الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
"اليوم العالمي للغتنا الجميلة " .... عبد الهادي شلا

 

 

 لم يكن قرار الأمم المتحدة باعتبار اللغة العربية إحدى اللغات العالمية التي اعتمدتها بالقرار رقم 3190 (د -28) المؤرخ في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1973 والذي به صارت اللغة العربية واحدة من اللغات الرسمية التي يمكن للوفود العربية أو من يتحدث بها أن يستخدمها في كل لجانها،لم يكن هذا هو التكريم والتقدير الأول للغتنا الجميلة الغنية بالمفردات كما قال عنها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين،وأنما كان تكريمها سابق لكل قرار دنيوي بأن كرمها الله سبحانه وتعالي بأن كانت هي لغة القرآن الكريم الذي نزل به سيدنا جبريل عليه السلام إلى البشرية مبلغا به رسول الله  محمد "صلى الله عليه وسلم" الذي نشره وحفظه رب العالمين إلى يوم الدين باللغة العربية .

 

لكننا كأمة عانت الكثير من الضعف وخاضت الكثير من الحروب ورزحت تحت قوة الاحتلال لسنوات طويلة فقد طال لغتنا الكثير جدا من الشويه المقصود وكانت دائما هناك محاولات لطمسها والعمل على اندثارها وانصهارها بين لغات الدول الاستعمارية التي فرضت لغتها على كل مجالات الحياة وفي كل الأوراق الرسمية التي وصلتنا بل ومازالت بين أيدينا نعتمدها كمرجع لإثبات أي حالة أو موقف وليس أدل من ذلك على شهادات الميلاد التي كانت تصدر باللغة العربية وبجانبها لغة الدولة الاستعمارية.

 

اليوم ونحن نحتفل بذكرى اعتماد اللغة العربية كواحدة من لغات العالم الستة المعتمدة في كل لجان الأمم المتحدة ونعتز بها بل نتباهى بجمالها وبأنها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف لا يوجد في غيرها وهو حرف " الضاد" الذي اكتسبت إسمها من وجوده بين حروفها فكلنا يطلق عليها"لغة الضاد" بسبب هذا التفرد والتميز.

 

نقول اليوم ونحن بكل هذا الافتخار نجد أننا ومنذ فترة ليست بقصيرة قد بدأنا نستقبلها "مهزوزة" أو"مكسورة"  من قبل بعض من توسمنا فيهم نصرتها وأعنى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة وكذلك عبر نشرت الأخبار المرئية التي تتجاوز و تصفع هذه اللغة على وجهها الجميل بإدخال كلمات أعجمية بميوعة واستخفاف مقصود لأنه يتكرر وأصبح يحتل مساحة كبيرة في برامج موجهة للعامة التي تعاني في الأصل من طغيان اللهجات المحلية واقتحامها عالم اللغة العربية الأصيلة،وهذا أمر أخر يضاف في التصدي لجوهر اللغة العظيمة بما كرمها الخالق وأنزل بها قرآنه الكريم.

 

لا يكفي أن نحيي ذكرى اعتماد اللغة العربية بكل هذا الفخار ،بل يجب أن نعيد وضعها في مكانها السامي العالي بأن نعيد لها اعتبارها وأن تضع الجهات الرسمية حدودا لتجاوزها وتخطيها بل والمطلوب استصدار قوانين تمنع هذا التجاوز ويتاح لكل من يتحدث العربية أن يستمع ويعتاد عليها ويعيد ترتيب كلماته وتعاملاتها بها بالقدر الذي لا يجحفها حقها ولا نقصد منع استخدام اللهجات المحلية لأن في بعضها يسر لمن لا يتقن اللغة القـُح وهي تدخل ضمن الموروثات التي يجب المحافظة عليها.

 

لاشك أن أجمل ما وصلنا من أشعار وقصص وكتابات تؤرخ لأحداث مرت بها الأمة العربية قد كتب باللغة العربية الفصحى،وهو الأمر الذي التقى عليه كل من يتحدث العربية فكانت هذه الموارد الثقافية عاملا مشتركا وحـَّد الأفراد حين كانت لغتهم المشتركة هي العربية فكان من السهل تبادل المعلومة وتناقلها وحفظها للأجيال تـُراثا ينهل منه كل من أحب هذه اللغة وعشقها فكانت منهج لحياته وعطائه.