السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
المرأة الشرقية في بلاد المهجر الغربية!! .. عبد الهادي شلا
المرأة الشرقية في بلاد المهجر الغربية!! .. عبد الهادي شلا

لست من اؤلئك الذين يمجدون الرجل على حساب المرأة أو يرفعون من قيمة المرأة على قيمة الرجل،فالحياة قرار إلهي أوجد الرجل فيها ومعه المرأة التي لم تغب لحظة عن الوجود منذ وطأت قدماهما الأرض وجاء نسلهما لتبدأت دورة الحياة في تقلبات لن تنتهي لما فيها من تناقضات كما فيها من الانسجام.

للحياة تركيبة يعجز الإنسان بكل ما أوتي من علم ومعرفة أن يصل إلى جوهرها وأسرارها،لذلك جاء الرسالات السماوية لتُنظم طريقة تَفَكـُر الإنسان فيما حوله من أشياء ويحاول إكتشاف ما يمكن أن ييسر عليه سُبل الحياة فكانت الاكتشافات والاختراعات التي جاءت من رحمها لتصل اليوم إلى ما لا يمكن حصره وعدَه واستخداماته،ورغم هذا فمازال الإنسان في كـَدٍ واجتهاد لمعرفة المزيد عن أسرار الكون الذي قال فيه الخالق: ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)..

قد يسأل البعض هل كل هذا الكَم من المعرفة والاكتشاف والاختراع وما هو تحت التجريب هل هذا قليل؟!..نعم فالكون ليس الأرض وحدها ولا السماء وحدها ولا النجوم والكواكب..!!

الكون هو كل ما خلق الله مما نعرف ومما لا نعرف،فكيف لنا ونحن المخلوق الضعيف من مخلوقاته أن نصل إلى كل ما خلق في سنوات هي ملايين كما جاء في حسابات العُلماء،لكنها عند الله قليلة(إن اليوم عند ربك بألف سنة مما تعدون)..

الحياة التي نحياها ليس غائرة في الزمن كما نتصور،و حين ننسبها إلى ما جاء في الآية الكريمة فإنها لا تتعدى أياما قليلة..!!

مع تطور الحياة وفتح الباب الذي أغلق سنوات لتعود منه المرأة إلى مكانتها الطبيعية وتنهل من العلم وتعمل بجانب الرجل وتتبوء المناصب التي احتكرت سنوات طويلة وسُحبت من يدها بحُججٍ ليس لها سند سوى العادات والتقاليد والجهل بسُنن الكون،بعد كل ما وصلت إليه المرأة مازلنا نجد من الرجال من ينكر عليها بعضا مما اكتسبت وكذلك بعض النماذج من النساء يُثرن نعرات ويوجهن اللوم إلى الرجل في زمن تغيرت فيه الظروف والمتطلبات،الأمر الذي يجعلنا نتأمل ونسأل ما هو المقصود من كل تلك العواصف الهوجاء؟

هل يريد الرجل أن يُحَجِم دورالمرأة ويبقيها بين جدران المنزل؟

وهل تريد المرأة ان تستولي على المزيد من مساحة الرجل؟

ألا يعلم كلاهما أن لكل مساحة لها خصائص ،وأن تجاوزها يُولـِد خللا في تركيبة الحياة و دور كل منهما..؟!

من المشكلات التي تنتج عند هجرة المرأة بصحبة زوجها وأولادها إلى بلاد الغرب واحدة لا تريد المرأة أن يكون فيها فصل وتجد في قوانين البلد الجديد ما يساعد على أن تتمرد وتخرج عن الأصل في العلاقة الزوجية التي تميز الحياة الشرقية التي عاشتها طوال عمرها وتبدأ بصوت عال تطالب زوجها"الرجل" أن يكون مثل غيره في البلد الجديد،وهذا حق لا ينكره عاقل،ولكن عليها أيضا أن تكون "إمرأة" مثل نساء البلد الجديد بمعنى أن تشارك في العمل ولا تبقى على طبعها الاستهلاكي فقط دون أن تقدم ما يُعين أسرتها في عالمها الجديد،الأمر الذي سيترتب عليه نشأة أبنائها بصورة منسجمة مع طبيعة الحياة الجديدة حين تكون هي وزوجها مثالا جيدا في الحياة الجديدة.

المرأة الشرقية في البلاد الغربية..مازالت رافضة أن توازن بين المكتسبات الجديدة وبين ما أمرت به من طاعة تجنبها الخطأ فهي في حاجة إلى أن تقتنع بأن القوانين الوضعية في بلد المهجر هي لتيسيرالحياة وأن القوانين الإلهية هي لضبط إيقاع الحياة من كل جوانبها.