الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الأسرى والانتخابات الفلسطينية / بقلم الدكتور رأفت حمدونة
الأسرى والانتخابات الفلسطينية / بقلم الدكتور رأفت حمدونة

تتجلى مكانة الأسرى والمعتقلين، وتقدير تضحياتهم وتجربتهم الديمقراطية وأبعاد قضيتهم السياسية من خلال مراقبة القوائم الانتخابية للفصائل والأحزاب التى لم تخلوا من عدد كبير من الأسرى والمحررين في السجون والمعتقلات الاسرائيلية وخارجها تحضيراً للانتخابات الفلسطينية في مايو 2021.

 

وهنا أسوق استنتاج ميشيل فوكو في كتابه (المراقبة والمعاقبة – ولادة السجن) أن السجن ليس مصدره القانون بل هو سبق القانون وجاء هذا فيما بعد لينظمه، إن السجن بمؤسسته الخاصة وطريقة نشوئه وهيكليته المتعلقة به وحده كما لو كان سلطة مضافة إلى الدولة والمجتمع، ويعتبر السجن بهندسته وجاهزيته مكاناً مثالياً لإنتاج الجسد الانضباطي.

 

فمنذ بداية الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة عاملت السلطات الإسرائيلية الأسرى بالكثير من أشكال السطوة والقوة، وحاربت كل أشكال ومظاهر الديمقراطية في السجون، فانتقت مصلحة السجون قوانين قهرية طبقتها على الأسرى السياسيين ، ورغم هذه العنصرية في التعامل اليومي مع الأسرى الفلسطينيين، والقولبة السلبية التي روجتها سلطات الاحتلال باتجاههم الا أن الحركة الفلسطينية الأسيرة استطاعت أن تجابه التحديات والمخططات وأبدعت في عشرات بل مئات القضايا ومنها تطور الحالة الديمقراطية، حيث أنها حولت السجون إلى مجتمعات أشبه وأرقى من المجتمعات خارج السجون، وجعلت من الممارسة الديمقراطية أساساً مهماً للنجاحات في الكثير من المستويات، فأسست مجتمع قائم على تدوال السلطة، وإجراء الانتخابات لاختيار القيادة التي تدير شؤون مجتمع الأسرى في المعتقلات، واحترام الحقوق الأساسية كمبدأ المساواة والحقوق " حق التعبير عن الرأي، وحق الفرد في حماية المجتمع له من الاعتداء على شخصه أو كرامته الإنسانية، ووجود القوانين التي تحكم الحياة اليومية، وتنظم علاقة الفرد بالفرد، والفرد بالمجتمع، وبرزت الديمقراطية في السجون في ثلاثة مركبات، الأول: على المستوى الفردي بالثقافة والسلوك والممارسة، والثاني: على صعيد بنية التنظيم الواحد وهياكله ولجانه وشكل القرارات فيه، والثالث: تجلى بشكل واسع على صعيد العلاقة التي تحكم الفصائل والمؤسسات الاعتقالية العامة في كل سجن، وبين السجون لحظة اتخاذ القرارات الجماعية الاستراتيجية العامة .

 

ومن هنا أرى أن الأسرى والمحررين الذين أسروا على قضية سياسية، وطالعوا ومارسوا خلال اعتقالهم العملية الانتخابية وحقوق وواجبات ومركبات مؤسسات الدولة وعلى رأسها المجلس التشريعى ودور وحقوق وواجبات أعضاؤه لديهم القدرة القدرة الكافية ويستحقون لانتمائهم الوطنى وتضحياتهم أن يمارسوا هذه التجربة، ويحظون بالمكانات الأولى للقوائم الانتخابية للفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية.