الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قوة مواقع التواصل الهشة وأثرها على العالم....عبد القادر حسونة
قوة مواقع التواصل الهشة وأثرها على العالم....عبد القادر حسونة

 هرج ومرج وحالة من الإرباك والترقب للمواطنين حول العالم، وتغطيات إعلامية مكثفة ومباشرة، الخبر الرئيسي والشغل الشاغل للعالم، هو توقف خدمات شركات مواقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك وإنستجرام، وواتس أب"، وذلك ناتج عن خلل تقني أو ربما هجوم سيبراني ضخم، حيث أن هناك متابعات خاصة في موضوع الخدمات ومن ناحية اقتصادية.

نعم اليوم قوة وسائل التواصل الاجتماعي بلغت مبلغاً عظيماً في تسهيل الاتصال، والقدرة على حشد الجماهير، لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي المنفذ الأساسي لتسويق المنتجات والخدمات حول العالم، بل وأصبحت أيضاً المنفذ الأول الذي تتسلل من خلاله المعـرفة والفهم والقدرة على مجاراة الوقائع وتسجيله وتحليله بشكل يفوق بمراحل عديدة، الطرق التقليدية من وسائل الإعلام التي سادت البشرية لعدة عقـود.

حادثة تعطل مواقع التواصل الاجتماعي لم تكن الأولى، بل شهدت السنوات الماضية أعطالاً فنية بسيطة ولمدة زمنية صغيرة، ولكن هذه المرة تعطلت المواقع بشكل كامل ولفترة طويلة، مما تسبب بحالة استياء شديدة لدى الكثير من المواطنين وأصحاب النشاطات التجارية، والخدمات الرقمية، وذلك نتيجة تعطل مصالحهم، والخسائر المالية التي لحقتهم وستلحقهم.

ولكن السؤال المهم، ليس بكيفية توقف المواقع عن العمل، بل أن شركة فيسبوك وهي الشركة الأم، والتي تقدر موازناتها المالية بمليارات الدولارات، لم تطور نظاماً أمنياً شديد الحماية، لضمان عدم الاختراق، وضمان أمن المعلومات، أو حتى نظاماً وقائياً للحماية من الوقوع بأخطاء تقنية، ونحن نتكلم عن تطبيقات يستخدمها ملايين البشر.

وفي حال كان الهجوم سيبراني، وهنا الكارثة، ونحن نتكلم عن معلومات وبيانات شخصية لملايين الناس، ستنتهك خصوصيتهم، وربما بياناتهم ستكون متاحة على الإنتر نت، وهذا الأمر سيسبب مشاكل جمة لا حصر لها على مستوى العالم.

ولكن الأهم في كل ما يجري هو الفرحة العارمة لدى المواطنين العرب، وخاصة الفلسطينيين، الذين عبروا عنها من خلال مواقع التواصل الفعالة حالياً، لتوقف خدمات فيس بوك، ولذلك لعدة أسباب من أهمها ازدواجية المعايير التي تتبعها في عملها، ولنا أن نضرب مثالاً بسيطاً، حيث أن جميع المنشورات التي تحدثت عن العدوان الأخير على غزة، قد تم حذفها من على منصة فيسبوك، بالإضافة إلى حذف آلاف الصفحات الإخبارية الفلسطينية، بتهمة إساءة سياسة النشر على المنصة، بالرغم أن مضامين المنشورات سليمة تماماً، وهذا ما يبين الانحياز الواضح لدى شركة فيس بوك، في تحجيم نشر المحتوى الذي يدعم القضية الفلسطينية.

إن الخطوة الواجبة على منصة فيس بوك القيام بها بعد إصلاح مشاكلها التقنية وتفعيل المنصة من جديد، هو إعادة النظر بعين العدل، في طبيعة تعاملها مع المحتوى الفلسطيني، وإعادة آلاف الصفحات والحسابات التي تم إيقافها عن العمل، والتغيير في سياسة التعامل مع المحتوى الفلسطيني، والمطلوب منا عربياً هو إيجاد بديل تكنولوجي يغنينا عن التشبث بمواقع التواصل الأجنبية، من خلال إنشاء موقع تواصل اجتماعي عربي موحد، يستخدمه المواطنين العرب ومنفتح على العالم، ومدعوم من حكوماتنا العربية، وذلك لكسر حالة الاحتكار لمواقع التواصل الدولية، لنوجد لنا بديل عربي.