الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حركة فتح: الفكرة والطفرة.....فادي أبوبكر
حركة فتح: الفكرة والطفرة.....فادي أبوبكر

 من اللافت للنظر ، تركيز الأحاديث الفيسبوكية وأحاديث الوسائل الاعلامية المختلفة منذ إصدار مرسوم الانتخابات الفلسطينية مع بداية عام 2021 على الانتخابات من حيث تهديدها لوحدة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" !، وعلى المسائل الداخلية للحركة، مثل قضية فصل ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية السابق للحركة ، علماً أن معظم هذه القنوات أو الأشخاص الذين يتناولون هذه القضايا  لا تربطهم بالحركة صلة لا من قريب ولا من بعيد، ويبدون آراءهم وتصورّاتهم حول كيفية إدارة فتح لمسائلها الداخلية والتنظيمية، وكأن فتح دولة بحد ذاتها، وهم مواطنون تحت سيادتها!.

فعلاً ..حركة فتح هي دولة.. دولة بديمقراطيتها التي يمكن وصفها بالعامية بأنها " زيادة عن اللزوم"، وبأنظمتها ولوائحها الحركية اللا مثيل لها.. هي دولة بفكرتها العملاقة، التي تستفز كل أولئك الأيديولوجيّين الذين يرون فيها تهديداً لأي أيديولوجيا محددة بعينها، لأن فكرتها وطنية جامعة تستوعب كل الأيديولوجيات الأخرى التي تؤمن بالوطنية كفكرة وكممارسة نضالية.

من الطبيعي أن تستحق فتح هذا الاهتمام وهذه الهجمة الممنهجة في آنٍ واحد، فهي النقيض الأبرز للأيديولوجية الصهيونية، لأن الوطنية لديها هي الأساس والأيديولوجيات الأخرى مجرد قشرة خارجية سرعان ما ستزول.

 

حركة فتح هي الفكرة العظيمة والطفرة الفريدة من نوعها بين الأحزاب والحركات التحررية في المنطقة والإقليم والعالم بأسره، فرغم التحديات التي واجهتها منذ انطلاقتها عام 1965 ومحطات الإنشقاقات التي مرّت بها الحركة، إلا أنها كانت تعبر كل محطة أقوى وأصلب من ذي قبل، تنفض عنها غبار الانشقاق وتستمر في الصعود والتقدّم إلى الأمام.

 وفي قضية فصل ناصر القدوة من حركة فتح، لا بد من التنويه إلى أن هذا الانشقاق لم ينبع من خلاف استراتيجي مع قيادة الحركة، كون القدوة ببساطة استمرّت عضويته في لجنتها المركزية طوال خمس سنوات، دون أن يطرح حتى اللحظة أي نقطة خلافية مركزية مع الحركة وقيادتها.

 وفي المقابل فإن فاروق القدومي "أبو اللطف" وهو أحد القيادات التاريخية لحركة فتح، والذي يعتبر أحد أشد معارضي قيادة حركة فتح الحالية، ومن أبرز المعارضين لاتفاقية أوسلو، لم يخرج عن فتح، وردّد المقولة الشهيرة عبر صفحته على الفيسبوك : " نشق صدورنا ولا نشق حركة فتح"، موجهّاً رسالته للقدوة، ليُظهر لنا أبو اللطف كم هي عملاقة هذه الحركة، وكم فكرتها عظيمة تبقى بلا منازع صمام الأمان للمشروع الوطني الفلسطيني وناظم إيقاعه.

لا أزعم بأن قيادتنا في كافة الأطر الحركية منزّهين عن الخطأ والممارسات السلبية، ولكن تعلمّنا في فتح بأن النقد الذاتي والبنّاء داخل البيت الفتحاوي يُشّكل مظهراً صادقاً للمسلكية الثورية، وأمّا السلوك الخارج عن إطار الحركة هو سلوك تخريبي وإنتهازي.

وليعلم من لم يطالع قواعد المسلكية الثورية لحركة فتح، بأنها تشدّد على أن أي عنصر مهما كانت درجته التنظيمية -  إن تولّدت لديه طموحات ذاتية غير مشروعة، وعمل على خلق مركز قوى أو تجمع كخطوة أولى نحو الإنشقاق، فإنه يمارس بذلك مسلكية تخريبية يجب أن يكون موقف الحركة منه حازماً و حاسماً.

وفي نفس السياق، يمكن الجزم بأن الانعكاسات والتداعيات السلبية كانت ستكون كبيرة على الحركة لو لم تتّخذ قرار فصل القدوة، لأن القاعدة لا تتبع القيادة المتردّدة، والجندي في ساحة المعركة لا يمكن أن يمتثل إلاّ لأوامر القائد الحازم والحاسم.

ان المؤامرات والانشقاقات الداخلية الكامنة للحركة من كل حدبٍ وصوب، لا يمكن إحباطها ومحاصرة تداعياتها إلا باليقظة والانضباط الثوري والتنظيمي، ويبقى الأمل في حركة فتح ..الفكرة العملاقة والطفرة الفريدة لمواجهة أزمتنا الجوهرية  المتمثلة بالاستعمار الصهيوني بكافة تمثلاته.

 

فادي أبوبكر

كاتب وباحث فلسطيني

[email protected]