الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أطفال غزة .. الحق الضائع والمستقبل الغامض....عبد القادر حسونة
أطفال غزة .. الحق الضائع والمستقبل الغامض....عبد القادر حسونة

 لقد كفل القانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل لدى الأمم المتحدة، الحقوق الشرعية للأطفال من حق التعليم والرعاية الصحية والحماية والعيش بأمان وغيرها، من حقوق الطفل، بهدف إعداد الطفل إعداداً جيداً ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وخصوصاً بروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء.

ولكن الواقع في قطاع غزة، مختلف تماماً، فالناظر إلى شوارعها سيجد أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم الثانية عشر عاما، يستعطفونك ويدعون لك، لعلك تشتري بضعاً مما تحمله أيديهم النحيلة فيما تتساقط دموعهم إذا تمنعت عن الشراء، إنهم أطفال الشوارع الذين أصبحوا إحدى علامات غزة المحاصرة والممنوعة من الحياة.

إن ارتفاع معدل البطالة وانعدام الدعم الأسري، وانتشار الفقر المدقع، والحاجة الملحة وتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة، أدى إلى تفشي هذه الظاهرة الخطيرة لدى الأطفال، الذين حرموا من حق التعليم والحماية والعيش بكرامة لتوفير لقمة العيش لهم ولذويهم.

إن ما يجب الانتباه إليه اليوم والحذر منه أن هذه الظاهرة تنذر بعواقب وخيمة لما تحمل في طياتها من أخطار، ومنها  انحراف هؤلاء الأطفال والاتجاه نحو الجريمة، ووقوعهم في أعمال غير أخلاقية وسلوكيات خاطئة ومدمرة لهم وللمجتمع، والحقيقة أن مسؤولية هؤلاء الأطفال يقع على طرفين رئيسيين وهما أولياء الأمور والحكومة.

ليس من الطبيعي أن يقوم أب أو أم بإرسال طفله إلى الشارع لجني المال، إلا إذا كان يقع تحت ضغط مجتمعي قاهر، ُيطر بناءً عليه بإرسال ابنه إلى الشارع، لذلك يجب حصر هؤلاء وتقديم لهم الدعم النفسي والإرشادي ومعرفة مشاكلهم من أجل حل المشكلة الرئيسية من جذورها، وهو ما يقع جزء كبير منه على عاتق الحكومة.

إن للسلطة الحاكمة في غزة دوراً رئيسياً في حل مشكلة مجتمعية، ستعتبر من أعقد وأصعب المشاكل المجتمعية في المستقبل، والتي سيكون لها دور كبير في زيادة معدلات الجريمة والعنف، فعلى أرض الواقع لا نرى أي جهد حكومي من أجل حل أو التخفيف من مشكلة أطفال الشوارع، ولا حتى وجود لدور مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والإنسانية، لأن الأخيرة تعتبر أن هذا العمل يحتاج لجهد كبير وموازنات مالية ضخمة وهي بالأساس من مهام وأولويات الحكومات.

لدى فإن المطلوب اليوم من الحكومة بغزة، بأن تنظر بعين الاهتمام، لقضية أطفال الشوارع، وازدياد أعدادهم بشكل كبير جداً، والعمل على إعداد دراسة واسعة لمعرفة الأسباب التي أدَّت إلى هذه الظاهرة ومعالجتها بأساليب نفسية واجتماعية واقتصادية، وإنشاء مراكز حكومية تعمل على إيواء هؤلاء الأطفال و تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم نفسياً ومهنياً حتى يستطيعوا الانخراط في المجتمع بشكل طبيعي في المستقبل.

إن بناء الإنسان ونشأته النشأة السليمة، وتوفير كافة حقوقه التي نصت عليها جميع القوانين المحلية والدولية، سيساهم في تطور وارتقاع المجتمع، وسيرسم صورة مشرقة لمسقبلنا ومستقبل أطفالنا، لذلك وجب علينا صون حقوقهم وتوفيرها لهم لننعم بمستقبل أفضل.