرض..! 

هذه ليست صورة تشاؤم ،لكننا نتحدث عن حقائق يعرفها كل البشر ومعظمهم غافلون عنها وسط اللهاث وراء متطلبات الحياة  .

           
"ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له الدواء" ..وهذا يعني أن هناك "داء" أي هناك مرض،وأن هناك"دواء" أي هناك علاج..!!

 

العالم يعيش حالة فزع غير مسبوقة منذ أن تفشى مرض" كورونا "،وبغض النظرعن ما يردده كثيرون ممن شككوا في مصداقية أنه جائحة حطت على سكان هذا الكوكب أم أنه خدعة ورائها هدف كبير تحدثوا عنه كمؤامرة صنعها من لهم غرض من نتائجها،فإن السلوك العام على وجه الأرض منذ تفشيه إنقلب رأسا على عقب ليس لأنه مرض مخيف في تشخيصه بل أيضا لأن الأخبار لم تحمل في بدايته أي خبر يبشر بالوصول سريعا إلى طريقة العلاج منه.

 

الآن وقد هلت تباشير الوصول إلى العلاج بنسبة تؤكد المصادر الطبية العالمية أنها كبيرة جدا قد تصل إلى أكثرمن 90%  فقد أصبح بمقدورالعالم أن يتنفس الصعداء مستبشرا بالتخلص من هذا الوباء وإن احتاج إلى وقت يثبت فيه العلاج قدرته ويحقق نتائجه المرجوة.   


هل يمكن أن يخلف الحَجر الذي تسبب فيه الوباء أي منفعة تُحسب أو يمكن استخلاصها منه؟! سؤال مشروع رغم غرابته،لكننا أحيانا نضطر إلى أخذ دواء مرٍ لإعتقادنا بأن فيه علاج!

 

فلو احتسبنا مكوث الناس في بيوتهم إنصياعا لأوامر أولي الأمر أمرا أتى بنتائج مفيدة وخاصة من الناحية الاجتماعية،فإننا سنميل إليها بعد أن كدنا نفقد أخر خيوط أواصر اللحمة الاجتماعية بالانفصال عن ماض استبدل بالانشغال بالأجهزة التي لا تفارق الجميع وهم معا في نفس المكان وقد وصل الأمر أن يتم تبادل الحديث في المجلس الواحد عبر الرسائل الألكترونية دون مشاركة الأخرين مما هدد اللحمة الإجتماعية وتسبب في تفسج نسيج الأسرة،و المجتمع حين تفشى كظاهرة .

 

سنبقى نذكر دائما أن " النمو التقني" قد سبب تفككا لم يتقبله أحد رغم سطوته التي يصعب الفكاك منها لأنها صارت أسلوب حياة جديدة،وسنبقى نذكر أنه قدم تسهيلات حياتيه كبيرة واختصر الكثير من الجهد والوقت أيضا.

 

علينا أن نكون أوفياء ونحن نسيرنحو المستقبل و أن نعتبر هذا الوباء  قد وضعنا على أول طريق أسلوب حياة أكبر مساحة وأكثر شمولية لسمة المستقبل،فهذا ليس إختياريا بل فرضا واجبا على كل من يستعد لحياة التقنيات ،وقد يصبح الحب والكُره و المشاعرالإنسانية محكومة بقدرة هذه التقنيات والذي نخشاه أن يفقد الإنسان مشاعره بعد أن تذوب وتتلاشى و تتحول إلى "المكنكة" أو يُستبدل الإنسان بــ"ريبوتات"  تعمل بزر صغير في جهاز يديوي ،أو يُزرع في الجسم..!!

 

فهل كان هذا الوباء صفعة أيقظت في النفس ما غاب عنها من مشاعر و تواصل في زحمة الحياة التي ستكون أكثر تسارعا ولا ندري إلى أين تأخذنا!؟

أم سنتخلف عن الركب بينما الفرصة متاحة ، وعلينا أن نستغلها ونندمج في أسلوب الحياة الجديدة.؟!

ستبقى هناك أسئلة تحتاج إلى إجابة بينماالبحث مازال جاريا في القضاء على هذا الوباء ... نهائيا.